المغرب يتطلع إلى توقيع 645 اتفاقية وبروتوكولا ومعاهدة خلال سنة 2026.. نحو 42% منها اقتصادية    عمر هلال: نأمل في أن يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيارة إلى الصحراء المغربية    قرب استئناف أشغال متحف الريف بالحسيمة    الرئيس الألماني يطلب من نظيره الجزائري العفو عن الكاتب بوعلام صنصال    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    القضاء الفرنسي ينظر في طلب الإفراج عن ساركوزي    انطلاق بيع تذاكر ودية المغرب وأوغندا    احتقان في الكلية متعددة التخصصات بالعرائش بسبب اختلالات مالية وإدارية    مصرع أربعيني في حادثة سير ضواحي تطوان    برمجة غنية بمهرجان مراكش للفيلم    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    حقوقيون بتيفلت يندّدون بجريمة اغتصاب واختطاف طفلة ويطالبون بتحقيق قضائي عاجل    اتهامات بالتزوير وخيانة الأمانة في مشروع طبي معروض لترخيص وزارة الصحة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    وقفة احتجاجية في طنجة دعما لفلسطين وتنديدا بحصار غزة    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    البرلمان يستدعي رئيس الحكومة لمساءلته حول حصيلة التنمية في الصحراء المغربية    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    زايو على درب التنمية: لقاء تشاوري يضع أسس نموذج مندمج يستجيب لتطلعات الساكنة    العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    هنا المغرب    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما وراء اغتيال الشيخ أحمد ياسين..العدو الصهيوني قتل الرمز... ولكنه بعث فكرة المقاومة مجددا
نشر في التجديد يوم 24 - 03 - 2004

لن يكون اغتيال الشيخ أحمد ياسين، مؤسس وزعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس كما أرادته دولة الكيان الصهيوني: نهاية للمقاومة والفعل الجهادي وإقبارا لمشروع التحرير الكامل لأرض فلسطين... على العكس من ذلك، سيكون انطلاقة جديدة لشرارة المقاومة، وإسقاطا لأي خيارسلامي/استسلامي، والأكثر من ذلك والأهم منه، أن اغتيال شيخ المقاومة ياسين أعاد التكاثف الشعبي الفلسطيني حول المضمون الإسلامي للمقاومة الفلسطينية، فالشيخ ياسين سيصبح من الآن، من وقت اغتياله، رمزا شعبيا كبيرا للمقاومة الإسلامية، ليس في فلسطين فحسب، بل في عموم العالم العربي والإسلامي.
إن إقدام دولة الغصب الصهيوني على اغتيال الشيخ ياسين، لا يفسر إلا بأمر واحد، وهو أن هذا الكيان الغاصب وصل حدا من الاهتراء الداخلي والارتباك السياسي والعمى الاستراتيجي، بحيث أن المجرم أرييل شارون منفذ مجازر صبرا وشاتيلا فقد بوصلة التخطيط السياسي، ولم يعد أمامه سوى الإقدام على خطوات غبية -كهذه الخطوة الفاصلة المتمثلة في اغتيال شيخ تحول منذ الثمانينات في صفوف الفلسطينيين والعرب والمسلمين إلى رمز جهادي وأسطورة حية للمقاومة والتحدي والبطولة- فمنذ صعوده إلى الحكم في دولة الكيان الوهمي، قبل ثلاث سنوات، عمل المجرم شارون على تحقيق ما وعد به ناخبيه: تحقيق الأمن في مدة لا تتجاوز المائة يوم، ومرت تلك المدة من دون أن يرى الصهاينة شيئا ملموسا على الأرض، مما زاد في جنون الليكودي الأحمق، فرسم لنفسه استراتيجية واضحة تستهدف القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس واغتيال رموزها، مثلما حاول مع إسماعيل هنية وعبد العزيز الرنتيسي وفشل، ومثلما فعل باغتياله للشيخ إسماعيل أبو شنب، أحد قياديي الحركة، وأخيرا في إقدام حكومته وأجهزة مخابراته على تنفيذ أخطر جريمة، تمثلت في اغتيال القائد الأبرز للحركة.
لماذا أقدم شارون على الاغتيال؟
المعروف أن الكيان الصهيوني ظل دائما يعتبر الشيخ الشهيد أحمد ياسين في رأس قائمة المطلوبين، ولكنه لم يكن يمتلك الجرأة لاغتياله مخافة إدخال نفسه في جحر الثعابين وإثارة الفتنة عليه، خصوصا وأن الكيان الصهيوني يدرك جيدا التجذر الجماهيري للحركة في صفوف الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات الشتات، كما يدرك أن السلطة الوطنية الفلسطينية تعتبر ذلك خطا أحمر، خشية انقلاب موازين القوة في الداخل الفلسطيني وتراجع سقف الخيارات السياسية.
وفي الأسابيع الأخيرة عندما راج الحديث وسط الصهاينة عن احتمال الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة، أصبح مطلوبا أن تقدم الحكومة الصهيونية قبل تنفيذ ذلك الخيار على خطوة أوسع مدى تحمل توقيعها، وتؤكد بأنها لم تقدم على خيار الانسحاب بسبب الانهزام أمام المقاومة المسلحة وعمليات الاستشهاد المتواصلة، وإنما فعلت ذلك من موقع قوة وتفوق ميداني، فظلال الهزيمة المدوية للجيش الصهيوني بكامل عتاده ومدرعاته ومخابراته في جنوب لبنان أمام المقاومة الباسلة لحزب الله، وانسحابه الذليل في شهر ماي عام 2000 لا تزال تخيم على السياسيين والعسكريين الصهاينة، ولا يريدون أن يتكرر السيناريو نفسه مع قطاع غزة أمام مجاهدي حركة حماس، هذا من جانب، ومن جانب آخر، كان هدف الحكومة الصهيونية هو أن تخلف بعد انسحابها من القطاع فتنة داخلية وفوضى بين الفلسطينيين، ربما تبرر لها فيما بعد العودة مجددا، بدعوى القضاء على هذه الفوضى على بعد خطوات قليلة منحدودها، وهي استراتيجية صهيونية معروفة منذ بدء ما سمي بالحلول السلمية، بعد مؤتمر مدريد للسلام عام ,1991 ومن الجانب الثالث، يبدو أن المجرم شارون كان يتوهم بأن اغتيال الشيخ ياسين سوف ينهي
المقاومة ويضع حدا للعمليات الاستشهادية، أو ربما وهذا أيضا غير مستبعد لديه قد يدفع الجيل الثاني في الحركة إلى الموافقة على الحل السلمي والذهاب إلى قاعات المفاوضات.
تنسيق صهيو أمريكي
ولكن شارون لم يكن ليقدم على مثل هذه الخطوة الكبيرة دون أن تكون في جيبه أوراق ضمان، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، وإلى حد ما من بلدان الاتحاد الأوروبي. فحركة حماس أصبحت تحتل رأس قائمة المنظمات المتهمة بممارسةالإرهاب بالنسبة للإدارة الأمريكية، مما يعني أن أي إجراء للردع تجاهها هو إجراء مقبول ومسوغ، والاتحاد الأوروبي اعتبر رسميا في السنة الماضية أن الحركة حركة إرهابية ودعا إلى حظرها وتجميد أموالها في الخارج، وفي الليلة التي تقرر فيها اغتيال الشيخ ياسين، كان وزير الخارجية الصهيونيشالوم يزور واشنطن لمقابلة المسؤولين الأمريكيين وأخذ الضوء الأخضر منهم، على الرغم من أنه صرح عقب العملية بأنه لم يجر أي تنسيق مع الإدارة الأمريكية فيها، وهو تصريح يأتي ليؤكد التنسيق لا لينفيه، فعملية بهذا الحجم، استيقظ شارون ووزير دفاعه شاؤول موفاز فجرا للمصادقة عليها، وأشرف عليها المجرم شارون بنفسه، عملية لا يمكن أن تكون نابعة عن مزاج وغير مسبوقة بتنسيق قوي مع الإدارة الأمريكية والمتعاطفين مع الكيان الصهيوني في بلدان الاتحاد الأوروبي، وما يعزز هذا أن الناطق باسم البيت الأبيض أعلن في تصريح له عقب العملية أن
لدولة إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، أي أن الاغتيال كان بضوء أخضر من البيت الأبيض.
ما بعد الاغتيال: المعادلة الجديدة
من الصعب التكهن بما يمكن أن يجره اغتيال شيخ المقاومة الإسلامية أحمد ياسين من مضاعفات وآثار على الوضع الفلسطيني في الداخل، كما على طريقة التعاطي مع الشأن الفلسطيني في الخارج، بالنظر إلى أن الحقبة القادمة مرشحة لكل الاحتمالات والتوقعات، ولكن المؤكد هو أن القضية الفاسطينية قد دخلت باغتيال الشيخ ياسين، مرحلة جديدة سيؤرخ بها في مسار المقاومة وفي تاريخ القضية ككل، بل في منطقة الشرق الأوسط برمته. لقد أدخل اغتيال الشيخ ياسين معادلة جديدة في دائرة الصراع بين الفلسطينيين والصهاينة، معادلة تؤكد على أن الخيار السلمي أو الاستسلامي لم يدفع الحكومات الصهيونية المتعاقبة إلى تقديم أي شئ للفسطينيين على طبق من ذهب، وأن العدو لا يفهم سوى لغة القوة والتحدي، وهو ما سيؤثر على مواقف الشارع الفلسطيني، ويجعل الخيار السلمي للسلطة أكثر عزلة من ذي قبل. أما على صعيد حركة حماس، فإن الاغتيال من شأنه أن يدفعها نحو المزيد من تصليب عودها وتقوية جبهتها الداخلية، بعد أن بات العدو لا يوفر أي شخص فيها، من القاعدة إلى القمة، ولكن شعبية الحركة والمقاومة ذات العنوان الإسلامي عموما ستخرج هي الرابح الأكبر من جريمة الاغتيال،
فالمؤكد أن الشعب الفلسطيني الذي خرج بكامله في جنازة الشيخ يوم الإثنين قد أدلى بصوته في أكبر استفتاء فلسطيني على احتضان فكرة المقاومة بالإجماع.
إدريس الكنبوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.