ضمنهم حكيمي وبونو.. المرشحين للكرة الذهبية 2025    قاضي جرائم الأموال يأمر بسجن رئيس المجلس الإقليمي لشفشاون بتهم ثقيلة    باريس تُعلّق الإعفاءات الدبلوماسية.. والجزائر تردّ بالمثل في أزمة جديدة بين البلدين    نتنياهو: إسرائيل تريد السيطرة على غزة "لا حكمها"    حقوقيون: السقوط الدستوري للمسطرة الجنائية ليس معزولا عن منهجية التشريع المتسمة بانعدام الشفافية    المنتخب المغربي المحلي يستعد لمواجهة كينيا    الأرصاد تُحذر: موجة حر وزخات رعدية تضرب مناطق واسعة بالمملكة ابتداءً من اليوم    انتحار طفل في ال12 من عمره شنقًا.. وأصابع الاتهام تشير إلى لعبة "فري فاير"    تدخل أمني بمنطقة الروكسي بطنجة بعد بث فيديو يوثق التوقف العشوائي فوق الأرصفة        تدخل سريع يخمد حريقا اندلع بغابة "ازارن" بإقليم وزان والكنافي يكشف حيثياته    لجنة عربية تطلق حملة ضد ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام    الارتفاع يسم تداولات بورصة البيضاء    فشل الجزائر في قضية الصحراء المغربية يفاقم التوتر الدبلوماسي مع فرنسا    وزارة الخارجية تحتفل باليوم الوطني للمغاربة المقيمين بالخارج    الوداد يعقد الجمع العام في شتنبر    بني بوعياش.. اطلاق الشطر الاول لمشروع التأهيل الحضري        أول نسخة من "الهوبيت" تجني 57 ألف دولار        لسنا في حاجة إلى المزيد من هدر الزمن السياسي    الماء أولا... لا تنمية تحت العطش    الملك كضامن للديمقراطية وتأمين نزاهة الانتخابات وتعزيز الثقة في المؤسسات    وزير الإعلام الفلسطيني : المساعدة الإنسانية والطبية العاجلة سيكون لها أثر إيجابي ملموس على حياة ساكنة غزة    تيمة الموت في قصص « الموتى لا يعودون » للبشير الأزمي    «دخان الملائكة».. تفكيك الهامش عبر سردية الطفولة    السرد و أنساقه السيميائية    المغرب.. من أرض فلاحية إلى قوة صناعية إقليمية خلال عقدين برؤية ملكية استشرافية    فرنسا تلغي إقامة مغربي أشعل سيجارة من "شعلة الجندي المجهول" في باريس (فيديو)    زيلينسكي يدعو بوتين مجددا إلى لقاء لإنهاء الحرب في أوكرانيا والرئيس الروسي يعتبر "الظروف غير متوفرة"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية كوت ديفوار بمناسبة العيد الوطني لبلاده        ارتفاع أسعار الذهب بفضل تراجع الدولار وسط آمال بخفض الفائدة الأمريكية    "صحة غزة": ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 197 بينهم 96 طفلا    سون هيونغ مين ينضم للوس أنجليس الأمريكي    "أيميا باور" الإماراتية تستثمر 2.6 مليار درهم في محطة تحلية المياه بأكادير    يوليوز 2025 ثالث أكثر الشهور حرارة فى تاريخ كوكب الأرض    وكالة: وضعية مخزون الدم بالمغرب "مطمئنة"    صيف شفشاون 2025.. المدينة الزرقاء تحتفي بزوارها ببرنامج ثقافي وفني متنوع    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟    الفتح الناظوري يضم أحمد جحوح إلى تشكيلته        رخص مزورة وتلاعب بنتائج المباريات.. عقوبات تأديبية تطال أندية ومسؤولين بسبب خروقات جسيمة    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    الداخلة.. ‬‮«‬جريمة ‬صيد‮»‬ ‬تكشف ‬ضغط ‬المراقبة ‬واختلال ‬الوعي ‬المهني ‬    الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي فرضها ترامب تدخل حيز التنفيذ    المغرب ‬يرسّخ ‬جاذبيته ‬السياحية ‬ويستقطب ‬‮«‬أونا‮»‬ ‬الإسبانية ‬في ‬توسع ‬يشمل ‬1561 ‬غرفة ‬فندقية ‬    قروض ‬المقاولات ‬غير ‬المالية ‬تسجل ‬ارتفاعا ‬بنسبة ‬3.‬1 ‬في ‬المائة ‬    جو عمار... الفنان اليهودي المغربي الذي سبق صوته الدبلوماسية وبنى جسورًا بين المغرب واليهود المغاربة بإسرائيل    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    حين يتحدث الانتماء.. رضا سليم يختار "الزعيم" ويرفض عروضا مغرية    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المدخل القانوني لنظام المساعدة الطبية بين الراهنية والثغرات

إن منظومة التغطية الصحية 65.00 تشكل حدثا تاريخيا و إجتماعيا و تشريعيا يدخل في صلب اهتمام المغرب بمنظومة التنمية البشرية. إن هذا الحدث يحمل نظامين للتغطية : نظام ‘'AMO'' و نظام'' ‘'RAMED ، و سنتناول هذا النظام الخير من منطلق مقارنته بالنظام الأول من خلال معادلة الولوج إلى الخدمات الطبية.ترى إذن ماهي الآليات القانونية لنظام ‘'RAMED''؟ و ماهي الثغرات التي تبرز من خلال مقارنته بنظام ‘'AMO''
1- الآليات القانونية لنظام المساعدة الطبية.
من المعلوم أن المدونة الصحية 65.00 لا تتألف من ديباجة وأهداف عامة وثلاثة كتب، قسط كبير من الكتابين الأول والثاني مخصص للحديث عن النظام الإجباري عن المرض AMO في حين أن الكتاب الثالث المكون من ثلاثة أقسام فقد خصص للحديث بإسهاب عن نظام المساعدة الطبية.
فالديباجة تبرز أن المغرب يحرص على سياسة التنمية الاجتماعية ويعتبر أحد مرتكزاتها تحسين المؤشرات الصحية عبر المساواة والإنصاف في ولوج الخدمات الصحية، وهذا الأفق يتماشى مع المتغيرات الدولية والحراك الوطني. فالدولة ملزمة بالحفاظ على صحة المواطن، لذا فهي تشدد على تقديم الخدمات الصحية الوقائية مجانا، أما الخدمات الأخرى فالدولة تسهر على ضمان الاستفادة منها عن طريق التكفل والتضامن. وفي هذا المضمار جاءت مدونة التغطية الصحية بهدفين: الهدف الأول سن تأمين إجباري عن المرض، والهدف الثاني سن نظام المساعدة الطبية.
أما عن الكتاب الثالث المعنون بنظام المساعدة الطبية، فالمادة 115 منه تنص على أن أحكام هذا القانون"نظام المساعدة الطبية" متضمنة في المواد 116 إلى 119 وبعده وأن مصاريف الخدمات الصحية لا يعترف بها إلا في المرافق الصحية العمومية.
القسم الأول : المستفيدون من نظام التغطية الصحية برسم نظام المساعدة الطبية
تحدد المادة 116 هوية الأشخاص المستفيدين من نظام التغطية الطبية وفق نص تنظيمي وهم كالآتي:
أولا: الأشخاص غير الخاضعين لأي نظام للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وغير المتوفرين على موارد كافية لمواجهة النفقات المترتبة عن الخدمات المشار إليها في المادة 121 أدناه.
ثانيا: أزواجهم.
ثالثا : أولادهم غير المأجورين تحت كفالتهم والبالغين 21 من العمر على الأكثر والذين لا يستفيدون من أي تأمين إجباري أساسي عن المرض، يمكن تمديد هذا الحد من السن إلى غاية 26 سنة في حالة متابعة الدراسة شريطة إثبات ذلك، وأولادهم المعاقون كيفما كان سنهم، والذين يستحيل عليهم بصورة كلية ودائمة بعمل المأجور، على إثر إصابتهم بعجز جسدي أو ذهني.
أما النص التنظيمي الذي يشرح هذه المادة فهو المادة 2 من المرسوم رقم 177-08-2 الصادر بتاريخ 29 سبتمبر 2008، فهذا المرسوم يضبط معايير المساعدة الطبية وهي:
1- شهادة تثبت أن الشخص لا يستفيد من التامين الإجباري عن المرض هو وذويه.
2- على الشخص أن يثبت أن دخله السنوي لا يسمح له هو وذويه بمواجهة النفقات المترتبة عن الخدمات الطبية.
موضوع الدخل كان موضوعا لقرار مشترك لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية ووزير الصحة ووزير الفلاحة والصيد البحري رقم 08-836 بتاريخ 28 رمضان 1429 موافق ل 08-09-29 حدد المتغيرات المتعلقة بشروط الحياة ومعامل الدخل المصرح به ومؤشرات احتساب سقف شروط الحياة الاقتصادية والاجتماعية كي يتسنى للمترشح الاستفادة من RAMED، ومعايير التأهيل في الوسط الحضري هو آن المرشح يجب أن يكون دخله السنوي اقل من 5650 درهما للشخص.
أما التأهيل في الوسط القروي فيقتضي أن تكون ممتلكات المرشح لنظام المساعدة الطبية لا تسمح له بتغطية المصاريف وفق قاعدة معيشية حسابية تعمل بها اللجنة المكلفة بفحص طلبات الترشيح.
ومن خلال الاطلاع على المادة 117 من المدونة نجدها تنص على أن الأطفال الذين يوجدون في منزل واحد مع ذويهم يستفيدون كذلك من خدمات نظام المساعدة الطبية شرط إثبات ذلك.
أما المادة 118 من المدونة فهي توسع لائحة المستفيدين من نظام المساعدة الطبية كما يلي:
- نزلاء المؤسسات الخيرية ودور الأيتام والملاجئ أو مؤسسات إعادة التربية وأي مؤسسة عمومية أو خاصة لا تسعى إلى الحصول على الربح، وتعمل على إيواء أطفال مهملين، آو أشخاص بالغين لا أسرة لهم.
- نزلاء المؤسسات السجينة.
- الأشخاص الذين لا يتوفرون على سكن قار.
- المادة 119 تنص على ما يلي "يستفيد من نظام المساعدة الطبية المستفيدون من مجانية العلاج، عملا بتشريع خاص من اجل تحمل تكاليف مرض أو عدة أمراض".
و المادة 120 تنص على أن الاستفادة من بطاقة المساعدة الطبية يتم عبر الإدارة بعد قبول طلب المرشح وفق شروط ومعايير النص التنظيمي.
فالمادة 10 من المرسوم رقم 177-08-2 الصادر بتاريخ 28 رمضان 1429 موافق 29 سبتمبر 2001 بشان تفعيل إجراءات الكتاب الثالث 65.00 المتعلق بنظام المساعدة الطبية تنص على أن السلطة المحلية تسلم وصل إيداع للمرشح بمجرد تلقي طلبه.
المادة 12 من المرسوم المذكور تنص على أن هناك لجنة محلية دائمة يوكل إليها التحري في المعلومات الواردة في الطلب للحسم فيه، وبالتالي تنتقي الأشخاص المؤهلين وغير المؤهلين. وإذا ما تم الطعن في قرارها من قبل المرشح غير المؤهل فطلبه يحال على لجنة إقليمية دائمة كما تشير إلى ذلك المادة 16 من المرسوم، والتي تصرح إن اللجنة المذكورة يعهد لها القيام بأبحاث إدارية أو اجتماعية لاتخاذ الموقف المناسب.
المادة 19 من المرسوم تفيد أن صلاحية بطاقة المساعدة الطبية تمتد إلى ثلاث سنوات بالنسبة للفقراء وتتقلص إلى سنة واحدة بالنسبة للأشخاص في وضعية هشة.
المادة 6 من المرسوم تصرح أن بطاقة المساعدة الطبية يجب أن تحمل صورة المستفيد وزوجته والأشخاص المتكفل بهم والمركز الصحي للمستفيد وتاريخ انتهاء بطاقة المساعدة الطبية.
وتكمن الفائدة من هذه البطاقة كما توضحها المادة 121 من المرسوم السالف في الولوج إلى الخدمات الطبية على حساب نفقات الدولة باستثناء المساهمة الرمزية للمستفيد إذا كان في خانة الهشاشة ويعفى منها المستفيد إذا كان في خانة الفقر.
القسم الثاني : ما هي الخدمات المضمونة للمستفيد من بطاقة المساعدة الطبية.
تجيب المادة 121 عن ذلك عبر تحديد نوعية الخدمات وهي كالتالي :
- العلاجات الوقائية.
- أعمال الطب العام والتخصصات الطبية والجراحية.
- العلاجات المتعلقة بتتبع الحمل والولادة وتوابعها.
- العلاجات المتعلقة بالاستشفاء والعمليات الجراحية بما في ذلك أعمال الجراحة التعويضية.
- التحاليل البيولوجية الطبية.
- الطب الإشعاعي والفحوص الطبية المصورة.
- الفحوصات الوظيفية.
- الأدوية والمواد الصيدلية المقدمة في العلاج.
- أكياس الدم البشري ومشتقاته، الآلات الطبية وأدوات الانفراس الطبي الضرورية لمختلف الأعمال الطبية والجراحية، الأجهزة التعويضية والبدائل الطبية، النظارات الطبية، علاجات الفم والأسنان.
- تقوية الأسنان بالنسبة للأطفال.
- أعمال التقويم الوظيفي والترويض الطبي.
- الأعمال شبه الطبية.
- التنقلات الصحية بين المستشفيات. لكن المادة 122 من المدونة تستثني من خدمات نظام المساعدة الطبية عمليات الجراحة التقويمية والتجميلية إلا فيما يتعلق بجراحة وتقويم وتعويض الفك والوجه إسوة بما فعل المشرع مع مستفيدي نظام التامين الإجباري عن المرض.
المادة 123 من المدونة توضح نطاق الاستفادة من الخدمات الواردة في المادة 121 المشار إليها أعلاه في المستشفيات العمومية والمؤسسات العمومية للصحة والمصالح الصحية التابعة للدولة فقط.
المادة 124 من المدونة تنص على أن النفقات المتعلقة بالخدمات الواردة في المادة 121 لا تكون إلا إذا كان داخل التراب الوطني.
القسم الثالث : تمويل وتدبير نظام المساعدة الطبية :
المادة 125 من المدونة تنص على أن التمويل يكون من طرف الدولة والجماعات المحلية ومساهمة المستفيدين ويضاف إلى هذه العائدات المالية والهبات والوصايا.
المادة 126 من المدونة تلزم الدولة والجماعات المحلية بان تدرجا كل سنة ضمن ميزانيتهما السنوية النفقات المخصصة لنظام المساعدة الطبية.
وهكذا تم تنزيل هذا النص وفق الأتي :
غدت وزارة الصحة هي المكلفة بالتدبير المالي لهذا النظام عبر مديريتها "نظام المساعدة الطبية" أما الوكالة الوطنية للتامين الصحي عهد إليها بالإشراف التقني والمعلوماتي .
المبحث الثاني : الثغرات الواردة في المنظومة القانونية لنظام المساعدة الطبية كما وردت في مدونة الصحة 65.00 .
لا يجادل اثنان بان نظام المساعدة الطبية حقق مكاسب اجتماعية وتشريعية للمعوزين بتمكينهم من الولوج إلى الخدمات الصحية من خلال بطاقة نظام المساعدة الطبية بدلا من شهادة الاحتياج . واللافت بعد قراءتنا لمدونة التغطية الصحية 65.00 وما واكبها من نصوص تطبيقية وكذلك بعد تصفحنا لقانون إطار الصحة رقم 34-09 المتعلق برفع سقف المنظومة الصحية استجابة للساكنة، وخاصة المادة الأولى التي تنص على أن المغرب انطلاقا من المادة 46 من دستوره، واعتبارا بأن الصحة من الحقوق الأساسية، وتشبثه بالاتفاقيات الدولية خاصة الميثاق الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك دستور منظمة الصحة العالمية، فإن المغرب منخرط في الأهداف الأساسية من خلال بلورة منظومة صحية تخدم المواطن، وكذلك المادة 2 من القسم الأول من نفس القانون المشار إليه أعلاه تحرص في فقراتها على المساواة في الولوج إلى الخدمات الطبية والعدالة في التوزيع الجغرافي للموارد الصحية. والمسؤولية الكبرى التي تضطلع بها الدولة هي تثبيت هذه الأهداف، وهكذا سنبادر بطرح سؤالين : هل من مساواة في الولوج إلى الخدمات الصحية بين المستفيدين من نظام التأمين الإجباري عن المرض والمستفيدين من نظام المساعدة الطبية ؟
وهل من مجال الحديث عن الإنصاف في مجال توزيع الموارد الصحية بين السكان على المستوى الجغرافي كي يستفيدوا من خدماتها؟ بوضوح كما بينا من خلال النصوص القانونية لنظام المساعدة الطبية ومقارنتها بنصوص التامين الإجباري على المرض كما تبرز ذلك المدونة 65.00، أن ليس هناك مساواة بين المستفيدين من نظام التامين الإجباري عن المرض والمعوزين من نظام المساعدة الطبية في الولوج إلى الخدمات الطبية.
وسنبسط المواد التالية لتبيان ذلك :
المادة 13 من المدونة 65.00 تبرز أن الخدمات الطبية برسم التامين الإجباري عن المرض تمكن مستفيديها من الولوج إلى الخدمات سواء كانت مقدمة داخل التراب الوطني أو خارجه، لكن في نطاق ضيق إذا حصل للمستفيد وعكة صحية في حين أن المادة 124 من المدونة كما أسلفنا إلى ذلك بان الخدمات الطبية برسم نظام المساعدة الطبية لا تعترف لمستفيديها بالعلاج خارج التراب الوطني. وهنا تثار هوامش في هذا المجال: إذا كان للمستفيد من نظام المساعدة الطبية في الخارج وحصلت له وعكة صحية يستوجب معها الولوج إلى المستشفى هناك فكيف يتيسر له الولوج إلى هذه الخدمة في ظل عدم اعتراف الدولة له بهذا الحق ،وهي مع الأسف تعترف له بذلك كما ورد في قانون الإطار الصحة 08-39.
المادة 19 من المدونة 65.00 تتضمن أن المستفيدين برسم نظام التامين الإجباري عن المرض يلجون إلى خدمات القطاع الخاص وخدمات القطاع العام على حد سواء، في حين أن المادة 123 من المدونة 65.00 فإنها تحصر باب الاستفادة برسم خدمات نظام المساعدة الطبية في المستشفيات والمصالح الصحية للدولة فقط.
إن هذا الأمر كان سيستقيم لو كانت الموارد الصحية العمومية في مستوى طموحات المواطنين ،ذلك انه قطاع يعاني من أزمة الحكامة وقلة الموارد البشرية وقلة التأهيل للبنيات التحتية وضعف الميزانية المرصودة، وافتقارها كذلك إلى ابسط الخدمات مثال على ذلك تحاليل طبية بسيطة وغير مكلفة لا نجد لها أثرا في المستشفى الإقليمي مما يضطر المستفيد من نظام المساعدة الطبية إلى التوجه إلى المركز ألاستشفائي الجامعي الذي هو مع الأسف تبعا لأدبيات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية مختص في انجاز الخدمات الكبرى والمتطورة.
المادة 12 من المدونة 65.00 تنص على أن المستفيد برسم التامين الإجباري عن المرض له الحق في استرداد ثمن الأدوية طبقا للثمن العمومي في حين إن المستفيد برسم نظام المساعدة الطبية تجعله يتحمل نفقات الأدوية على حسابه الخاص، علما أن حياتنا الاجتماعية تعرف ارتفاعا في الأسعار وتخلي الدولة التدريجي عن الدعم وتآكل قيم التضامن الاجتماعي والإجهاز على الطبقة الفقيرة.
المادة 125 من المدونة 65.00 برسم نظام المساعدة الطبية يتضمن أن من ضمن موارد نظام المساعدة الطبية مساهمة المستفيدين الذين يوجدون في خانة الهشاشة، وهذا أمر محرج ومربك على اعتبار أن هؤلاء في أمس الحاجة إلى المساعدة النقدية والتضامن بدلا من إجبارهم على تحمل نسبة 19% من النسبة العامة لموارد نظام المساعدة الطبية تضاف إلى نسبة مساهمة الدولة 75 % ونسبة مساهمة الجماعات المحلية 6 %. وإذا افترضنا وجود مرونة في هذه المعادلة فلماذا لا تكن نسبة المستفيد هي نسبة الجماعات المحلية هي نسبة المستفيد، وبالتالي تكون المعادلة على هذا الشكل الأتي:
نسبة الدولة لا تتغير 75 % ونسبة الجماعات المحلية هي 19 % ونسبة المستفيد هي 6 %.
وهناك مؤاخذة على النص التنظيمي الشارح للمادة 116 من المدونة 65.00 الذي يحدد معايير التأهيل في الوسط الحضري والوسط القروي للحصول على انتزاع بطاقة نظام المساعدة الطبية، فمعيار الدخل الفردي للشخص الواحد في الوسط الحضري يجب أن يكون اقل من 5650 درهما في السنة، وهنا نطرح سؤالا هل إذا فاق الدخل للشخص المرشح في السنة هذا الرقم ولو بقليل جدا 5660 درهما أو 5800 درهما أو (5600) 6000 درهما أو 7000 درهما يجعل صاحب طلب الترشيح غير مؤهل لينتزع بطاقة الرميد .
بكل موضوعية في ضوء الارتفاع الصاروخي للمعيشة وإعادة النظر في منظومة الدعم من طرف الحكومة يجعل المعيار المشار إليه أعلاه هشا وغير متوازن.ومن ثم لابد من إعادة النظر فيه.
ولعل المتتبع للتدبير الصحي يلاحظ إن تدبير نظام المساعدة الطبية أوكل إلى وزارة الصحة على المستوى المالي والى الوكالة الوطنية للتامين الصحي على مستوى الإشراف التقني والمعلوماتي، وهذا أمر متسرع في ظل اتجاه الدولة إلى اللامركزية كتخفيف العبء عن الحكومة كآلية لتصريف الشؤون العامة في قطاع ما بحكامة وجودة وتسيير عالي ، وباستقلال عن الوكالة الوطنية للتامين الصحي: ومعنى هذا أن أمر تدبير نظام المساعدة الطبية يجب أن يوكل إلى مؤسسة عمومية لها شخصية معنوية عامة، واستقلال مالي وإداري إسوة بما فعل المشرع عندما عهد مسالة تدبير النظام التامين الإجباري عن المرض لمؤسسة الوكالة الوطنية للتامين الصحي.
ويضاف إلى هذه النقائص غياب النص التنظيمي الذي يؤطر الفئات الجديدة التي من المفترض أن تستفيد من نظام التامين الإجباري عن المرض من قبيل الطلبة والأشخاص المستقلين والأشخاص المزاولين لنشاط غير مأجور، فغياب النص المؤطر للطلبة يجعل الإدارة تسقط في التناقض مع مقتضيات المدونة 65.00 ،ذلك أن الإدارة تعتبرهم في خانة المستفيدين من نظام المساعدة الطبية، في حين أن الفئة الثانية والثالثة مازالت تنتظر من المشرع أن يستجيب لطموحاتهما قصد الاستفادة من نظام التامين الإجباري عن المرض.
وكخلاصة، وبناء على ما سبق من معطيات، وحرصا من كون المغرب تفاعل مع المتغيرات الدولية والإقليمية والوطنية بشكل ايجابي ،وحرصا من كونه انخرط في أوراش سياسية ودستورية وقانونية واجتماعية تجعل من الصحة كحق دستوري، فان على المعنيين بالأمر في مجال الصحة أن يحينوا جل النصوص القانونية المؤطرة لنظام المساعدة الطبية كي ندفع بهذا المشروع الاجتماعي الكبير إلى الأمام وبالتالي نحسن ترتيبنا في سلم التنمية البشرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.