غدا الأربعاء ذكرى ميلاد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن    قمة الأعمال الأمريكية الإفريقية تسلط الضوء على فرص الاستثمار بالمغرب    تزويد 119 مركزا قرويا و2400 دوارا بالماء الصالح للشرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    ارتفاع حركة النقل الجوي بمطار الحسن الأول بالعيون    المغرب: إحداث 16 ألف و171 مقاولة عند متم شهر فبراير 2024    وزارة الصحة في غزة: 34789 فلسطينيا قتلوا في الهجوم الإسرائيلي على القطاع منذ 7 أكتوبر    إعلام فرنسي: المغرب يستعد لدخول الدائرة المغلقة لمصنعي الطائرات المسيرة    ما مصير الأساتذة الموقوفين بعد إحالة ملفاتهم على وزارة بنموسى؟    ارتفاع عدد ضحايا حوادث السير من مستعملي الدراجات النارية بنسبة 31 في المائة    سلسلة "اولاد إيزا" الكوميدية تثير غضب رجال التعليم وبنسعيد يرد    المبعوث الصيني الخاص لتغير المناخ يزور الولايات المتحدة    مؤتمر عربي بالقاهرة يبحث آلية لجمع ورصد مؤشرات النزاهة في في القطاع العام في الدول العربية    مسؤولين فالزمالك المصري سبقو فريقهم لبركان    بايرن يخطف نجم الميلان ويربك حسابات ريال مدريد    انطلاق الدورات التكوينية في مجال تدريس اللغة الأمازيغية بجهة طنجة تطوان الحسيمة    ارتفاع أسعار النفط بعد الضربات الإسرائيلية على رفح    طعنة سكين تصيب عميد شرطة بتزنيت    نزار بركة: لأول مرة يتم إدراج ميزانية خاصة لصيانة الطرق القروية    الجيش الإسرائيلي علن سيطارتو على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. ورفع الراية ديال بلادو    الطيران الأميركي يعلن التحقيق مع "بوينغ"    أمازون: سنستثمر 9 مليارات دولار فسنغافورة    بطولة ألمانيا: الفرنسي كومان يعود لتدريبات بايرن ميونيخ    بطولة انجلترا: وست هام يعلن رحيل مدربه مويس نهاية الموسم    تقرير الخارجية الامريكية: المثليين المغاربة كيعانيو.. كاين عنف واعتداءات واعتقالات وتهديدات بالقتل    قاضية صبليونية انتاقدات التعاون بين المغرب وبلادها في مجال تهريب المخدرات    مخاوف في سبتة من انهيار جدار حدودي مائي وتسلل المهاجرين    المنتخب الوطني "للفوتسال"يحتل المرتبة السادسة عالميا    سيمانة قبل ما يبدا مهرجان كان.. دعوة ديال الإضراب موجهة لكاع العاملين فهاد الحدث السينمائي الكبير وها علاش    صعود أسعار الذهب من جديد    ريان أير تُطلق خطًا جويًا جديدًا داخل المغرب    بأكثر من 15 مليون دولار.. نجل الصفريوي يشتري منزلاً في ميامي وهذه صوره    منير المحمدي يكشف.. هذا هو قدوتي وهذا ما كنت لأفعله لو لم أكن لاعب كرة قدم!    "فريق نجم طرفاية: قصة نجاح وتألق في عالم كرة القدم"    حدث في أمستردام.. تميز النساء المغربيات يُبرز في لقاء جمع نساء من مختلف الثقافات    إبراز فرص الاستثمار بالمغرب خلال مائدة مستديرة بالولايات المتحدة    كبير إيطاليا يدخل بقوة على خط التعاقد مع زياش        "العرندس" يتوج نفسه وينال جائزة الأفضل في رمضان    هتك عرض تلميذات من طرف مدير ثانوية فمولاي يعقوب.. المشتبه فيه للجدارمية: الكاميرا اللي عندي فالمكتب كتخدم غير فوقت الامتحانات وصافي والبورطابل ديالي ضاع مني    زيلينسكي يستعجل استلام أسلحة غربية    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    مرصد يثمن مأسسة الحكومة للحوار الاجتماعي    الأمثال العامية بتطوان... (591)    وفاة المقدّم التلفزيوني الفرنسي الشهير برنار بيفو    بلقصيري: أجواء افتتاح مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الأولى    وثائقي فريد من وزارة الثقافة والتواصل يبرز 6 ألوان فنية شعبية على ضفاف وادي درعة    اللي كيمشي لطريفة وعزيز عليه الطون والسربيسة والسينما: ها مهرجان وها الافلام المغربية المعروضة فيه    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    رأي حداثي في تيار الحداثة    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    الأمثال العامية بتطوان... (589)        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شعيب حليفي ووجه المثقف المغربي المعاصر
نشر في بيان اليوم يوم 11 - 05 - 2021

يعتبر الناقد والروائي شعيب حليفي من بين أهم الكتاب الطليعيين في الأدب المغربي المعاصر، منذ تسعينات القرن الفائت. أسهم، بشكل وافر ولافت، في التراكم النقدي والروائي ليس على مستوى المغرب فحسب وإنما على الصعيد العربي بما حققه وأنجزه من كتب ومتابعات وقراءات نقدية. هو جزء من سلسلة آباء الرواية بالمغرب، وأحد المداومين على كتابتها ونقدها والتعريف بها إن على صعيد المؤسسة الجامعية (مختبر السرديات وماستر السرد الأدبي الحديث والأشكال الثقافية) أو على صعيد الجمعيات. كما أسهم في تحديث الدرس والمقاربات النقدية والبحوث الجامعية ومد جسور المثاقفة بالعالمين العربي والإسلامي.
شعيب حليفي لديه إيمان راسخ بتلازم الفعل الثقافي بالسياسي والنقابي من خلال الانتماء العضوي. فقد انخرط منذ شبابه في الصف الوطني الديموقراطي، ودافع عن أهم القضايا الحقوقية والسياسية المغربية والعربية بشكل عام ولعل أهمها قضية الديمقراطية والتحرر..
يصعب اختزال مسيرة الشخص وهو ما يزال حيا متألقا وديناميا، ولكن، مما يوجب التقدير والاهتمام الطابع المتعدد والهويات المركبة التي حازها حليفي على مدى ثلاثين سنة بوعي ومسؤولية ومقاومة. هويات هي حصيلة انحياز تاريخي لقضايا الجامعة المغربية الحديثة وأسئلة الإبداع وهموم النضال الثقافي :
الهوية الأكاديمية والنقدية
لا يمكن الإتيان على كلية الآداب بالمغرب دون أن تتذكر اسم شعيب حليفي باعتباره فاعلا جامعيا، باحثا ومشرفا وموجها لأعمال البحث والنشر والتعريف بالمنتوج الثقافي المغربي والمغاربي والعربي. فهو عنوان كبير يتقصده الباحثون والأدباء من جهات مختلفة من كرتنا الأرضية.
واستطاع على مدى زمني شاسع أن يغني المكتبة النقدية المغربية والعربية بدراسات وبحوث ومؤلفات تعد الآن معلمة على هوية باحث لا يكل وهمة لا تمل. كتبٌ زاوجت بين قوة المراس البحثي وذائقة الناقد الأدبي، شملت الرحلة والرواية على وجه الخصوص.
الهوية الإبداعية
بعد صدور سبعة نصوص إبداعية يستطيع الكاتب أن يزعم أنه بلغ سن الرشد وتعداه. نصوص جعلت من المغرب المعاصر هدفها، لهذا سعت روايات حليفي إلى مساءلة الحاضر المشار إليه، بتعبير هايدجر، الموصوف كامتداد في التاريخ والأساطير والوجدان والأهواء. وكان المحلي كخلفية ثقافية مداد السرد ومادة للتخييل. لهذا ليس غريبا أن تكون الكتابة الروائية لدى شعيب حليفي وظيفية -وجودية، قبل أن تكون جمالية؛ يؤكد هذا قوله :
«أنا لست كاتبا محترفا وإنما إنسان أحتاج إلى الكتابة باعتبارها ضرورة وأداة لاستكمال تذوق الحياة وتقليب أرضها التي تخبئ حياتنا الضائعة وأسرارنا التليدة.»
هوية المناضل الثقافي
إلى جانب الهويتين السابقتين يتمتع شعيب حليفي بهوية ثالثة؛ هوية المناضل الثقافي التي تجعل منه رقما يصعب تخطيه. حليفي ومختبر السرديات، حليفي والأنشطة الثقافية بالدار البيضاء (نادي القلم المغربي)، حليفي وحركة الثقافة والنشر، حليفي ومدينة سطات. يحتاج الأمر إلى أرقام ومراجع كي ندرك القوة المراسية لحليفي الذي ورط أكثر من جهة واسم من أجل النزول عند الناس وجعل الثقافة الوطنية والديموقراطية حقا ومدخلا ضروريين لتنمية بشرية حقيقية ومستديمة. فإلى جانب ثلة من الباحثين والفاعلين الثقافيين استطاع حليفي أن يجعل من مختبر السرديات فضاء لمساءلة الرواية وتأويل التخييل وتقدير الأبعاد السوسيوثقافية للرواية المغربية والمغاربية والعربية. ومن ثمرات ذلك عشرات الكتب. ولعل إسهامه في نادي القلم المغربي وشراكاته مع الكُتّاب والكتبيين، وخلق مشاريع جريئة والانخراط الدائم من أجل ردم الهوة بين المواطن المغربي والقراءة لهو من الأمور التي تحسب له، وستكتب بمداد الإشادة والفخر.
وحليفي هو قبل هذا وذاك إنسان انتدب حياته لخدمة الثقافة وتثمين العلاقات الإنسانية والاجتماعية والثقافية السليمة، لهذا تجده يسافر ويلبي الدعوات إيمانا منه أن الثقافة قبل أي شيء فهي أخلاق وقيم .
خلاصة
والحال أن حاجتنا اليوم إلى المثقف ما زالت حاجة قائمة وراهنة، بل هي حاجة تشتد وتتعاظم كلما اشتدت الأزمات وتناسلت النكسات والهزائم التي شلت كياننا.. شعيب حليفي أيقونة لنضال من طراز خاص، فهو لا يرى مطلوبا من المثقف المغربي أن يكون داعية إيديولوجيا، رجع صدى أو ببغاء يكرر الشعار السياسي للحاكم أو معارضا سيزيفيا ينوب عن أوسع الفئات الاجتماعية في صياغة مطالبها والدفاع عنها. وغير مطلوب منه أن يعمل على «تجسير الفجوة» بينه وبين الحاكم )أطروحة صاغها الباحث الاجتماعي المصري الأمريكي سعد الدين إبراهيم منذ عقدين وأثارت زوبعة من النقاشات وردود الأفعال). مطلوب من المثقف المغربي، حسب ما يفهم من كتابات ومداخلات شعيب حليفي، ألا يقتات من فتات موائد الحكم السياسي، وأن يتقن حرفته كصانع للأفكار التي قد تفيد «الوطن والمواطنين». لذا تظل نقطة تحيين مسؤولية المثقف في الالتزام بقضايا اجتماعية وسياسية أول نقطة على جدول أعمال المشروع الفكري الموكول للمثقف في بلد كلما ارتفع هوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.