1. الرئيسية 2. تقارير جون أفريك: المحتجزون في تندوف هم ضحية نزاع دام 50 عاما والجزائر فقدت الأمل في تحقيق البوليساريو أي انتصار على المغرب ومقترح الحكم الذاتي الأكثر واقعية الصحيفة – بديع الحمداني الأربعاء 23 أبريل 2025 - 14:58 كشفت مجلة "جون أفريك" الفرنسية في تقرير مطول عن الواقع المأساوي الذي يعيشه سكان مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر، معتبرة أنهم "ضحايا لصراع دام نصف قرن تجاوزهم بكثير"، مؤكدة أن الجزائر لم تعد تؤمن بإمكانية تحقيق جبهة البوليساريو لأي نصر على المغرب، وأن مبادرة الحكم الذاتي المغربية هي "الطرح الأكثر واقعية". ووصفت المجلة عبر كاتب التقرير، الموريتاني مبارك ولد بيروك، وضع اللاجئين الصحراويين في تندوف بأنه "صمت ثقيل تعلوه أصوات الانفجارات في السماء"، مشيرة إلى أنهم يعيشون حياة رتيبة من دون أمل، وقد تخلوا عن الشعارات القديمة ودفنوا رموزهم ولم يعودوا يؤمنون إلا بما يسد رمقهم، من مياه تُوزع من صهاريج ومعونات غذائية دولية. وأشار التقرير إلى أن أكثر من نصف قرن من الانتظار دفع السكان نحو حالة من الضياع، وأن معظم اللاجئين في المخيمات وُلدوا فيها، ولم يعرفوا غير حياة العزلة وسط الخيام والطين، مضيفا أن هذا الجيل لم يكن يوما طرفا في القرارات، بل تم الزج به في نزاع يخدم أطرافا أخرى. وأبرزت المجلة الفرنسية المهتمة بالشؤون الإفريقية، أن السلطة الفعلية في المخيمات لا تعود للاجئين، بل لقيادة البوليساريو التي تدير الحياة هناك بنظام وصفته ب"الاستبدادي"، حيث تنتشر ميليشيات تراقب وتفتش وتفرض تصاريح للتنقل بين المناطق، في وقت غادر فيه المحظوظون إلى الجزائر أو موريتانيا أو حتى إسبانيا. ولفتت "جون أفريك" إلى أن بعض الشبان لجؤوا إلى تهريب المساعدات الغذائية كوسيلة للبقاء، وخاصة إلى منطقة "ازويرات" شمال موريتانيا، بينما يعيش قادة الجبهة حياة مختلفة تماما، يتنقلون عبر العالم، ويمتلك بعضهم عقارات، ويستغلون القبلية والنفوذ لأغراضهم الخاصة. وتحدث التقرير عن فقدان الشباب في المخيمات لأي أفق سياسي، مشيرا إلى قول إحدى الشابات التي زارت موريتانيا: "لا أحد يتابع قناة البوليساريو هناك، فقط الشيوخ من لا زالوا يؤمنون بدولة مستقبلية"، مؤكدة أن والدها هو الوحيد في العائلة الذي لا يزال يؤمن بذلك، في إشارة إلى وجود انفصال بين "معتقدات" الجيل القديم والجيل الحديث. ولقت صاحب التقرير إلى أن "الواقع أصبح أكثر وضوحا"، إذ أن وضع "اللاحرب واللاسلم" لم يعد يخدم أحدا، لا المغرب ولا الجزائر، وخاصة آلاف الصحراويين المنسيين وسط صحراء الحمادة القاحلة، مضيفا أن فكرة قيام "دولة صحراوية" لم تعد مطروحة بجدية، وأنه رغم تداولها في بعض الأوساط، إلا أن لا أحد يؤمن بها فعليا. وأشار في هذا السياق إلى مثال يُبرز حالة اليأس التي انتابت حتى الجزائر، التي بحسب شهادة قيادي سابق في البوليساريو عاد إلى المغرب، كشف لكاتب التقرير أن مسؤلا جزائري قال له بألا يحلم بعد اليوم بأي نصر عسكري ضد المملكة المغربية. واعتبرت "جون أفريك" أن لا أحد يرغب فعليا في نصر البوليساريو، موضحة أن أي سلطة محتملة للجبهة قد تكون خطرة، لأن قادتها "فقدوا شعبيتهم وانفصلوا عن الواقع"، كما أن الجماعات المسلحة في المنطقة قد تستغل ذلك لتوسيع نفوذها، وهو ما يثير مخاوف دول الجوار. وتابعت المجلة أن المغرب لن يقبل أبدا بانفصال أقاليمه الجنوبية، التي تحولت إلى "قضية وطنية"، بينما تنظر موريتانيا بقلق إلى أي مشروع انفصالي قد يهدد استقرارها، خاصة في ظل حديث البوليساريو عن "كيان موحد" يشمل جنوب المغرب وشمال مالي وغرب الجزائر. وأوضحت أن جذور هذا النزاع تعود إلى صراع قديم بين الجزائر والمغرب منذ سنة 1963، وأن استمراره لم يعد له أي مبرر واقعي، إلا في حالة كان الهدف هو "حرمان شعب بأكمله من مستقبل يشبه باقي شعوب الأرض". ولفت تقرير "جون أفريك" إلى أن الجزائر يجب أن تلعب دورا إقليميا حقيقيا، بدل الاستمرار في دعم البوليساريو، مشيرة إلى أنها قوة إقليمية كبرى يمكن أن تقود جهود السلام والتنمية، ما يعزز مكانتها في المنطقة والعالم. وخلصت المجلة إلى أن الوجود المغربي في الصحراء بات "أمرا واقعا لا يُجادل فيه"، وأن مبادرة الحكم الذاتي تمثل مخرجا مشرفا للانفصاليين، تضمن لهم حقوقا موسعة في إدارة شؤونهم، دون علم أو جيش أو دبلوماسية، لكن ضمن السيادة المغربية.