اجتازت مدينة الفلوجة الصامدة الليلة الأولى من الهجوم الأمريكي عليها بنجاح، كما أكد ذلك عدد من مقاتلي المدينة لمصادر صحفية، فالهجوم الذي بدأ مساء الأحد الأخير وما زالت فصوله مستمرة، حتى هذه اللحظة، لم ينجح في التقدم أو اختراق الدفاعات التي أعدها المدافعون عن المدينة، حيث جرت اشتباكات عنيفة للغاية، تمكن المقاومون خلالها من صد الهجوم الأمريكي، من خلال استخدام مبدأ النيران الكثيفة، التي انهمرت على القوات المهاجمة من شتى الاتجاهات، كما قال المقاومون. وبحسب مصادر في المقاومة، فإن المقاومين تمكنوا من إسقاط مروحيتين أمريكيتين من نوع أباتشي وطائرة استطلاع أمريكية من دون طيار، تعرف باسم النسر فوق حي الجولان في الفلوجة، وإعطاب أربع دبابات أمريكية وتدمير ثلاث سيارات عسكرية، في الأطراف الشرقية للفلوجة، كما تمكنت عناصر المقاومة من قتل 15 جنديا أمريكيا في تلك المواجهات، وقالت تلك المصادر إن القوات الأمريكية انسحبت من مناطق شمال الفلوجة، وتلك التي في منطقة الصقلاوية، بعد أن تعرضت لهجمات قوية من قبل عناصر المقاومة الموجودة في الفلوجة أجبرت 36 جنديا أمريكيا على وضع السلاح والاستسلام لعناصر المقاومة العراقية. ومن جانبها قامت قوات الاحتلال الأمريكية بالاستعانة بالطائرات الحربية، التي ألقت قنابل نابالم المحرمة دوليا على مدينة الفلوجة، بالإضافة إلى إلقاء أكثر من سبع حاويات للقنابل العنقودية، التي تتسبب عادة في إيقاع أعداد كبيرة من الضحايا في صفوف المدنيين، في محاولة منها للحد من تحركات المقاتلين المدافعين عن المدينة، حيث يسهل على قواتها التحرك والتقدم باتجاه أحيائها، كما قامت الطائرات الأمريكية مصحوبة بمدافع الدبابات بقصف مكثف على أحياء الجولان والعسكري والشهداء والصناعي والجغيفي، وشهد حي الشهداء أعنف قصف مدفعي في تاريخ هذه المدينة، ووقع ذلك تحديدا في ساعات الصباح الأولى من يوم أول أمس الاثنين، بعد أن استعصى هذا الحي على القوات الأمريكية، التي كانت تخطط لدخول المدينة انطلاقا منه. وذكر أهالي الفلوجة أن الدخان يتصاعد من أرجاء المدينة مع اهتزازها في انفجارات متواصلة، ولزم المدنيون منازلهم، ولم ترد حتى الآن أنباء عن حجم القتلى والمصابين، مؤكدين أن القصف الأمريكي دمر مركزا طبيا وسط الفلوجة كان يستقبل الضحايا، وأضافوا أن بعض العاملين الطبيين والمرضى في العيادة قتلوا. وقامت القوات الأمريكية مساء الأحد الأخير باقتحام مستشفى الفلوجة، وقطعت عنه كافة الاتصالات، حيث دخل أكثر من أربعين عنصرا من عناصر مشاة البحرية الأمريكية المارينز إلى المستشفى، الواقع خارج الفلوجة، على الطرف الغربي للمدينة، وتحديدا وراء الجسر المقام على نهر دجلة، وقال عدد من العاملين في المستشفى إن القوات الأمريكية قامت باعتقال عدد من الأطر الطبية في المستشفى، بالإضافة إلى اعتقال عدد من العاملين ومرافقي المرضى. وأكد هؤلاء الموظفون بأن المستشفى لم يكن يخضع لسيطرة المقاومة، ولم تصدر أية مقاومة تجاه القوات الأمريكية منه، لأن المستشفى كان أصلا خارج نطاق المدينة، وقال أحد الموظفين، الذي رفض الكشف عن اسمه إن القوات الأمريكية اعتقلت أحد المرضى، بحجة أنه ينتمي إلى المقاومة. كما قامت القوات الأمريكية بقصف عدد من المساجد في المدينة، من بينها مسجد المدلل في حي الضباط، إذ قصفته قوات الاحتلال بعشر قذائف مدفعية، مما أدى إلى تدمير جزء كبير منه، كما قامت القوات الأمريكية بقصف مدفعي استهدف جامع الأقصى، في شمال مدينة الفلوجة، وتحديدا في حي المعلمين، مما أسفر عن تدمير جزء كبير منه أيضا، واستهدفت القوات الأمريكية أيضا في قصفها مسجد الفاروق ومقبرة الشهداء في المدينة، التي تضم رفات ضحايا معركة الفلوجة الأولى، التي جرت في أبريل الماضي، علما بأن تلك المساجد لم يثبت أن المقاتلين استخدموها بحسب ما أفاد به أبناء المدينة. في هذه الأثناء صارت المدينة محاصرة تماما، ولم يعد هناك أية إمكانية للدخول أو الخروج منها، إذ قامت القوات الأمريكية بإغلاق كافة المنافذ، كما قامت صباح أول أمس بإلقاء منشورات تؤكد بأنها ستضرب أية مركبة تحاول التنقل في أحياء المدينة، وناشدت السكان التزام منازلهم، محذرة بأنها سوف تقوم في وقت لاحق بتوزيع منشورات تبين الأوقات، التي سيسمح فيها للمركبات بالتنقل. وكان نزول المطر الغزير بعد الثانية من منتصف ليلة الإثنين الأخير على الفلوجة ساهم كثيرا في خدمة المقاتلين، كما قال عدد منهم لمصادر صحفية، إذ أكدوا أن الأرض الطينية تجعل حركتهم أسهل من حركة القوات الأمريكية، وقالوا إن القوات الأمريكية، وبعد نزول المطر الغزير والرياح العاتية، التي اجتاحت المدينة توقفت عن القصف بكل أشكاله، ولم يكن بإمكانها فعل أي شيء، مما وفر للمقاومين المزيد من الوقت والفرصة للتنقل وعمل تكتيكات ومناورات ساعدتهم على التصدي للقوات المهاجمة. وكالات