زايو على درب التنمية: لقاء تشاوري يضع أسس نموذج مندمج يستجيب لتطلعات الساكنة    العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    وفد قضائي وطني رفيع يزور جماعة الطاح بطرفاية تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء واستحضاراً للموقع التاريخي للملك الراحل الحسن الثاني    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    هنا المغرب    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة إلى النهائي بعد تجاوز المنتخب السعودي في نصف النهاية    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    السمارة: توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التسويق الترابي والتعاون الاقتصادي الإفريقي    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارتفاع الأسعار والسياسات الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب
نشر في أسيف يوم 05 - 12 - 2006

عقدت تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار بالمغرب يوم الأحد 03 دجنبر 2006 بمقر الاتحاد المغربي للشغل بالرباط ندوة فكرية وطنية حول ارتفاع الأسعار والسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وقد ساهم في تنشيطها السادة : عبد الله الحريف، نجيب أقصبي، علي بوطوالة، خالد أورحو، حسن نرداح. وحضرت الندوة حوالي 20 تنسيقية من مجموعة من المدن المغربية بالاضافة إلى عدد من المناضلات والمناضلين ومجموعة من وسائل الإعلام الوطنية. وجاءت المداخلات متكاملة فيما بينها حيث قدم السيد نجيب أقصبي النظرة الاقتصادية المحضة لإرتفاع الأسعار والتضخم سواء من خلال تقديم أسباب التضخم في الدول الرأسمالية ومقارنة ذلك بواقع التضخم في المغرب حيث يوجد تعارض واضح بين خطاب الدول الليبرالي وواقع الاحتكار واقتصاد الريع السائد والأطراف المهيمنة على هذا الاقتصاد مما يبرر كون الارتفاع العام للأسعار تبقى عملية مفتعلة تعاقب ذوي الدخل المحدود وعموم شرائح المجتمع المسحوقة.
كما حاول السيد عبد الله الحريف تحليل طبيعة النظام السياسي والاقتصادي القائم بالمغرب القائم على الحكم الفردي واقتصاد الريع وتفشي الرشوة وذيليته للرأسمال المالي العالمي، واعتبار أن استمرار هذا النظام يقود مباشرة بطبيعة الحال إلى التفاوت والصراع الطبقي وضرب القدرة الشرائية للمواطنين، وقد قدم عددا من الأمثلة التي تشكل بنيات للاستغلال وارتفاع الأسعار على الطبقات المسحوقة. كما تناول بعد ذلك السيد علي بوطوالة الكلمة لتحليل مسار الإقتصاد المغربي من مرحلة سيادة الإقتصاد الكينيزي إلى حين هيمنة الليبرالية الجديدة التي تقوم على الاقتصاد المتوحش والاستغلال المفرط للكادحين. أما مداخلة السيد خالد أورحو فقد انصبت على دور اليسار في الدفاع عن مصالح الطبقات الكادحة وأهمية عنصر التوافق والتنظيم ونبذ الخلافات الكبرى بين التنظيمات اليسارية والتوافق على خدمة مصالح الطبقات المسحوقة.بينما حلل السيد حسن نرداح طبيعة تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار والمكونات الفاعلة فيها مقدما اقتراحات لتطوير عمل التنسيقيات من خلال اقتراب الفعاليات اليسارية لهموم الجماهير والعمل إلى جانبهم على الأرض، لأن كسب ثقة الجماهير هو مطلبا عزيزا يتطلب من المناضلين اليساريين تضحيات جسام على المناضلين الحقيقيين تقديمها.وقد تلت هذه المداخلات نقاش عام تطرق كل متدخل من وجهة نظره للسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي كانت وراء ضرب القدرة الشرائية للطبقات المسحوقة ، مقدمين في نفس الوقت عدة مقترحات للدفع بنضاليات تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار إلى الأماموقد دعى المنظمون للندوة إلى التعبئة الشاملة لإنجاح المحطات النضالية القادمة والمتمثلة في:1 – الوقفة المتفرقة مكانا والموحدة زمانا أمام بنايات أجهزة الدولة أو الساحات العمومية بحسب تقدير كل تنسيقية على حدة وذلك يوم الخميس 14 دجنبر 2006 ابتداء من الساعة الخامسة مساء؛2 – التعبئة الشاملة لإنجاح المسيرة الوطنية بمدينة الرباط والتي ستنطلق يوم الأحد 24 دجنبر 2006 صباحا من ساحة باب الأحد وذلك للمطالبة بالتراجع الفوري عن الزيادات في الأسعار وادانة تدهور الخدمات العمومية.وقد تميزت الندوة بالكلمة الافتتاحية المقدمة بإسم لجنة متابعة قرارات ملتقى الرباط الوطني لتنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار، التي قدمت تحليلا للواقع الاقتصادي والإجتماعي وللآثار الاجتماعية الوخيمة للسياسات الاقتصادية والإجتماعية القائمة. وفيما يلي نص هذه الكلمة تحية نضالية للحضور الكريم؛نتوخى من خلال الكلمة التقديمية التالية، تقديم صورة عامة حول التوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة في المغرب، وكذا بعض الانعكاسات الوخيمة لهذه السياسات، ثم رد الطبقات المسحوقة عليها، وظهور حركة مناهضة لإرتفاع الأسعار وأخيرا ما ننتظره من عقد هذه الندوة الفكرية.أولا: السياسات الاقتصادية والاجتماعية المطبقة في المغرب:ظلت السياسات الاقتصادية والاجتماعية المنتهجة في المغرب منذ خمسين سنة أي منذ خروج الاستعمار الفرنسي المباشر من المغرب سنة 1956 ، تخضع من جهة لإملاءات المؤسسات المالية الدولية ومصالح الرأسمال الدولي ومن جهة أخرى لمصالح البرجوازية المحلية والمخزن الاقتصادي العتيق القائم على اقتصاد الريع ونهب الخيرات. وبينما كانت هذه السياسات تمارس في العقدين الأولين عبر قطاع عمومي، بمثابة بقرة حلوب، يخضع للتحالف الطبقي الحاكم وخارج أي رقابة شعبية ديموقراطية، يتحكم في مختلف المجالات الاقتصادية ويشكل مصدرا لاغتناء غير مشروع لهذا التحالف الحاكم، وقاد إلى إفلاس العديد من مكونات هذا القطاع بفعل سوء التدبير والنهب المنهجي، ثم الانتقال منذ عقد الثمانينات من القرن العشرين نحو ما يسمى "بالاقتصاد الحر" والذي يعني في الواقع تفويت القطاع العمومي للرأسمال المحلي والأجنبي وبالتالي تخلي الدولة عن احتضان الخدمات العمومية من قبيل التعليم والصحة والماء الشروب والإنارة والنقل العمومي ... الخ. وفي تناغم تام مع مصالح رأس المال العالمي، تمت هيكلة الاقتصاد الوطني على أساس خدمة هذه المصالح على الخصوص من خلال: - بناء اقتصاد قائم على الاستيراد والتصدير، من أجل استغلال الامتيازات المقارنة عبر تشديد استغلال الأيدي العاملة الرخيصة والمتوفرة نتيجة البطالة المتفاحشة واتساع الجيش الاحتياطي للعمل؛- تفويت المرافق العمومية الحيوية للرأس المال الأجنبي تحت مبررات متعددة كمبادلة الديون الخارجية باستثمارات وجلب التكنولوجيا والتدبير العقلاني لهذه القطاعات، في حين أن الأمر يرتبط بإيجاد حلول لأزمة رؤوس الأموال الفائضة الباحثة عن الربح واستغلال خيرات الشعوب؛- توسيع هامش الربح وفائض القيمة لدى الرأسمال الدولي والبرجوازية المحلية عبر اعتماد اصلاح جبائي يقلص من معدلات الضرائب المفروضة على رأس المال والمداخيل الكبرى والمنتوجات الكمالية من خلال الضريبة على الشركات والضريبة العامة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة والرسوم الجمركية ورفع هذه المعدلات على ذوي الدخل المحدود وعلى المنتجات والخدمات ذات الاستهلاك الواسع خصوصا من خلال الضريبة على القيمة المضافة؛- تقليص النفقات العمومية، خصوصا بالنسبة للقطاعات الاجتماعية الحيوية كالتعليم والصحة والتشغيل وصندوق الموازنة مع رفع حجم الإنفاق العمومي تحت دريعة الهاجس الأمني لمواجهة الانتفاضات الناجمة عن العواقب الاجتماعية الوخيمة لهذه السياسات.إن عواقب هذه السياسات الاقتصادية والاجتماعية متعددة الأبعاد وتتسبب في فوارق طبقية صارخة وافقار وتهميش واسعين إلى جانب الاثراء الفاحش، يأتي في مقدمة هذه العواقب إحداث اختلالات مجالية، حيث تصبح بعض المدن الساحلية تتمتع نسبيا بنوع من الازدهار نتيجة التوجه الخارجي للاقتصاد وعمليات الاستيراد والتصدير مع ما يرتبط بذلك من بؤر الفقر، التي تتكدس بها الطبقة الكادحة، بينما يتفاقم تهميش المدن الداخلية والقرى المحيطة بها نتيجة هيمنة اقتصاديات تقليدية معيشية وهيمنة الطبقات المستغلة واستنزاف الموارد الطبيعية والمالية التي تنتقل في اتجاه المتروبولات. ثانيا: عواقب السياسات المتبعة:إن السياسات الاقتصادية المتبعة والتي تضع مصالح رأس المال المحلي والدولي فقط في اهتماماتها تقود إلى عواقب اجتماعية وخيمة من بينها:- تشجيع اقتصاد الريع والامتياز والتهرب الضريبي، وإشاعة قيم نهب وتبذير المال العام؛ - استفحال الأزمة الاجتماعية حيث لازال المغرب يتبوأ المراتب ما قبل الأخيرة على مستوى المؤشرات الاجتماعية، إذ يحتل الرتبة 123 سنة 2006 من بين 177 دولة، حسب تقرير التنمية البشرية؛ - تنامي معدل البطالة واتساع حجم الفقراء الذي يتراوح ما بين 6 و 10 مليون فقير؛- الاستمرار في قمع حركات المعطلين وتجاهل مطالبهم المشروعة؛- تفشي الأمية والأمراض الفتاكة وتدمير البيئة؛- هشاشة الخدمات الاجتماعية وتدهورها المستمر خصوصا في مجال الصحة والتعليم والسكن والنقل والتشغيل؛ - زيادات متلاحقة ومتكررة في أثمان المحروقات، وفي العديد من المواد الغذائية الأساسية، والنقل، والماء والكهرباء، في ظل جمود الأجور وضعف القدرة الشرائية لمعظم شرائح المجتمع؛- الهجوم على حقوق العمال ومكتسباتهم عبر مدونة شغل تراجعية وضرب الحق في الإضراب، ورعاية التسريحات الفردية والجماعية؛ - تصفية الخدمات العمومية والمجانية في التعليم والصحة العمومية (ميثاق التربية والتكوين، مدونة الشغل، مرسوم الإجهاز على مجانية العلاج في المستشفيات العمومية،...)؛- الاستمرار في بيع وتفويت ما تبقى من مؤسسات الدولة والمرافق العمومية (اتصالات المغرب، الأبناك، تفويت تدبير الماء والكهرباء والتطهير بكل من الدار البيضاء، الرباط-سلا-تمارة، طنجة، وتطوان). - إلغاء قانون السلم المتحرك للأجور سنة 2004 وتجميد تطبيق الحد الأدنى للأجور في أغلب مؤسسات الإنتاج بما فيها المؤسسات العمومية.ثالثا: انتفاضات جماهيرية ضد السياسات المتبعة:ظل الشعب المغربي منذ خروج الاستعمار المباشر من البلاد سنة 1956 يبدع أشكالا متعددة من مقاومة السياسات المتبعة، فهناك مقاومات عفوية متعددة وهناك مقاومات أخرى منظمة، وقد تداخلت هذه المقاومات فيما بينها لتحدث انتفاضات شعبية عارمة كانت ذات نتائج دامية في أغلبها. فقد قدم الشعب المغربي تضحيات جسام في انتفاضات 23 مارس 1965 و1979 ضد ضرب الحق في التعليم، كما شكلت الزيادات المهولة في أسعار مواد أساسية كالسكر والزيت والدقيق والحليب سنة 1981 الشيء الذي شكل شرارة انفجار انتفاضة 20 يونيو 1981، كما شكل مسلسل التفقير الذي عمقته سياسة التقويم الهيكلي سنة 1983 سببا مباشر في انتفاضة 1984 وما خلفته من ضحايا، كما أدت الزيادة في ثلاث مواد أساسية سنة 1989 إلى انتفاضة 14 دجنبر 1990 خصوصا بمدينة فاس وببني مكادة بطنجة.وأمام الهجوم الكاسح للسياسات المتبعة والذي تكثف خلال سنوات التسعينات وبداية الألفية الثالثة، لم تبق الجماهير الكادحة مكتوفة الأيدي أمام الإقصاء والتهميش والجوع والعطش ومن أجل الشغل والماء والطرق والإنارة والخدمات العمومية الأساسية بل انتفضت بشكل عفوي في مناطق متعددة وأحيانا بخلق أشكال تنظيمية مختلفة، وهكذا انفجرت احتجاجات سكان طاطا، وإيفني، وتالسينت، وفيكيك، وتاماسينت، وبني تدجيت ببوعرفة، والفلاحين الفقراء ببكارة بالعرائش وأولوز بتارودانت وآيت بلال بأزيلال وتارميلات ... رابعا: إرهاصات ولادة حركة مقاومة للسياسات المتبعة:إذن فجماهير الكادحين والمكتوين بنار الغلاء والفقر والإقصاء لم تستسلم أبدا للأمر الواقع وباشرت مقاومتها للسياسات المتبعة بوسائلها الذاتية. وقد شهدنا كيف دخلت جماهير مدينة طاطا في حركة واسعة للمطالبة بفك الحصار عنها اجتماعيا واقتصاديا منخرطة في معارك عديدة من أجل تشغيل أبناء المنطقة وتوفير الخدمات الضرورية لأبنائها وخاصة مجانية خدمات الصحة.كما عمدت جماهير مدينة واد زم إلى تنظيم نفسها لمناهضة غلاء المعيشة والارتفاع المهول في أسعار مختلف المواد والخدمات حيث خاضت معارك متعددة في هذا الاتجاه وأبدعت ملصقا معروفا تحت شعار "ما تقيش القدرة الشرائية ديالي".ونتيجة لتطبيق بنود القانون المالي لسنة 2006 الذي رفع على الخصوص من معدلات الضريبة على القيمة المضافة على المنتجات والخدمات واسعة الاستهلاك وكذا الزيادات المهولة التي مست أسعار مختلف المواد والخدمات كالماء والكهرباء وخدمات النقل والمحروقات والخضر ومختلف المواد الغذائية وبالتالي حدوث ارتفاع نسبة التضخم لتصل إلى 4,1 % هذا إلى جانب تدهور الخدمات الاجتماعية وعلى رأسها خدمات الصحة والتعليم، بدأت بوادر الغضب والتذمر والاحتجاج تعم مختلف الطبقات المسحوقة، حيث تحركت بعض الفعاليات المناضلة في بعض التنظيمات الحقوقية والنقابية والسياسية والجمعوية لتدفع في اتجاه تشكيل تنسيقيات لمناهضة ارتفاع الأسعار لتجد فيها الجماهير اطارا ملائما للاحتجاج سرعان ما انتشرت كالنار في الهشيم من الرباط إلى بيوكرى ومن طنجة إلى آكادير وإفني والراشيدية ووارزازات، وإلى حدود اليوم بلغ عدد التنسيقيات حوالي 70 تنسيقية في مختلف القرى والمدن. وقد قامت كل تنسيقية بحسب برنامجها المحلي بوقفات احتجاجية أمام مقرات كل من المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب ووكالات توزيع الماء والكهرباء وأمام الأسواق وفي محطات النقل والحافلات وفي الساحات العمومية وقوبلت في أحيان كثيرة بالقمع والتنكيل والاعتقال كما حدث على الخصوص بطاطا والرباط وطنجة وبيوكرة وخريبكة، ... وقد عرفت هذه الحركة انخراطا جماهيريا كبيرا عبر بالفعل عن مكامن الغضب والتذمر من الوضع الحالي. كما قامت مجموعة من التنسيقيات بندوات فكرية وتحسيسية وبمسيرات شعبية. وبمبادرة من تنسيقية الرباط-سلا-تمارة، تمت الدعوة لعقد ملتقى وطني لهذه التنسيقيات بالرباط يوم 29 أكتوبر 2006 قصد دراسة سبل تنسيق العمل بين هذه التنسيقيات وبلورة أرضية مشتركة أو إعلان مبادئ يكون خيطا رابطا بينها. وبالفعل انعقد الملتقى الوطني بحضور 27 تنسيقية ودعم عدد كبير من التنسيقيات الأخرى عبر الفاكس لهذه المبادرة، أسفر عن اعتماد ثلاث أوراق مهمة هي "إعلان الرباط" الذي يحدد هوية عمل التنسيقيات و"برنامج نضالي وطني" يضمن على الخصوص
ثلاث محطات هي ندوة فكرية تعبوية يوم الأحد 03 دجنبر وشكلا احتجاجيا وطنيا موحدا في الزمان ومتفرقا في المكان يوم الخميس 14 دجنبر وانتهاء بمسيرة شعبية بالرباط يوم الأحد 24 دجنبر 2006. كما أسفر الملتقى الوطني الأول هذا عن فرز لجنة للمتابعة تسهر على تنفيذ هذا البرنامج.وعلى الرغم من المجهودات المشار إليها لا زالت العديد من الحركات الجماهيرية لم تستوعبها حركة التنسيقيات. خامسا: أهداف الندوة الوطنية :إن تنظيم ندوة وطنية حول "ارتفاع الأسعار والسياسات الاقتصادية والاجتماعية" تستهدف بالخصوص المساهمة في تطوير الأدوات التعبوية للتنسيقيات. فحركة مناهضة ارتفاع الأسعار لا تزال في بدايتها، ولا تزال تتطلع إلى تجاوب مختلف الفعاليات مع مطالبها التي يلخصها إعلان الرباط كحد أدنى والمتمثلة في:1 – التراجع فورا عن الزيادات المهولة في الأسعار؛2 – معالجة عميقة للتدهور الحاصل في الخدمات العمومية (التعليم، الصحة، السكن، الماء الشروب، الإنارة، ...) وإيقاف مسلسل خوصصة المرافق العمومية والتراجع عن ما تمت خوصصته؛3 – وضع آليات لتجريم نهب المال العام واسترجاع الأموال التي تم نهبها؛4 – الزيادة في الأجور بما يتلاءم مع الأسعار السائدة؛5 - تشغيل واسع للطاقات الوطنية المعطلة من حملة الشهادات وحملة السواعد؛6 – مراجعة النظام الجبائي بما يحقق العدالة الجبائية وإعادة توزيع الدخل.في الختام فإن لجنة المتابعة تتمنى لأشغال هذه الندوة كامل التوفيق والنجاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.