الملك يعزي أسرة الشيخ جمال بودشيش    الطريق إلى "انتخابات 2026" .. طنجة تترقب عودة وجوه سياسية بارزة ورحيل أخرى    العالم يختنق بحرارة غير مسبوقة وما هو قادم أسوأ من الجحيم    ودائع البنوك تتجاوز 1300 مليار درهم    إطلاق "GPT-5" يكشف فجوة بين طموحات "OpenAI" وتجربة المستخدمين    20 عاما سجنًا لرئيس وزراء تشاد السابق    الوداد يعلن التعاقد رسميًا مع الصبار    ليفاندوفسكي ولامين جمال يتبادلان اللكمات في تدريب طريف (فيديو)    "نونييس" يكلّف الهلال 53 مليون يورو    المنتخب المحلي يطمح للفوز على كينيا    عمل جديد يعيد ثنائية الإدريسي وداداس    إسبانيا.. وفاة عاملة مغربية دهساً داخل مزرعة في حادث شغل مأساوي    سقوط شاب من قنطرة وسط طنجة أثناء تصوير فيديو على "تيك توك" (صور)    الاحتجاجات على اختفاء مروان المقدم تنتقل إلى اسبانيا    توقيف ستة أشخاص بتطوان متورطين في شبكة لترويج مخدر الكوكايين    جثمان شيخ الزاوية البودشيشية يصل إلى مداغ والجنازة الأحد    رشقة بارود على مستوى الرأس تودي بحياة فارس شاب بجرسيف    الهلال الناظوري يعقد جمعه العام وسط أجواء تنظيمية ويؤجل استقالة رئيسه    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    إقليم شفشاون.. السلطات تحرر شاطئ الحواض بالجبهة من الاحتلال غير المرخص    كأس أمم إفريقيا للاعبين المحليين 2024 (الجولة 3/المجموعة 2).. المنتخب التنزاني يفوز على نظيره الملغاشي (2-1)    القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف دولية بحق دبلوماسي في السفارة الجزائرية بباريس في قضية خطف مؤثر    هولندا.. جريمة قتل ام لثلاثة ابناء على يد زوجها تهز فيلدهوفن        اجتماع بين وزارة التربية الوطنية والنقابات التعليمية لبحث تتبع تنزيل اتفاقي دجنبر 2023    المغربي سعيد أوبايا يتوج بذهبية الكراطي في الألعاب العالمية بالصين    مشروع قانون المالية 2026 : المغرب يسرع التحول الاقتصادي بمشاريع كبرى    دوري أبطال إفريقيا (الدور التمهيدي الأول).. نهضة بركان يواجه أسكو دي كارا الطوغولي والجيش الملكي يلاقي ريال دي بانجول الغامبي    العودة الكبرى لنجوم مسرح الحي    الصخيرات تستعد لاحتضان الدورة الرابعة من مهرجان "تيم آرتي" بحضور 16 فنانا بارزا    الرئيس الروسي بوتين يعرض وقف الحرب مقابل السيطرة على شرق أوكرانيا            مشروع قانون مالية 2026..الحكومة تتعهد بمواصلة سياسة الربط بين الأحواض ودعم مدارس "الريادة"        80% من المقاولات تعتبر الولوج للتمويل البنكي "عاديا" في الفصل الثاني من 2025        "رابأفريكا" ينطلق بحضور جماهيري لافت    "زومبي" الرعب وموت أخلاق الحرب    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية سنغافورة بمناسبة العيد الوطني لبلاده    بورصة الدار البيضاء .. أهم نقاط ملخص الأداء الأسبوعي    الملك محمد السادس يواصل رعايته السامية لمغاربة العالم عبر برامج تعزز الارتباط بالوطن وتواكب التحول الرقمي    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    أنفوغرافيك | سوق الشغل بالمغرب خلال 2025.. انخفاض طفيف للبطالة مقابل ارتفاع الشغل الناقص    مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعا طارئا الأحد بشأن خطة إسرائيل السيطرة على غزة    الولايات المتحدة.. ترامب يعين مستشاره الاقتصادي عضوا في مجلس البنك المركزي    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    وفاة الفنان المصري سيد صادق    العربيّ المسّاري فى ذكرىَ رحيله العاشرة    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديمقراطية الفلسطينية تنتصر لخيار المقاومة
نشر في التجديد يوم 27 - 01 - 2006

كثيرة هي الكتابات التي ستتناول نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية بالدرس والتحليل سيما بعد الاكتساح الكبير الذي حققته حركة المقاومة الإسلامية حماس في أول مشاركة لها في استحقاق من هذا النوع، منبهة بذلك سني الاستئثار السلطوي الذي فرضته حركة فتح على الشأن الفلسطيني بالاستناد إلى اتفاق أوسلو المشؤوم؛ ومكذبة توقعات استطلاعات الرأي الموجهة التي حاولت إيهام الناخبين باحتفاظ الحزب الحاكم بالريادة السياسية رغم ما اعترى صفوفه من شروخ وتصدعات في الآونة الأخيرة.
وإذا كان اهتمام جل المراقبين سينصب على البحث في مسببات هذا الزلزال أعاد رسم الخريطة السياسية الفلسطينية وفق معطيات جديدة ستكون لها لامحالة انعكاسات كبيرة على الضع في منطقة الشرق الأوسط ككل، فإننا نود في الوقت ذاته الوقوف عند حصيلة هذه التجربة الديمقراطية الواعدة وما أفرزته من معالم أولية لبداية تشكل نظام سياسي قائم على الثنائية القطبية يتيح لأول مرة في عالمنا العربي، إمكانية تداول سلمي حقيقي للسلطة بعيدا عن لغة الانقلابات بألوانها البيضاء والحمراء والسوداء...
كما سنحاول النظر في مدى جاهزية حماس للمسك بزمام الحكم في ضوء الظروف الإقليمية والدولية الراهنة، وأيضا في ضوء ما يشاع عن احتمال وجود مؤامرة لاستدراجها للوقوع في فخ استلام السلطة الذي سيضع خياراتها الاستراتيجية أمام محك صعب.
ديمقراطية فلسطينية واعدة..
لم يكن بالأمر الهين على الفلسطينيين أن ينظموا انتخابات تشريعية في ظل الاحتلال الصهيوني بما يعنيه من استمرار مسلسل المداهمات والاغتيالات ومحاولات التحكم الاستباقي في نتائجها، والمسعى الاستفزازي الذي كان يرمي إلى استثناء أهالي القدس الشرقية من المشاركة في عملية الاقتراع، بما يعنيه ذلك من تأكيد المزاعم الصهيونية بشأن التهويد الأبدي للمدينة المقدسة، ناهيك عن الغموض الذي كان يلف مسألة إجراء الانتخابات في موعدها المقرر خاصة في ضوء حالة التخبط التي كانت تعيشها حركة فتح مما جعل العديد من الأصوات تنادي بتأجيلها خشية وقوع الكارثة بالنظر إلى عدم ملاءمة الظرف السياسي الذي كان يراه رئيس وزراء السلطة الفلسطينية أحمد قريع في غير صالح حركته.
وبرغم كل ذلك فقد وفى أبومازن بوعده وأجريت الانتخابات في موعدها، ونجحت السلطة الفلسطينية في تدارك حالة الانفلات الأمني حرصا منها على تأمين مشاركة شعبية واسعة، كما التزمت بقدر معتبر من الحيادية مكن اللجنة المركزية للانتخابات من أداء مهمها بعيدا عن أي نوع من أنواع الضغط التي بوسعها التأثيرفي نتائج الاقتراع، هذا فضلا عن جيش من المراقبين الدوليين الذي جاوز بتعداده التسع مائة شخص يقدمهم الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، هؤلاء المراقبين الذين عكسوا بموقفهم المشيد بالعملية الانتخابية التي أجريت في الضفة والقطاع إشهادا دوليا بنزاهتها واعترافا بالنتائج المترتبة عنها.
كما يسجل لحركة فتح وللسلطة المنبثقة عنها إذعانهما لحكم صناديق الاقتراع وإقرارهما بالهزيمة فيما يعتبر سلوكا ديمقراطيا نادر الوقوع في البلاد العربية والإسلامية، الأمر الذي تمت ترجمته عمليا من خلال مسارعة رئيس وزراء السلطة أحمد قريع إلى تقديم استقالته داعيا حماس إلى تشكيل حكومة جديدة انسجاما مع الأعراف الديمقراطية.
الناخب الفلسطيني يرفض الابتزاز الدولي..
نضج كبير أبان عنه الناخب الفلسطيني حين أصر على تأكيد استقلالية القرار الوطني برفضه لكل أشكال الابتزاز الدولي الصادرة سواء عن الاتحاد الأوروبي الذي هدد بقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني إن هو صوت لصالح حماس، أوعن الإدارة الأمريكية التي توعدت بعدم التعامل مع أي حكومة تشارك فيها حماس، دون أن ننسى تهديدات مماثلة صدرت عن الرباعية، ناهيك عن الاستفزازات الصهيونية التي لم تتوقف قبل وأثناء الحملة الانتخابية.
هذا الموقف المشرف من جانب الناخب الفلسطيني ذكرنا برفض أهالي جنين القاطع للمساعدات الإنسانية التي بعثت بها واشنطن عقب المجزرة التي اقترفها الاحتلال الصهيوني وفي محاولة منها لدر الرماد في عيون أسر الضحايا؛ موقف أكد بأن الشعب الفلسطيني المستضعف تأبى عليه كرامته أن يعطي الدنية في دينه أو أن يسلم أبنائه المخلصين مهما تحمل من شدائد وصعاب، فكيف بمن حملوا السلاح دفاعا عنه واسترخصوا دمائهم في سبيل استرداد حقوقه كاملة غير منقوصة؟
الفوز كان حليف خيار المقاومة..
فوز حماس الكاسح ربما صرف الأنظار عن أن الفوز الحقيقي كان من نصيب خيار المقاومة الذي كان طوال فترة الحملة الانتخابية محط مزايدات بين أبرز اللوائح المتنافسة التي خاضت غمار هذا الاستحقاق التشريعي على خلفية رصيده في ميدان المقاومة وارتفاع إسهامها في حجم التضحيات التي تحملها الشعب الفلسطيني. وقد رأينا كيف أطلقت الجبهة الشعبية اسم قائدها أبو علي مصطفى، الذي اغتاله الصهاينة خلال انتفاضة الأقصى المباركة، على لائحتهم التي تنافست في العملية الانتخابية، كما ضمت قوائم المرشحين العديد من أسماء الأسرى في سجون الاحتلال...
وحتى الحزب الحاكم فلم يجد بدا من الاستنجاد بالرصيد النضالي لحركة فتح ومعاودة التذكير بأنها صاحبة الرصاصة الأولى التي أطلقت ضد جيش الاحتلال، وأنها قدمت أكبر عدد من الشهداء قياسا مع باقي الفصائل المنافسة، ولم يجد بدا من وضع المناضل الأسير مروان البرغوثي على رأس لائحة مرشحيه في محاولة لاستمالة الرأي العام الفلسطيني المناصر بطبيعته لخيار المقاومة والتحرير.
معالم نظام سياسي جديد..
الزلزال السياسي الذي أحدثه فوز حماس الكاسح بالاستحقاق التشريعي لم ينعكس على واقع الخريطة السياسية فحسب وإنما أعاد النظر في طبيعة النظام السياسي الفلسطيني الذي بدأت تتشكل معالمه الأولى وفق معطيات جديدة تنبني على ثنائية قطبية تكرس التداول السلمي على السلطة وتجسد تجربة عربية غير مسبوقة في التناوب على الحكم بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع. كما تؤسس لإمكانية تعايش سلطوي بين رئيس من فتح رئيس وزراء من حماس على غرار التجربة الفرنسية الغنية في هذا المضمار.
وإن كانت حماس تميل أكثر إلى تبني خيار الشراكة السياسية الموسعة المنسجمة مع تشكيل حكومة وحدة وطنية تتشبث بثوابت الشعب الفلسطيني ، على قاعدة شركاء في الدم شركاء في القرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.