1. الرئيسية 2. تقارير خاص - المغرب وباكستان يضعان اللمسات الأخيرة على اتفاقية دفاعية تشمل التصنيع والتدريب والاستثمار العسكري الصحيفة - خولة اجعفري الأربعاء 4 يونيو 2025 - 14:39 كشفت مصادر دبلوماسية باكستانية رفيعة المستوى في تصريح خاص ل"الصحيفة"، أن إسلام آباد والرباط بصدد وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية عسكرية ضخمة، سيتم توقيعها في القريب العاجل، وتشكل خطوة جديدة نحو تعزيز التعاون الثنائي في المجالات الدفاعية والصناعية، وتوسيع آفاق الشراكة الإستراتيجية بين البلدين. وبحسب نفس المصادر، فإن الاتفاقية المرتقبة ستمتد إلى مجالات متعددة تشمل التصنيع العسكري المشترك، وتبادل الخبرات، والتدريب العسكري بين القوات المسلحة للبلدين، في ما يُعد ثاني اتفاق رسمي من نوعه بعد الاتفاقية الأولى التي وُقّعت قبل عدة سنوات، والتي أرست قواعد التعاون الأمني والعسكري بين المغرب وباكستان. المصادر ذاتها أكدت أن الاتفاقية لن تكون فقط ذات طابع مؤسساتي أو رمزي، بل ستُترجم على أرض الواقع عبر دخول مجموعة من الشركات الباكستانية الكبرى المتخصصة في الصناعات الدفاعية إلى السوق المغربية، حيث جرت بالفعل محادثات متقدمة بين ممثلي هذه الشركات ومسؤولين عسكريين وإداريين رفيعي المستوى في المغرب، بهدف استكشاف فرص التعاون الصناعي والاستثماري. ويُتوقع، وفق ما صرّح به المصدر، أن تشمل هذه الشراكات نقل تكنولوجيا التصنيع، وبناء وحدات إنتاج ميداني في المغرب، لتكون منطلقا إقليميا لتطوير معدات وتجهيزات دفاعية تستجيب لاحتياجات المملكة، وفي الوقت نفسه تعزز مكانتها كمركز صناعي عسكري صاعد في القارة الإفريقية. وفي سياق متصل، قال المصدر الدبلوماسي الباكستاني إن ما يميز التعاون مع المغرب هو الدينامية المتسارعة التي تبديها المملكة في تطوير قدراتها الدفاعية والصناعية، سواء عبر إصلاح الإطار التشريعي، أو عبر فتح المجال أمام الشراكات الدولية الاستراتيجية. وأشار المصدر ذاته، إلى أن الرباط "نجحت خلال السنوات الأخيرة في بناء تصور شامل لسيادتها الصناعية في المجال الدفاعي"، وهو ما جعلها "محط اهتمام كبريات شركات التصنيع الحربي، ليس فقط من باكستان، بل من دول آسيوية وأوروبية وأمريكية أيضا". وأشاد المصدر البرلماني الباكستاني، في حديثه ل"الصحيفة"، ب"الدينامية المغربية التي تجمع بين الرؤية الواضحة والطموح الواقعي"، مبرزا أن التحركات الجارية تعكس رغبة سياسية مشتركة لدى البلدين في ترقية العلاقات الثنائية إلى مستوى أكثر تقدما، يتجاوز البعد الدبلوماسي التقليدي، ليدخل مجالات السيادة الأمنية والتكامل الصناعي. من جهة ثانية، فإن العلاقات المغربية–الباكستانية، التي تأسست على أسس تاريخية وتفاهم سياسي تقليدي، تشهد اليوم نقلة نوعية نحو الشراكة الاستراتيجية متعددة الأبعاد، فبعد سنوات من التعاون في القضايا الإسلامية والدبلوماسية متعددة الأطراف، يبدو أن الطرفين يتجهان لتوسيع هذا التعاون ليشمل القطاعات الحساسة المرتبطة بالأمن القومي، والسيادة الصناعية، والدفاع الذكي. ويُنظر إلى الاتفاقية الجديدة المرتقبة على أنها امتداد طبيعي للتوجه المغربي نحو تنويع شراكاته الدفاعية، في إطار سياسة الاكتفاء الذاتي العسكري، وتقليص الاعتماد على الموردين التقليديين، خصوصا في ظل التوترات الجيوسياسية والتحولات التي يعرفها سوق الأسلحة العالمي. ومع تزايد التعاون المغربي مع دول مثل الهند، تركيا، إسرائيل، والصين في المجال الدفاعي، يفتح التفاهم مع باكستان الباب أمام إعادة رسم خريطة الشركاء الصناعيين للمملكة، لا سيما وأن إسلام آباد تعتبر من الدول المتقدمة في صناعة الطائرات بدون طيار، والمدرعات، والأسلحة الخفيفة والمتوسطة. ويرى متابعون أن الاستثمار الباكستاني في المغرب يمكن أن يشكل اختراقا نوعيا في السوق الإفريقية، حيث يُعتبر المغرب بوابة رئيسية، ومركزا مؤهلا لتجميع الصناعات وتصديرها نحو إفريقيا وأوروبا. هذا، وتشكل باكستان اليوم واحدة من القوى الصاعدة في مجال الصناعات الدفاعية، إذ استطاعت عبر هيئات ومجمعات عسكرية مثل هيئة الإنتاج الدفاعي (DPE)، وهيفي إندستريز تاكسيلا (HIT)، ومجمع باكستان للفضاء والطيران (PAC) أن تطور منظومة صناعية مكتملة، تشمل تصنيع دبابات متطورة ك"الخالد" و"الضرغام"، ومدرعات عالية الأداء، فضلًا عن ترسانة متقدمة من الذخائر والأسلحة الخفيفة. لكن أحد أبرز وجوه هذا التطور يتمثل في تصنيع المقاتلة متعددة المهام "JF-17 Thunder"، التي طورت بالشراكة مع الصين، والتي تُنتج اليوم بنسخ أكثر تطورًا بشكل مستقل، ما يعكس قدرة إسلام آباد على توطين المعرفة الصناعية العسكرية والتحكم في سلاسل الإنتاج المعقدة. وفي موازاة ذلك، قطعت باكستان أشواطا كبيرة في تطوير المنظومات الصاروخية أرض-أرض وأرض-جو، بعضها يبلغ مداه مستويات استراتيجية وقادر على حمل رؤوس نووية، إلى جانب أنظمة الطائرات المسيّرة، والرادارات، والدفاع الإلكتروني، ما يجعلها من المزودين الرئيسيين للسلاح لعدد من الدول في آسيا وإفريقيا. وبالنظر إلى هذا الزخم الصناعي والعسكري، فإن دخول باكستان على خط الشراكة مع المغرب لا يبدو مجرد اتفاقية تقنية عابرة، بل يحمل أبعادا استراتيجية عميقة، خاصة في ظل توجه المملكة نحو بناء قاعدة صناعية دفاعية مستقلة، وتقليص تبعيتها للمنظومات التقليدية الغربية. وإذا ما أُبرمت الاتفاقية العسكرية الجديدة، فإنها ستشكل تحولا نوعيا في خريطة الشركاء الدفاعيين للمغرب، وتفتح المجال لتكامل صناعي يُراكم الخبرات، ويوفر فرصًا لنقل التكنولوجيا وتكوين الكفاءات المغربية في مجالات متقدمة، قد تشمل الطيران، والمدرعات، والأنظمة الذكية، والصناعات الإلكترونية. وفي هذا السياق، لا يبدو أن المغرب يبحث فقط عن مورد سلاح، بل عن شريك استراتيجي يتقاسم معه فلسفة السيادة الصناعية والمرونة التكنولوجية، وباكستان، بترسانتها الصناعية المتنامية وتجربتها في مواجهة التحديات الأمنية، تبدو مؤهلة للعب هذا الدور بجدارة.