اعتصام وإضراب إنذاري عن الطعام للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان    اتفاق مبدئي بين الأطباء الداخليين والمقيمين ووزارة الصحة ينهي الأزمة    الذكرى ال22 لميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن: مناسبة لتجديد آصرة التلاحم المكين بين العرش والشعب    ارتفاع أسعار الذهب بعد تحذير المركزي الأمريكي من الضبابية الاقتصادية    ديكلان رايس بعد خسارة آرسنال ضد باريس سان جيرمان: "بذلنا قصارى جهدنا.. وسنعود أقوى"    بعد الفوز على تونس.. وهبي يؤكد رغبة أشبال الأطلس في حصد اللقب    استئنافية الرباط تخفّض عقوبة محمد زيان إلى ثلاث سنوات حبسا نافذا    العرائش: إحباط محاولة تهريب طنين من مخدر الشيرا    الأميرة للا حسناء تزور بباكو المؤسسة التعليمية 'المجمع التربوي 132–134'    حكيمي: "نحن فخورون بأنفسنا ونطمح للتتويج بدوري أبطال أوروبا"    بطولة انجلترا: الإصابة تبعد ماديسون عن توتنهام حتى نهاية الموسم    ماكرون يستقبل الشرع ويسعى لإنهاء العقوبات الأوروبية على سوريا    بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولاتها بأداء إيجابي    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    كيوسك الخميس | خارطة طريق لإحداث 76 ألف منصب شغل    العرائش: اتهامات بسرقة الكهرباء تلاحق شركة النظافة وسط صمت جماعي مثير    غرق شاب في "رأس الماء" يثير غضبا واسعا وسط لمنع ااسباخة في "ليروشي"    صادرات المغرب من الأفوكادو تثير قلق المزارعين الإسبان ومطالب بتدخل الاتحاد الأوروبي تلوح في الأفق    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    الغربة والذياب الجائعة: بين المتوسط والشراسة    إسرائيل تهدد طهران ب "نموذج غزة"    الوداد يسخر الأموال للإطاحة بالجيش    سان جيرمان يقصي أرسنال ويمر لنهائي رابطة الأبطال    13 قتيلا في الهند جراء قصف باكستاني    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    التهراوي: المنصات الجهوية للمخزون والاحتياطات الأولية ستعزز قدرة المنظومة الصحية على التدخل السريع في حالات الطوارئ    إحباط محاولة جديدة للهجرة السرية على سواحل إقليم الجديدة    المجلس الجماعي للجديدة يصادق على جميع نقاط جدول أعمال دورة ماي 2025    الدردوري: منصات المخزون والاحتياطات الأولية تجسيد للرؤية الملكية في تعزيز الجاهزية لمواجهة الكوارث    الدولي المغربي أشرف حكيمي يقود باريس سان جيرمان لنهائي دوري الأبطال    ارتفاع أسهم شركة "تشنغدو" الصينية بعد تفوق مقاتلاتها في اشتباك جوي بين باكستان والهند    مكناس تبدأ في بناء محطة قطار حديثة بتكلفة 177 مليون درهم    منتدى التعاون الصيني الإفريقي: كيف أرسى أسس شراكة استراتيجية؟    الطيران الباكستاني يؤكد تفوقه ويسقط مقاتلات هندية متقدمة داخل مجالها الجوي    غزة تُباد.. استشهاد 102 فلسطينيا في سلسلة مجازر إسرائيلية وإصابة 193 خلال 24 ساعة    وهبي: "أشبال الأطلس" مستعدون لمواجهة أي منتخب في الدور القادم    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    تصعيد خطير في جنوب آسيا: سلاح الجو الهندي يتكبد خسائر بمئات الملايين بعد هجوم باكستاني دقيق    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    لمواجهة الكوارث.. الملك يعطي انطلاقة إحداث منصة للمخزون والاحتياطات الأولية    مجلس أوربا: قانون العقوبات البديلة "منعطف تاريخي" في المنظومة القضائية المغربية    رئيس الحكومة الإسبانية يثني على مساهمة المغرب في تجاوز أزمة انقطاع التيار الكهربائي    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    توقيع اتفاقية شراكة بالرباط لرقمنة إجراءات تصدير منتجات الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني    صحيفة أجنبية: المغرب يعد الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    الخطوط الملكية المغربية و"المبنى رقم 1 الجديد" في مطار JFK بنيويورك يبرمان شراكة استراتيجية لتعزيز تجربة المسافرين    ديزي دروس يكتسح "الطوندونس" المغربي بآخر أعماله الفنية    من إنتاج شركة "Monafrique": المخرجة فاطمة بوبكدي تحصد جائزة وطنية عن مسلسل "إيليس ن ووشن"    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا أسفا على الصحافة
نشر في التجديد يوم 15 - 01 - 2003

تستحق الصحافة في بلادنا رثاء طويلا وبكاء وعويلا، تستحق ذلك لأن البكاء والرثاء لايكونان إلا بعد مصيبة الموت التي تغوص بحرارة ألمها في أعماق الفؤاد فيندفع الدمع الساخن مدرارا من العيون متدفقا على الخدود والنحور. فما أفدح المصيبة التي حلت بصحافتنا المغربية حتى أردتها جثة هامدة. وليست مصيبة مهنة المتاعب في مالها ودنياها، إذ أنها تشكو منذ مدة من قلة التمويل والتجهيز، ولكن مصيبتها في دينها وخلقها، ولا دين لها ولا خلق سوى الصدق والصدع بالحق من القول ولو كان على الذين أسسوها ومولوها وحزبوها. ولئن كان المومنون المخبتون يسألون الله العلي القدير في دعائهم الخاشع ألا يجعل مصيبتهم في دينهم وألا يجعل الدنيا أكبر همهم، فإنه يحق للصحافيين المومنين برسالتهم، الرافعين كلمتها فوق أوليائهم وأحزابهم أن يسألوا الله أيضا ألا يجعل مصيبتهم في أخلاقهم ومصداقيتهم.
فقد ابتليت الصحافة الدولية عامة، والمغربية خاصة، بداء ماكر خبيث أشبه ما يكون بالسرطان القاتل أو بوباء فقدان المناعة المكتسب (السيدا)، وصدق عليها قول الرسول الصادق المصدوق (وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)، بعد أن أكد أن الكذب يهدي إلى الفجور وأن الفجور يهدي إلى النار.
ذلك أن أكبر ضربة تتلقاها الصحافة هي عندما تكذب وتتحرى الكذب، وتحرف الكلم عن مواضعه وتقلب الحقائق وتزور المحاضر، وتنظر إلى الأحداث والوقائع والناس والكائنات نظر المغشي عليه من التحزب الذي عبر عنه شاعر الجاهلية الجهلاء:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد
أجل... أصبحت الحزبية الضيقة داء عضالا لم يستطع كثير من الزملاء الإعلاميين التخلص منه والانفكاك عنه، وتحولوا إثر ذلك إلى أبواق لتصريف الأصوات والنغمات، وإلى أقلام آلية لكتابة الحروف والكلمات، وأصيبت آذانهم بوقر وصمم وأعينهم بعمى وقصور، فما رآه الحزب صوابا وحقا فهو الصواب والحق لديهم، وما رآه الحزب خطأ وباطلا فهو الخطأ والباطل لديهم، وما يريهم الحزب إلا ما يرى وما يهديهم إلا سبيل الرشاد.
وبكل حسرة وحزن نقول إن هذا هو الإعدام الذاتي والانتحار الإرادي، وهذا هو الذي عابه كثير منهم على ثقافة الولاء الأعمى والطاعة العمياء ودارت الأيام حتى ابتلوا بذلك أكثر من غيرهم.
الحالات والأمثلة بالآلاف والملايين في الشرق والغرب، كما في الشمال والجنوب، على فقدان المصداقية والتميز بسبب الكذب المتواصل والتحريف المتعمد وتزوير البرامج والحقائق. ففي فرنسا على سبيل المثال لا يثق أكثر من 70% من القراء في ما تقوله وسائل الإعلام، وتبين لهم بعد فوات الأوان أن الأخبار المقدمة والبرامج المنقولة كان كثير منها ملفقا، خاصة ما يتعلق بالحروب العسكرية والمواجهات الساخنة. وإذا كان هذا يحدث عند من صنعوا الصحافة وطوروها، فكيف يكون الحال عند التابعين المقلدين.
لقد صار معلوما لدى فئات عريضة من الناس أن كثيرا من الصحافيين يقبضون الأغلفة، وعلى ضوء ما فيها يتحركون ويكتبون، فيزينون هذا ويقبحون هذا ويقدمون ما يستحق التأخير ويؤخرون ما يستحق التقديم، ويخفون ما يستحق الإظهار ويظهرون ما يستحق الإخفاء.
وصار معلوما أيضا أن الهروب إلى الأمام بافتعال معارك وهمية وأكاذيب وأراجيف أخرى للتغطية على كبيرة من الكبائر وزلة من الزلات أسلوب يلجأ إليه الكذابون المحترفون، بل إن منهم ليلوون الأقلام والحروف والأحداث ليصبحوا مظلومين ومضطهدين عملا بالمثل السائر "ضربني وبكى... وسبقني واشكى". وذلك ما فعله زملاء في المهنة أعمتهم الحزبية العمياء فكذبوا وتحروا الكذب لتشويه سمعة العلماء والحركة الإسلامية المغربية، ولما طولبوا بكشف الأدلة والبراهين زعموا أنهم اضطهدوا وتعرضوا للإرهاب، لبئس ما كانوا يفترون.
فلا لوم على القراء إذن إذا انصرفوا وأعرضوا عن الجرائد والصحف المكتوبة... لا لوم عليهم مادام أهل الدار يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المتحزبين... لا لوم عليهم إذا وجدوا الأخلاق منتهكة في الكتابات والمتابعات والتحليلات... القراء ليسوا بملومين، بل اللوم كل اللوم على الزملاء يقع.
ولا حل لهذه الأزمة الكاسحة إلا بالعودة إلى تحري الموضوعية والصدق والتحرر من الحزبية العمياء، والضلالة السوداء، والشهادة للخصوم قبل الأولياء، والارتفاع فوق الأهواء والبغضاء.
حسن السرات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.