طلبة الصيدلة يرفضون "السنة البيضاء"    العرض السياحي بإقليم وزان يتعزز بافتتاح وحدة فندقية مصنفة في فئة 4 نجوم    بلطجية نظام الكابرانات.. الأمن الجزائري يقتحم اجتماع "الكاف" مع بعثة نهضة بركان بمطار الهواري بومدين    منتخب "الفوتسال" يطيح بليبيا ويتأهل لنهائي "الكان" ويحجز بطاقة المشاركة في كأس العالم    بالفيديو.. الأمن الجزائري يعنف بعثة بركان والأخيرة تجري حصة تدريبية داخل المطار    الجدارمية د گرسيف حجزوا 800 قرعة ديال الشراب فدار گراب بمنطقة حرشة غراس    الفرقة الوطنية طيحات شبكة كبيرة "للتسويق الهرمي": الضحايا من بين فاس ومراكش وطنجة ووزان    مسؤول بلجيكي : المغرب وبلجيكا يوحدهما ماض وحاضر ومستقبل مشترك    وزير الفلاحة المالي يشيد بتقدم المغرب في تدبير المياه والسدود    طقس غد السبت.. أمطار رعدية مرتقبة بهذه المناطق من المملكة    سفيرة المغرب بإسبانيا تكشف سبب تأخر فتح الجمارك بسبتة ومليلية    صلاح السعدني .. رحيل "عمدة الفن المصري"    المغرب وروسيا يعززان التعاون القضائي بتوقيع مذكرة تفاهم    المنتخب الأنغولي يبلغ نهائي "الفوتسال" في انتظار الفائز بمباراة المغرب وليبيا    النساء الاستقلاليات يكرمن البرلماني نور الدين مضيان بالناظور    وزارة التجهيز والماء تهيب بمستعملي الطرق توخي الحيطة والحذر بسبب هبوب رياح قوية وتطاير الغبار    نهاية التأشيرة الذهبية أثرت على مبيعات العقارات في البرتغال    الأمثال العامية بتطوان... (577)    تسجيل حالة وفاة و11 إصابات جديدة بفيروس كورونا خلال الأسبوع الماضي    دركي يطلق الرصاص على كلب لإنقاذ قاصر مختطفة    مقرب من رئيس مجلس النواب ل"گود": التمثيل النسبي والدستور كيعطي الحق للاتحاد الاشتراكي لرئاسة لجنة العدل والتشريع    المعرض الدولي للكتاب.. بنسعيد: نعمل على ملائمة أسعار الكتاب مع جيوب المغاربة    خاص..الاتحاد ربح الحركة فرئاسة لجن العدل والتشريع وها علاش الاغلبية غاتصوت على باعزيز    ها أول تعليق رسمي ديال إيران على "الهجوم الإسرائيلي"    "لارام" و"سافران" تعززان شراكتهما في صيانة محركات الطائرات    الوكيل العام يثبت جريمة الاتجار بالبشر في ملف التازي وينفي التحامل ضده    مؤشر ثقة الأسر المغربية في وضعها المالي يتحسن.. وآراء متشائمة في القدرة على الادخار    تعرض الدولي المغربي نايف أكرد للإصابة    مجلس النواب يعقد جلسة لاستكمال هياكله    طوق أمني حول قنصلية إيران في باريس    موعد الجولة ال27 من البطولة ومؤجل الكأس    السجن المحلي الجديدة 2 ترد على ادعاءات سجين سابق تقول ب "تجويع السجناء"    الجزائر تبرر طرد صحافي بمواقف جون أفريك    ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران    بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    "إعلان الرباط" يدعو إلى تحسين إدارة تدفقات الهجرة بإفريقيا    بسبب فيتو أمريكي: مجلس الأمن يفشل في إقرار العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    المكتب التنفيذي ل"الكاف" يجدد دعمه لملف ترشيح المغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم مونديال 2030    "ميتا" طلقات مساعد الذكاء الاصطناعي المجاني فمنصاتها للتواصل الاجتماعي    في تقليد إعلامي جميل مدير «الثقافية» يوجه رسالة شكر وعرفان إلى العاملين في القناة    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    السودان..تسجيل 391 حالة وفاة بسبب الاصابة بمرضي الكوليرا وحمى الضنك    باستثناء الزيادة.. نقابي يستبعد توصل رجال ونساء التعليم بمستحقاتهم نهاية أبريل    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    ضربات تستهدف إيران وإسرائيل تلتزم الصمت    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد تجربة تدبير ندرة المياه ، منطقة سوس ماسة تمر إلى مرحلة تسخير إمكانيات الموارد المستدامة
نشر في اشتوكة بريس يوم 11 - 04 - 2018

عاشت منطقة سوس ماسة خلال العقود الأخيرة خصاصا متفاقما في الموارد المائية الموجهة لأغراض الري الزراعي ، وذلك بسبب مجموعة من العوامل في مقدمتها ندرة التساقطات المطرية خلال مواسم متتالية ، مما أثر سلبا على الموارد المائية السطحية والجوفية لدرجة أصبح معها الجفاف ظاهرة هيكلية في هذه المنطقة.
ومقابل ندرة التساقطات المطرية ، وشح مياه الري ، استمر النشاط الفلاحي العصري في التوسع في هذه المنطقة ، خاصة في شقه المرتبط بإنتاج البواكير والحوامض التي تعتبر منطقة سوس ماسة مصدرا لأزيد من 65 قي المائة من صادرات المغرب من هذه المنتجات ، وهذا ما جعل المزارعين يلجأون إلى استغلال المياه الجوفية التي عانت من ضغط مهول ، مقابل عجز تصاعدي متراكم في الموارد.
وتشير المعطيات الصادرة عن وكالة الحوض المائي لسوس ماسة إلى أن مجموع الموارد المائية في المنطقة تصل الى حوالي 1 مليار و 271 مليون متر مكعب سنويا ، سواء منها الموارد السطحية أو الجوفية . غير أن هذا الرصيد من الثروة المائية في سوس ماسة لا يفي بحاجيات المنطقة من هذه المادة الحيوية والضرورية لاستمرار الانشطة الفلاحية التي تستحوذ على الجزء الأكبر من كميات المياه المستغلة في هذه المنطقة .
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن الضغط على الفرشة المائية الباطنية لتلبية حاجيات النشاط الزراعي من المياه في سوس ماسة أدى إلى حدوث عجز في الموارد المائية يصل حوالي 270 مليون متر مكعب سنويا.
وقد أدى هذا العجز المتفاقم في الموارد المائية الجوفية سنة بعد أخرى إلى انحدار خطير في مستوى الفرشة المائية الباطنية ، مما أدى في بعض المناطق إلى نضوب هذه الفرشة بشكل كلي ، ( حوض الكردان في إقليم تارودانت مثلا) ، وفي مناطق أخرى إلى الشروع في زحف مياه البحر المالحة على عمق اليابسة مما يندر بوقوع كارثة بيئية.
وإزاء هذه الوضعية المثيرة للقلق ، أقدمت وكالة الحوض المائي لسوس ماسة وعدد من المتدخلين ، في مقدمتهم مجلس جهة سوس ماسة ، والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لسوس ماسة ، وجمعية "أكروطيك" للبحث الزراعي ، منذ أزيد من عقد من الزمان على اتخاذ مجموعة من الإجراءات التشاركية لوقف نزيف الاستغلال المفرط والعشوائي للثروة المائية في المنطقة ، وبالتالي توفير سبل استمرارية المشاريع التنموية في المنطقة ، خاصة في شقها المتعلق بالنشاط الزراعي.
ومن جملة الإجراءات العملية التي تم اتخاذها في هذا الصدد هناك إنشاء "لجنة عقدة الفرشة المائية" سنة 2006، إلى جانب التوقيع على "اتفاقية إطار للحفاظ على الموارد المائية وتنميتها "سنة 2007 ، وذلك بعد سلسلة طويلة من المشاورات المضنية مع مجموعة من الفرقاء في مقدمتهم الهيئات المهنية ذات الصلة بالنشاط الفلاحي.
وعلى الرغم من كون هذه المبادرة كانت فريدة من نوعها على الصعيد الوطني ، إذ حظيت بالتنويه بمناسبة انعقاد الدورة 22 لمؤتمر أطرف اتفاقية الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية ، ( كوب 22) التي احتضنتها مدينة مراكش في نونبر 2016 ، حيث تقضي هذه الخطة ،على الخصوص ، بالحد الكلي من توسيع المجال الترابي المشمول بالنشاط الزراعي ، وتقنين حفر مزيد من الآبار ، إلى جانب تشجيع استعمال تقنيات السقي بالتنقيط ... ، إلا أنها لم تف بالمطلوب ليبقى مشكل توفير مياه الري لاستمرارية النشاط الزراعي في منطقة سوس ماسة مطروحا بحدة .
وقد حظي هذا المطلب باهتمام كبير من مختلف المتدخلين سواء على الصعيد الجهوي أو الوطني ، لاسيما وأن الأمر يتعلق بحماية استثمارات فلاحية تقدر بملايير الدراهم ، وتستعمل أحدث التكنولوجيات العصرية وأجود الكفاءات البشرية المؤهلة تأهيلا علميا عاليا ، فضلا عن كون النشاط الفلاحي في منطقة سوس ماسة يوفر أيام عمل تقدر بالملايين ، علاوة عن القيمة المالية لصادرات المنطقة بالنسبة للميزان التجاري المغربي.
وفي هذا السياق جاءت مبادرة مشروع إنقاذ الحوامض بحوض الكردان، في إقليم تارودانت، وهو المشروع الذي أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس على تدشينه في أكتوبر من سنة 2009 ، حيث يروم هذا المشروع الذي تم إنجازه باستثمارات بلغت 987 مليون درهم ، تمكين 600 ضيعة فلاحية (370 فلاحا) من الوصول إلى الموارد المائية بفضل آليات وتجهيزات الري الموضعي .
وقد تم تمويل مشروع إنقاذ الحوامض بحوض الكردان في إطار شراكة بين صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وشركة "أمان سوس" التي حصلت على التدبير المفوض للمشروع ، إلى جانب مساهمة الفلاحين المستفيدين ، وهو يهم ري عشرة آلاف هكتار من خلال نقل نحو 45 مليون متر مكعب من المياه سنويا انطلاقا من المركب المائي لسدي "أولوز" و"المختار السوسي"، وهو ما سيمكن من تزويد كل هكتار ب 4000 متر مكعب من المياه طيلة الموسم الفلاحي.
وتضمن المشروع إنجاز مآخذ للماء على سد أولوز ومد قناة رئيسية وتشييد منشآت مائية على طول 90 كلم ، وكذا إنجاز شبكة لتوزيع مياه الري على طول إجمالي يصل إلى 300 كلم. كما تضمن إنجاز 600 مأخذ للماء داخل الدائرة السقوية الكردان ، إلى جانب إجبارية اعتماد نمط الري بالتنقيط بالنسبة للضيعات المستفيدة، حيث مكن هذا المشروع من إنقاذ الحوامض بحوض الكردان ، وضمان المحافظة على 11 ألف منصب عمل قار ، وعشرة آلاف منصب عمل موسمي، إلى جانب زيادة إنتاج المنطقة من الحوامض بحوالي أربعين ألف طن ،ليصل إلى 255 ألف طن ، إلى جانب الزيادة في حجم صادرات الحوامض بنسبة 35 في المائة.
واستمرارا على هذا النهج ، الذي يرتكز على ضح الدولة لاستثمارات ضخمة من أجل ضمان استمرارية النشاط الفلاحي في منطقة سوس ماسة ، لاسيما بعد إطلاق استراتيجية المغرب الأخضر ، وتنامي انخراط المغرب بقوة في المشاريع الضخمة التي تراعي الحفاظ على المحيط البيئي ومكافحة الآثار السلبية للتغيرات المناخية ، أقدم المغرب صيف السنة المنصرمة على إطلاق مشروع آخر فريد من نوعه على الصعيد العالمي ، ويتمثل في إنشاء محطة ضخمة لتحلية مياه البحر في منطقة اشتوكة ، وذلك باستعمال الطاقة النظيفة.
ولأجل هذا الغرض ،تم التوقيع يوم 29 يونيو 2017 على مشروع شراكة من أجل بناء محطة مشتركة لتحلية مياه البحر من أجل الري والتزويد بالماء الشروب في جهة سوس ماسة بين كل من وزارة الاقتصاد والمالية ، ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ، ومقاولات إسبانية ، والبنك المغربي للتجارة الخارجية.
وكما كان الشأن بالنسبة لمشروع إنقاذ الحوامض بحوض الكردان في سهل سوس ، قد لقي هذا المشروع الاستراتيجي الضخم تجاوبا منقطع النظير من طرف الفلاحين في حوض ماسة ، حيث بادر المزارعون مباشرة بعد إطلاق عمليات الاكتتاب في المشروع إلى تسجيل أنفسهم من أجل دفع حصصهم التمويلية المحددة من أجل مساهمتهم في إنجاز هذا المشروع الذي من المنتظر أن تنتهي الاشغال الخاصة به سنة 2020.
وسيمكن هذا المشروع الاستراتيجي الكبير ، الذي سيكلف مبلغا استثماريا إجماليا يصل إلى حوالي 4 مليار درهم من تزويد أكادير الكبير بالماء الشروب ، علاوة عن توفير المياه للفلاحة المسقية ذات القيمة المضافة العالية بمنطقة شتوكة ، حيث ستنتج هذه المحطة كمية كبيرة من مياه الري يفوق حجمها العجز السنوي المسجل في هذه المادة الحيوية بمنطقة اشتوكة ، والذي يفوق 60 مليون متر مكعب سنويا. وهذا ما سيساعد على معالجة جزء هام من الخلل الهيكلي في مياه الري الذي تعرفه المنطقة منذ حوالي عقدين من الزمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.