ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    لماذا تصرّ قناة الجزيرة القطرية على الإساءة إلى المغرب رغم اعتراف العالم بوحدته الترابية؟    بطولة ألمانيا لكرة القدم.. فريق أونيون برلين يتعادل مع بايرن ميونيخ (2-2)    كوريا الشمالية تتوج ب"مونديال الناشئات"    البطولة: النادي المكناسي يرتقي إلى المركز الخامس بانتصاره على اتحاد يعقوب المنصور    مدرب مارسيليا: أكرد قد يغيب عن "الكان"    موقف حازم من برلمان باراغواي: الأمم المتحدة أنصفت المغرب ومبادرته للحكم الذاتي هي الحل الواقعي الوحيد    نبيل باها: "قادرون على تقديم أداء أفضل من المباراتين السابقتين"    عائلة سيون أسيدون تقرر جنازة عائلية وتدعو إلى احترام خصوصية التشييع    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. البطلة المغربية سمية إيراوي تحرز الميدالية البرونزية في الجيدو وزن أقل من 52 كلغ    طنجة.. وفاة شاب صدمته سيارة على محج محمد السادس والسائق يلوذ بالفرار    "جيل زد" توجه نداء لجمع الأدلة حول "أحداث القليعة" لكشف الحقيقة    بحضور الوالي التازي والوزير زيدان.. حفل تسليم السلط بين المرزوقي والخلفاوي    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    خلاف بين وزارة الإدماج ومكتب التكوين المهني حول مسؤولية تأخر منح المتدربين    طنجة.. الدرك البيئي يحجز نحو طن من أحشاء الأبقار غير الصالحة للاستهلاك    الرباط وتل أبيب تبحثان استئناف الرحلات الجوية المباشرة بعد توقف دام عاماً    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    شبهة الابتزاز والرشوة توقف مفتش شرطة عن العمل بأولاد تايمة    لقاء تشاوري بعمالة المضيق-الفنيدق حول إعداد الجيل الجديد من برنامج التنمية الترابية المندمجة    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الجيش المغربي يستفيد من التجارب الدولية في تكوين الجيل العسكري الجديد    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    بعد السرقة المثيرة.. متحف اللوفر يعلن تشديد الإجراءات الأمنية    تتويج مغربي في اختتام المسابقة الدولية للصيد السياحي والرياضي بالداخلة    دكاترة متضررون من تأخير نتائج مباراة توظيف أساتذة التعليم العالي يطالبون بالإفراج عن نتائج مباراة توظيف عمرت لأربع سنوات    تشريح أسيدون يرجح "فرضية السقوط"    تدشين المعهد المتخصص في فنون الصناعة التقليدية بالداخلة تعزيزاً للموارد البشرية وتنمية القطاع الحرفي    قطاع غزة يستقبل جثامين فلسطينيين    فضيحة كروية في تركيا.. إيقاف 17 حكما متهما بالمراهنة    السلطة تتهم المئات ب"جريمة الخيانة" في تنزانيا    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    كاتبة الدولة الإسبانية المكلفة بالهجرة: المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس تشكل نموذجا للتنمية المشتركة والتضامن البين إفريقي    حمد الله يواصل برنامجا تأهيليا خاصا    العرائش.. البنية الفندقية تتعزز بإطلاق مشروع فندق فاخر "ريكسوس لكسوس" باستثمار ضخم يفوق 100 مليار سنتيم    "صوت الرمل" يكرس مغربية الصحراء ويخلد "خمسينية المسيرة الخضراء"    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    عيد الوحدة والمسيرة الخضراء… حين نادت الصحراء فلبّينا النداء    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    أشرف حكيمي.. بين عين الحسد وضريبة النجاح    انطلاق فعاليات معرض الشارقة للكتاب    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإباحية الجنسية تغزو الفنادق والفيلات.. والمسؤولون ساكتون
نشر في التجديد يوم 15 - 06 - 2004

طفت على السطح منذ مدة ليست بالقصيرة بمدينة وجدة ظاهرة انتشار البيوت المكتراة للدعارة، والفنادق التي تحول بعضها عن نشاطه الأساس إلى منافسة أوكار الفساد المظلمة... وانطلقت شرارة احتجاج السكان على هذه الأوكار المشبوهة مع بداية صيف سنة ,2000 لما اشتكوا كثيرا مما يجري ويدور خارج وداخل فندق المامونية الموقوف، في أثناء زيارة وزير سابق في عهد حكومة اليوسفي أراد التدخل لإعادة فتح هذا الوكر، لكن مسعاه خاب، وظل بابه موصدا، واستراح جيرانه من الصخب.
وقد كانت المؤسسات الفندقية لمدينة وجدة تعرف رواجا كبيرا حينما كانت الحدود المغربية الجزائرية مفتوحة، وكانت هذه الفنادق تعمل بنشاط ليل نهار، والغرف تكون محجوزة في وقت مبكر، لوجود حركة دائبة. ونشط بناء الفنادق اعتمادا على ديون من الأبناك بفوائد كبيرة، وحدث حادث، وهو مشكل سياسي بين المغرب والجزائر، فأغلقت الحدود، وماتت هذه الحركة، وأصبح صاحب الفندق بين خيارين: إما أن يغلقه ويدخل السجن، وإما أن يبحث عن طريقة أخرى ليستطيع أن يؤدي الأقساط للبنك، فكان خيار العديد يميل إلى هذا، وكان من جملة ما اقترحوه ليبقى نشاط الفنادق مزدهرا، هو الاعتماد على كراء هذه الشقق للدعارة. فلم يعد صاحب الفندق يبحث عن هوية الفتاة والرجل إذا أرادا الكراء، وأصبحت مجموعة من الفنادق أوكارا للفساد.
لا يخيفهم الأمن
حكاية السيد عزيزي.ب مع جاره صاحب الفندق ب ذات صولات وجولات، فهو الذي قضى زهرة شبابه في العمل بفرنسا، عاد بتقاعد مريح، وأراد الاستقرار بقية عمره في بلده آمنا مطمئنا، إلا أن الصخب والضجيج الذي يحدثه الفندق المجاور له بشارع فكيك، عكر عليه صفو حياته بمعية جيرانه.
يقول عزيزي، الذي غزى الشيب شعره، بألم وحرقة: «عيينا من تقديم الشكايات، كلما شكونا لا يتم فعل أي شيء، شكونا للوالي، لم يفعل أي شيء، شكونا للكوميسارية، ولا يأتون، وليس لهم حل، والدوزيام (المقاطعة الثانية للأمن) عندما نلجأ إليهم يطردوننا ويقولون: (احنا خاطينا)، والجيران كلهم يخرج لائحة بأسمائهم وعناوينهم ويستعرض أسماءهم يشتكون من هذا المنكر».
وكشفت زوجته عن بعض الأسماء المتهمة بالتواطؤ حسب قولها مع صاحب الفندق وأضافت: «صاحب الفندق يقول لنا إن البوليس لا يفعل له أي شيء. بل الأدهى، حسب قوله، أنهم يخبرونه بالهاتف إذا أرادوا المجيئ للقيام ببحث في الفندق».
صاحب الفندق، حسب عزيزي يستعمل الكر والفر مع رجال الأمن، وعندما يقترب وقت مجيئهم يرسل من في فندقه إلى فندق آخر مجاور، يستغله هو الآخر، ويضيف بلكنة وجدية «تكلمنا معه بالتي هي أحسن رغم أنه لا يفهم هذا الأسلوب من الحوار، ويقول بصريح العبارة إنه ليس لديه ما يفعله غير هذا».
يقول أحد المشرفين على فندق الوفاء: «صاحب الفندق يكتري هذا المحل بأكثر من 200 درهم لليوم، والفئة التي ترتاد الفندق من كل الأصناف، كل من يقصدنا لا نرده، وكل من يقدم لنا ورقة هويته نستقبله، اشتكى المواطنون منا، وتأتينا دوريات الأمن مرتين في الشهر على الأقل، وكتبوا عنا في الجرائد المحلية، ولم يعثروا على أي شيء».
والمشكل في اعتقاد المتحدث ذاته يكمن في ما سببته لهم المقهى الموجودة بفناء الفندق، الذي يوجد بدوره في حي سكني شعبي، ويضيف: «عندما ترتاد الفتيات المقهى مثل المقاهي الموجودة في الشارع، وعندما يرى الجيران الداخل والخارج، يقولون إن الفندق يتعاطى للفساد، يخرج صورة كبيرة، وقديمة لواجهة الفندق ويقول: إن الفندق أقدم من المصبنة التي يملكها عزيزي«. ويتساءل: ألا نقوم بكراء الغرف للفتيات؟ وهل نسألها هل أنت فاسدة أم موظفة؟ حتى الفتاة من حقها أن تكتري، فهل تقضي ليلتها في الشارع؟ ولمن نكري؟ نحن نكري الغرف بثمن مناسب لا يتجاوز 25 درهما لليلة الواحدة. ومع ذلك لنا مصاريف كثيرة. رجال الأمن عندما يأتون ويقومون بالتفتيش، ويجدون الفتاة في غرفتها، ومسجلة عندنا ماذا يقولون؟، نحن لا يهمنا إذا كانت الفتاة التي تقصد فندقنا فاسدة أم عاهرة، وأغلب الوافدات يأتين من الغرب، لا أكذب عليك، إذا كانت الفتاة فاسدة لا نردها، ونحن بماذا سنشتغل؟».
فندق الوفاء حسب وثيقة موقعة بتاريخ 6 مارس 2003 من قبل السيد عبد الحميد مركاوي، مدير المنشآت والأعمال السياحية، «ليس مؤسسة سياحية مصنفة، وبالتالي لا يدخل حتى الآن ضمن اختصاصات هذه الوزارة».
ويقول المسؤول نفسه في رسالة جوابية بخصوص فندق آخر اسمه بلاص: «تبعا للمراسلات المتبادلة بيننا، والمشار إليها في المرجع أعلاه، يشرفني أن أخبركم أن وزارة السياحة قد توصلت بمراسلة جوابية من السيد والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة أنكاد يعلم من خلالها أنه، بعد التحريات التي قامت بها السلطة المحلية ومصالح الأمن الإقليمي بوجدة في شأن عدم احترام صاحب هذه المؤسسة للقوانين المنظمة لهذا القطاع، أعطى تعليماته للجهات المختصة قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة في حقه طبقا للقوانين الجاري بها العمل، وذلك بتنسيق مع المصالح المختصة».
سكان زنقتي فكيك والفقيه بلحسين، رفعوا شكاية إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بوجدة بتاريخ 23 يناير 2003 موضوعها الفساد وتشجيعه بدون حرمة السكان ذوي الكرامة والحرمة وجعل فندق للدعارة نهارا وليلا تقصده الفتيات الكاسيات العاريات، ضد صاحب فندق الوفاء، ومما جاء في هذه الشكاية: « ... يشرفنا نحن سكان زنقة الفقيه بلحسين بوجدة أن نرفع إلى سيادتكم المحترمة شكايتنا هذه ضد صاحب فندق الوفاء الكائن بزنقة فكيك، والفقيه بلحسين رقم 70 وجدة... أصبح هذا الفندق وكرا للفساد، وتشجيع الفساد، بحيث العشرات من الفتيات يقصدنه ليلا ونهارا، وهن كاسيات عاريات دون حرمة السكان المتواجدين حوله، بحيث أصبحنا نحن وأولادنا، وزوجاتنا نستحيي أن نخرج نظرا لما يحصل من هتك الأعراض، والفتيات اللواتي يتوافدن على هذا الفندق، والرجال الذين يسعون وراءهن. ولقد أصبح هذا الفندق وكرا للفساد، وهتك الأعراض كأننا لسنا في دولة إسلامية. الشيء الذي أثر على الحالتين النفسية والخلقية... ولا أحد يقول اللهم إن هذا منكر.»
وطالب المشتكون الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات اللازمة والصارمة ضد صاحب الفندق «حتى يتوقف عن إيواء الفاسدات والفاسدين».
مللنا من الشكوى
السكان استعطفوا وراسلوا كل الجهات، وذكروا أن الفندق موضوع شكايتهم يوجد قرب فندق المنار، الذي شهد الجريمة الشنعاء للطفلة البريئة لبنى السنة ما قبل الماضية.
تقول زوجة ع ب «صاحب الفندق ب، له سوابق بسبب بيع المخدرات، وفي الليل تقصده السيارات لأخذ (الحشيش)، من منتصف الليل إلى الثانية صباحا. ويستعين بفتيات يقطن بالفندق لنقل المخدرات، والخمر، ويقال إن له علاقات خاصة مع بعض الأشخاص المسؤولين، وله خطة معهم، ويقدم لهم مقابلا ماديا على رأس كل شهر».
يقول عزيزي إن صاحب الفندق المجاور له يأتي بفتيات قاصرات عمرهن لا يتجاوز 15 سنة، ويتاجر بهن. وهو ما أكدته إحدى النساء بقولها: «إنه يتاجر في الفتيات القاصرات، وفي الحشيش، وفي الخمر وكل المحرمات، ويقول لنا إذا لم آت بالفتيات فلا أجد من يدخل للفندق، ويعترف بكل هذا».
ويقول شاب: «هذا عيب، ففي هذا الشارع تسكن عائلات محترمة، ونحن نخاف على عائلاتنا، فهل يعقل أن يتحول منزل إلى فندق يشتغل في هذه المنكرات؟ خمر بالليل، وسهر إلى وقت متأخر منه، وضوضاء يقض مضاجعنا، وسيارات تنقل الحشيش، والبوليس عندما نناديهم لا يلبون الطلب، وعندما تأتي لجنة تفتيش من الرباط، يخبره بعض أصدقائه، ليفرغ فندقه من الممنوعات، ولا يجدون أي شيء... صاحب الفندق يهددنا، ويقول: إن المسؤولين في يدي، وأفعل ما أشاء، أنا شاري الطريق... فماذا بقي وراء هذا؟ الحكومة لم ترد أن تقوم بواجبها...».
أحمد لمقدمي، شيخ طاعن في السن، يجلس أمام باب منزله، على كرسي خشبي، اشتكى مما يقوم به الفندق وقال: «لا نتضرر قليلا، بل بالغ الضرر ...هذا منكر كبير يقولها ويمد في النطق بها شكونا أكثر من ثلاث أو أربع مرات، ولم يتم فعل أي شيء، هذا ظلم كبير، ولم نستثن من الشكوى أي جهة مختصة». ويقسم بأغلظ الأيمان إنه ليس هناك لا حق ولا باطل، و»لا أمن يقوم بدوره، والفساد يتم بالمكشوف، وفي واضحة النهار، عار أن تقف العاهرات أمام منازلنا، وعلى رأس الأزقة، والفتيان يعاكسون الفتيات، والفتيات يعاكسن الفتيان أمام أعيننا».
ويقول أحمد: «ابني كاد أن يقتل شخصا كان يعاكس الفتيات أمام المنزل لولا لطف الله»، ويتساءل: لماذا لا يتدخل رجال الأمن إلا إذا سالت الدماء؟.
يتذكر سكان مدينة وجدة بأسى كبير فاجعة مقتل الطفلة لبنى في أحد الفنادق غير المصنفة بالمدينة القديمة، وبالتحديد فندق المنار، ويخافون أن تعاد الكرة مرة أخرى.
لعبة القط والفأر
ويكشف مواطن آخر أنه «في بعض الفنادق يتم استغلال الفتيات القاصرات، ويتم بيعهن للزبناء مقابل 100 درهم أو ,200 أو300 درهم لليلة الواحدة، وصاحب الفندق بايع شاري، ويروج المخدرات».
المقدمي يقول بحرقة وألم كبيرين: «هذا منكر كبير... ولازم أن تتدخل الدولة لإيقاف هذا الفساد، فالعاهرات، يأتين من مدن عدة من المملكة». ويرى عدم تحرك الجهات المعنية هو الفوضى بحد ذاته.
شخص آخر يسمى الحسين يقول: «نوافذ منازلنا توجد قبالة الفندق، ونرى ما لا يعجب، ونربأ عن أنفسنا بوصفه، نستحيي من فتح النوافذ، لئلا يطلع أطفالنا على ما يجري في الضفة الأخرى من الزقاق، مللنا من الكلام معهم، ولم يتقوا الله، لا نسمع إلا الكلام الساقط... فكأنك تخاطب الحائط في إشارة إلى كثرة الشكايات التي بعثوا بها إلى الجهات المعنية».
عزوزي يوثق كل شيء، فكل سيارة تأتي للفندق يأخذ لها رقمها، والساعة التي دخل صاحبها، والتي خرج منها. يقول: «لكنهم محميون من بعض الجهات التي لها علاقة مع صاحب الفندق، وعندما تأتي لجان التفتيش من الرباط، يقولون لهم، إن كل شيء على أحسن ما يرام». ويضيف: «صاحب الفندق كان يدخل الخمر في براميل الزيت، ليوهم من يراه بأنه يدخل الزيت، في حين هو يدخل خمرا، والفتيات اللائي كن يأتين من الفندق لتصبين ملابسهن في مصبنتي تفوح منهن رائحة الخمر، وذات مرة، ضربوا فتاة، وأخبرت عن صاحب الفندق، وهناك فتيات يأتين إلى الفندق، بغرض توزيع الكيف على المقاهي، والحانات، وقبل أن يأتي البوليس تخرج الفتيات، ويخبئ الخمر، والمخدرات، ويتم تحضير إبريق شاي للفتيان. وعندما ينصرفون يرجعون بعد مرور نصف ساعة أو عشرين دقيقة، مثل لعبة القط والفأر».
السيد ع.ب قام أخيرا بتسجيل أحد رواد الفندق، وهو خارج يتمايل من كثرة تعاطي المخدرات والخمر، في شريط سمعي بصري، حصلنا على نسخة منه، وبدأ يحكي عن الفساد في الفندق، إذ أتى بفتاتين تم انتزاعهما منه بالقوة، وطرده صاحب الفندق خارجا، وجاءت سيارة الأمن، لتقتاده إلى مركز الشرطة.
ومن الفنادق ما صلح
بعض الفنادق لم تنجرف وراء تيار الفساد، ويقنع أصحابها بالنصيب: يقول بلعيد، الذي كان يخاطبنا من وراء منضدة الاستقبال في فندق شعبي: «الحمد لله، فرغم أن الرواج قد نقص فالبركة (ما تخطاش)، وإغلاق الحدود لم يؤثر علينا بشكل كبير». زبناء هذا الفندق من فئات مختلفة، هناك من يقضي مدة طويلة، منهم من يأتي من الدار البيضاء، ومن مراكش... ويزدهر الرواج فيه كل فصل صيف، ويقر بلعيد أن بعض الفنادق تستغل الفتيات في البغاء، أما الفندق الذي يشتغل فيه، فإنه إذا رأى زبونة غير صالحة يطالبها بالإفراغ حفاظا على سمعة الفندق، ولا يقبل أن يشك فيه أحد، ويعاني بلعيد ومشغله من سرقة تجهيزات الفندق، مثل فوطة الاستحمام، «بل من الزبائن من يطمع في الصابون». وبقناعة المؤمن يقول: «الإنسان يْصْفِّي ليكون مرتاح البال والضمير، فرغم أن (البركة) تكون قليلة، فهي أفضل من مدخول كثير فيه المشاكل».
ويجمع أغلب أصحاب الفنادق أن الرواج قد انخفض إلى نسبة تكاد تصل إلى 90 في المائة عندما أغلقت الحدود، وأن الفنادق غير المصنفة كلها تشتكي. يقول أحد العاملين في فندق الوفاء: «نحن في وضعية غير مريحة، هناك فنادق غير مصنفة يتم التعاطي فيها للفساد، أليس من حقنا أن نكتري للفساد»، ويضيف: «الذنب ليس علينا، بل يتحمله من أعطى الرخصة للفندق وسط السكان».
لقد غزانا الفساد
ف.ع مؤطرة تربوية تحكي باستحياء فصول واقعة شاهدتها بأم عينيها في زنقة ابن حمديس، عندما مرت به بعد أذان المغرب بقليل، حيث شاهدت شابا واقعا فوق فتاة، ولا ناهي ولا منتهي. في هذا الزقاق يوجد وكر للدعارة قدم سكانه شكايات متعددة، ولم يروا أثرا لأي تحرك إيجابي لإيقافه عن نشاطه، لف.ع مشاهدات عن الانحراف، فمنزلها الذي يوجد في الطابق الأرضي في وسط المدينة محاذ لوكر للدعارة، وبعض قاطنيه يطلون عليهم عراة، ويمارسون طقوسهم المحرمة، والنوافذ مشرعة، ولا يكفون عن الصخب والرقص الماجن إلى وقت متأخر من الليل.
تقول ف.ع: «في إحدى الليالي، داهم رجال الأمن أحد أوكار الدعارة، وقفز شاب رفقة خليلته إلى سطح جارنا، والتمسا منه السماح لهما بالفرار من قبضة رجال الأمن». ف.ع لم يعجبها تصرف جارها، وتمنت وقوعهما في أيدي رجال الشرطة، كي لا يعيدا الكرة مرة أخرى. فتسهيل جارها مأمورية الهرب لهذين الشخصين، هو مساعدة لهما على مواصلة الفساد.
وتضيف أنها لم تعد تمشي لوحدها في مثل هذه الطرقات خوفا على نفسها من الأذى الذي قد تتعرض له في أي لحظة وبدون سابق إنذار.
غير بعيد عن هذا المكان، وقرب شارع كازا إسبانيا، وشارع المعتمد بن عباد تنشط تجارة الرقيق الأبيض، يكفي أن تتوجه إلى هذا المكان، لتجده مكتظا ببائعات الهوى، وقاصدي المتعة العابرة الحرام، وحسب العارفين بالأمور، فإن أغلب زبائنهن من الشباب اللاهث وراء اللذة الحرام، ومن أغرب مار وى لنا أحدهم في هذا الموضوع أنهم «يدفعون مقابل الليلة الواحدة 50 درهما، أو يمارسون الرذيلة دينا، إلى أن يؤدوا الثمن دفعة واحدة في آخر الشهر، أو آخر الأسبوع».
دعارة متقدمة
يقول ع سائق متزوج، وأب لطفل: تجار المخدرات والفساد لم يعودوا كما في السابق، فهم الآن، يستغلون الأطفال أقل من 12 سنة في ترويج المخدرات، ويستغلونهم جنسيا.
يقول ع.ن: «في الأسبوع الماضي أتتني أم لفتاتين، الأولى عمرها 16 سنة تدرس في السنة التاسعة، والأخرى عمرها 14 سنة، يضطرها زوجها المدمن على المخدرات، ويضطر بناتها للذهاب إلى الدعارة ليأتينه بالمال من أجل استثماره واستهلاكه في المخدرات وفي الخمر»، ويضيف: «هناك حوادث كثيرة من هذا القبيل، وهذا آخر ما سمعته».
الدعارة لا تقتصر على الفنادق، بل هناك طريقة عصرية لترويجها، فالفنادق يقصدها العامة، أما الآن فيوجد ما يسمى بدعارة الفيلات المفروشة، وتكون وسط السكان، وفي الأحياء الراقية، تفتح ليلا، وتقام فيها ما يشبه الحفلات الساهرة، ويؤتى إليها بالتلميذات، وهناك أيضا ما يسمى بالمطاعم، وقد كثرت في الطريق المؤدية إلى الجزائر. يقول م.ب: «بعض هذه المطاعم تخصص يوم الجمعة (عيد المسلمين) لفتح قاعة واسعة، وبالأضواء الكاشفة، وتستقبل التلميذات بالمجان، ويدخل الشباب ب(ثلاثين درهما) للفرد الواحد، ثم حدث بعد ذلك ما شئت عن الاختلاط والمجون، والعري والفساد. وهذه الطريق (وجدة وهران) تستعمل من قبل حافلات خاصة، تعمل في هذا الإطار.
النتيجة: صبيان في أكياس البلاستيك
دعارة البيوت المظلمة، وهي بيوت يكتريها أغنياء كبار السن، ويفرشونها، ثم يستعملونها في الدعارة ليلا، يقول ع.ن، «حدثني بعض ممن يعمل في الصيدليات الليلية أن الزبائن الذين يأتون في الليل لشراء الأدوية هم كبار السن من الأغنياء والأثرياء، ثم سألني: هل تعرف ما هي أنواع هذه الأدوية التي نبيعها، فقلت: ماهي؟ فقال: هي كل ما يتعلق بالعازل المطاطي، وأقراص منع الحمل».
قضية الشذوذ الجنسي، تعرف استفحالا في بعض النقاط العمومية، وأصبحنا نسمع عن رمي الصبيان في الأزقة، وعند المقابر، وفي الوديان. وقالت بعض المصادر إنه في مستشفى الفارابي يوجد جناح خاص للقطاء، وإن إحدى المقابر بمدينة وجدة، تستقبل في الليل لقطاء ميتين، ويدفنون في أماكن خاصة، أو يتم رميهم في الأكياس البلاستيكية، وفي الوديان...
لأجل الإصلاح
يقول عبد الله نهاري، خطيب جمعة، «حقيقة إذا قال الله سبحانه وتعالى (ظهر الفساد في البر والبحر، بما كسبت أيدي الناس)، فقد انتشر فعلا الفساد في البر والبحر»، أما سبب هذا الفساد، فيرجعه نهاري إلى الابتعاد عن هذا الدين، ويستشهد بقول الله عز وجل: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)، والضنك حسب تعبيره هي المعيشة التي يجد الإنسان فيها نفسه يعيش في جحيم على المستوى الفردي من الناحية النفسية. ويقول: «يعاني أبناء هذه المدينة من أمراض نفسية خطيرة، وبحكم معايشتي لهذا الواقع، فالفتيات، والتلاميذ، حتى الأطفال يصابون بأمراض نفسية خطيرة، ومع انعدام العلاج، وعدم وجود آليات لمواجهة هذه المصائب، تستفحل الأمراض النفسية بشكل خطير، كالأمراض العقلية، إلى درجة أن هذه المدينة أيضا، وهاته الجهة تعرف نسبة مرتفعة من الانتحار في المغرب، ولا أستطيع أن أعطي إحصائيات، ولكن بحكم معايشتي للواقع لهذه الأحياء الهامشية، فيكثر فيها الانتحار بشكل خطير، أما أسباب هذا الانتحار، زيادة على البعد عن الله تعالى، والأزمة الروحية والنفسية، هناك انتشار المخدرات والخمور بشكل خطير، وبيعها أمام أبواب المؤسسات». ويضيف الخطيب وحرقة
إصلاح المجتمع بادية على محياه: «أناشد جميع هيئات المجتمع المدني التي تغار على أفضل ثروة عندنا، وهي ثروة الشباب، بأن يعملوا على متابعة هذا الموضوع الحساس الخطير».
ومن أسباب تناسل الفساد أيضا في نظر نهاري: «التراجع الخطير على المستوى الإيماني...لأن الأسرة التي تحمل على عاتقها التربية الإيمانية لا تقوم بدور التربية كما يحب الله لأسباب، منها الفقر والجهل والأمية، التي تجعل الإنسان لا يفكر في التربية إطلاقا». ويقول: «البطن الجائع، والعقل الفارغ، والجوارح غير المشغولة، كل هذه إذا لم تشغل في طاعة الله عز وجل، تصبح آلة في يد الشيطان».
ويكشف على أن التضييق على التربية الإسلامية سنة بعد سنة، والإعلام والمسلسلات المكسيكية التي تشيع الفاحشة وتريد أن تطبع الأمة على الخيانة الزوجية، وهنالك السياسة العامة، فإذا تحدثنا عن السياحة، خاصة السياحة الجنسية، وسياحة العري في الشواطئ، فإن السعيدية يزورها في كل صيف أعداد هائلة تتعرى بتلك الطريقة، بحيث يسكت الجميع، ويتفرج الجميع، إذن المعاصي كثرت وانتشرت، لأن هناك دولة لم تعط لحد الآن الأولوية للتربية الإيمانية، في مؤسساتها كلها. ويرى نهاري أن من عناصر الحل قيام الحركات الإسلامية بدورها الذي انتدبت نفسها من أجله، وتحسين التزام الناس بالدين.
وفي الأخير، نقول مع الشاعر، رغم اختلاف ورود البيت الشعري:
أتبكي على لبنى وأنت قتلتها
لقد ذهبت لبنى فما أنت صانع.
عبد الغني بوضرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.