الوزير الأول المالي: المغرب بلد صديق نعتمد عليه لمواصلة إعادة البناء    انطلاق النسخة 15 من الأيام التجارية الجهوية من تطوان    الدرهم يرتفع بنسبة 0,78 في المائة مقابل الأورو    إصابة نحو 12 ألف طفل منذ بداية الحرب على غزة (منظمة الأمم المتحدة للطفولة)    منخرطو بركان: ما تعرض له الفريق بالجزائر مس بالوحدة الترابية للمغرب    عزيزة العمراني تحرز لقب الدورة ال38 لماراطون الرمال    موظف شرطة يضطر لاستعمال سلاحه الوظيفي لتوقيف شخص عرض أمن المواطنين والشرطة بوجدة    تساقطات مطرية مرتقبة ترفع التحذيرات من منعرجات طرقية بين طنجة وتطوان    فضيحة تأمينية في مليلية.. مواطنون يقودون سياراتهم بوثائق تأمين مزورة    حمد الله يخرج عن صمته ويوجه لومه للناخب الوطني    بمشاركة عدد من الدول.. افتتاح مهرجان فاس للثقافة الصوفية وسط حضور إفريقي كبير    مجموعة قاصرين تنفذ عملية اقتحام إلى سبتة المحتلة سباحة    حزب الاستقلال بتطوان يعقد مؤتمره الإقليمي استعدادا للمؤتمر الوطني ال18    نقابات الصحة تشل حركة المستشفيات من جديد    أيام التراث بطنجة تحتفي بدور المرأة في صيانة الموروث المغربي    وست هام يحدد سعر التخلي عن المغربي نايف أكرد    مهنيون يتوقعون ارتفاع أسعار المواشي قبل عيد الأضحى    المركز الجهوي يتطلع لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية لجهة شمال    وزير خارجية ايران: هجوم اسرائيل لعبة اطفال ولن نرد عليه لان مصالحنا لم تتضرّر    المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة يتأهل لنهائي كأس أمم إفريقيا ولنهائيات كأس العالم    قمة مشتعلة بين "الكوديم" المتصدر والاتحاد الإسلامي الوصيف    كازا عندها مهرجان دولي للسينما المستقلة. ها رئيس لجنة التحكيم وها علاش كيراهن    بمناسبة اليوم العالمي للإبداع والابتكار: الإيسيسكو تدعو إلى تعزيز القدرات الابتكارية للشباب والنساء    اليونسكو ضيف شرف الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    المصرية إلهام شاهين تخرج بتصريحات تغضب المغاربة    صناعة السيارات.. قصة نجاح مغربية ب 700 ألف مركبة سنويا    الأرصاد الجوية تحذر من الرياح والأمطار وتراجع درجات الحرارة‬ في المغرب    توقيف 7 أشخاص بتهمة النصب والاحتيال وانتحال صفات في تازة    ضربات الشمس تتسبب في وفاة وعشرات الإصابات بالمسكيك    الصحراء بعيون البيت الأبيض وتقارير المؤسسات الأمريكية!    بمشاركة قرابة ألف شخص.. "أسطول الحرية" يستعد للإبحار نحو غزة    أسود الفوتسال: هدفنا الاول بالتأهل للمونديال حققناه ودابا مركزين على فينال كوب دافريك    تفاصيل تغيير مفاجئ في برنامج المنتخب المغربي قبل تصفيات المونديال    أكادير : هددت بالتصعيد.. نقابة تطالب بإرجاع الأساتذة الموقوفين و"السحب الفوري" لكل الإنذارات والتوبيخات    أمريكا تفرض عقوبات على أحد المقربين من وزير إسرائيلي وكيانين جمعا أموالا لمستوطنين "متطرفين"    مياه الفلتر المنزلي ومياه الصنبور، أيهما أفضل؟    المهندسون يهددون بالهجرة إلى خارج المغرب بعد تجاهل مطالبهم    قريبا.. تعيين 600 معلم جديد لتدريس الأمازيغية في المدارس المغربية خلال الموسم الدراسي القادم    شخص يضرم النار في نفسه أمام المحكمة التي يمثل أمامها ترامب بنيويورك    جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنساني    دراسات لإنجاز "كورنيش" بشاطئ سواني    ندوة تلامس السياق في الكتابات الصوفية    هشام العلوي: استفحال اقتصاد الريع في المغرب ناتج عن هشاشة سيادة القانون والنظام يخشى الإصلاح الاقتصادي الجوهري (فيديو)    إعلام عبري.. نتنياهو صرخ في وجه وزيرة خارجية ألمانيا: نحن لسنا مثل النازيين الذين أنتجوا صورًا مزيفة لواقع مصطنع    المغرب يسعى لاستقطاب مليون سائح أمريكي سنويا    نقابة: نسبة إضراب موظفي كتابة الضبط في دائرة آسفي فاقت 89% رغم تعرضهم للتهديدات    الجدارمية د گرسيف حجزوا 800 قرعة ديال الشراب فدار گراب بمنطقة حرشة غراس    صلاح السعدني .. رحيل "عمدة الفن المصري"    الأمثال العامية بتطوان... (577)    تسجيل حالة وفاة و11 إصابات جديدة بفيروس كورونا خلال الأسبوع الماضي    مؤشر ثقة الأسر المغربية في وضعها المالي يتحسن.. وآراء متشائمة في القدرة على الادخار    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدينة فاس نموذجا: فاعلون ومختصون يناقشون موضوع التوازنات البيئية الكفيلة بالحد من التغيرات المناخية وتستديم التنمية

في إطار مواصلة تنفيذ برنامجه السنوي, نظم الاتحاد المحلي للفيدرالية الديمقراطية للشغل بفاس يوم 31 يوليوز 2016 بالمركب الثقافي الحرية, ندوة علمية حول موضوع : «من أجل توازنات بيئية تحد من التغيرات المناخية وتستديم التنمية، «فاس نموذجا» وقد ساهم في تأطير هذه الندوة الأستاذ عبد السلام بنبراهيم عن الائتلاف المغربي من أجل عدالة مناخية والذي قدم عرضا حول موضوع : «التغيرات المناخية ورهانات مؤتمر الأطراف )كوب 22 «(والأستاذ عبد الحي الرايس رئيس المنتدى المغربي للمبادرات البيئية والذي قدم عرضا حول موضوع : «المجتمع المدني والهاجس البيئي بالوسط الحضري»
افتتحت هذه الندوة من طرف عبد الرحيم الرماح كاتب الاتحاد المحلي للفيدرالية الديمقراطية للشغل بفاس الذي مهد بكلمة ذكر فيها بأن موضوع هذه الندوة يعتبر من أهم القضايا الأساسية بالنسبة للطبقة العاملة والذي سنتناوله على ثلاثة مستويات :
المستوى الأول يتعلق بالبعد الكوني وهو ما يعني البشرية بشكل عام ويعني سائر المخلوقات الموجودة على الأرض.
المستوى الثاني يتعلق بما يجب علينا القيام به من مهام على المستوى الوطني.
المستوى الثالث يتعلق بما يجب القيام به على المستوى المحلي والجهوي.
واعتبر الرماح أن الطبقة العاملة ظلت باستمرار تهتم بهذا الموضوع لما له من علاقة للحفاظ على صحة العمال والعاملات, لأن أغلى شيء بالنسبة للعمال والعاملات وبالنسبة للإنسان بشكل عام هو صحته، ومن هنا فإن هذا الموضوع ظل يتصدر قائمة الملفات المطلبية التي تتقدم بها النقابات للحكومة وهو ما حصل خلال إبرام الاتفاقات الأربعة التي أبرمت مع الحكومات السابقة.
وظل هذا الموضوع حاضرا أثناء مناقشة القانون رقم 99-65 مدونة الشغل حيث تم وضع باب خاص حول حفظ صحة الأجراء وسلامتهم يتضمن خمسة أبواب من المادة 281 إلى المادة 344، نفس الشيء بالنسبة للقطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية وهو ما تقوم به النقابات القطاعية، وما تقوم به المكاتب النقابية بمقاولات القطاع الخاص عند تقديم الملفات المطلبية بالمعامل والمؤسسات الصناعية.
كما أنه يعتبر من أهم القضايا التي تهتم بها النقابات في المنتديات الدولية التي تعطيها النقابات أهمية خاصة كما أنها تقوم بدور أساسي في المنتديات الوطنية ومن أهمها الدور الكبير الذي تنهض به داخل الائتلاف المغربي من أجل عدالة مناخية الذي يساهم معنا في تنظيم هذه الندوة، ولن نبالغ إذا قلنا بأن النقابات هي الأكثر حضورا في هذا المجال وهو شيء عادي بحكم طبيعة مجال عملها إلى جانب الهيئات المهتمة بحقوق الإنسان والبيئة، ومن هنا تأتي أهمية تنظيمنا لهذه الندوة التي كان من الواجب أن نسهر على تنظيمها.
وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم هذه الندوة يأتي في أفق احتضان المغرب ل COP 22 وما له من أهمية تجعل الجميع يهتم بهذا الموضوع، فبعد انعقاد COP 21 في دجنبر 2015 بباريس وما أسفر عنه من قرارات ذات أهمية سينكب COP 22 على اتخاذ الإجراءات العملية لتفعيلها، خاصة وأن المغرب سيظل رئيسا إلى حدود انعقاد المؤتمر القادم COP 23 الذي سيتم تحديد مكان انعقاده، وكما أشرنا إلى ذلك عند بداية تدخلنا فإن خلاصة ما يمكن الوصول إليه يجب أن يتم على ثلاثة مستويات :
1- البعد الدولي أي مواجهة كل ما يهدد البشرية بشكل عام وسائر المخلوقات الموجودة على الأرض.
2- البعد الوطني أي ما يمكن القيام به من أجل الحفاظ على الثروة التي نتوفر عليها ومنها كوننا نتوفر على تسعة ملايين هكتار من الغابات, وهي ثروة هائلة يجب الحفاظ عليها وهو ما يتطلب التكامل والعمل المشترك بين الجهات الحكومية والمنتخبين وسائر المواطنين
3- العمل على المستوى المحلي للحفاظ على ما نتوفر عليه من مؤهلات بمدينة فاس والجهة ,خاصة وأننا لم نعد نتوفر إلا على جزء ضئيل من المناطق الخضراء ومنها غابة عين الشقف التي أصبحت محاصرة على مستوى جميع الجهات.
ثم تناول الكلمة عبد السلام بنبراهيم الذي قدم عرضا أوضح من خلاله أن «التغيرات المناخية مشكلة عالمية وصلت انعكاساتها اليوم إلى جل المناطق، بما في ذلك المغرب العربي. ولم تعد هذه التغيرات، كما كان عليه الأمر في الماضي القريب، محصورة على أوروبا التي تتعرض باستمرار لكوارث طبيعية، من فيضانات وأعاصير...، حيث أصبحت هذه التغيرات تعرفها أيضا منطقة المغرب العربي وبتكرار مع توالي السنين.
وبقصد بهذه "التغيرات المناخية"، وفق ما ورد في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية (CCNUCC ) تلك التغيرات الحاصلة على مستوى المناخ التي تعزى بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى النشاط البشري الذي يؤدي إلى تغير في تكوين الغلاف الجوي العالمي والذي يلاحظ، بالإضافة إلى التقلب الطبيعي للمناخ على مدى فترات زمنية متماثلة.
ويعنى «بالآثار الضارة لتغير المناخ» التغيرات التي تطرأ على البيئة الطبيعية أو الحيوية من جراء تغير المناخ والتي لها آثار ضارة كبيرة على تكوين أو مرونة أو إنتاجية النظم الإيكولوجية الطبيعية والمسيرة أو على عمل النظم الاجتماعية - الاقتصادية أو على صحة الإنسان ورفاهه.
ويرمز إلى النظام المناخي «، بكامل عمليات الغلاف الجوي والغلاف المائي والمحيط الحيوي والمحيط الأرضي وتفاعلاﺗﻬا.
وتعني «الانبعاثات» ، عمليات إطلاق غازات الدفيئة و /أو سلائفها في الغلاف الجوي على امتداد رقعة محددة وفترة زمنية محددة.
وتعرف «غازات الدفيئة « ( GES) تلك العناصر الغازية المكونة للغلاف الجوي، الطبيعية والبشرية المصدر معاً، التي تمتص الأشعة دون الحمراء وتعيد بث هذه الأشعة.
أما «الاحتباس الحراري "، فهو ظاهرة طبيعية بفعله تحتفظ بعض الغازات على الطاقة المستمدة من الأرض المسخنة بالشمس.
وتبعا للأبحاث العلمية، فإن الاحتباس الحراري بدأ يتغير بفعل انبعاث بعض الغازات، من قبيل ثاني أوكسيد الكربون وغاز الميثان نتيجة بعض أنشطة الإنسان.
الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية:
يعد الهدف النهائي التي تم اعتمادها من طرف مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية المنعقد بريو دي جانيرو بالبرازيل سنة 1992، ولأي صكوك قانونية متصلة ﺑﻬا قد يعتمدها مؤتمر الأطراف، هو الوصول، وفقاً لأحكام الاتفاقية ذات الصلة، إلى تثبيت تركيزات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون تدخل خطير من جانب الإنسان في النظام المناخي.
وينبغي بلوغ هذا المستوى في إطار فترة زمنية كافية تتيح للنظم الإيكولوجية أن تتكيف بصورة طبيعية مع تغير المناخ، وتضمن عدم تعرّض إنتاج الأغذية للخطر، وتسمح بالمضي قدماً في التنمية الاقتصادية على نحو مستدام.
أهم أسباب تغير المناخ:
أدى التوجه نحو تطوير الصناعة في الأعوام 150 المنصرمة إلى استخراج وحرق مليارات الأطنان من الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة.
وتنبعث من هذه الأنواع من الموارد الأحفورية غازات تحبس الحرارة، مثل ثاني أوكسيد الكربون، وهي من أهم أسباب تغير المناخ.
تمكنت كميات هذه الغازات من رفع حرارة الكوكب إلى 1,2 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
يحصل التغير المناخي بسبب، رفع النشاط البشري، لنسب غازات الدفيئة في الغلاف الجوي الذي بات يحبس المزيد من الحرارة. هكذا، فكلما اتبعت المجتمعات البشرية أنماط حياة أكثر تعقيدا واعتمادا على الآلات احتاجت إلى استعمال مزيد ومكثف من الطاقة.
وينتج عن ارتفاع الطلب على الطاقة الإقبال على حرق المزيد من الوقود الأحفوري (النفط- الغاز- الفحم)، وبالتالي ترفع نسب الغازات الحابسة للحرارة في الغلاف الجوي ارتفاعا متزايدا. بذلك يساهم الإنسان في تضخيم قدرة مفعول الدفيئة الطبيعي على حبس الحرارة، وهذا المفعول المضخم للدفيئة هو ما يدعو إلى القلق، فهو كفيل بأن يرفع حرارة الكوكب بسرعة لا سابقة لها في تاريخ البشرية.
العواقب المحتملة للتغيرات المناخية
تنصب العواقب المحتملة للتغيرات المناخية على مختلف القطاعات الإنتاجية والموارد الطبيعية والحيوية لحياة الإنسان كما يلي:
1. خسارة مخزون المياه: في غضون 50 عاما سيرتفع بشكل كبير جدا عدد الأشخاص الذين سيعانون من نقص في مياه الشرب.
2. تراجع المحصول الزراعي: من البديهي أن يؤدي أي تغير في المناخ الشامل إلى تأثر الزراعات المحلية، وبالتالي تقلص المخزون الغذائي.
3. تراجع خصوبة التربة وتفاقم التعرية: تغير مواطن النباتات وازدياد الجفاف وتغير أنماط التساقطات سيؤدي إلى تفاقم التصحر، حيث سيزداد تلقائيا وبشكل غير مباشر استخدام الأسمدة الكيميائية، وبالتالي سيتفاقم التلوث السام.
4. الآفات والأمراض: يشكل ارتفاع درجات الحرارة ظروفا مواتية لانتشار الآفات والحشرات الناقلة للأمراض كالبعوض الناقل للملاريا، مثلا.
5. ارتفاع مستوى منسوب البحار: سيؤدي ارتفاع حرارة العالم إلى تمدد كتلة مياه المحيطات إضافة إلى ذوبان الكتل الجليدية الضخمة، ما يتوقع أن يرفع مستوى البحر من 0,1 إلى 0,5 متر مع حلول منتصف القرن. هذا الارتفاع المحتمل سيشكل تهديدا للتجمعات السكنية الساحلية وزراعاتها، إضافة إلى موارد المياه العذبة على السواحل ووجود بعض الجزر التي ستغمرها المياه.
6. تواتر متسارع للكوارث المناخية: ارتفاع تواتر موجات الجفاف والفيضانات والعواصف وغيرها يلحق أضرارا هامة بالمجتمعات واقتصاداتها.
لم يسبق للبشرية أن واجهت في السابق أزمة بيئية هائلة كما هو عليه الأمر اليوم. ومن المفارقة أن الدول النامية التي تقع عليها مسؤولية أقل عن تغير المناخ هي التي ستعاني من أسوأ عواقبه.
فالكل مسؤول عن السعي إلى وقف هذه المشكلة على الفور. أما إذا وقع تقاعس عن اتخاذ الاجراءات اللازمة والآن لوقف ارتفاع الحرارة الشامل قد تعاني البشرية من عواقب لا يمكن العدول عنها.
آثار التغيرات المناخية على المغرب
تؤكد إحدى الدراسات التي أنجزت حول تأثيرات التغيرات المناخية على مستوى المغرب أنه من المنتظر في أفق 2020:
ارتفاع مستوى البحر ما بين 2،6 و 15،6 سم نظرا للآثار المجتمعة للتمدد الحراري وذوبان القطب في عام 2020
ارتفاع درجة الحرارة ما بين 0،7 و 1 درجة سنة 2020 وما بين 3 و 5 سنة 2080؛
تراجع كبير في نسبة التساقطات، خاصة في المناطق الشمالية، ستصل إلى 7 % في أفق 2020 و 40 % في أفق سنة 2080؛
تراجع مردودية المحاصيل إلى 50 في المائة في سنوات الجفاف؛
تراجع الأنشطة الزراعية القريبة من السواحل نظرا لارتفاع ملوحة التربة والفرشات المائية؛
انتقال المناطق القاحلة نحو الشمال
كما تؤكد بعض التقارير الوطنية والدولية أن المغرب سيشهد ابتداء من سنة 2030، نكوصا ونقصا حادا في موارده المائية، ستكون لها دون شك انعكاسات سلبية على الوضعين الفلاحي والاقتصادي، وقد ينسحب الأمر بالتالي على الاستقرار الاجتماعي بالمغرب.
وسيترتب أيضا عن آثار التغيرات المناخية انعكاسات سلبية على الساكنة، حيث ستحصد العديد من الأرواح بسبب الأمراض والأوبئة والتنوع البيولوجي والسياحة والفلاحة والهجرة (200 مليون لاجئ بسبب هذه التغيرات في أفق 2050).
حلول بديلة لوقف تغير المناخ:
مع ذلك، يبقى بإمكان الإنسان اللجوء إلى الحلول والبدائل المتأتية من الطبيعة نفسها. وبما أن حرق الوقود الأحفوري هو المصدر الأساسي لغازات الدفيئة التي تساهم في ارتفاع حرارة الأرض، فإنه ينبغي تقليص الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للطاقة مع توخي ترشيد استخدامها.
وتقدم الطبيعة مجموعة من الخيارات البديلة من أجل إنتاج الطاقة، وهذه الحلول البديلة موجودة، يطلق عليها الطاقات المتجددة أو الطاقات النظيفة أو الخضراء . ومن موارد الطاقات المتجددة، الشمس والهواء والأمواج والكتلة الحيوية وهي مصادر فاعلة وموثوقة تحترم البيئة لتوليد الطاقة التي يحتاجها الإنسان وبالكميات التي يرغب فيها.
ولن يتطلب تطبيق هذه الحلول من السكان أي تنازل عن أنماط عيشهم، بل سيخولهم هذا الاستعمال الدخول إلى عصر جديد من الطاقة يتسم بازدهار اقتصادي وخلق فرص عمل جديدة وتطور تكنولوجي وحماية للبيئة.
نشأة مؤتمر الأطراف:
التأمت سنة 1992 أكثر من 198 دولة بمدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل خلال عشرية مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية. ومن خلال التقدم الملموس للمؤتمرات المتتالية، عرف هذا الموعد توقيع إعلان ريو دي جانيرو حول البيئة والتنمية، والذي حدد لأول مرة تعريفا رسميا للتنمية المستدامة.
وتم إصدار من خلال هذا الإعلان اتفاقية حول المناخ التي يطلق عليها: " الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية (CCNUCC) التي تدعم ضرورة خفض انبعاثات الغازات الدفيئة من أجل التقليل من آثار التدخل الإنساني في التغيرات المناخية.
مؤتمر الأطراف» COP»
منذ ذلك الحين بعد توقيع الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية، اتفقت الدول الأطراف في اتفاقية قمة ريو حول المناخ عقد لقاءات سنوية من أجل البحث عن حلول عملية لمواجهة التغيرات المناخية: وهو ما اصطلح عليه ب: مؤتمر الأطراف (COP)، الذي ينظم سنويا بدولة مختلفة من بين الدول الأطراف.
تشارك في هذه المؤتمرات إلى جانب الأطراف الرسمية، فعاليات غير حكومية من منظمات غير حكومية، وجمعيات المجتمع المدني، ومقاولات، وعمداء مدن، ومواطنات ومواطنون...).
وانعقد أول مؤتمر للأطراف ( 1COP) سنة 1995 ببرلين. ويحدد المؤتمر لكل طرف من الأطراف أهداف مرقمة في مجال انبعاثات الغازات الدفيئة والتخفيضات الملائمة المراد التوصل إليها.
كما انعقد المؤتمر الثاني للأطراف (2COP) سنة 1996 بجنيف مباشرة بعد نشر التقرير الثاني لمجموعة الخبراء بين الحكومات بشأن تطور المناخ (GIEC). ويؤكد هذا التقرير على تقوية الاحتمالات على دور انبعاثات الغازات الدفيئة من أصل يعود إلى النشاط الإنساني. وهكذا، تم الإعلان والقبول، على ضوء هذا التقرير، بأن التغيرات المناخية تشكل خطرا على الإنسانية.
مؤتمر الأطراف كيوطو
أما المؤتمر الثالث للأطراف (3COP) انعقد سنة 1997 بكيوطو. ولأول مرة في تاريخ هذه المؤتمرات يتم إبرام بروتوكول بصيغة الإلزام يكون الهدف منه تأطير انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون المتأتية من استعمالات لما يفوق 100 دولة.
والهدف المرقم في إطار بنود هذا البروتوكول يرمي إلى تحديد نسب خفض انبعاثات الغازات الدفيئة لغالبية الدول المنتجة لها لتصل نسبة التخفيض على المستوى الكوني إلى5,2 في أفق 2020 باعتماد سنة 1990 كمرجع.
أما على مستوى الاتحاد الأوروبي فتم تحديد هذا الهدف من خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 8 %.
إلا أن امتناع كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين باعتبارهما الطرفين الرئيسيين في انبعاثات الغازات الدفيئة على المستوى الدولي، أكبر خيبة أمل في مسار بروتوكول كيوطو. كما زاد انسحاب كندا من بروتوكول كيوطو سنة 2011 من صعوبة إعمال بنوده.
ويتطلب دخول بروتوكول كيوطو حيز التنفيذ تصديق 55 دولة على الأقل. وسيحصل هذا الأمر سنة 2002 بعد التزام إيسلندا بخفض انبعاثاتها من الغازات الدفيئة. ولم يتم التصديق رسميا على هذا البروتوكول إلا سنة 2005 بمونريال، خلال مؤتمر الأطراف الحادي عشر . واستمرت المفاوضات بشكل قوي خلال ثماني سنوات ما بين 1997 و2005 لتوضيح كيفية أجرأة مضامين هذا البروتوكول.
مؤتمر الأطراف ما بعد بروتوكول كيوتو:
وهكذا، توالت انعقاد مؤتمرات الأطراف سنويا، وانصب اهتمام الأطراف خلال المؤتمرات التي تلت المؤتمر الحادي عشر لمونريال 11COP على التفكير في ما ستتخذ من قرارات بعد كيوطو كأحد الأهداف الأساسية، خاصة مع انتهاء مفعول القرارات الملزمة بحلول سنة 2010.
لكن في نهاية الأمر، شكل رفضت الولايات المتحدة الأمريكية والصين أي إلزامية بشأن أهدافهما في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، مما حال دون قيام معركة موحدة لمواجهة الآثار الضارة للتغيرات المناخية.
وتم بصفة خاصة خلال مؤتمر الأطراف الثامن عشر بالدوحة 18COP فتح فترة ثانية للالتزام ببروتوكول كيوطو الذي تقرر العمل به إلى غاية 2020، فيما سبق أن توصل مؤتمر الأطراف الخامس عشر لكوبنهاكن 15COP إلى التأكيد على أن شعوب العالم تسعى إلى تثبيت درجة حرارة المناخ في سقف أقل من 2 درجة.
مؤتمر الأطراف 21 باريس
رافق تنظيم مؤتمر الأطراف 21 بباريس 21COP انتظارات كبرى. وتمكنت فعلا هذه القمة بفضل التعبئة الشاملة لكل مكونات المجتمع الدولي، وفي مقدمتها المجتمع المدني الدولي، من إصدار اتفاق باريس " التاريخي" لتعويض بروتوكول كيوطو الممدد ابتداء من 2020.
بفضل توقيع اتفاق باريس سيصبح المجتمع الدولي أمام تحد كبير يكمن في تثبيت درجة حرارة المناخ في 2 درجة سنة 2100 وتحديدها في وقت لاحق في 1,5درجة. ومن أجل التوصل إلى هذا الهدف الطموح، التزمت جميع أطراف الاتفاقية قبل انعقاد القمة بنشر مساهماتها الوطنية المحددة والمتوقعة CNPD لتحديد التزاماتها الخاصة بشأن خفض انبعاثات الغازات الدفيئة. وتمخضت عن هذا المؤتمر جملة من الالتزامات، نجملها في أهم النتائج.
أهم نتائج مؤتمر الأطراف 21 باريس
تثبيت انبعاثات الغازات الدفيئة في 2 درجة في غضون 2100 وتحديدها في 1,5 درجة في وقت لاحق.
وضع أسس نظام نمو جديد مبني على الاستدامة.
تفعيل آليات الصندوق الأخضر لتمويل المناخ لمواجهة الآثار الضارة للتغيرات المناخية، وتصريف عائداته على الدول المتضررة، التي يشكل فيها التأقلم أهم نسبة من التعويضات.
بلورة خطة عمل قبل 2020 لفائدة الدول الفقيرة والنامية والجزرية للتأقلم مع تغيرات المناخ.
تشجيع مبادرات الطاقات المتجددة بالقارة الإفريقية وتسهيل الانتقال التكنولوجي فيها.
خطوات ما بعد مؤتمر الأطراف بباريس:
بتجميع حاصل المساهمات الوطنية المحددة والمتوقعة ستصل درجة حرارة المناخ في أفق سنة 2100 إلى ما يفوق 3 درجات، مما سيحول دون تحقيق الهدف المحدد في إطار اتفاق باريس (درجتين (2) في اتجاه درجة ونصف (1,5).
يكمن تحدي ما بعد اتفاق باريس، أساسا، في الالتزام التام والكامل للمقاولات، والجماعات، والمواطنات والمواطنين في التركيز على الأنشطة وبذل كل المجهودات واتخاذ كافة المبادرات الرامية إلى التخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة.
لهذه الغاية، تقرر مناقشة خلال المؤتمرات القريبة المقبلة، آليات جديدة منها على سبيل المثال: ثمن الكربون / الصندوق الأخضر للمناخ... انطلاقا من مؤتمر الأطراف بمراكش 22COP.
مؤتمر الأطراف 22 مراكش ورهاناته
إذا كان مؤتمر باريس لسنة 2015 مؤتمرا للتفاوض أفضى إلى توقيع اتفاق باريس 2015، فإن مؤتمر مراكش كمحطة للفعل التي ستنعقد ببلانا من 7 إلى 18 نونبر 2016 ستكون الرهانات المعقودة عليها جد مهمة وكبيرة باعتبار أن الأمر يتعلق بتفعيل الالتزامات التي يتضمنها اتفاق باريس وما يتطلب ذلك من مفاوضات لتحديد الآليات والميكانيزمات لأجرأة مختلف القرارات، تعلق الأمر بقضايا التخفيف أو التكيف، أو بتقوية القدرات ونقل التكنولوجيا، أو بالتمويل وتعويض الأضرار والخسائر جراء انبعاثات الغازات الدفيئة، أو تعلق الأمر خاصة بالعدالة المناخية من جراء المسؤولية التاريخية للدول المصنعة المنتجة الأولى لكميات هائلة من الغازات الدفيئة التي تعد السبب الرئيس في ارتفاع حرارة الأرض، وما ينتج عن ذلك وبالضرورة من أضرار جسيمة تهدد الإنسان والكون معا.
إذن، لابد في هذا السياق من التذكير، بأن التقرير الخامس لمجموعة الخبراء بين الحكومات بشأن تطور المناخ المنشور في نونبر 2014، يؤكد تماما على مسؤولية الإنسان في الأضرار الناتجة عن ما يحدث من تغيرات مناخية. لذلك، يتحتم إذن، تعبئة جميع المكونات على المستوى الكوني، كمرحلة ضرورية لمواجهة آثار التغيرات المناخية.
وفي اتجاه تأطير وتعبئة المجتمع المدني المغربي، تم تأسيس يوم 7 فبراير 2016 بالرباط الائتلاف المغربي من أجل عدالة مناخية (CMJC) الذي حضر محطة تأسيسه أكثر من 120 مكون (منظمة، وجمعية، وشبكة ودينامية، ومركزية نقابية). وهو يظل منفتحا على كل الجماعات الترابية والمستشارين ونواب الأمة، ويبقى مفتوحا كذلك في وجه جميع المكونات المدنية الأخرى التي تتقاسم نفس الأهداف.
ويتشكل الائتلاف من سكرتارية و 3 لجن: لجنة المنهجية، ولجنة التواصل والإعلام، ولجنة التعبئة. وعمل ذا الائتلاف منذ تأسيسه على إنجاز العديد من المهام من إصدار وثائق مرجعية واختيار رمز له وخلق حساب وموقع إلكتروني... ، وقام بتنظيم العديد من الأنشطة وتنظيم جملة من اللقاءات جهويا، وطنيا ومغاربيا، كما ساهم في أشغال مؤتمرات ولقاءات جهوية ودولية خاصة بالتغيرات المناخية التي تندرج كلها في دائرة الإعداد والتحضير لمؤتمر الأطراف بمراكش.
وبهدف تقوية التعيئة في أفق انعقاد مؤتمر مراكش، ولتشكيل جبهة ضغط مدنية وطنيا ودوليا للحوار والترافع لدفع الأطراف المنتجة أكثر للغازات الدفيئة لتفعيل التزاماتها المتضمنة باتفاق باريس من جهة، واتخاذ قرارات جد طموحة بقمة مراكش لحماية الإنسان والكون من جراء الآثار المدمرة للتغيرات المناخية، من جهة أخرى، سطر الائتلاف المغربي من أجل عدالة مناخية برنامجا يتضمن تنظيم العديد من المحطات الوطنية، والإقليمية والدولية، لإنجاز جملة من المهام لتحقيق الأهداف المحددة من طرفه على مستوى التكوين والتأطير والتعبئة عبر لقاءات فكرية وعلمية وأنشطة ثقافية وتحسيسية وترفيهية وغيرها.
المستوى الوطني
- يتضمن برنامج الائتلاف المغربي من أجل عدالة مناخية:
عقد لقاء مغاربي بالدار البيضاء
عقد لقاء وطني بالرباط يوم 26 ماي 2016 بضم مختلف الجهات والأطراف المعنية والمهتمة بقضايا البيئة والتغيرات المناخية والتنمية المستدامة والذي خصص لعرض حول اللقاءات الجهوية (Pré-COP ) على مستوى الاتصالات الجارية ووضع تصور لآليات الاشتغال والخطوط العريضة لبرنامج العمل؛
عقد لقاء بالرباط خاص بقضايا النوع...
- برمجة 4 لقاءات جهوية (Pré-COP ) خلال شهري يوليوز وشتنبر 2016:
لقاء الدار البيضاء، يضم بالإضافة إلى جهة الدار البيضاء- سطات، جهة الرباط- سلا- القنيطرة، وجهة بني ملال- خنيفرة؛
لقاء وجدة، يضم بالإضافة إلى جهة الشرق والريف، جهة فاس- مكناس دون جهة طنجةتطوانالحسيمة التي تحتضمن مؤتمر الأطراف المتوسطي (Med-Cop)- ولقد تم تنظيمه يومي 23 و24 يوليوز 2016 وعرف نجاحا هاما حسب العديد من المتتبعين؛
لقاء مراكش، يضم بالإضافة إلى جهة مراكش- آسفي، جهة درعة- تافيلالت، وجهة سوس-ماسة؛
لقاء العيون، يضم بالإضافة إلى جهة العيون- الساقية الحمراء، جهة كلميم- واد نون، وجهة الداخلة- واد الدهب).
ويلي هذه اللقاءات الأربعة، لقاء وطني للرسملة، في شكل مؤتمر الأطراف 22 خاص بالمجتمع المدني، ينظم بإحدى المناطق الغنية بالواحات يهدف إلى الوقوف على خلاصات واقتراحات وتوصيات اللقاءات الجهوية وصياغتها للإشتغال عليها بمحطة مؤتمر مراكش.
ويتضمن البرنامج أيضا:
تنظيم 12 دورة تكوينية بمعدل دورة واحدة بكل جهة من جهات المملكة.
تنظيم لقاءات موضوعاتية حول: النوع والمناخ/ الهجرة والمناخ/ الانتقال التعليمي- التربوي- ...
المشاركة بوفد من الائتلاف خلال شهر يوليوز 2016 في مؤتمر الأطراف المتوسطي Med-Cop بطنجة.
المستوى القاري والدولي:
على المستوى الإقليمي والدولي تمت برمجة سلسلة من اللقاءات مع فعاليات المجتمع المدني:
المنطقة المغاربية، حيث شارك الائتلاف المغربي من أجل عدالة مناخية في المنتدى الاجتماعي المغاربي حول العدالة الاجتماعية والعدالة المناخية الذي نظمه المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بتعاون مع منتدى بدائل المغرب الذي احتضنته مدينة الحمامات بتونس أيام 27 و28 و29 ماي 2016 ؛
المنطقة الإفريقية جنوب الصحراء،برمجة تنظيم بالمغرب خلال شهر شتنبر 2016 مؤتمر الأطراف مدني خاص بإفريقيا COP Africa؛
مشاركة وفد من الائتلاف في مؤتمر بون بألمانيا حول التغيرات المناخية خلال شهر ماي 2016 الذي من أهم ما شاهد توقيع اتفاق مكان عقد مؤتمر الأطراف 22COP بمراكش.
المستوى الدولي، برمجة تنظيم لقاء مع المجتمع المدني الدولي خلال شهر شتنبر 2016 من أجل تحديد الأهداف المشتركة التي سيتم الاشتغال عليها خلال قمة مراكش.
مشاركة بوفد من الائتلاف المغربي من أجل عدالة مناخية في أشغال المنتدى الاجتماعي العالمي الذي سينعقد بكندا (مونتريال ) من 9 إلى 14غشت 2016.
الانخراط والمساهمة في إعداد مؤتمر COY12 حول: " الشباب والرهانات المناخية".
ثم بعد ذلك قدم الأستاذ عبد الحي الرايس عرضا أبرز فيه أن «المجتمع المدني: هُوَ غيرُ الإداري ولا السياسي أو الاقتصادي، هو تمثيلياتٌ مُجْتمَعية تَصْدُرُ في مبادراتها ومواقفها عن وعي عميقٍ بقضية، واستعدادٍ قويٍّ للدفاع عنها، وقضايا الإنسانية شتَّى، لعل الهاجس البيئي أوَّلُها ما دامت البيئةُ إطارَ حياة الإنسان، ومصدرَ عيشه، ومجالَ تفاعله، ومصيرَه المشترك في قريته ومدينته، وفي وطنه وقارَّتهِ وكوكبه.
الوسط الحضري: سُكَّانُ المدن في تزايد، فوفق إحصاء 2014 بلغ عدد سكان المغرب قرابة 34 مليون نسمة يتوزعون على النحو التالي: 20 مليون و432 ألف نسمة بالوسط الحضري، 13 مليون و 415 ألف نسمة بالوسط القروي، بلغت نسبة التمدن 60.3 %في 2014، بعد أن كانت 55.1 %في 2004 ولا تزالُ النسبةُ مُرشَّحة للارتفاع، يرجع ذلك إلى: النمو الديمغرافي الطبيعي من جهة، والهجرة من المجال القروي من جهة أخرى، إضافةً إلى توسُّع المدارات الحضرية للمدن، وإحداثِ مراكزَ حضرية جديدة.
نمو المدن بين التنظيم والعشوائية:
يُفْترضُ في المدينة أن تخضع لتخطيط وتنظيم وفق رؤية مستقبلية بعيدة المدى، وأن تُسْتحْضَرَ في ذلك المعاييرُ اللازمة لتحقيق التوازنات: البيئية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والحضارية، سعياً نحو توفير المرافق الضرورية لضمان الأمن والطمأنينة، والصحة البدنية والنفسية، والتنقل الآمِن، والحياة الكريمة لكافة السكان، فإذا انتفى ذلك غاب التوازن، وطغى الِاخْتلال، وانعكس ذلك سلباً على الإنسان والمجال.
الهاجس البيئي:انشغالٌ دائم لدى المعنيين بالشأن البيئي يجعلهم يستحضرون معايير التوازن، ويَقلقون لكل اختلال: محلياً كان، أو وطنياً، أو إقليمياً، أو قارياً، أو عالمياً.
ورسالة المجتمع المدني: ملاحقة المبادرات التحسيسية والميدانية،وتَعْداد فرص التواصل، وتوظيف الإعلام، والتجاوب معه، وممارسة القوة الاقتراحية والترافعية، وانخراطٌ في شراكةٍ مُوَثَّقة وهادفة، حرصاً على إنجاح حكامةٍ جَيِّدَة.
من مظاهر الاختلال بالوسط الحضري: كثافة حضور الإسمنت، في غيابِ أوْ نُدرةِ المتنفسات والْمُتَنزَّهات، والتمَدّدُ الأفقي للمدن على حساب الأراضي الفلاحيةِ الخِصْبة، وانحسارُ الغطاء النباتي، وتراجعُ مساحة الغابات والأحزمة الخضراء، ونُدْرَة وتلوث المياه الباطنية ومياه الأودية والسدود والأنهار، وانتشارُ النفايات، وعشوائية التخلص منها ، وغيابُ الفرز من المصدر إلى المطرح، وتزايدُ الانبعاثات الغازية المسببة للتغيرات المناخية والرافعة لدرجة حرارة الأرض المنذرة بذوبان الجليد، وتلاحق موجاتِ الجفاف والسيول، المهدِّدة للجزر والمدن الساحلية، إضافة إلى احتلال الملك العمومي، وغياب الولوجيات، وفوضى الفضاء الطرقي، والاضطراب في وسائل النقل والتنقل، والنقص في المرافق العمومية البيئية والصحية والرياضية والفنية والثقافية.
الهاجس البيئي بالوسط الحضري: يَنْشَغلُ بتحقيق توازناتٍ يَتَصَدَّرُها المجال الأخضر: بمعدل 10 أمتار مربعة كحد أدنى لكل ساكن، بمعنى أن : مدينةً سكانُها مليون نسمة تتطلبُ توفيرَ ما لا يقل عن:
1.000.000ن X 10م2 = 10.000.000 م2 من المساحات الخضراء،وبالقسمة على مساحة الهكتار الواحد (10.000 م2) تتأكد حاجة مدينة مليونية كفاس إلى 1.000هكتار كحد أدنى من المساحات الخضراء، التي يُفترض فيها أن تكون مُنْبَثَّةً بين البنايات ووسط الأحياء.
وإذا كانتِ المساحةُ المرصودةُ في تصميم التهيئة الأخير للمجالات الخضراء بفاس حوالي 600 هكتار، فإن الواقع الفعلي يظل أقل من 200 هكتار مما يعطي معدل أقل من مترين مربعين لكل ساكن.
ومن مآثر الأجداد: مُتَنَزَّهَات، وقصورٌ وعرصاتٌ ورياضات، وجنانات، وسطوحٌ مُؤثثةٌ بالأزهار والشجيرات.
جنان السبيل مُتَنَزَّه فاس إرثُ الأجداد على مساحة 7.5 هكتار، يزخرُ بأزيدَ من ألف نوع من النباتات،وقد تأرجح بين صيانة وإهمال، إلى أن كانت مبادرة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، وإلى أن تعهدتْ بتدبيره مجموعةُ الجماعات، فتحسَّنَتِ الصيانة، وتحققتِ الاِستدامة.
رَصْدٌ وتتبُّعٌ وانْشِغَال
عَرَفَ عَقْدُ الثمانينيات من القرن الماضي إحداثَ حدائقَ في عدة أحياء بفاس (تفعيلا لشعار : لكل حي حديقة)، ظلت منذ ذلك الحين متأرجحة بين صيانة وإهمال.
وكانت المراهنة على إنجاز حزامٍ أخضر وعِدَّةِ متنزهات، تُنُوسِيَ مشروعُ الحزام الأخضر وظلت مشاريع المتنزهات في محطةِ انتظار، ومنذ 2003 تلاحق الإجهاز على المناطق الخضراء، يقوم شاهداً على ذلك:
ملعبُ الخيل عند أهل فاس: كان دَوْماً الْمُتَنَزَّهَ والْمَرْبَع، الْمُتنفَّسَ والْمَلْعَب، قرر مجلسُ جماعة أكدال بالإجماع سنة 2001 إنجازَهُ على مساحة 18 من أصل 32 هكتاراً، للأسف عند الإنجاز قُلِّصَتِ المساحة إلى 7 هكتارات.
مشروع الحزام الأخضر بواد فاس (بُوشِرَ إنجازُهُ في يوليوز 1997)على مساحة 147 هكتار، وبَعْدَ أن اشْتَدَّ عُودُ أشجاره وصار مقصد الجميع (بين 1997 و 2008)، الْجَرَّافةُ تَقْتَلِعُ أشجارَه، وَتُحِيلُ أرضَهُ الْفَيْضِيَّة غيرَ الصالحة للبناء إلى تجزئةٍ سكنية في 22 01 2008.
مَوقعُ"بستان ماجد"في مارس 1984 على شارع القيروان كان قبلَ الإِحْدَاث مُنْحَدَراً يُلْقَى فيه بالنفايات، وفي مارس 1986" بستان ماجد" تم إعداده لاستقبال الزوار والأطفال ، ثم كانت لحظة التدشين وقطع الشريط حدثا هاما في حياة السكان بالمنطقة.
التحول من اهتمامٍ مُمْتِع، إلى إهمالٍ مُوجِع
وكذلك الشأن بالنسبة لحديقة المغرب العربي، فقد بدأت مُخضرةً مُزهرة في 1986، ثم اخْتِيرَ لها في 2008 أن تصيرَ مُرَصَّفَةً مُهْملة.
وأيضاً متنزه "ظهر المهراز" الذي تمَّ تشجيرُهُ بعمل تطوعي في بداية ستينيات القرن الماضي ثم ضاع الكثيرُ من أشجاره، وظلَّ مشروعَ مُتَنزَّهٍ في محطةِ انتظار.
ومشروع حديقة النبات لفاس: واسطةُ عِقْدِ المجالات الخضراء، هي مُتْحَفٌ ومعرضٌ حيٌّ للنباتات، مجالُ بحثٍ، وموئلُ سياحةٍ، وخيرُ الْوِجهات، حُلْمٌ رَاوحَ مكانَه، تنعقد عليه الآمال عله يتحقَّقُ في أقرب الآجال..
ونخلص إلى القول : إننا لاَ نَرْضَى لفاس أن تَؤُولَ إلى مدينةٍ إسمَنْتِيَّةٍ بامتياز
ولو أن الهاجِس البيئي لا يقف عند حدود المجالات الخضراء:
فهو يُؤَرِّقُنا حين نُعايِنُ واقع الأرصفة، وتَعَثُّرَ سير الحافلات، ومخاطرَ عُبور الطرقات، وحين تهُبّ النسمات، مُحمَّلَةً بالأدخنةِ وغازات مطرحِ النفايات، وعوادم الْمَرْكبات، وحين يَخْدِشُ أبصارَنا حالُ التخلّص من النفايات بهوامش الأرصفة والساحات، وحين نَلْحَظُ بعض الجدران وقد استحالت إلى دوراتٍ للمياه، وحين تستوقفنا خِرَبٌ وداراتٌ مهجورة صارت ملاذاً للمتسكعين وموئلاً للنفايات.
ونقف عند المرافق الصحية (دورات المياه) التي صارت حواضرُ العالم تتنافس في تعميمها وإخضاعها لصيانة لحظية تجاوُباً مع نداء اليوم العالمي لدورات المياه (19 نونبر)
وثمة نماذج لمرافق صحية مجهزة بحنفياتٍ ذكية تُرسل الصابون والماء عند الاقتراب،وتكُفهما عند الابتعاد،مع صيانةٍ لحظية مُتجددة استحضاراً لليوم العالمي للماء والصابون (15 أكتوبر)، واليوم العالمي للمرافق الصحية (19 نونبر).
(دار لوضو) في مراكش: مبادرة حديثة يُرْجَى لها التعميمُ في مختلف المدن المغربية أَمَلاً في أن يتوقفَ نزيفُ تحويل الجدران الخارجية في كثير من المواقع إلى دوراتٍ للمياه.
مُتنزَّهُ ملعب الخيل ينبغي أن يُجهَّز بما يليقُ بأكدال وبفاس، فالمتنزهاتُ والحدائق ينبغي أن تتوفر بها
بيوتٌ للصلاة، ومَرَافقُ صحية مُعْتنَى بها باستمرار، فهي الواجهة السياحية والصحية والحضارية للزائرين والسياح.
للأسف، في قلب فاس، وفي مُتنزه ملعب الخيل، مرفق صحي: كانت تغيبُ عنه الحنفية والصابون، بعد إثارة الانتباه في لقاء بتاريخ 02 يونيو 2016 ، تم توفير الحنفية وجلبُ الماء،والمأمول أن يتواصل الاهتمام ويتحسن الإطار.
وفي طنجة تم تهييء فضاءات فسيحة للراجلين على امتداد الشاطئ، ومواقف تحت أرضية على امتداد الكورنيش حلت مُعْضِلة وقوف السيارات، وخففت الاختناقات على الطرقات، ولكن طنجة أخلفت موعدها مرة أخرى مع المرافق الصحية مثلما فعلتْ عند الترشُّح لِاحتضان Expo 2012
التخلص من النفايات: رغم التحسن النسبي الذي عرفته عملية جمع النفايات في الفترة الأخيرة، إلا أن التصور الأمثل: أن تتضافر جهود الجميع لإنجاح عملية الفرز من المصدر إلى المطرح، وأن تتعزز بتفعيل التاءات الثلاث: التجهيز، التحسيس، التغريم، وأن يتم إلزامُ الوحدات الصحية والصناعية والسياحية بمعالجة نفاياتها قبل التخلص منها.
وإذ نثمن نجاح عملية توليد الطاقة من غاز الميثان بالمطرح المراقب، نترقب تحقيق معالجة الليكسيفيا لِكَفِّ أذاها الذي تحمله الرياحُ إلى المواقع القريبة والبعيدة، والذي يخنقُ الأنفاس.
فمن خارج حدود المجال الحضري: وفي عِزِّ الصيف، حيث تتزايد الحاجة إلى نسماتٍ تُلطف الأجواء
تهجُمُ روائحُ الليكسيفيا القادمة من المطرح المراقب والخانقة للأنفاس على كثير من الأحياء، فَتُغْلَقُ النوافذ، وتتجدَّدُ الوعودُ الْمُرجَأة، ويظلُّ الاِسْتياءُ والاِنتظارُ سَيِّدَ الْمَيْدان، والحال أن ثمة تجاربَ حديثة وناجحة صارت تُعالج الليكسيفيا بسرعة ودون مُخلَّفات، فلم لا يكون الانفتاحُ عليها، وتوظيفُها؟
والتجربة الجديدة لمعالجة الليكسيفيا تتمثل في إدخال النفايات العضوية إلى غرفة التخمير، وخروجها منها في صورة: 1) كهرباء، 2) وحرارة، 3) وسماد مفيد للتربة، ولا مجال بعد ذلك لحديث عن ليكسيفيا مُترسِّبة يتركز بها التلوث وتنبعثُ منها روائحُ تُلوِّثُ الأجواء، وتخنُق الأنفاس.
النقل الحضري، من أجل نقل أخضر: يتمثل في ترامواي أو حافلة ذاتِ مستوى عالٍ في الخدمة ( BHNS) يُؤَمِّنُ الدقة في المواعيد، والاستقلالية في المسار، وتجربتا الرباط والبيضاء في مد خطوط الترامواي، ومراكش في جلب الحافلات صديقة البيئة جديرةٌ بالمحاكاة والاقتباس،
استلهاماً لمقولة عمدة مدينة أفلح في تأهيل وتعميم النقل الحضري"معيار تقدم بلد ما ليس في أن يمتلك فقراؤه سيارات، ولكن في أن يستعملَ أغنياؤُهُ النقلَ العمومي"
أما الدراجة الهوائية: فقد صارت حواضر العالم تتنافس في تعميم مسالكها ومحطاتها، وكذا في التشجيع على استعمالها، فلِمَ لا نَنْسُجُ على منوالها؟
ولنا أن نؤكد أن النقل الحضري والدراجة الهوائية صارتا الوسيلتين المعتمدتين في التنقلات الوظيفية بكثيرٍ من حواضر العالم المتقدم.
الفضاء الطرقي: يستدعي استحضار معايير السلامة عند التصميم والتجهيز، وكذا عند إعادة التهيئة،ويقتضي التحسّبَ للمستقبل،وإنصافَ مختلِفِ فئات مستعملي الطريق، خاصة منهم الفئات عديمة الحماية: من راجلين ومعاقين ودَرَّاجين وعَجَزة، ومتنقلين بحقائب السفر، وأمهاتٍ بمدفوعات الأطفال، وتحريرُ الأرصفة كملك عمومي من سطوِ الفرَّاشة وأصحابِ المقاهي والمحلات، وضمانُ استوائها وخلوِّها من الاختلالات يُعْتبرُ أُولَى الْأَوْلَوِيَّات، أما تعميمُ الولوجيات نحو مختلف الأرصفة، والمرافق، وعربات القطار، وباقي الْمَرْكبات، وبيوتِ الله، والمُصَلَّيات فمَطْلَبٌ لا يَقْبَلُ مزيداً من الانتظار.
اقتراحاتٌ تخص تحريرَ الملك العمومي:
عدمُ الإغفال أو التغافل عن التصدي لأية محاولةٍ جديدة لاحتلال الملك العمومي، حتى لا يُعتبَرَ مع مُضِيِّ الوقت حقاً مُكتسبا.
بخصوص التجاوزات السابقة: يُفترَضُ توجيهُ تنبيهٍ إلى أصحاب المقاهي وباقي المحلات يُحدِّدُ لهم سقفاً زمنياً للتراجع إلى حدودٍ تُرْسَمُ لهم، احتراماً لحق المارة في الرصيف.
وبخصوص الفرَّاشة في الرصيف: ثمة مَنْ يَرَى بناءَ محلاتٍ ونقلَهم إليها كبديل، ولكننا نؤكد أن الفضاءات التي يمكن أن تستوعب البناء ستنتهي وتنفَد دون أن ينتهي المتهافتون على هذه الظاهرة.
واقتراحُنا: أن تُخصَّصَ فضاءاتٌ تُبرْمَجُ في أيام مُعيَّنة ولساعاتٍ مُحدَّدة يتم عرضُ المبيعات فيها على عرباتٍ جميلةٍ مُرَقَّمَة، بثلاثةِ مُستويات: الأعلى للعرض والثاني للاحتياطي، والأدنى للبقايا، يرتادُ الباعةُ الفضاءَ نقياً، ويُلْزَمُونَ بالإبقاء عليه كذلك.
آفاق :
الوسطُ الحضري إطارُ عيشِ كثافةٍ مُرَكَّزةٍ للسكان، إنْ أُحْسِنَ تنظيمُهُ وتدبيرُه كان بَوْتقةً تنصهرُ فيها كلُّ الأطياف، تصنعُ الحضارة، وتُؤَهِّلُ المواطنَ الإنسان. وإن أُسِيءَ ذلك صارَ مجالاً للصراع، ومصدراً لتعاسة الإنسان.
حواضرُ الأمس كانت نماذجَ مُبكرة للمدن الخضراء، وحواضرُ العالم المعاصر رفعتْ شعارات :
"المدينة المستدامة" و"المدينة الذكية" و"المدينة الخضراء" ،ولكلٍّ منها معاييرُ ومُواصفات، فقط ثمة: 1) مُدنٌ رائدةٌ تُصِرُّ على رفع التحديات، والسعي الدؤوبِ لكسب الرهانات، متجاوزةً ذاتَها باستمرار.
2) وأخرى تستكينُ إلى واقعها
3) وغيرُها ترنُو إلى مستقبلها وتتوثب لِصُنع غدها وتحقيق استدامتها. والارتقاءُ بالوسط الحضري لم يَعُدْ مسؤوليةَ طرفٍ دون غيره، ولكنه مسؤوليةُ حكامةٍ يُرَاهَنُ عليها جَيِّدةً تنتظمُ كُلَّ الفاعلين.
ولن تتأتى حكامةٌ جيدة إلا إذا كان الانفتاحُ والإشراكُ والانخراطُ الجماعي للمنتخبين، والإداريين، وممثلي المجتمع المدني في بلورة مخططٍ تنمويٍّ طموحٍ وهادف: يُعالِجُ الاِختلالات، ويُرْسِي التوازنات، ويرفع سقف المشاريع والانتظارات ، ليحقق الحاضرة المتجددة المستدامة الخضراء.
مبادرات دولية:
سجلت الإيكواتور في ماي 2015 رقماً قياسياً عالمياً جديداً في مجال التشجير بتعبئة 44.883 متطوع لغرس 647.250 شجرة من أكثر من 200 نوع، في يوم واحد، على أكثر من ألفي هكتار، موزعة على كامل أراضيها. وأعلنتِ الهند عن تشغيل 300.000 شاب لغرس ملياريْن من الأشجار على امتداد 100.000 كلم من الطرق السريعة.
مبادرات وطنية سابقة
في صيف 1957 وخلال ثلاثة أشهر، تم شق طريق الوحدة من تاونات إلى كتامة والحسيمة على مسافة 80 كلم بمشاركة 11.000 من المتطوعين زحزحت عزيمتُهم الصخورَ وَهَدَّتِ الجبال.
وفي بداية ستينيات القرن الماضي تم غرس غابة ظهر المهراز بمشاركة تلاميذ المؤسسات التعليمية بفاس.
وسنة 2001 تم رفع شعار "من أجل غرس 10.000 شجرة في محيط فاس فكانت الاستجابة وكانت التعبئة.
وفي سادس نونبر 1975 عرف المغربُ حَدَثَ المسيرةِ الخضراء التي شارك فيها 350.000 من المتطوعين.
هل من مبادرات راهنة؟
يُفترضُ في بلد يستعد لاحتضان مؤتمر الأطراف 22 بمراكش أن يُعْلن عن مبادرات متميزة تُعبِّئُ المتطوعين، وتُشَغِّلُ العاطلين، وتستهدف تحقيق التوازن البيئي المُسْهِم في الحد من التغيرات المناخية، والضامن لاستدامة التنمية.
يمكن الحديث عن مبادرة من قبيل "Zéro Mika " للتشجيع على التخلص من الأكياس البلاستيكية، والتحفيز على استعمال بدائل صديقة للبيئة، غير أن السياق والظرفية يستدعيان تعدد المبادرات وعلى أعلى المستويات.
وأحسب أن الانخراط الفعلي في ترجمة قرارات مؤتمر باريس يقتضي إلى جانب لقاءات التنظير والتحضير لمؤتمر مراكش إطلاق مبادرات ميدانية قوية على مستوى الوطن في حواضره وبَوَاديه: ترفع درجة الوعي ومستوى التعبئة، وتبعث على ترسيخ سلوكات فردية وجماعية، تناضل من أجل الحد من التغيرات المناخية، وتوفر ضمانات استدامة التنمية. فهل نحن فاعلون؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.