الحكومة تقر بفشل سياسية استيراد أضاحي العيد    تشجيعا لجهودهم.. تتويج منتجي أفضل المنتوجات المجالية بمعرض الفلاحة بمكناس    الوزير جازولي يدعو المستثمرين الألمان إلى اغتنام الفرص التي يتيحها المغرب    منصة "واتساب" تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت    الاتحاد الجزائري يعلن شرطه الوحيد لمواجهة نهضة بركان!    تراجع حركة المسافرين بمطار الحسيمة خلال شهر مارس الماضي    نظام الضمان الاجتماعي.. راتب الشيخوخة للمؤمن لهم اللي عندهومًهاد الشروط    المغرب: كنرفضو إقتحام المسجد الاقصى وقيام دولة فلسطينية هو اللي غادي يساهم فإحلال السلام    "اتصالات المغرب".. عدد الزبناء ديالها فات 77 مليون بزيادة وصلات ل2,7 فالمية    بعد خسارته ب 10 دون مقابل.. المنتخب الجزائري لكرة اليد يعلن انسحابه من البطولة العربية    واش هادشي غايأثر على شراكة اسبانيا والمغرب والبرتغال فمونديال 2030.. الحكومة فالصبليون دارت الوصاية على الاتحاد الإسباني بسبب الفساد وخايفين من خرق لقوانين الفيفا    البحرية الملكية تنقذ مرشحين للهجرة السرية    الزيادة العامة بالأجور تستثني الأطباء والأساتذة ومصدر حكومي يكشف الأسباب    مضامين "التربية الجنسية" في تدريب مؤطري المخيمات تثير الجدل بالمغرب    القمة الإسلامية للطفولة بالمغرب: سننقل معاناة أطفال فلسطين إلى العالم    المغرب يستنكر اقتحام باحات المسجد الأقصى    المعارضة: تهديد سانشيز بالاستقالة "مسرحية"    حاول الهجرة إلى إسبانيا.. أمواج البحر تلفظ جثة جديدة    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي : إصدار 2905 تراخيص إلى غاية 23 أبريل الجاري    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    تشافي لن يرحل عن برشلونة قبل نهاية 2025    3 مقترحات أمام المغرب بخصوص موعد كأس إفريقيا 2025    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    أبيدجان.. أخرباش تشيد بوجاهة واشتمالية قرار الأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    استئنافية أكادير تصدر حكمها في قضية وفاة الشاب أمين شاريز    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    المالية العمومية: النشرة الشهرية للخزينة العامة للمملكة في خمس نقاط رئيسية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المدخل القانوني لنظام المساعدة الطبية بين الراهنية والثغرات

إن منظومة التغطية الصحية 65.00 تشكل حدثا تاريخيا و إجتماعيا و تشريعيا يدخل في صلب اهتمام المغرب بمنظومة التنمية البشرية. إن هذا الحدث يحمل نظامين للتغطية : نظام ‘'AMO'' و نظام'' ‘'RAMED ، و سنتناول هذا النظام الخير من منطلق مقارنته بالنظام الأول من خلال معادلة الولوج إلى الخدمات الطبية.ترى إذن ماهي الآليات القانونية لنظام ‘'RAMED''؟ و ماهي الثغرات التي تبرز من خلال مقارنته بنظام ‘'AMO''
1- الآليات القانونية لنظام المساعدة الطبية.
من المعلوم أن المدونة الصحية 65.00 لا تتألف من ديباجة وأهداف عامة وثلاثة كتب، قسط كبير من الكتابين الأول والثاني مخصص للحديث عن النظام الإجباري عن المرض AMO في حين أن الكتاب الثالث المكون من ثلاثة أقسام فقد خصص للحديث بإسهاب عن نظام المساعدة الطبية.
فالديباجة تبرز أن المغرب يحرص على سياسة التنمية الاجتماعية ويعتبر أحد مرتكزاتها تحسين المؤشرات الصحية عبر المساواة والإنصاف في ولوج الخدمات الصحية، وهذا الأفق يتماشى مع المتغيرات الدولية والحراك الوطني. فالدولة ملزمة بالحفاظ على صحة المواطن، لذا فهي تشدد على تقديم الخدمات الصحية الوقائية مجانا، أما الخدمات الأخرى فالدولة تسهر على ضمان الاستفادة منها عن طريق التكفل والتضامن. وفي هذا المضمار جاءت مدونة التغطية الصحية بهدفين: الهدف الأول سن تأمين إجباري عن المرض، والهدف الثاني سن نظام المساعدة الطبية.
أما عن الكتاب الثالث المعنون بنظام المساعدة الطبية، فالمادة 115 منه تنص على أن أحكام هذا القانون"نظام المساعدة الطبية" متضمنة في المواد 116 إلى 119 وبعده وأن مصاريف الخدمات الصحية لا يعترف بها إلا في المرافق الصحية العمومية.
القسم الأول : المستفيدون من نظام التغطية الصحية برسم نظام المساعدة الطبية
تحدد المادة 116 هوية الأشخاص المستفيدين من نظام التغطية الطبية وفق نص تنظيمي وهم كالآتي:
أولا: الأشخاص غير الخاضعين لأي نظام للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وغير المتوفرين على موارد كافية لمواجهة النفقات المترتبة عن الخدمات المشار إليها في المادة 121 أدناه.
ثانيا: أزواجهم.
ثالثا : أولادهم غير المأجورين تحت كفالتهم والبالغين 21 من العمر على الأكثر والذين لا يستفيدون من أي تأمين إجباري أساسي عن المرض، يمكن تمديد هذا الحد من السن إلى غاية 26 سنة في حالة متابعة الدراسة شريطة إثبات ذلك، وأولادهم المعاقون كيفما كان سنهم، والذين يستحيل عليهم بصورة كلية ودائمة بعمل المأجور، على إثر إصابتهم بعجز جسدي أو ذهني.
أما النص التنظيمي الذي يشرح هذه المادة فهو المادة 2 من المرسوم رقم 177-08-2 الصادر بتاريخ 29 سبتمبر 2008، فهذا المرسوم يضبط معايير المساعدة الطبية وهي:
1- شهادة تثبت أن الشخص لا يستفيد من التامين الإجباري عن المرض هو وذويه.
2- على الشخص أن يثبت أن دخله السنوي لا يسمح له هو وذويه بمواجهة النفقات المترتبة عن الخدمات الطبية.
موضوع الدخل كان موضوعا لقرار مشترك لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية ووزير الصحة ووزير الفلاحة والصيد البحري رقم 08-836 بتاريخ 28 رمضان 1429 موافق ل 08-09-29 حدد المتغيرات المتعلقة بشروط الحياة ومعامل الدخل المصرح به ومؤشرات احتساب سقف شروط الحياة الاقتصادية والاجتماعية كي يتسنى للمترشح الاستفادة من RAMED، ومعايير التأهيل في الوسط الحضري هو آن المرشح يجب أن يكون دخله السنوي اقل من 5650 درهما للشخص.
أما التأهيل في الوسط القروي فيقتضي أن تكون ممتلكات المرشح لنظام المساعدة الطبية لا تسمح له بتغطية المصاريف وفق قاعدة معيشية حسابية تعمل بها اللجنة المكلفة بفحص طلبات الترشيح.
ومن خلال الاطلاع على المادة 117 من المدونة نجدها تنص على أن الأطفال الذين يوجدون في منزل واحد مع ذويهم يستفيدون كذلك من خدمات نظام المساعدة الطبية شرط إثبات ذلك.
أما المادة 118 من المدونة فهي توسع لائحة المستفيدين من نظام المساعدة الطبية كما يلي:
- نزلاء المؤسسات الخيرية ودور الأيتام والملاجئ أو مؤسسات إعادة التربية وأي مؤسسة عمومية أو خاصة لا تسعى إلى الحصول على الربح، وتعمل على إيواء أطفال مهملين، آو أشخاص بالغين لا أسرة لهم.
- نزلاء المؤسسات السجينة.
- الأشخاص الذين لا يتوفرون على سكن قار.
- المادة 119 تنص على ما يلي "يستفيد من نظام المساعدة الطبية المستفيدون من مجانية العلاج، عملا بتشريع خاص من اجل تحمل تكاليف مرض أو عدة أمراض".
و المادة 120 تنص على أن الاستفادة من بطاقة المساعدة الطبية يتم عبر الإدارة بعد قبول طلب المرشح وفق شروط ومعايير النص التنظيمي.
فالمادة 10 من المرسوم رقم 177-08-2 الصادر بتاريخ 28 رمضان 1429 موافق 29 سبتمبر 2001 بشان تفعيل إجراءات الكتاب الثالث 65.00 المتعلق بنظام المساعدة الطبية تنص على أن السلطة المحلية تسلم وصل إيداع للمرشح بمجرد تلقي طلبه.
المادة 12 من المرسوم المذكور تنص على أن هناك لجنة محلية دائمة يوكل إليها التحري في المعلومات الواردة في الطلب للحسم فيه، وبالتالي تنتقي الأشخاص المؤهلين وغير المؤهلين. وإذا ما تم الطعن في قرارها من قبل المرشح غير المؤهل فطلبه يحال على لجنة إقليمية دائمة كما تشير إلى ذلك المادة 16 من المرسوم، والتي تصرح إن اللجنة المذكورة يعهد لها القيام بأبحاث إدارية أو اجتماعية لاتخاذ الموقف المناسب.
المادة 19 من المرسوم تفيد أن صلاحية بطاقة المساعدة الطبية تمتد إلى ثلاث سنوات بالنسبة للفقراء وتتقلص إلى سنة واحدة بالنسبة للأشخاص في وضعية هشة.
المادة 6 من المرسوم تصرح أن بطاقة المساعدة الطبية يجب أن تحمل صورة المستفيد وزوجته والأشخاص المتكفل بهم والمركز الصحي للمستفيد وتاريخ انتهاء بطاقة المساعدة الطبية.
وتكمن الفائدة من هذه البطاقة كما توضحها المادة 121 من المرسوم السالف في الولوج إلى الخدمات الطبية على حساب نفقات الدولة باستثناء المساهمة الرمزية للمستفيد إذا كان في خانة الهشاشة ويعفى منها المستفيد إذا كان في خانة الفقر.
القسم الثاني : ما هي الخدمات المضمونة للمستفيد من بطاقة المساعدة الطبية.
تجيب المادة 121 عن ذلك عبر تحديد نوعية الخدمات وهي كالتالي :
- العلاجات الوقائية.
- أعمال الطب العام والتخصصات الطبية والجراحية.
- العلاجات المتعلقة بتتبع الحمل والولادة وتوابعها.
- العلاجات المتعلقة بالاستشفاء والعمليات الجراحية بما في ذلك أعمال الجراحة التعويضية.
- التحاليل البيولوجية الطبية.
- الطب الإشعاعي والفحوص الطبية المصورة.
- الفحوصات الوظيفية.
- الأدوية والمواد الصيدلية المقدمة في العلاج.
- أكياس الدم البشري ومشتقاته، الآلات الطبية وأدوات الانفراس الطبي الضرورية لمختلف الأعمال الطبية والجراحية، الأجهزة التعويضية والبدائل الطبية، النظارات الطبية، علاجات الفم والأسنان.
- تقوية الأسنان بالنسبة للأطفال.
- أعمال التقويم الوظيفي والترويض الطبي.
- الأعمال شبه الطبية.
- التنقلات الصحية بين المستشفيات. لكن المادة 122 من المدونة تستثني من خدمات نظام المساعدة الطبية عمليات الجراحة التقويمية والتجميلية إلا فيما يتعلق بجراحة وتقويم وتعويض الفك والوجه إسوة بما فعل المشرع مع مستفيدي نظام التامين الإجباري عن المرض.
المادة 123 من المدونة توضح نطاق الاستفادة من الخدمات الواردة في المادة 121 المشار إليها أعلاه في المستشفيات العمومية والمؤسسات العمومية للصحة والمصالح الصحية التابعة للدولة فقط.
المادة 124 من المدونة تنص على أن النفقات المتعلقة بالخدمات الواردة في المادة 121 لا تكون إلا إذا كان داخل التراب الوطني.
القسم الثالث : تمويل وتدبير نظام المساعدة الطبية :
المادة 125 من المدونة تنص على أن التمويل يكون من طرف الدولة والجماعات المحلية ومساهمة المستفيدين ويضاف إلى هذه العائدات المالية والهبات والوصايا.
المادة 126 من المدونة تلزم الدولة والجماعات المحلية بان تدرجا كل سنة ضمن ميزانيتهما السنوية النفقات المخصصة لنظام المساعدة الطبية.
وهكذا تم تنزيل هذا النص وفق الأتي :
غدت وزارة الصحة هي المكلفة بالتدبير المالي لهذا النظام عبر مديريتها "نظام المساعدة الطبية" أما الوكالة الوطنية للتامين الصحي عهد إليها بالإشراف التقني والمعلوماتي .
المبحث الثاني : الثغرات الواردة في المنظومة القانونية لنظام المساعدة الطبية كما وردت في مدونة الصحة 65.00 .
لا يجادل اثنان بان نظام المساعدة الطبية حقق مكاسب اجتماعية وتشريعية للمعوزين بتمكينهم من الولوج إلى الخدمات الصحية من خلال بطاقة نظام المساعدة الطبية بدلا من شهادة الاحتياج . واللافت بعد قراءتنا لمدونة التغطية الصحية 65.00 وما واكبها من نصوص تطبيقية وكذلك بعد تصفحنا لقانون إطار الصحة رقم 34-09 المتعلق برفع سقف المنظومة الصحية استجابة للساكنة، وخاصة المادة الأولى التي تنص على أن المغرب انطلاقا من المادة 46 من دستوره، واعتبارا بأن الصحة من الحقوق الأساسية، وتشبثه بالاتفاقيات الدولية خاصة الميثاق الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك دستور منظمة الصحة العالمية، فإن المغرب منخرط في الأهداف الأساسية من خلال بلورة منظومة صحية تخدم المواطن، وكذلك المادة 2 من القسم الأول من نفس القانون المشار إليه أعلاه تحرص في فقراتها على المساواة في الولوج إلى الخدمات الطبية والعدالة في التوزيع الجغرافي للموارد الصحية. والمسؤولية الكبرى التي تضطلع بها الدولة هي تثبيت هذه الأهداف، وهكذا سنبادر بطرح سؤالين : هل من مساواة في الولوج إلى الخدمات الصحية بين المستفيدين من نظام التأمين الإجباري عن المرض والمستفيدين من نظام المساعدة الطبية ؟
وهل من مجال الحديث عن الإنصاف في مجال توزيع الموارد الصحية بين السكان على المستوى الجغرافي كي يستفيدوا من خدماتها؟ بوضوح كما بينا من خلال النصوص القانونية لنظام المساعدة الطبية ومقارنتها بنصوص التامين الإجباري على المرض كما تبرز ذلك المدونة 65.00، أن ليس هناك مساواة بين المستفيدين من نظام التامين الإجباري عن المرض والمعوزين من نظام المساعدة الطبية في الولوج إلى الخدمات الطبية.
وسنبسط المواد التالية لتبيان ذلك :
المادة 13 من المدونة 65.00 تبرز أن الخدمات الطبية برسم التامين الإجباري عن المرض تمكن مستفيديها من الولوج إلى الخدمات سواء كانت مقدمة داخل التراب الوطني أو خارجه، لكن في نطاق ضيق إذا حصل للمستفيد وعكة صحية في حين أن المادة 124 من المدونة كما أسلفنا إلى ذلك بان الخدمات الطبية برسم نظام المساعدة الطبية لا تعترف لمستفيديها بالعلاج خارج التراب الوطني. وهنا تثار هوامش في هذا المجال: إذا كان للمستفيد من نظام المساعدة الطبية في الخارج وحصلت له وعكة صحية يستوجب معها الولوج إلى المستشفى هناك فكيف يتيسر له الولوج إلى هذه الخدمة في ظل عدم اعتراف الدولة له بهذا الحق ،وهي مع الأسف تعترف له بذلك كما ورد في قانون الإطار الصحة 08-39.
المادة 19 من المدونة 65.00 تتضمن أن المستفيدين برسم نظام التامين الإجباري عن المرض يلجون إلى خدمات القطاع الخاص وخدمات القطاع العام على حد سواء، في حين أن المادة 123 من المدونة 65.00 فإنها تحصر باب الاستفادة برسم خدمات نظام المساعدة الطبية في المستشفيات والمصالح الصحية للدولة فقط.
إن هذا الأمر كان سيستقيم لو كانت الموارد الصحية العمومية في مستوى طموحات المواطنين ،ذلك انه قطاع يعاني من أزمة الحكامة وقلة الموارد البشرية وقلة التأهيل للبنيات التحتية وضعف الميزانية المرصودة، وافتقارها كذلك إلى ابسط الخدمات مثال على ذلك تحاليل طبية بسيطة وغير مكلفة لا نجد لها أثرا في المستشفى الإقليمي مما يضطر المستفيد من نظام المساعدة الطبية إلى التوجه إلى المركز ألاستشفائي الجامعي الذي هو مع الأسف تبعا لأدبيات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية مختص في انجاز الخدمات الكبرى والمتطورة.
المادة 12 من المدونة 65.00 تنص على أن المستفيد برسم التامين الإجباري عن المرض له الحق في استرداد ثمن الأدوية طبقا للثمن العمومي في حين إن المستفيد برسم نظام المساعدة الطبية تجعله يتحمل نفقات الأدوية على حسابه الخاص، علما أن حياتنا الاجتماعية تعرف ارتفاعا في الأسعار وتخلي الدولة التدريجي عن الدعم وتآكل قيم التضامن الاجتماعي والإجهاز على الطبقة الفقيرة.
المادة 125 من المدونة 65.00 برسم نظام المساعدة الطبية يتضمن أن من ضمن موارد نظام المساعدة الطبية مساهمة المستفيدين الذين يوجدون في خانة الهشاشة، وهذا أمر محرج ومربك على اعتبار أن هؤلاء في أمس الحاجة إلى المساعدة النقدية والتضامن بدلا من إجبارهم على تحمل نسبة 19% من النسبة العامة لموارد نظام المساعدة الطبية تضاف إلى نسبة مساهمة الدولة 75 % ونسبة مساهمة الجماعات المحلية 6 %. وإذا افترضنا وجود مرونة في هذه المعادلة فلماذا لا تكن نسبة المستفيد هي نسبة الجماعات المحلية هي نسبة المستفيد، وبالتالي تكون المعادلة على هذا الشكل الأتي:
نسبة الدولة لا تتغير 75 % ونسبة الجماعات المحلية هي 19 % ونسبة المستفيد هي 6 %.
وهناك مؤاخذة على النص التنظيمي الشارح للمادة 116 من المدونة 65.00 الذي يحدد معايير التأهيل في الوسط الحضري والوسط القروي للحصول على انتزاع بطاقة نظام المساعدة الطبية، فمعيار الدخل الفردي للشخص الواحد في الوسط الحضري يجب أن يكون اقل من 5650 درهما في السنة، وهنا نطرح سؤالا هل إذا فاق الدخل للشخص المرشح في السنة هذا الرقم ولو بقليل جدا 5660 درهما أو 5800 درهما أو (5600) 6000 درهما أو 7000 درهما يجعل صاحب طلب الترشيح غير مؤهل لينتزع بطاقة الرميد .
بكل موضوعية في ضوء الارتفاع الصاروخي للمعيشة وإعادة النظر في منظومة الدعم من طرف الحكومة يجعل المعيار المشار إليه أعلاه هشا وغير متوازن.ومن ثم لابد من إعادة النظر فيه.
ولعل المتتبع للتدبير الصحي يلاحظ إن تدبير نظام المساعدة الطبية أوكل إلى وزارة الصحة على المستوى المالي والى الوكالة الوطنية للتامين الصحي على مستوى الإشراف التقني والمعلوماتي، وهذا أمر متسرع في ظل اتجاه الدولة إلى اللامركزية كتخفيف العبء عن الحكومة كآلية لتصريف الشؤون العامة في قطاع ما بحكامة وجودة وتسيير عالي ، وباستقلال عن الوكالة الوطنية للتامين الصحي: ومعنى هذا أن أمر تدبير نظام المساعدة الطبية يجب أن يوكل إلى مؤسسة عمومية لها شخصية معنوية عامة، واستقلال مالي وإداري إسوة بما فعل المشرع عندما عهد مسالة تدبير النظام التامين الإجباري عن المرض لمؤسسة الوكالة الوطنية للتامين الصحي.
ويضاف إلى هذه النقائص غياب النص التنظيمي الذي يؤطر الفئات الجديدة التي من المفترض أن تستفيد من نظام التامين الإجباري عن المرض من قبيل الطلبة والأشخاص المستقلين والأشخاص المزاولين لنشاط غير مأجور، فغياب النص المؤطر للطلبة يجعل الإدارة تسقط في التناقض مع مقتضيات المدونة 65.00 ،ذلك أن الإدارة تعتبرهم في خانة المستفيدين من نظام المساعدة الطبية، في حين أن الفئة الثانية والثالثة مازالت تنتظر من المشرع أن يستجيب لطموحاتهما قصد الاستفادة من نظام التامين الإجباري عن المرض.
وكخلاصة، وبناء على ما سبق من معطيات، وحرصا من كون المغرب تفاعل مع المتغيرات الدولية والإقليمية والوطنية بشكل ايجابي ،وحرصا من كونه انخرط في أوراش سياسية ودستورية وقانونية واجتماعية تجعل من الصحة كحق دستوري، فان على المعنيين بالأمر في مجال الصحة أن يحينوا جل النصوص القانونية المؤطرة لنظام المساعدة الطبية كي ندفع بهذا المشروع الاجتماعي الكبير إلى الأمام وبالتالي نحسن ترتيبنا في سلم التنمية البشرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.