دق تقرير إسباني شبه رسمي ناقوس الخطر بخصوص ارتفاع الأفكار المتطرفة في صفوف الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا منذ سنة 2012، إذ ارتفع عدد القتلى والمعتقلين والمحكومين بتهم مرتبطة بالإرهاب بنسبة 15 في المائة، مقابل تراجع هذه النسبة ب90 إلى 100 في 100 بالنسبة للمنتمين إلى جاليات أجنبية أخرى، مثل الجزائرية والباكستانية والسورية. اختراق التطرف للمغاربة التقرير المفصل الذي أنجزه المعهد الملكي الإسباني للدراسات الدولية والاستراتيجية بمناسبة الذكرى السنوية للاعتداء الإرهابي الذي هز العاصمة مدريد يوم 11 مارس 2003، والذي شارك فيه جهاديون مغاربة، على غرار اعتداء برشلونة الإرهابي يوم 17 غشت 2017؛ كشفت معطيات وإحصائيات جديدة بخصوص الجهاديين المغاربة المعتقلين والمحكومين والمتوفين في إسبانيا ما بين 2001 و2018. إذ أوضح أن الجهاديين الحاملين للجنسية المغربية تربعوا على عرش الجهاديين القتلى أو المعتقلين بإسبانيا ما بين 2001 و2017 بنسبة 40.2 في المائة، متبوعين بالإسبان ب33.2 في المائة، والجزائريين ب8.9 في المائة، والباكستانيين ب7.0 في المائة، والسوريين ب2.3 في المائة، والمتحدرين من مختلف الجنسيات ب8.4 في المائة. وبشكل أدق؛ خلال الفترة التي كان يهيمن فيها تنظيم القاعدة ما بين 2001 و2011، احتل المغاربة الرتبة الأولى في إسبانيا ب31 في المائة، متبوعين بالإسبان (منهم الأجانب المجنسون) ب20.2 في المائة، والجزائريين ب20.2 في المائة، والباكستانيين ب17.9 في المائة، والسوريين ب6.0 في المائة، والمتحدرين من جنسيات أخرى ب4.7 في المائة. وتابع التقرير أن عدد الجهاديين المغاربة المتوفين والمعتقلين ارتفع بنسبة 15 في المائة بين فترتين (2001-2011) و(2012-2017)، إذ مثلوا، أيضا، في الفترة الثانية التي هيمن فيها داعش، المرتبة الأولى بنسبة 46.2 في المائة، متبوعين بالإسبان (منهم الأجانب المجنسين) بنسبة 41.5 في المائة، والجزائريين ب1.5 في المائة، 00 في المائة بالنسبة للباكستانيين والسوريين، فيما مثل المنحدرون من مختلف الجنسيات 10.8 في المائة. مسقط الرأس وفي ما يتعلق بمسقط رأس الجهاديين المعتقلين والقتلى في إسبانيا ما بين 2001 و2017، يكشف التقرير، كذلك، أن المغرب يمثل 42.7 في المائة، وإسبانيا 25.4 في المائة، والجزائر 8.6 في المائة، وباكستان 7.5 في المائة، وسوريا 5.6 في المائة، ومختلف الجنسيات 9.9 في المائة. وارتفع عدد المغاربة ما بين الفترتين (2001-2011) و(2012-2017) بنسبة 17 في المائة تقريبا، مقابل تراجع نسبة أعداد الجالية الأجنبية الأخرى. هكذا احتل المغاربة المرتبة الأولى بنسبة 32.1 في المائة ما بين 2001 و2011 بنسبة 32.1 في المائة، متبوعين بالإسبان ب8.3 في المائة، والجزائريين بنسبة 20.2 في المائة، والباكستانيين ب19.0 في المائة، والسوريين ب14.3 في المائة، والجاليات الأخرى ب6.1 في المائة. المزدادون في المغرب احتلوا الصدارة، كذلك، ما بين 2012 و2017 بنسبة 49.6 في المائة، متبوعين بالإسبان ب36.4 في المائة، والجزائريين ب1.6 في المائة، و00 في المائة بالنسبة للباكستانيين والسوريين، فيما مثل المزدادون في بلدان أخرى 12.4 في المائة. فسر التقرير احتلال الجهاديين المغاربة المرتبة الأولى في كل الجداول التي تضمنها بالقول، إنه ليس من المفاجئ أن الجنسية الرئيسية والمتصاعدة المغربية لازالت تمثل أغلبية الجهاديين بإسبانيا في السنوات ال15 الأخيرة. وأردف أن "هذا الواقع يفسر بدرجة أكبر بما هو ديمغرافي وبتدفقات الهجرة صوب إسبانيا، باعتبار المغرب أقرب بلد إسلامي جغرافيا" للسواحل الإسبانية. وأضح، كذلك، قائلا: "في سنة 2005، كان يمثل المغاربة 70.6 في المائة من الجاليات المسلمة المقيمة بإسبانيا: 71.4 منهم ولدوا في المغرب. وبعد مرور 10 سنوات، تراجع عدد الجالية المغربية بإسبانيا لتمثل 67.9 في المائة كنتيجة للركوض الإسباني الذي عاشته إسبانيا: 67.7 منهم ولدوا في المغرب". جذور التطرف وبخصوص المناطق المغربية التي ينحدر منها الجهاديون المغاربة بإسبانيا ما بين 2001 و2017، يبين التقرير أن جهة طنجة-تطوان-الحسيمة احتلت المرتبة الأولى ب59.7 في المائة، متبوعة بالجهة الشرقية ب13.0 في المائة، وجهة الرباط-سلا-القنيطرة ب13 في المائة، وجهة الدارالبيضاء-سطات ب5.2 في المائة، وجهة مكانس-فاس ب3.9، وجهات مغربية أخرى ب5.2 في المائة. وبشكل دقيق، يرى التقرير أنه خلال فترة سيادة فكر تنظيم القاعدة ما بين 2001 و2011، احتلت، كذلك، جهة طنجة-تطوان-الحسيمة الصدارة ب62.5 في المائة، والجهة الشرقية ب12.5 في المائة، وجهة الرباط-سلا-القنيطرة ب8.3 في المائة، وجهة الدارالبيضاء-سطات ب8.3 في المائة، وجهة مكناس-فاس 00 في المائة، وباقي مناطق بالمغرب ب8.4 في المائة. أما خلال الفترة ما بين 2012 و2017 التي هيمن فيها تنظيم داعش بشكل كبير، فمثلت جهة طنجة-تطوان-الحسيمة 58.5 في المائة، والجهة الشرقية 13.2 في المائة، والرباط-سلا-القنيطرة 15.1 في المائة، والدارالبيضاءسطات 3.7 في المائة، ومكناس-فاس 5.7 في المائة، وباقي مناطق المغرب 3.8 في المائة. وخلص التقرير في هذه الفقرة إلى أنه "بصفة عامة، انتماء الجهاديين المزدادين في المغرب، والذين هم موضوع دراستنا، مرتبط بالمناطق المغربية التي وصل منها أكبر عدد من المهاجرين إلى الجزيرة الإيبيرية". ولماذا ينحدر أغلبهم من الشمال الشرقي، وبالضبط الريف؟ يُرجع التقرير ذلك إلى كونهم من "منطقة تغلب عليها التضاريس الوعرة، وتعد من بين أكثر المناطق حرمانا في المغرب. كما أدى انتشار الفقر وعدم توفير الدولة للخدمات العامة، إلى ظهور شبكات الاتجار غير المشروع والحركات السلفية". وأضاف أن "هذا التراكم الثقافي السياسي المرتبط بتقاليد العنف المتمرد، وهذه التجربة الاجتماعية-الاقتصادية، ساهما في ارتفاع معدل عمليات التطرف العنيف والتورط في أنشطة إرهابية بين الريفيين، الذين هاجروا إلى أوروبا الغربية، لاسيما الجيل الثاني". التربة المغربية غير متطرفة مع ذلك، رغم احتلال الجهاديين المغاربة الصدارة على مستوى المعتقلين والمحكومين والقتلى بإسبانيا، إلا أن التقرير يُظهر أن أغلب الجهاديين لم يتطرفوا في المغرب، بل في إسبانيا. إذ أنه من أصل 188 جهاديا من مختلف الجنسيات شملتهم الدراسة ما بين 2001 و2017، يلاحظ أن 86.2 في المائة منهم تطرفوا بإسبانيا، و18.1 في المائة بالمغرب، و6.9 في المائة بباكستان، و3.7 في المائة بالدنمارك، و2.7 في المائة بفرنسا، و2.1 في المائة بسوريا، و2.6 في المائة ببلدان أخرى. وخلال الفترة ما بين 2001 و2011، بلغت نسبة الذين تطرفوا بالمغرب 8.9 في المائة، قبل أن ترتفع إلى 24.8 في المائة ما بين 2012 و2017. وفيما يرتبط بالتنظيمات الجهادية التي ينتمي إليها الجهاديون المغاربة وغيرهم بإسبانيا ما بين 2012 و2017، يرى التقرير أن 94.6 في المائة بايعوا داعش، و11.6 في المائة تنظيم القاعدة، و24.8 جبهة النصرة، و10.1 في المائة حركة شام الإسلام، و9.3 في المائة فرع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، و9.1 في المائة حركة التوحيد والجهاد في إفريقيا الغربية. علما أنه ما بين 2001 و2011 كان يهيمن تنظيم القاعدة ب58.2 في المائة. كما أن 91 في المائة من الجهاديين ينشطون في إطار الجماعة؛ فيما 8.4 في المائة فقط منهم صنفوا كذئاب منفردة. وأبرز التقرير، كذلك، أن 66.2 في المائة من الجهاديين بإسبانيا لديهم علاقات بشبكات أو خلايا إرهابية بالمغرب، بينما 38.7 في المائة لديهم ارتباطات بخلايا في سوريا، و38 في المائة بشبكات في سوريا. علما أن نسبة المعتقلين بإسبانيا المرتبطين بخلايا في المغرب ما بين 2012 و2017 بلغ 93.8 في المائة. التطرف والأنترنت ورغم أن التقرير لم يقدم إحصائيات تخص المغاربة الذين تطرفوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنه أعطى نسبا عامة، تفيد بأن التويتر كان مصدر تطرف 93.9 في المائة من الجهاديين بإسبانيا ما بين 2012 و2017، واليوتيب ب75.8 في المائة، والفايسبوك ب33.3 في المائة، ووسائل أخرى ب16.7 في المائة. أما تطبيقات الرسائل الفورية، فكان الواتساب وسيلة استقطاب 82.9 في المائة من الجهاديين، والخدمات السمعية البصرية ب17.1 في المائة، وتيليغرام ب14.3 في المائة، وتطبيقات أخرى ب5.7 في المائة. خطر سبتة ومليلية ويتضِحُ من خلال التقرير أن المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، تحولتا إلى مصدر تهديد للمغرب وإسبانيا، إذ أن 46.4 في المائة من الجهاديين بإسبانيا ينحدرون من سبتة، و26.9 من مليلية، و9.6 في المائة من برشلونة، و1.9 في المائة من مدريد. وأشار التقرير إلى أن العزلة المجالية والتهميش الاجتماعي اللذين تعاني منهما المدينتان، شجع على ظهور التيارات العقائدية السلفية عامة، والجهادية على وجه الخصوص، والتي تستقر في بعض الأحياء مثل الأمير وحيدوم. وأضاف أن ضعف مظاهر التمدن وانتشار السكن العشوائي والبطالة والأمية والانحراف، كلها عوامل تؤكد فعلا غياب السلطات، إلى درجة أن الأجهزة الأمنية تكون في بعض الأحيان والظروف غير قادرة على القيام بمهامها في بعض أحياء المدينتين المحتلتين، نظرا إلى انتشار الجريمة وعدوانية بعض السكان تجاه الأمن، مشيرا إلى أن تصرف الساكنة المخالف للقانون نابع من شعورها بالعنصرية. وأضاف التقرير أن 40 في المائة من أصل 800 مغربي سافروا إلى سوريا والعراق، ينحدرون من المناطق القريبة من سبتة ومليلية. وكشف أن "سبتة ومليلية كانتا تعرفان حضور 4 من أصل 8 شبكات جهادية عابرة للحدود تم تفكيكها ما بين 2012 و2018 من قبل الأجهزة الأمنية المغربية والإسبانية".