الخط : إستمع للمقال خرج الرئيس التونسي الحالي قيس سعيّد عن تقليد سياسي ووطني تونسي عمره قرابة ستين عاما، حيث أنه زار إيران، بمناسبة جنازة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي الذي راح ضحية حادثة طائرة رفقة وزيره في الخارجية عبد اللهيان ومسؤولين آخرين. وهي أول زيارة لمسؤول رئاسي تونسي منذ تلك التي قام بها الراحل لحبيب بورقيبة في 1965، أيام كانت السلطة بيد شاه ايران محمد رضى بهلوي! المراقبون الدوليون لاحظوا بأن قيس سعيّد، كان من بين قلة قليلة من رؤساء الدول الذين حضروا جنازة الرئيس الإيراني ، بل كان ثاني اثنين من رؤساء الدول، وأما الباقي فقد كانوا من رؤساء البرلمانات والحكومات وأقل من ذلك.. ومن الغريب أن الدولة التي تحتضنه، الجزائر، لم تحضر في شخص رئيسها عبد المجيد تبون بل مثلها في الجنازة، رئيس المجلس الشعبي الجزائري، إبراهيم بوغالي (الانتباه إلى التشابه بينه وبين زعيم المرتزقة إبراهيم غالي !).. وهو ما يعني بأن الجزائر تحسب حساباتها الخاصة عندما يتعلق الأمر بمصلحتها، في حين تدفع تونس وتدفع لها، لحضور ما لا تحضره هي! ولم يغب عن المراقبين أن قيس سعيد بدأ انزلاقه الشيعي منذ مدة، حتى أن المحللين ذكروا بكل الإشادات التي قام بها قادة إيران، ومنهم الراحل إبراهيم رئيسي، ومرشد إيران الحالي آية الله خامنئي الذي قال عند استقباله «إن وجود قيس سعيّد في رئاسة تونس يعطي صورة جيدة عن البلاد». المرشد عبر عن «سروره بتجدد العلاقات بين إيرانوتونس إثر هذه الزيارة» قائلا إن «تبوّء شخصيّة جامعيّة فاضلة، مثل قيس سعيّد، رئاسة البلاد في تونس فرصة ليقدّم هذا البلد صورة جديدة وجيّدة. وفي الوقت ذاته ذكر الملاحظون بالتأثير المتزايد للمتشيعين التونسيين على سياسة البلاد، ومنهم على وجه الخصوص الشقيق المشهور للرئيس المدعو نوفل سعيّد الذي يعد المستشار الغير رسمي في العلاقات الدولية وهو معروف بمناصرته للشيعة ودفاعه عن تموقع تونس في المحور الجزائريالإيراني ... أما في الحياة الداخلية فقد كانت كل القرارات، التي أعقبتها اعتقالات واسعة ومضايقات على الحياة المؤسساتية إشارات على ميل قيس سعيّد إلى ما يشبه "ولاية الفقيه" التي يكون فيها هو الوحيد الذي يحدد للبلاد ما تريد. وهو شخص فوق القانون وفوق الدستور، بل إنه يجعل له صفة لاهوتية لا تخضع للدستور الذي كانت ثمرة "ثورة الياسمين". وتتشابه إيران خامنئي وتونس سعيّد بسجن الصحافيين، وهو ما كان موضوع مظاهرات قام خلالها الصحافيون التونسيون بالمطالبة بإطلاق سراح الإعلاميين المسجونين وقد هتف المتظاهرون من أمام مقر نقابة الصحافيين التونسيين "الحرية للصحافة التونسية" و"دولة البوليس انتهت"... تماما كما يفعل زملاؤهم الإيرانيون .. وخلال عام، حوكم أكثر من 60 شخصا، بينهم صحافيون ومحامون ومعارضون للرئيس سعيّد.. وفي الأسابيع الأخيرة، تم اعتقال محامين وناشطين من جمعيات تساعد المهاجرين، الأمر الذي أثار قلق العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية والاتحاد الأوروبي وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية. وهو نفس الموقف من نظام الملالي.. وبذلك يكون قيس سعيّد الفقيه الولي الذي بدأ عهدته في تونس..!