الاحتجاجات تتصاعد بالمكتب الوطني للصيد والإدارة تطالب بمزيد من الوقت لإنقاذ مؤسسة قد لا تفي بديونها خلال السنة الجارية يدخل المكتب الوطني للصيد جولة جديدة من الاحتجاجات، بعد فشل اللقاء الثاني الذي عقده المستخدمون مع مديرة المكتب، هذا الأسبوع، والذي تطرق للتدبير العام وللجانب المالي بالإضافة إلى القانون الأساسي. وقال أعضاء باللجنة المنتدبة للمستخدمين لبيان اليوم إن قضايا التطبيق العاجل للزيادة المقررة من طرف الحكومة، والمساواة في تدبير شفاف للموارد البشرية وللامتحانات الداخلية، والتسريع في معالجة ملفات الترقية، وتعميم التكوين المستمر على الجميع، والزيادة في التعويض عن التنقل وعن السكن والمنح والتقاعد التكميلي... ظلت كلها قضايا عالقة، لم يتم الرد عليها سوى بالوعود، وبضرورة انتظار استكمال بعض المشاريع. وعبر المستخدمون عن خشيتهم من مستقبل غامض يلوح في الأفق، في ظل المشاكل الخانقة التي يجتازها المكتب الوطني للصيد، والذي بات يفتقد، بعد استقالة كاتبه العام جليل الصقلي، وبعد الحديث عن عدم جاهزية القانون الأساسي، البوصلة التي توصله إلى بر الأمان. من جانبها لم تنف الإدارة العامة للمكتب الوطني للصيد وجود حراك اجتماعي داخل مؤسسة لم تعين بعد لا كاتبا عاما ولا مديرا للموارد البشرية، ولا تتوفر على قانون أساسي. ورغم ذلك، تقول أمينة الفكيكي مديرة المكتب، في تصريح لبيان اليوم، إن لقاءها الثاني مع المستخدمين، «تناول مجمل القضايا العالقة»، مشيرة إلى أن «المشاكل التي عبر عنها المحتجون مدرجة في جولات الحوار مع النقابات، وبالتالي وجب احترام جدولة زمنية لدراسة المشاكل وأخذ ما يكفي من الوقت لإيجاد حلول لها». ولا ترى النقابات في تصريح أمينة الفكيكي سوى نوعا من الهروب إلى أمام، في ظل فوضى التسيير التي تعم مؤسسة بدون قانون أساسي، أسند للمدير المالي فيها، بالإضافة إلى انشغالاته المهنية اليومية، مهام الكتابة العامة وإدارة الموارد البشرية. وهو ما لا يستقيم وحجم مؤسسة كبرى تقوم بدور اقتصادي حيوي، وتدر مداخل مالية هامة في ميزانية الدولة. وترى النقابة الوطنية لأطر ومستخدمي المكتب الوطني للصيد، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، أن الاستجابة لتطلعات المستخدمين، ومراعاة حقوقهم لا يمكن أن تتم إلا بإخراج مشروع النظام الأساسي إلى حيز الوجود في القريب العاجل، في جو يطبعه الحوار والتشاور والسلم الاجتماعي. فلم يعد القانون الأساسي المؤقت، يقول محمد سعيد البصري، الكاتب العام للنقابة الوطنية لأطر ومستخدمي المكتب الوطني للصيد، في حديث لبيان اليوم، يواكب المهام الجديدة والموسعة، خاصة في مجال التسويق وتدبير الموانئ وأسواق الجملة ونقاط التفريغ واسترجاع أسواق السمك التي كانت تابعة لمكتب استغلال الموانئ. فالقانون الأساسي المؤقت، الذي استمر العمل به منذ أربعة عقود، يضيف سعيد البصري، مشروع يصنف ويرتب المستخدمين حسب المهن بدون الاعتماد على هيكل تنظيمي واضح، وتشوبه عدة عيوب لعل أبرزها عدم ملاءمته لأوقات العمل داخل المندوبيات. فإذا كانت مدونة الشغل في المادة 188، يوضح المتحدث، تنص، في حالة تنظيم الشغل بين فرق متتابعة، على ألا تتجاوز المدة المقررة لكل فرقة ثماني ساعات متصلة في اليوم، مع التوقف لفترة استراحة لا تتعدى الساعة، فإن الواقع يعج بخروقات سافرة للقانون، تجعل حديث الإدارة عن ميثاق أخلاقي وعن السعي وراء علامة الجودة ISO، مجرد محاولة للالتفاف على المشكل الحقيقي. وهو هاجس تتقاسمه الإدارة مع المستخدمين. فحسب أمينة الفكيكي مديرة المكتب الوطني للصيد، تم الاطلاع على القانون الأساسي الحالي والإقرار بنواقصه وثغراته، مؤكدة اهتمامها بالموارد البشرية التي يتطلب تدبيرها والرفع من مردوديتها الإطار الكفء، راجية من الجميع التعاون من أجل إيجاد هذا الإطار، وواضعة رهن إشارة المكتب برنامج عمل يعبد الطريق نحو إعداد مشروع نظام أساسي متكامل يستند إلى مبادئ الأمن الوظيفي والزيادة في الأجور والشفافية والنزاهة وتفعيل مدونة الأخلاقيات... وهي نفس الوعود التي قطعها مجيد قيصر الغايب، المدير العام السابق للمكتب الوطني للصيد، على نفسه، خلال اجتماع يناير 2010، أي شهرا واحدا قبل تعيين أمينة الفكيكي، يقول أحد الأطر العليا بالمكتب، فضل عدم ذكر اسمه، مشيرا إلى المبالغ المالية الخيالية التي صرفت على قانون أساسي تم استدعاء مكاتب دولية من دول مختلفة لإخراجه إلى حيز الوجود، وإلى غياب ما أسماه «القائد» meneur d'homme ، بعد استقالة جليل الصقلي من مؤسسة «يحاول البعض جرها نحو الإفلاس لوضعها تحت التدبير المباشر لوزارة الفلاحة والصيد البحري». وفيما شجبت أمينة الفكيكي، في حديثها لبيان اليوم كل حديث عن وجود فوضى تضيع في زحمتها العديد من المطالب والحقوق والمداخيل المالية التي تصل سنويا إلى 3.8 مليار درهم، قال مصدرنا بالإدارة العامة إن المكتب لن يستطيع خلال السنة الجارية سداد مستحقات ديونه التي خصصها للاستثمار، وأن بعض مناديب الوزارة دقوا نواقيس الخطر ووجهوا نداءاتهم إلى المديرة العامة وإلى الوزارة الوصية. بيد أن نداءاتهم ظلت صوتا أصما دون رجع صدى.