البرلمان يستدعي رئيس الحكومة لمساءلته حول حصيلة التنمية في الصحراء المغربية    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام منتخب أوغندا    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    زايو على درب التنمية: لقاء تشاوري يضع أسس نموذج مندمج يستجيب لتطلعات الساكنة    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    هنا المغرب    وفد قضائي وطني رفيع يزور جماعة الطاح بطرفاية تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء واستحضاراً للموقع التاريخي للملك الراحل الحسن الثاني    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عندما يصبح عمل الليل مسخرة في الصباح" يا فخامة رئيس الحكومة
نشر في شعب بريس يوم 24 - 07 - 2012


د.حبيب عنون

تتأكد لذا المواطن المغربي، حدث تلو الحدث ومع تداول أيام وأشهر على انتداب حكومة السيد بنكيران صحة وواقعية إحدى الكلمات وما هي في الأصل بكلمات بل بحكمة وهي مقتبسة ليس من مسلسل احديدان أو المجذوب بل من واقع يعيشه أحد الميكانيكيين مع المتدربين لديه (المتعلمين ) حين قال لأحدهم بسخرية وهو يحاول إصلاح عطب في محركات إحدى السيارات ممسكا بيده اليسرى ... وباليد اليمنى أداة اشتغاله: "ألا تعلم أن عمل الليل، هو مهزلة ومسخرة عند الصباح؟" وبالدارجة المغربية " راه الخدمة ديال الليل، كتكون ضحكة فالصباح".

قد تكون قولة هذا الميكانيكي منسجمة تماما والطريقة التي تمت بها صياغة البرنامج الاقتصادي والاجتماعي لحزب العدالة والتنمية من زاوية خصوصيات الظرفية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي كانت خلالها مختلف الفعاليات السياسية الحزبية تزخرف برامجها للظفر بتدبير شؤون أول حكومة سيعهد لها تنزيل دستور 2011. ومما لا ريب فيه أن التوجهات التي تنهجها حكومة السيد ابن كيران لا صلة لها تماما ليس فقط بما كان موعودا به خطابيا بل حتى بما كان يتم التشهير به عبثا لكونه بات تمويها خطابيا دون وزن واقعي وبالتالي دون مصداقية ولا أفق من حيث التفعيل. وبات العجز في التدبير الاقتصادي والاجتماعي يتم حجبه بمصطلحات جديدة دخيلة عن ما ألفه المواطن المغربي حيث تم استبدال عبارة عدم توفر "العصا السحرية" كتعبير لعسرة التغيير الآني بمصطلح أو بذريعة تواجد "التماسيح والديناصورات والعفاريت...". من الأكيد أن هذه المصطلحات عند ترجمتها إلى لغات الدول الأجنبية التي تتابع تدبير شاننا العام ربما انها لن تجد لبلدنا "مستنقعا" أو انها ستعتقد أن السيد رئيس الحكومة المغربية السيد ابن كيران بصدد الحديث ربما عن حديقة للحيوانات أو عن عالم الجن والعفاريت والديناسورات.

عرضين ومساءلتين أمام المجلس التشريعي بغرفتيه ولقاء تلفزي موحد مع القناتين المغربيتين لم يفلح حينها السيد ابن كيران في الابراز بدقة وموضوعية لا عن التوجه العام للسياسة الاقتصادية والاجتماعية لحكومته من زاوية المؤشرات الماكرواقتصادية أي تطور نسبة التضخم ونسبة البطالة ونسبة الناتج الداخلي الخام والتوازنات الخارجية؛ ولا عن الانشغالات الآنية للمواطن المغربي من زاوية القدرة الشرائية المقرونة بإصلاح المثلث المتكون من منظومة الأجور ومنظومة الوظيفة العمومية والأسعار والخدمات علاوة على السكن الذي بات إشكالية ذات وجهتين: هل الاهتمام بما يريب ويتساقط على المواطن المغربي من منازل ومساجد أم الاهتمام بسد العجز المتزايد في السكن أم الاهتمام بعقلنة تدبير سوق هذا المجال...؟

لم تستطع حكومة السيد ابن كيران الاعتراف بعجزها عن إصلاح صندوق المقاصة وتسرعت باتخاذها لقرار الزيادة في تأزم القدرة الشرائية للمواطنين من خلال الزيادة في ثمن فتيل محرك سواء العرض أو الطلب أي محرك الاقتصاد الوطني. قد كان هذا منتظرا منذ أن تغاضت الحكومة عن فرض الضريبة على الثروة دون تعليل وتغاضيها على التخفيض من الأجور الخيالية والتعويضات والتقاعد الأبدي للسادة الوزراء والسادة نواب الأمة والتغاضي كذلك عن الاستغلال غير المعقلن لسيارات الدولة والتي لم تجرأ الحكومة لا على تعدادها ولا على تبيان وزر استغلال هذه السيارات على خزينة الدولة. ألم يصرح أحد وزراء حكومة ابن كيران بما أسماه بالعصيان الضريبي بدعوى أنه ليس من الوطنية أن تفرض الضريبة على الضعيف وأن يتملص منها الغني؟ ترى في أي درج تم إقبار ملفات المأذونيات والمقالع وملفات احتكار اجود مصادر الثروة في البلاد والتي كنتم تصرون على ضرورة استفادة كل أبناء الشعب المغربي منها كما تشهد على ذلك التسجيلات المتوفرة لخطاباتكم الانتخابوية؟

لن يكون من الموضوعي اقتصاديا أن يصلح صندوق المقاصة دونما :

إصلاح لمنظومة الأجور في اتجاه شفافية القوانين المنظمة لها وفق معايير موضوعية دون إغفال إشكالية الترقية والعلاوات التي تبقيا خاضعتان لما هو معنوي (الشخصنة ) دون أي سند موضوعي. ففي الوقت الذي استطاعت الحكومة الاسبانية التقليص من الأجور الكبرى لمواجهة أزمة فعلية، نجد أن حكومتنا عاجزة عن اتخاذ مثل هذا الاجراء الوطني والتضامني والعادل في أبعاده مكتفية بإبقاء الحال على ما هو عليه مع المطالبة من الشعب المغربي ذو القدرة الشرائية المتواضعة بسلك سبيل التقشف عن طريق نبذ الحوار الاجتماعي الداعي إلى ضرورة التسريع بالرقي بالمستوى المعيشي للمواطن المغربي. كيف يمكن أن يتقبل المواطن المغربي يا سيد ابن كيران أننا نعيش في أزمة في حين تصنف أجور وزراء المغرب من بين أعلى أجور الدول الافريقية إضافة إلى وزراء إسبانيا؟ كيف تقبلون بالمساحات الشاسعة بين الأجور وبالعلاوات المعلن عنها داخل قبة البرلمان والتي دفاعا عنها باتت، استثناء في المغرب مقارنة مع الدول ذات النهج الشفاف، تصنف من بين أسرار الدولة؟ كيف يعقل أن نتقبل الحديث عن أزمة وعلاوة وزير واحد قد تصل إلى ثمن اقتناءه منزل قد يتمحن مواطن ذو دخلين (هو وزوجته ) في تسديد أقساط اقتراضه طيلة حياته؟

التخفيف من الضريبة على الدخل قصد دعم الطلب الداخلي ذلك أن النظريات الاقتصادية تدع إلى هذا الاتجاه قصد تنشيط الاقتصاد الوطني من حيث العرض. كيف يمكن ترويج منتجات السوق الداخلية في غياب القدرة الشرائية للمواطن المغربي؟

الحد من الاحتكار والإرساء التدريجي لأسس المنافسة الحرة. لا يعقل أن يدعي الاقتصاد المغربي بليبراليته في حين أن الاحتكار تبق هي الظاهرة السائدة، ذلك أنه من شأن ترسيخ أسس المنافسة الحرة تنويع المنتوج المغربي والرفع من جودته وتخفيض ثمنه. ربما قد تكون هناك مساحة بين ما هو نظري وواقع الاقتصاد الوطني من زاوية أن طاقته الانتاجية أو قطاعه الخاص منقسم إلى قطاعين: قطاع ذو إنتاج موجه نحو الاستهلاك الداخلي وهو قطاع لا يهاب المنافسة لكونه محتكر لمواد السوق الداخلية، أما القطاع الثاني فمنتوجه موجه صوب الخارج وبالتالي فهو غير معني بالطلب الداخلي ليبق هذا الأخير غير مرهون بالقدرة الشرائية المتواضعة للمواطن المغربي ليبق هذا الأخير محصورا بين أثمان الاحتكار وأثمان السلع المستوردة.

كل هذا وعروض ومغريات شتى تضمنه برنامجكم الذي بات مختزلا في مصطلح واحد ألا وهو محاولة الحد من "الفساد" والذي ولشموليته وفي غياب مفهومه ومضمونه بات يعني "كل" شيء و"لا" شيء في الواقع الملموس. كل شيء لكون وزراءكم أقحموا في دائرة هذا المصطلح ما هو اقتصادي وما هو اجتماعي وما هو سياسي وحتى ما هو ديني حيث بات مجال العبادة الربانية عرضة للعبث والتجاوزات والتأويلات في مساحة لا نهاية لها، مساحة مصطلحي الحرية والفساد. "لا" شيء، لكون ما تم تمويه ثلة من المواطن المغربي به، بالتسرع في إنجازه، بات حدوثة وبات يترسخ للمواطن المغربي المقولة التي قالها بوجميع (في سبعينيات مجموعة ناس الغيوان " أن ذاك الحزب لذاك الحزب امراية وأنه لكل واحد جعل لنفسه اوداية". بل اتخذ مضمون حديث المواطن المغربي شكل تساؤلات يتخذ كل تساؤل منها وهما أو وعدا من الأوهام التي ابدعت، من الناحية التمويهية، فعاليات حزب العدالة والتنمية في صياغتها له. أعتقد أنه ليس من العجب أن ينطبق ما قيل في السبعينات على ما يجري في ظل حكومة ابن كيران إذ أصبحنا في زمن بات حديثه يحتضن مصطلحات القرون الماضية كالتماسيح والعفاريت والديناسورات.

بات من المؤكد غياب الخطوط العريضة لنوعية السياسة الاقتصادية والاجتماعية وكذا الآليات لتفعيل مقتضياتها وبلوغ أهدافها المنتظرة من طرف المواطن المغربي الذي بات يعيش على إيقاع "سياسة اقتصادية" يومية تشابه مقولة " VIT AU JOUR LE JOUR " . وسارت فعاليات الحزب، مع استئناسها بالتدبير اليومي للشأن العام، تحاول تحيين وإعادة النظر لا في برنامجها الأولوي ولكن حتى في سلوكيات فعالياتها التي عدلت بعضها عن تلك الخرجات التي لم يكن هدفها سوى إثبات الذات ليس إلا.

كلنا مع فخامة الرئيس ابن كيران حين يصرح بكونه، متحدثا عن نفسه بدون شك، 5/5 لكونه استطاع أن يجعل من طائفة دعوية حزبا سياسيا تشاء عدة عوامل جيوسياسية وجيواقتصادية داخلية وخارجية ظرفية أن يقتحم مجال تدبير الشأن العام، ولكن مع تقديرنا الواجب لفخامة الرئيس، كرئيس للحكومة المغربية، وجب القول، ضمانا لاستمرارية استقرار البلاد، أن لا تطغى الأنانية الحزبية وأن يتجنب فخامة الرئيس مدح شخصه بنفسه لكونه يندرج ضمن نوع من الغرور والبلاغة ولا ينسجم ومبادئ الدين الاسلامي الذي يحث على أن يحب الانسان لأخيه نفس ما يحبه لنفسه وبالتالي كان من الصواب أن يقول فخامة الرئيس: لن أكون 5/5 حتى يكون المواطن المغربي 5/5 وحتى يشهد ذات المواطن بكون رئيس حكومته في مستوى 5/5 لألا ينطبق على فخامة الرئيس المثل الشعبي المغربي القائل " الشاكر راسه، من هنا داز".

لم يعد المواطن المغربي ينتظر تطورا إيجابيا لا اقتصادي ولا اجتماعي لكونه قد فطن أن الشفافية والنزاهة والعدالة وتكافؤ الفرص والولوج إلى المعلومة والمشاركة والتشاور وغيرها من المصطلحات الفضفاضة ليست إلا شعارات لا يمكن "زرعها" كما ادعيتم لكونها أخلاق وقيم تستوجب جيلا من التحولات المختلفة الجوانب، أخلاق وقيم جعل أتباعكم المواطن المغربي، ببعثرة مفاهيمها، يتيه في مناخ الهذيان بين مفهوم وحدود مصطلحي الحرية والفساد مقحمين إياه في مخطط تعتقدون أنه سيتناسى تجاهلكم لاكتوائه اليومي بالزيادات في الأسعار وأثمان الكراء والغياب التام لقانون الشغل والنقل والتعليم والصحة وفواتير الماء الشروب والكهرباء. والنتيجة فخامة الرئيس ابن كيران قد تكون سلبية جدا على الصعيد السياسي، إذ أنه إذا كانت نسبة المساهمة في الاستحقاقات الانتخابية الفائتة ربما قد شهدت ارتفاعا نسبيا بفعل بروز فاعل سياسي جديد أوهم أو وعد المواطن المغربي ب"الفردوس"، فالأكيد أنه في غياب تحقيق هذا "الفردوس" لا أحد يمكنه التنبأ ربما بالسلوك العكسي والسلبي للمواطن المغربي اتجاه الاستحقاقات المقبلة.
لقد خذلت حكومتكم المواطن المغربي (عمال وطلبة وموظفون... نساء ورجالا ) وجعلتم من المجلس التشريعي "حلبة" للصراعات البينحزبية وبين الأحزاب ومن الغرفة الثانية غرفة ثانوية ومن المجلس الأعلى للحسابات مجلسا انتقائيا أما المجلس الاقتصادي والاجتماعي فلا أعتقد أنه بالامكان الحديث عن جدواه في غياب سياسة اقتصادية واجتماعية يمكنه تقويمها أو إثراءها حتى بثنا نخاف أن يكون مآل المجلس الاقتصادي والاجتماعي كمآل مجلس الشباب والمستقبل. هذا، علاوة على تجاهلكم لأحزاب الائتلاف الحكومي وتهميشكم للحوار الاجتماعي ونكرانكم للفعاليات النقابية والجمعوية... لقد كان كل هذا منتظرا من "حزب" كل مكوناته ملتئمة أصلا حول ثلة من ما كانوا ينعتون بأصحاب الدعوة وبالتالي بلا دراية في مجال التدبير السياسي والاقتصادي والاجتماعي حتى أصبح المسار المتجه نحوه، هو تشكيل قطب إسلاموي يتمرن على تدبير الشأن العمومي بالموازاة، وهنا تكمن خطورة المسار المستتر، تشكيل قطب السلفية المتشددة وجعلها "جيش" احتياط عند إحباط تجربة فخامة الرئيس ابن كيران وثلته الذين يسعون إلى سحق الاختلاف في الرأي والانفراد بالحكومة وجعل المعارضة مشكلة من السلفية تتناوب وإياها على تدبير الشأن العمومي ساعين وراء سحق كل التيارات الديمقراطية سواء كانت ليبرالية أم يسارية.

لا تفعيل ولو لذرة من برنامجكم الاقتصادي والاجتماعي الانتخابي وبالتالي قد تنطبق مقولة ذاك الميكانيكي المشار إليه أعلاه على برنامجكم ليكون "الليل" فترة إعداد البرنامج الانتخابي وليكون "الصباح" فترة تقلد تدبير الشأن العام. إذ لا مجال لما تم إعداده وتقديمه للمواطن وما يتم تفعيله حاليا جاعلين من المواطن البسيط هو المتحمل الوحيد والأوحد لوزر وللانعكاسات السلبية لكل ما تحاولون، ارتجاليا، القيام به. من الأكيد أن فاقد الشيء لا يمكنه أن يعطيه، كما أنكم يا فخامة الرئيس واعون كل الوعي أنه ليس للمواطن المغربي البسيط ما يفقده وما يبكي أو يتحسر عليه، ولكنه لن يقبل أن يستهزأ به. وكما قال أحدهم، "يمكن للمرء أن يستغفل أو يستهزء بالناس لبعض الوقت، ولكنه لن يتمكن من استغفالهم والاستهزاء بهم طوال الوقت". كما أنه إذا كان بيتك من زجاج فلا تضرب الناس بالحجر والمعنى جد بين يا فخامة الرئيس ولا داعي لتوضيحه إذ يكفي ، قصد فهمه، النظر إلى طبيعة الأحزاب التي قبلت مساعدة حزبكم في المساهمة في تدبير الشأن العام. إلا أن هشاشة وضعية حزبكم داخل المنظومة السياسة تكمن في الاستخفاف بوزن وتجربة ومكانة هذه الأحزاب إذ بمجرد انسحاب حزب واحد من هذا التوافق ستسقط الحكومة وسيجد حزبكم نفسه في وضعية لا يحسد عليها إذ لم يوفق لا مع الانسجام الفعلي مع الأحزاب الحكومية ولم يحسن كذلك، لفقدانه للباقة السياسية، التعامل مع أحزاب المعارضة بتهميشها كليا علما بأنها لها الصفة الحكومية من زاوية المراقبة والتي ربما إذا توفرت الشروط لذلك بإمكانها اللجوء إلى إسقاط الحكومة من خلال ملتمس الرقابة وللمغرب سابقة في هذا المجال حين صعد الاتحاد الاشتراكي إلى تزعم الحكومة.ومن الأكيد أن إخراج أو طرد حزبكم للنائب البرلماني عبد العزيز أفتاتي، ولأبو زيد الإدريسي، ولجامع المعتصم من الأمانة العامة للحزب خلال مؤتمركم الأخير دون إقدامهم على الاستقالة من حزب ناضلوا في صفوفه، لدليل على استعداد الحزب ل"لتضحية" بالعناصر المثيرة للجدل بغية اكتساب الهدنة ورضا الأحزاب التي ربما عبرت عن انزعاجها من الخرجات المثيرة للجدل لهؤلاء العناصر. وفي هذا الطرد "التعسفي" لكونه اعتبر مفاجأة مؤتمر الحزب، مؤشر على تبني الحزب لسبيل " اتمسكن حتى تتمكن" ولو كان على حساب مناضليه رغبة منه في إرضاء ربما حلفاءه في الحكومة أو ربما إرضاء لأمر في نفس يعقوب. ومن خلال التحركات المستقبلية لهؤلاء "المطرودين" ربما قد تتضح أمورا لم تكن في الحسبان لتتضح للرأي العام الكيفية التي يتعامل أو يجازي بها حزب العدالة والتنمية مناضليه. ربما قد يفهم من هذا السبيل بكون الحزب على علم بهشاشة وضعيته داخل الجهاز الحكومي ولا يرغب في وجود أعضاء سيزيدون من هذه الهشاشة ضمن أمانته العامة ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.