فيديوهات خلقت جوًّا من الهلع وسط المواطنين.. أمن طنجة يوقف سيدة نشرت ادعاءات كاذبة عن اختطاف الأطفال    العثور على جثث 13 عاملا بالبيرو    طنجة.. حملات أمنية متواصلة لمكافحة الدراجات النارية المخالفة والمعدّلة    ريال مدريد ينجو من ريمونتادا سيلتا فيغو    كأس أمم إفريقيا U20 .. المغرب يتعادل مع نيجيريا    الاحتفاء بالموسيقى الكلاسيكية خلال مسابقة دولية للبيانو بمراكش    احتفاء فريد من نوعه: مهرجان التوائم الدولي يجمع أكثر من ألف مشارك في جنوب غربي الصين    المغرب التطواني يحقق فوزًا ثمينًا على نهضة الزمامرة ويبتعد عن منطقة الخطر    شبكة نصب لتأشيرات الحج والعمرة    كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة: تعادل سلبي بين المغرب ونيجيريا في قمة حذرة يحسم صدارة المجموعة الثانية مؤقتًا    اتهامات بالمحاباة والإقصاء تُفجّر جدل مباراة داخلية بمكتب الاستثمار الفلاحي للوكوس    تطوان تحتضن النسخة 16 من الأيام التجارية الجهوية لتعزيز الانفتاح والدينامية الاقتصادية بشمال المملكة    الدوري الألماني.. بايرن ميونخ يضمن اللقب ال34 في تاريخه بعد تعادل منافسه ليفركوزن    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    جريمة بيئية مزعومة تثير جدلاً بمرتيل... ومستشار يراسل وزير الداخلية    طنجة تحتضن اللقاء الإقليمي التأسيسي لمنظمة النساء الاتحاديات    ملتقى بالقدس يشيد بجهود الملك    تحالف مغربي-صيني يفوز بعقد إنشاء نفق السكك الفائقة السرعة في قلب العاصمة الرباط    انخفاض جديد في أسعار الغازوال والبنزين في محطات الوقود    وزيرة تكشف عن مستجدات بشأن الانقطاع الكهربائي الذي عرفته إسبانيا    شركة بريطانية تطالب المغرب بتعويض ضخم بقيمة 2.2 مليار دولار    المغرب يتصدر قائمة مورّدي الأسمدة إلى الأرجنتين متفوقًا على قوى اقتصادية كبرى    الأميرة لالة حسناء تشارك كضيفة شرف في مهرجان السجاد الدولي بباكو... تجسيد حي للدبلوماسية الثقافية المغربية    الفن التشكلي يجمع طلاب بجامعة مولاي إسماعيل في رحلة إبداعية بمكناس    الخيط الناظم في لعبة بنكيران في البحث عن التفاوض مع الدولة: الهجوم على «تازة قبل غزة».. وإيمانويل ماكرون ودونالد ترامب!    الطالبي العلمي يمثل الملك محمد السادس في حفل تنصيب بريس كلوتير أوليغي نغيما رئيسا لجمهورية الغابون (صورة)    "البيجيدي" يؤكد انخراطه إلى جانب المعارضة في ملتمس "الرقابة" ضد حكومة أخنوش    المغرب يطلق برنامجًا وطنيًا بأكثر من 100 مليون دولار للحد من ظاهرة الكلاب الضالة بطريقة إنسانية    الناخب الوطني يعلن عن تشكيلة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة لمواجهة نيجيريا    الشرطة البرازيلية تحبط هجوما بالمتفجرات على حفل ليدي غاغا في ريو دي جانيرو    إسبانيا: تحديد أسباب انقطاع الكهرباء يتطلب "عدة أيام"    المغرب يجذب الاستثمارات الصينية: "سنتوري تاير" تتخلى عن إسبانيا وتضاعف رهانها على طنجة    مصادر جزائرية: النيجر تتراجع عن استكمال دراسات أنبوب الغاز العابر للصحراء    استشهاد 16 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء في قصف إسرائيلي جديد على غزة    الحارس الأسبق للملك محمد السادس يقاضي هشام جيراندو    العداء الجزائري للإمارات تصعيد غير محسوب في زمن التحولات الجيوسياسية    معهد الموسيقى بتمارة يطلق الدورة السادسة لملتقى "أوتار"    بريطانيا تطلق رسمياً لقاح جديد واعد ضد السرطان    توقيف 17 شخصا على خلفية أعمال شغب بمحيط مباراة الوداد والجيش الملكي    حريق بمسجد "حمزة" يستنفر سلطات بركان    "الأونروا": الحصار الإسرائيلي الشامل يدفع غزة نحو كارثة إنسانية غير مسبوقة    علماء يطورون طلاء للأسنان يحمي من التسوس    المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين يعبر عن دعمه للوحدة الترابية للمغرب    نجم الراب "50 سنت" يغني في الرباط    من المثقف البروليتاري إلى الكأسمالي !    الداخلة.. أخنوش: حزب التجمع الوطني للأحرار ملتزم بتسريع تنزيل الأوراش الملكية وترسيخ أسس الدولة الاجتماعية    الشرطة البريطانية تعتقل خمسة أشخاص بينهم أربعة إيرانيين بشبهة التحضير لهجوم إرهابي    الجمعية المغربية لطب الأسرة تعقد مؤتمرها العاشر في دكار    دراسة: الشخير الليلي المتكرر قد يكون إنذارا مبكرا لارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب    وهبي: مهمة "أشبال الأطلس" معقدة    وداعاً لكلمة المرور.. مايكروسوفت تغيّر القواعد    مقتضيات قانونية تحظر القتل غير المبرر للحيوانات الضالة في المغرب    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلمي شعراوي رئيس مركز البحوث العربية والإفريقية بالقاهرة ل «التجديد» المغرب له نفوذ كبير في المنطقة وعليه ألا يفرط في عمقه الإفريقي
نشر في التجديد يوم 06 - 06 - 2012

يتناول المفكر العربي، حلمي شعراوي، في هذا الحوار مع «التجديد، موضوع الوحدة الإفريقية وأهمية التكتلات الإقليمية على ضوء دراسة تفيد بعدم قدرة الشعوب التي يقل تعدادها السكاني عن 50 مليون نسمة على العيش في أفق سنة 2020، كما يتعرض رئيس مركز البحوث العربية والإفريقية إلى سعي الدول الغربية والرأس مالية إلى تقسيم وتشتيت الهوامش في مقابل وحدة المركز الاقتصادية، يحدثنا أيضا عن إعجابه بالتجربة المغربية لما يطبع قيادتها السياسية من تغليب للعقل في اللحظات الحاسمة، ويبدي أيضا ملاحظاته حول التوجه المغربي في اتجاه الغرب، داعيا إلى ضرورة استعادة المغرب لدوره في إفريقيا بالنظر إلى المقومات التي يتوفر عليها والتي تسعفه في ذلك، المستشار في مكتب الرئيس جمال عبد الناصر استعاد الأدوار الرئيسية التي كان يلعبها الزعماء العرب من قبيل، الدور الذي لعبه المرحوم محمد الخامس وغيره من الزعماء، في نزع فتيل التوتر بالقارة السمراء، كما وقف عند أسباب تراجع هذا الدور اليوم، لصالح الدول الغربية ومنها الحلف الأطلسي. شعراوي تحدث كذلك، عن العلاقة بين المبدأ والمصلحة وعن حجم المراهنة على الغرب والمؤسسات الدولية في وضع حد للنزاعات القائمة في القارة الإفريقية، وكيف يمكن وقف نزيف ثرواتها وأن تصب عائداتها لدى الدول الإفريقية والعربية نفسها.
● : تناولتم في محاضرة أخيرة، موضوع دراسة تتحدث عن، أنه لا مستقبل في أفق سنة 2020 للدول أقل من خمسين مليون نسمة، قراءتك لهذا الرقم على ضوء ما تشهده القارة الإفريقية اليوم من توترات ونزاعات؟
❍ لا بد من العمل بداية على أن تصل هذه الفكرة للشعوب الإفريقية نفسها، وأن يترسخ لديها فكر الوحدة وضرورة العمل في تكتلات إقليمية قوية، لكي تستطيع أن تكون لها كما نقول، قوة تفاوضية، ليس فقط في علاقتها بالأمم المتحدة ومجلس الأمن، ولكن اتجاه تنظيمات دولية عديدة، مثل ما يسمى بمجموعة 77 ومجموعة الدول النامية أو عدم الانحياز، ومختلف التكلات الاقتصادية ومنظمة التجارة العالمية وغيرها، وهذا مستوى من التواصل يحتاج إلى الكتل الكبيرة، وهناك المستوى الإفريقي أيضا، الذي يحتاج إلى تحالفات إقليمية يمكن أن تقودها دول مثل جنوب إفريقيا في الجنوب ونيجيريا في الغرب وإيتوبيا في القرن الإفريقي وما نزال نشطوا إلى اليوم من شمال إفريقيا إلى هو في أمس الحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الاتحاد والالتقاء، لكن مشاكله لا تتوقف على الدوال، فليبيا كانت مشكلة وقضية الصحراء مشكلة وحتى في السودان نفس المشكل، إذا أردنا توسيع الدائرة في اتجاه البلدان العربية والإسلامية فهي إلى اليوم لم تستطع الدخول في اتحاد فعال ومؤثر، لكن على الجميع أن يدرك حجم المشكل، وقد بدأت بعض الدول تدرك الموضوع وبدأت في مبادرات معينة، كما هو الشأن في نيجيريا مثلا الغنية بثرواتها وتنوعها البشري، الذي يزيد عن 150 مليون اليوم، وكذلك إيتوبيا التي تتوفر على الماء وفضاءات للاستثمار، مما يعطيها ثقلا إقليميا، فليبيا نموذجا، بعدد سكان محدود وصحاري مترامية الأطراف لا تستطيع أن تكون هي ومثيلاتها دولة ذات قيمة، في غياب تكتل سياسي واقتصادي قوي وفعال، لكن قوتين أساسيتين مثل المغرب والجزائر، لا يستطيعان الاستمرار في خلاف بلا حل بهذا الشكل، مما يحتم ضرورة الإسراع في إيجاد حل لما يحدث بينهم، كما أن تدخل دول عربية قوية وكبيرة يمكن أن يكون له اعتبار ومعنى من طرف المغرب والجزائر، وهذا توجه في تقديري لابد للشعوب والمجتمع المدني أن تنهض به، خاصة أمام التحولات السياسية التي بدأت تحدث بعد الثورات العربية وما أتاحته من وعي جمعي لدى الشعوب يؤشر على مستقبل عنوانه الوحدة لا الشتات.
● كيف تنظر إلى تراجع دور الدول العربية في معالجة العديد من النزاعات والتوترات في إفريقيا والعالم العربي والإسلامي لصالح الدول الأجنبية، خاصة ما ينعت منها بالعظمى وأيضا الحلف الأطلسي؟
❍ التراجع نشأ في تقديري جراء تراجع السياسات الاقتصادية والاجتماعية داخل هذه الدول نفسها، وذلك منذ أن بدأ العمل بسياسات التقويم الهيكلي وصندوق النقد الدولي وما انتهج من سياسات الإفقار اتجاه الشعوب الإفريقية مما رفع من البطالة والفقر، وهكذا بحثت أقليات معينة متنفذة في مختلف الدول الإفريقية عن حماية امتيازاتها ومصالحها وجعلتها مرتبطة أساسا بالغرب ودول الشمال، وهذا جعل دول الجنوب رهينة لدى دول الشمال مما عمق من ضعفها وفقرها، ومع الأسف لا توجد اتحادات وتدخلات أفقية، وأصبح تدخل الشمال في الجنوب هو السائد مع الأسف الشديد، فخفت صوت الحياد والتنمية الذاتية للدول الإفريقية وتحقيق الاكتفاء الذاتي بالاعتماد على النفس، وهذا أدى إلى تراجع بناء استقلالية الدول، وطالما أنت تندرج في إطار عولمي عنوانه التبعية، أصبح مفروضا عليك إتباع القرار العالمي الذي أصبح ذو صبغة عسكرية محضة، فأمريكا اليوم، ليست من أقوى الدول اقتصاديا في العالم، ومع ذلك فهي أنجح في استغلال قواتها العسكرية مما جعلها تفرض عسكرتها في أفغانستان والعراق وغرب إفريقيا وعلى هذه الشاكلة أصبح أيضا تدخل حلف «النيتو» عسكريا ممكنا، كما حدث في ليبيا وحدث في العراق، ومما عمق من حجم هذه الهيمنة غياب اتحاد أو قوة بديلة على المستوى المحلي أو الإقليمي.
● إلى أي حد يمكن المراهنة على المنتظم الدولي بمؤسساته المختلفة في حل أو تجاوز النزاعات والمشاكل التي تعرفها القارة الإفريقية وخلق تنمية محلية، ونحن نعلم أن ما يحكم فعلها هو مصالحها بالأساس لا شيء آخر؟
❍ علينا أن لا ننسى أن نظرية الدول الرأسمالية ذات المطامع في الهيمنة، هي نظرية الفوضى الخلاقة وهذه النظرية كانت تطويرا لفكرة تطوير العولمة مركزيا وتشتيت التوابع إقليميا وقاريا وغيره، إذن فنحن غير قادرين على التجمع في الوقت الذي يعمل في الشمال على تركيز رأس المال وتركيز العمل العسكري، ولا أدل على ذلك من كون عوامل عدة، كان يفترض معها إنشاء تكتلات، مثل منطقة الخليج العربي ومثل إفريقيا الغربية بحديدها وفوسفاطها ويورانيومها، لكن القارة السمراء والعالم العربي مع الأسف الشديد في أقصى حالات التشتت وفي أمور صغيرة وتافهة أحيانا وأخرى ذات صبغة حدودية أو طائفية أو دينية أو قبلية ومثل هذه المصطلحات لم تكن موجودة قبل خمس عقود من الآن، ومن هنا نجحت خطة الغرب في إحداث تشتت على المستويات المحلية والإقليمية وتمركز لقواتهم مركزيا. ومن هنا نجد استحالة الحديث عن خطة للتنمية خاصة بمصر وحدها أو بالمغرب وحده أو أي دولة إفريقية أخرى أمام هذا التشتت والتشرذم المؤسف، الذي تقابله تكتلات كبرى على مستوى دول الشمال. هكذا أصبح الحكم اليوم للشركات المتعددة الجنسية والعابرة للقارات وليس للإدارات المحلية، بما في ذلك أوروبا مقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية، بل إن أمريكا نفسها تشكو اليوم من المنافسة الألمانية والصينية والمركز العالمي اليوم ينتقل تدريجيا من أوروبا وأمريكا إلى آسيا، فنحن سنواجه أيضا مشروعا قويا بزعامة الصين، والمشكلة أن دول المركز الجديد والتي هي الصين وكوريا وماليزيا وأندونيسيا ماضية في التوسع بشكل غير متكافئ يعكس اللاتوازن في التنمية حتى داخل الدول النامية نفسها.
● ما الآثار العكسية التي يمكن أن تصيب القارة الإفريقية جراء هذا التنافس بين قوى الاقتصاد العالمي الكبرى سواء الجديد منها أو القديم، وهل ستكون إفريقيا أمام تقسيم استعماري جديد؟
❍ هناك من يرى على هذا المستوى أن التنافسيات العديدة بين الآسويين والغرب إيجابية وسيمكننا من الاستفادة من التنافس، لأن الصين اليوم تنافس أمريكا وكذلك فرنسا في المناطق لفرنكفونية كما تنافس الهند وماليزيا وتركيا في مناطق أخرى، وفي هذا الإطار نجد تحالف البرازيل وجنوب إفريقيا وهذا النوع من التحالفات يمكن أن يثمر إيجابيا لصالح التنمية، كما تقوم بذلك اليوم إيثوبيا في موضوع السدود بما يجعله ثورة مهمة، لكن يطرح السؤال حول كيفية استغلالها ولصالح من ستؤول، بمعنى هل ستستفيد منها القارة أو الخليج، أم أنه سيصب في اتجاه دول الشمال مرة أخرى، إذن فالمراهنة على ذكاء الدول كما هو الشأن بالنسبة لتركيا اليوم أو المغرب اليوم كدولة مستقرة، فمصر اليوم غير قادرة على الاستفادة بالنظر إلى الأوضاع التي تعيشها اليوم، وكذلك الشأن بالنسبة للسودان أو سوريا. وبالتالي فاتساع دائرة وحجم التنافسية وتنوعها قد يكون ذي صبغة إيجابية وقد يعمق الأزمة.
● كيف تقرأ واقع التشتت والانقسام الذي تعرفه القارة الإفريقية، وما الحامل الذي يمكن أن يشكل مدخلا لهذه الوحدة، هل هو مدخل اقتصادي أم سياسي بالأساس؟
❍ كان أملنا في منظمة الوحدة الإفريقية أو الاتحاد الإفريقي بعد ذلك أن يصبح أداة للتخطيط لوحدة وتنمية إفريقيا، سواء في بعدها الإقليمي أو في مشاريع كبيرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهكذا كانت المراهنة على التقدم الاقتصادي على الرغم من التخلف السياسي، لكن هذا لم ينجح وها نحن نجرب اليوم تجربة التقدم السياسي مرة أخرى في أفق التحاق الاقتصادي، لكن يبدو في إفريقيا بالذات، أنه سيحصل نوع من التوازي بين التقدم السياسي والاقتصادي على حد سواء، ويبدو لي أنه من الصعب تصور أحدهما دون الآخر، ففي الفترات الزاهرة فترة نكروما ومحمد الخامس وجمال عبد الناصر وغيرهم، كان السياسي متقدما وهو ما تؤشر عليه مجموعة الدار البيضاء وغيرها، والاتحاد الإفريقي، لكن الاقتصادي كان متخلفا في هذا الوقت، وبعد ذلك ظهرت ثروات البترول ومعادن الكونغو وحديد غينيا وموريتانيا وفوسفاط المغرب ومن هنا توقعنا مستوى متقدما من التنمية، يؤدي إلى اتحادات معينة، لكن للأسف الشديد لم يتقدم الاقتصاد وانهار السياسي وهذه مشكلة إفريقيا. خلاصة القول، إن الحديث عن التنمية أو التقدم أو الازدهار في إفريقيا دون تكتلات قوية يعد أمرا مستحيلا.
● تناولتم الجانب الاقتصادي والسياسي وفشل كلا المجالين من قيادة التحول في إفريقيا، فهل يمكن أن نعتبر تنمية ووحدة القارة الإفريقية مرتبط باستكمال الربيع العربي لدورته بما يمكن لإرادة الشعوب التواقة إلى الوحدة والتقدم؟
❍ لهذا السبب ذاته لجأ الغرب إلى التدخل السريع في موضوع الثورات العربية، ففي مصر وتونس مثلا، لاحظنا كيف أن الغرب ظل يلوح للقوى الجديدة بأن لا تذهب بعيدا في صياغة نموذجه الديمقراطي الخاص، وأن عليه الالتزام بآليات الديمقراطية الغربية من جهة، في مقابل استمرار المساعدات سواء منها المباشرة عبر الأسواق التي يتحكمون فيها أو الأخرى، وهي الأخطر لأنها مرتبطة اليوم بتحكم الغرب في المال العربي، الذي من المفروض فيه أدبيا وأخلاقيا وديمقراطيا أن يدعم التجارب الجديدة، فكان الأولى بالمال العربي أن يقود التنمية اليوم في تونس وفي مصر فإذا بنا أمام افتقار دائم وارتهان للغرب ومساعداته، لكنه قبل كل هذه يحتاج إلى الاستقرار ولذلك لجأ إلى محاورة الإسلاميين لضمان استقرار مصالحه وأمواله، وهذا يحد من عائدات الثورة الكبيرة، ومن تم فإن الربيع العربي إلى اليوم لم يأتي بثماره بعد، لأن الشكل الديمقراطي المتبع غربي ومرتبط بالمصالح الغربية، وهناك سيناريو آخر ليس بالجيد كما حدث في ليبيا، حيث وقعت تحت عالم حلف الناتو مع حكم ينحوا منحى سلفي لا ندري كيف سيتعامل مع الغرب، خاصة أن مجمل التيارات الإسلامية بالعالم العربي ذات صبغة محافظة ورجعية.
● أليس هذا حكم قيمة وسابق لآوانه أمام تجربة ما تزال قيد التشكل؟
❍ نحن نأمل نجاح التجربة، لكن نتمنى ألا يعمق من حجم التبعية للغرب سواء في شكل الناتو أو غيره.
● أشرت إلى موضوع المصالح كحاكم لفعل الغرب، فلماذا في نظرك تغلب المصلحة على المبدأ في الكثير من القضايا والنزاعات؟
❍ المصالح بإمكانها أن تتحول إلى مبادئ فتتحول سيادة البلدان واستقلالها إلى مصلحة من أجل التنمية، كأن يكون لدى الشعوب مصلحة في إعادة تشكيل اقتصاداتها فهذا أمر إيجابي، وإذا رافق هذا الأمر نوع من العدالة في توزيع الثروات، وهذا الأمر سيدفع في اتجاه استقلالية الأوطان، فرسوخ البعد الوطني والروح الوطنية وكونها كعقيدة ترك الشعوب فستخلق إطارا موضوعيا لاستقلالية المنطقة وتنميتها.
● يعاب على التيار العلماني وفاؤه لأفكاره ولو على حساب الوطن، كما يلاحظ أنه اليوم حيال نوع من إعادة لملمة الصفوف بعد الضربة القاسية له، من طرف شعوب المنطقة بسبب تحالفه مع الأنظمة الفاسدة؟
❍ أنا أعتبر أن هذا التوصيف فيه نوع من المبالغة وعموما الشعب الذي عاقب هذا التيار، سيحاسب أيضا التيارات الإسلامية إذا لم تحقق للشعوب ما وعدتها به، واعتبر أن ما قيل عن العلمانيين والليبراليين من تغليبهم للإديولوجيا نراه ينطبق اليوم على الإسلاميين وهم لم ينجحوا إلى الآن في تجاوز هذا المشكل.
● ألا ترى أنك في حاجة لوقت أكثر للحكم على الإسلاميين خاصة أمام حداثة تجربتهم وعدم مرور أكثر من بضع شهور على دخولهم للسلطة التنفيذية في عدد من البلدان؟
❍ بالفعل نحتاج إلى وقت للحكم على التجربة بشكل منصف وموضوعي، وحتى نحترم أنفسنا أيضا، لكن الخيارات المطروحة في نظري من حيث الشكل، هي نفسها الخيارات الليبرالية السابقة وهذا لا يؤدي إلى تقدم في نظري.
● لكنهم يرفعون شعار محاربة الفساد أساسا ويعتبرون أن الكثير مما عانته الشعوب العربية سابقا، إنما سببه الرئيس الفساد الذي أرخى بظلاله في كل مؤسسات الدول العربية؟
❍ هذا صحيح، لكنني أسمي هذه الحلول حلولا أخلاقية، والشعوب لن تأكل بالأخلاق الحسنة فقط على الرغم من أهمية هذا الجانب أيضا، لكن وقف الفساد في تقديري لا يحتاج إلى تنظيم إسلامي قوي بهذا الشكل، بل لو أن ضابطا صغيرا قام بانقلاب، وقال في بيانه الأول إنه سيركز على تطهير البلاد من الفساد، لكان معنى ذلك أن النظم العسكرية هي التي ستطهر البلاد من الفساد، وبالتالي فالمراهنة على هذا الجانب لوحده في محاربة الفساد في تقديري لا يكفي، لأن المنافسة الحرة تخلق السوق الحرة والمنافسات في السوق، هي التي تؤدي إلى الفساد، فالحصول على صفقة معينة والرغبة في ذلك، هو الذي يؤدي إلى الرشاوي الكبرى وإلى الاحتكار وغير ذلك.
● زرت المغرب لأكثر من مرة، آخرها الشهر الماضي وتتابع بطبيعة الحال هذه التجربة، نود أن نعرف الانطباع الذي تشكل لديك حول المغرب؟
❍ يعجبني في التجربة المغربية تحكيم العقلانية إلى حد كبير من طرف الفرقاء السياسيين وهذا ناتج عن نوع الثقافة والتعليم بالمغرب، وأن القوى السياسية بالمغرب فيها قدر كبير من التوازن، فكل الأسماء الكبيرة في المغرب جديرة بالاحترام، من حزب الاستقلال إلى الاتحاد الاشتراكي إلى التنظيمات الإسلامية، وهذا التوازن في العمل السياسي فرض نوعا من العقلنة المباشرة، لكن ما يعانيه من بطالة يؤكد أنه كان يتبع خطة للتنمية غير سليمة، ونظاما اقتصاديا غير سليم، فإلى أي حد ستتعاون القوى السياسية من أجل خطة تنموية تراعي التوزيع العادل للثروة ؟، وأعتبر أن المغرب غامر نوعا ما في العلاقة الاقتصادية مع أوروبا وأيضا مع أمريكا، ونسمع بالبحث عن علاقة مع مجلس التعاون الخليجي فيبدو أن الأمر يحتاج إلى توسيع دائرة العقلنة في دراسة الإمكانات الذاتية للمغرب، خاصة أمام الكفاءات والثروات التي يتوفر عليها المغرب.
● أليس في الأمر نوع من الاستثمار للتنافس المتوفر على مستوى الساحة الاقتصادية العالمية، كما سبق أن أشرت في بداية الحوار؟
❍ للأسف إنه ليس في إطار التنافس، بل في إطار التبعية للغرب الذي يحكم كل دول الجنوب، فأنت لست من القوة بالشكل الكافي بما يخول لك الدخول في مثل هذه التكتلات والاستفادة منها، خاصة إذا كانت مثل هذه الاتفاقيات في غياب شروط قوية ومحددة، خاصة أمام خطاب يرفع شعار محاربة الإرهاب والسعي إلى تحقيق الأمن في الصحراء، وكثيرون يعلمون أن الغرب هو من يقف وراء هذا ويدير المعركة للسيطرة على الصحراء الكبرى في غرب إفريقيا، والمغرب له نفوذ كبير ديني وغيره في المنطقة، ولذلك عليه ألا يفرط في عمقه الإفريقي لاعتبارات أخرى أو لصالح الغرب الذي يقف وراء الفوضى الخلاقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.