يحظى شهر رمضان برمزية خاصة لدى جميع المسلمين، بالنظر لأهمية الفتوحات الإسلامية والانتصارات التي تمكنوا من تحقيقها تزامنا مع هذا الشهر المبارك، فضلا عن كونه كان المحطة التاريخية الشاهدة على تشييد مجموعة من المعالم التاريخية التي لازالت تشكل مزارا وقبلة عالمية. من قبيل هذه المعالم التاريخية، نذكر على سبيل المثال لا الحصر، مسجد الأزهر، وهو واحد من أهم وأشهر المساجد في مصر وفي العالم الإسلامي. تم بناء الجامع الأزهر في القاهرة على يد الفاطميين في رمضان سنة 261 للهجرة (968م). ويعود أصل تسميته نسبة إلى فاطمة الزهراء رضي الله عنها والتي ينتسب إليها الفاطميون. وقد كان الهدف الأول من إنشائه هو الدعوة الإسلامية، ثم ما لبث أن تحول إلى جامعة أكاديمية تجذب طلاب العلم من كل حدب وصوب. ويعود الفضل في إسباغ الطابع العلمي على الأزهر إلى الوزير يعقوب بن كلس الذي أمر سنة 378 هجرية بتحويله من فضاء للعبادة ونشر الدعوة إلى معهد للدراسة ونشر العلوم. ولاتزال هذه المعلمة شامخة إلى يومنا هذا، حيث تلعب أدواراً دينية وتعليمية وثقافية وسياسية ومعمارية هامة. يكاد أن يكون الجامع الأول في العالم الذي لعب أدواراً دينية وتعليمية وثقافية وسياسية ومعمارية. إذ يبرز دوره الديني في أداء الصلاة والعبادات ودوره التعليمي يتمثل في دراسة اللغة العربية والعلوم الإسلامية، ودوره السياسى في مواقفه المشهودة في التصدي لظلم الحكام وتحريك الثورات ضد المحتل الأجنبي. كما لعب دوراً ثقافياً وفكرياً في مناقشات ومداولات وإلقاء الخطب. أما دوره المعماري فيبدو واضحا في التطورات المعمارية في عصور الولاة والسلاطين والملوك والرؤساء. لذا ظل الأزهر منارة دينية وتعليمية وثقافية للمسلمين. وكان الأزهر أول مسجد جامع أنشئ في مدينة القاهرة رابع عواصم مصر الإسلامية، ويقع بين مكانين يزخران بالآثار الإسلامية، الدرب الأحمر والجمالية ويعد المسجد خير مآثر لمعالم المدينة الفاطمية في أوائل القرن العاشر الميلادي. لم يكن يُعرف منذ إنشائه بالجامع الأزهر، وإنما أطلق عليه اسم جامع القاهرة، وظلت هذه التسمية غالبة عليه معظم سنوات الحكم الفاطمي، ثم توارى هذا الاسم واستأثر اسم الأزهر بالمسجد فأصبح يعرف بالجامع الأزهر، وظلت هذه التسمية إلى وقتنا الحاضر. وتسمية الجامع الأزهر اختلفت حولها الآراء، وإن كان أبرزها أن الفاطميين أطلقوا عليه اسم الأزهر تيمناً ونسبة إلى فاطمة الزهراء بنت الرسول محمد (ص) كما أطلقوا على قصورهم القصور الزاهرة.. وسمي الجامع الأزهر لأنه يكبر الجوامع الأخرى حجماً.. والبعض قال إن تسميته جاءت تفاؤلاً بما سيكون عليه من شأن وازدهار العلوم فيه.