العسل المغربي يجذب اهتمام السوق الأوروبية    بعد مشادات مع كلوب.. صلاح: حديثي سيشعل الأمر    الأمثال العامية بتطوان... (584)    توافد غير مسبوق للزوار على المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    يتضمن "تنازلات".. تفاصيل المقترح الإسرائيلي لوقف الحرب    البرلمان العربي يهتم بالذكاء الاصطناعي    المصادقة على "قميص الخريطة" لبركان    البطولة الوطنية الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال27).. اتحاد تواركة يفوز على مضيفه شباب المحمدية (2-0)    قرصنة المكالمات الهاتفية توقع عصابة صينية في قبضة أمن البيضاء    الرشيدي يعلن اختتام أشغال مؤتمر الاستقلال بالمصادقة على البيان العام وأعضاء المجلس الوطني    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    بعد تلويحه بالاستقالة.. مظاهرات حاشدة بإسبانيا دعما لرئيس الوزراء    إندونيسيا.. زلزال بقوة 5ر6 درجات قبالة جزيرة جاوا    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    تعزية في وفاة خال الدكتورة إسلام أخياظ    صافرة كونغولية لمباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    الملك: علاقات المغرب والطوغو متميزة    مؤتمر حزب الاستقلال يستعيد الهدوء قبل انتخاب الأمين العام واللجنة التنفيذية    وزير الصحة يدشن مستوصفات جديدة    إسبانيا تعترض 25 طنا من المخدرات    إسدال الستار على فعاليات "ليالي الفيلم السعودي" في الرباط    "حماس" تعلن ارتفاع عدد القتلى في غزة    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    تتويج شعري في ملتقى الشعر والفلسفة    التلميذة فاطمة الزهراء ضحية مدير ثانوية "التقدم" فمولاي يعقوب فتصريح ل"كود": هادي 3 سنين والمدير كيتحرش بيا وكيدير هادشي مع بزاف دالبنات    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    العلماء يعثرون على قبر أفلاطون بفضل الذكاء الاصطناعي "صورة"    وفد ألماني يطلع بتطوان على العرض البيداغوجي للمعهد المتوسطي للتدبير    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    مظاهرة حاشدة في مدريد لدعم رئيس الوزراء وحثه على البقاء    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح وآثم من فعل ذلك    بلغت تذاكره 1500 درهم.. حفل مراون خوري بالبيضاء يتحول إلى فوضى عارمة    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    الخارجية البريطانية: ملتازمين بتعزيز وحماية حقوق الإنسان فالصحرا وكنشجعو الأطراف باش يواصلوا جهودهم فهاد الصدد    مؤتمر الاستقلال يمرر تعديلات النظام الأساسي ويتجنب "تصدع" انتخاب القيادة    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    تواصل حراك التضامن مع الشعب الفلسطيني في المغرب.. مظاهرات في 56 مدينة دعما لغزة    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة    سيناريوهات الكاف الثلاث لتنظيم كأس إفريقيا 2025 بالمغرب!    زفاف العائلات الكبيرة.. زواج ابنة أخنوش من نجل الملياردير الصفريوي    سامسونغ تزيح آبل عن عرش صناعة الهواتف و شاومي تتقدم إلى المركز الثالث    هجوم روسي استهدف السكك بأوكرانيا لتعطيل الإمدادات د مريكان    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    الرابطة الرياضية البيضاوية يؤكد ان الوحدة الترابية قضيتنا الاولى    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    الأمثال العامية بتطوان... (582)    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السدود وتغير المناخ.. المخاطر المنسية!
نشر في بيان اليوم يوم 15 - 01 - 2018

إن حقائق ظواهر تغير المناخ، التي تفرض نفسها على وقائع العالم في مختلف بقاع الأرض في السنوات الأخيرة، تتطلب بإلحاح تحديث الرؤى والمقاربات للعديد من الاستراتيجيات المتبعة حتى الآن، ولا سيما في مجال سياسات المياه، واستراتيجية السدود.
هذه الحقيقة، إن تكن حاجة ضرورية على المستوى العالمي، فهي أكثر ضرورة في لبنان، حيث لا تزال الحكومات تسير وفق رؤى قديمة في سياسات المياه، وخصوصا مع استراتيجية وخطط بناء السدود، بحجة تلبية الحاجات المتزايدة للمياه عند السكان والاقتصاد الوطني عموما. أصبح من الضروري، بشكل لا يحتمل أي تأجيل، العمل الواسع والشفاف لتحديث استراتيجية المياه في لبنان. هناك ما يستحق البحث فيه، قبل الذهاب بعيدا في بناء السدود، الواحد بعد الآخر. في رأس ما يستحق البحث فيه، تقييم علمي وموضوعي للتجارب الفاشلة لعدد من السدود التي بنيت، ولم تحقق أهدافها، لا في تأمين الكميات المتوقعة من المياه، ولا في دور هذه الكميات، التي يغلب عليها النوعية السيئة عالية التلوث، كما هو الحال في بحيرة القرعون، في التنمية المستدامة المنشودة، ولا في سد حاجات السكان والقطاعات الاقتصادية للمياه بمواصفات جودة مناسبة وبكلفة معقولة. وكذلك تقييم التدهور البيئي الناتج عن هذه السدود وعن التخريب، الذي أحدثته في المنظومات البيئية المائية العذبة، وفي التنوع البيولوجي. أصبح من الضروري، قبل الاستمرار العبثي في سياسة السدود، استنفاذ العمل الجاد على تخفيف الهدر في المياه العذبة، الذي يتجاوز أحيانا عتبة ال 50 بالمئة. ووضع استراتيجية عقلانية لتوزيع واستعمال المياه العذبة، بطرق حديثة، واعتماد العدادات التي توفر أعلى درجة من عدالة التوزيع واسترداد القيمة. وضع لبنان استراتيجية مناخية، تم طرحها في مؤتمرات اتفاقية تغير المناخ، التي عقدت في السنوات الثلاثة الماضية، من باريس إلى بون فإلى باريس ثانية.
هل لحظت هذه الاستراتيجية ما يتعلق بالسدود وآثارها على تغير المناخ؟ على الرغم من صغر حجم لبنان وإسهامه في مسببات تغير المناخ عالميا، إلا أنه واحد من البلدان، في منطقة شرق المتوسط، الأكثر تأثرا بآثار التغير المناخي، المتعلقة بالجفاف، وتناقص المتساقطات والتغير في توزعها الزمني، وفي تتابع الفصول، وفي توسع بقعة التصحر، وفي تراجع المردود الاقتصادي لقطاع الزراعة، والتحديات المتعلقة بالأمن الغذائي والصحة والهجرة والاستقرار الاجتماعي وجودة الحياة. وبالتالي، لا بد أن تأخذ الورقة المناخية اللبنانية بعين الاعتبار هذه الحقائق، وتعمل على الدعوة لإعادة النظر بسياسة الدولة المائية واستراتيجية السدود. من المعروف أن الجفاف والفيضانات هي أكثر المخاطر أهمية، التي تؤثر سلبيا على السدود. لبنان بلد هش حيال تغير المناخ، لناحية الجفاف وارتفاع درجات الحرارة وتراجع نسبة المتساقطات والثلوج، وهذا ما يشير إلى أن الأنشطة المرتبطة بالمياه هي الأكثر تأثرا. ما يسمح بتوقع انخفاض مردود التخزين في السدود. من أكثر التحديات التي يواجهها لبنان حيال مخاطر وتهديدات تغير المناخ يتمثل بالموارد المتاحة المحدودة جدا. وتغير المناخ يقدم مزيدا من عدم الاستقرار ومن الصعوبات المطلوب مواجهتها. لذلك، نرى أن هناك ضرورة ملحة لإدماج تغير المناخ في السياسات والاستراتيجيات الحكومية كافة، وفي الطليعة منها تلك المتعلقة بالمياه، وخطط بناء السدود.
في الولايات المتحدة الأميركية، تم إزالة 700 سد خلال السنوات العشرة الماضية، مما ظهر مفيدا جدا للتنوع الحيوي والمنظومات البيئية، واستعادتها لعافيتها. تظهر الدراسات الحديثة والمعمقة، أن السدود ليست مصدرا للطاقة النظيفة، بل إنها في الحقيقة مسبب للتغير المناخي. إن المواد العضوية، والنباتات والترسبات والتربة، التي تنقلها الأنهر والمجاري المائية إلى خزانات وبحيرات السدود، يؤدي تفككها إلى إطلاق غازات الدفيئة الأكثر قوة وعزما في التسبب بالاحتباس الحراري والمؤدي بدوره إلى التغيرات المناخية. إن السدود قادرة حاليا على إطلاق كميات أكبر من غازات الدفيئة، وانبعاث غاز الميثان ليس مقتصرا على المناطق الاستوائية، بل تتحدث التقارير المنشورة في كل بقاع العالم عن فقاعات غاز الميثان المنبعثة من بحيرات السدود. إن السدود هي المصدر الفردي الأكبر لانبعاثات الميثان من مصادر مرتبطة بالنشاط البشري، حيث تكون مسؤولة عن 23 بالمئة من انبعاثات الميثان من هذه المصادر. إن بناء السدود يترافق في غالب الأحيان مع قطع الغابات، وتدمير الأراضي الزراعية، كما يحصل في مشروع بناء سد جنة، حيث تم قطع مئات آلاف الأشجار الحرجية المعمرة، وكذلك ما سوف يحصل من تدمير لهكتارات واسعة من البساتين والأراضي الزراعية إذا ما نفذ مشروع سد بسري. إن السدود هي محرك قوي لتغيرات بيئية كبيرة، فالخزانات المائية الكبرى التي تخلقها السدود، تؤدي إلى تأثيرات سلبية هامة على دورة الكربون الكونية وعلى نظام المناخ العالمي. يتكون غاز الميثان بفعل نشاط الميكروبات اللاهوائية في المستويات الدنيا للخزانات المائية للسدود، وتفكيك المواد العضوية والترسبات المتراكمة التي تنقلها الأنهر والمجاري المائية. تدل الدراسات على أن الفقاعات المنبعثة من بحيرات السدود تتكون من غازات الدفيئة المسببة للتغير المناخي. وهي تحتوي على غاز ثاني أوكسيد الكربون CO2 وغاز الميثان CH4 وغاز أوكسيد النيتروز N2O، حيث تكون ذائبة في الماء، وتنتشر في الهواء الجوي. إن غاز الميثان هو 34 مرة أكثر قوة من ثاني أوكسيد الكربون في القدرة على التسبب بالتغير المناخي. إن كل متر مربع واحد من سطح خزانات مياه السدود يطلق كميات من غاز الميثان أكثر ب 25 بالمائة مما كان يعتقد سابقا. إن الدراسات التي أجريت في جامعة واشنطن قد استنتجت مؤخرا أن السدود هي مصدر هام جدا لانبعاثات غازات الدفيئة. وتم نشر هذه الاستنتاجات في المجلة العلمية "العلوم الحيوية" (BioScience). إن السدود تفاقم مشكلة التغير المناخي. هذه الحقيقة العلمية تفترض مزيدا من اهتمام الحكومات والمنظمات الوطنية والدولية، ولجنة الحكومات لتغير المناخ، وكذلك البنك الدولي، والصندوق الأخضر للبيئة. يجب على هذه المؤسسات الوطنية والعالمية كلها أن تدخل الانبعاثات الحالية والمستقبلية للسدود في تقييمها وحساباتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.