رئيس الحكومة يجري مباحثات مع رئيس الجمعية الوطنية لفيتنام    رؤية من أمريكا اللاتينية : منجزات المغرب تحت قيادة الملك تحظى بإشادة دولية        الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    تقرير: شركات المحروقات حققت في الربع الأول من 2025 هوامش متوسطة للربح بلغت مستويات تصاعدية بين يناير وفبراير    النهائي الثاني على التوالي.. لبؤات الأطلس تصطدم بنيجيريا بحثا عن المجد الإفريقي    "كان" السيدات: تحكيم ناميبي للمباراة النهائية بين المغرب ونيجيريا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    مؤسسة محمد السادس للعلوم تجري أولى عملياتها الجراحية الباطنية بمساعدة روبوت    علي بوعبيد ينتقد صمت ممثل الجالية اليهودية إزاء مأساة غزة ويصفه ب "الصمت المتواطئ"    مهرجان الراي يضيء سماء وجدة بعد غياب أربع سنوات    ندوة بالقصر الكبير تسلط الضوء على معركة أنوال: قراءة متعددة الزوايا في الذاكرة والتاريخ والقانون    3534 محطة وقود عاملة في المغرب.. الشركات الكبرى تسيطر على 72% من السوق    ارتفاع عدد شكايات زبناء البنوك في المغرب إلى 2298 شكاية عام 2024    المغرب يقتحم سباق مراكز البيانات الخضراء.. والوزيرة السغروشني تكشف لوكالة رويترز تفاصيل مشروع الداخلة الضخم    ردا على ماكرون.. السفير الأمريكي في إسرائيل يسخر: دولة فلسطين مكانها الريفييرا الفرنسية    استنفار أمني استباقي بمحيط سبتة بسبب رواج انباء عن هجومات محتملة لمهاجرين سريين...    مسيرة حاشدة بمراكش تنديدا بسياسات التجويع الإسرائيلية في غزة    هذا المساء في برنامج "مدارات":جلسة أدبية مع الشاعر الزجال مراد القادري    وزير الخارجية البريطاني: الوضع المتدهور في غزة لا يمكن الدفاع عنه            زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جنوب المحيط الهادئ    الجزائر والتطبيع الصامت... حين تنطق البيانات بما لا تقوله الشعارات: تبون يعترف ضمنيا بإسرائيل        طنجة.. نقل قاصر إلى المستشفى إثر تعرضه للسعة عقرب بطريق المنار    لماذا لا تصل إلى الغزيين مساعدات يحتاجون إليها بشدة؟    قيوح:المكتب الوطني للمطارات يطمح لزيادة الطاقة الاستيعابية للمطارات إلى 80 مليون مسافر في أفق 2030    مسؤول بوزارة العدل: 35 ألف سجين سيستفيدون من العقوبات البديلة        كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات.. تعيين الناميبية أنسينو توانانيكوا لإدارة المباراة النهائية بين المغرب ونيجيريا    وسيط المملكة حسن طارق يقدم تقريره السنوي: تزايد التظلمات ومطالب بتجويد البرامج العمومية    المنصوري تقاضي مروجي "تسريبات"    افتتاح ناجح لمهرجان إفران الدولي .. أحيدوس وفنانون كبار في أولى سهراته    نادية فتاح .. الحكومة عازمة على مواصلة تنزيل برنامجها الإصلاحي    ميلان الإيطالي يتعاقد مع الدولي الإكوادوري بيرفيس إستوبينيان    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    الرادارات الروسية تفقد طائرة ركاب    حماس ترد على مقترح الهدنة في غزة    نادي الرجاء يبحث عن ألف منخرط    النهضة البركانية تحتفي بلقب البطولة    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة    ما المعروف بخصوص "إبهام الهاتف الجوال"؟    هذه عوامل تسبب زيادة خطر الإصابة بالخرف    28 لاعبا لخوض نهائيات أمم إفريقيا للاعبين المحليين    بطولة القسم الممتاز لكرة السلة سيدات.. الكوكب المراكشي يتوج باللقب عقب فوزه على اتحاد طنجة    طنجة تحتفي بالثقافة الأمازيغية بافتتاح معرض الكتاب والمنتوجات التقليدية ضمن مهرجان ثويزا    العيطة المرساوية تتواصل بمديونة    من الأمومة إلى الأضواء.. "غالي" يعيد ماريا نديم للواجهة        زيان يصور الموسم الثاني من "أفاذار"    "سجلماسة" .. جدل يرافق إعادة تأهيل أحد أبرز المواقع التاريخية المغربية    الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معنى أن تكون مغربيا في هولندا
نشر في شبكة دليل الريف يوم 12 - 05 - 2009

الجمعة الماضية كان يوما مغربيا بامتياز. لم لا والمغاربة صنعوا الحدث مع نهاية الأسبوع الماضي. في ذلك اليوم قصد بعض المغاربة المساجد للصلاة، وأيديهم على قلوبهم خوفا من مفاجآت الطريق. ألم يلق القبض على المتهمين وهم في الشارع العام؟ والبعض الآخر تسمر في بيته في انتظار ما ستحمله الأنباء من جديد. هل حقا فعلوها؟ تساءلت مع نفسي وأنا أروم الذهاب إلى المسجد. أبديت شكا واضحا في العملية برمتها، ولكنني أقنعت نفسي بأن وراء الأكمة ما وراءها، وأن الهولنديين لن ''يجازفوا‘ باتهام أي كان إذا لم يكونوا مسلحين بالحجج والأدلة. بهذا الإحساس توجهت ذاك النهار إلى المسجد في مدينتي الصغيرة.
Marokkaanse vrouwen
المسجد ليس مكانا للعبادة فقط، بل هو أيضا مكان لتجديد اللقاء الأسبوعي مع الناس. نتبادل أطراف الحديث، نستعرض شريط أحداث الأسبوع المنقضي ونستعد لمواجهة مفاجآت الأسبوع الآتي. غبت عن المسجد أكثر من ستة أشهر. وكان سؤال أول من صادفني في الطريق: "أين كنت يا رجل؟ ظننت أنك رحلت"! "لا لم أرحل، ولكنه العمل"، أجبته. لم ينتظر سائلي كثيرا ليمطرني بأسئلة أخرى: "أنت تعمل في ميدان الإعلام، أخبرنا عما جرى بالضبط في أمستردام، هل العملية فعلا من تدبير المغاربة؟"أجبته: "لا أملك أية تفاصيل"، قبل أن أضيف: "ولكن يبدو أن الجرة لن تسلم هذه المرة أيضا". سار الكلام مسترسلا حول كل شيء. استعرضنا الاحتمالات والسيناريوهات، وبحكم قربي من الميدان الإعلامي، انساق محدثي إلى ''تحليلاتي‘ واقتنع أخيرا بأن المتهمين قد يكون لهم يد في المسألة.
دخلنا ساحة المسجد وأسرعت بالدخول إلى قاعة الصلاة هربا من الحرج؛ حرج الأسئلة. فقد لاحظت علامات الاستفهام مرسومة على جباه الكثيرين، وعيونهم تناديني أن أقبل علي بالجواب. لم يهدأ بالي في الداخل، ورحت أرمق الساعة المعلقة في الحائط قبالتي وهي تدك الثواني دكا.
وحينما شرع الإمام في الوعظ تحدث عن ''الرقة‘ في الإسلام. أهي الصدفة التي لا تتكرر، أم أنه تعمد إثارة الموضوع ليبلغ رسالة مقصودة لذاتها. لاحظت أنه قرأ خطبته أيضا باللغة الهولندية. وقال بصوت تتخلله حشرجة وكأن الحبال الصوتية في طريق التآكل؛ ما معناه : الرقة أساسية في التربية، لكن آباءنا مع الأسف الشديد يمارسون العنف على أبنائهم، فتكون النتائج وخيمة. العنف يولد العنف.
شخصيا؛ لا أدري إن كانت مقولته تلك قاعدة فقهية أم هي نظرية اجتماعية أم تقف ما بينهما. وأضاف الإمام دون انتظار تأثير كلامه على المصلين قائلا: المقبوض عليهم في أمستردام هم مع الأسف مسلمون، وهذه إحدى آفات التربية العنيفة بلا شك!
أستعرض هذا الشريط الآن وأنا أستحضر مقتل المخرج الهولندي تيو فان خوخ في نوفمبر 2004. في ذلك اليوم المشئوم، كنت على موعد مع لجنة ''ليلة الكريستال‘ التي تضم يهودا ومسيحيين ومسلمين. باغتني رئيس اللجنة، وهو صحافي يعمل آنذاك في صحيفة إقليمية قائلا:
- هل سمعت الخبر؟
- أي خبر؟
- اغتيال فان خوخ.
- ومن قتله؟
- هولندي من أصل مغربي!
وتشاء الظروف أن يطلق الوصف ذاته على ''متهمي‘ أمستردام: هولنديون من أصل مغربي.
لم أخجل من انتمائي الثقافي كما خجلت ليلة الخميس وأنا أداوم هنا في غرفة التحرير بالإذاعة. كان علي أن أقرأ النشرات الأربع. وأنا أعد النشرة الأخيرة، استرعى انتباهي وجود رئيس بلدية أمستردام في التلفزيون. كنت أتابع الصورة دون الصوت. وبما أن السيد كوهن لا يأتي إلى التلفزيون إلا إذا تعلق الأمر بالأجانب وسياسة الاندماج ومشاكل الشباب، فقد أسرعت إلى وضع السماعة على أذني. كان الصوت والصورة واضحين: تم إحباط هجوم إرهابي على مجموعة من المحلات التجارية وألقي القبض على المتهمين وعددهم سبعة، وهم ما زالوا قيد التحقيق. المتهمون هولنديون من أصول مغربية. حررت خبرا سريعا أذعته في النشرة الأخيرة، وأرسلت نسخة منه إلى رئيس التحرير. كان آخر يوم عمل لي ذلك الأسبوع.
وفي اليوم التالي، أي يوم الجمعة، فتحت الموقع العربي لإذاعتنا وكان خبر ''إحباط‘ المحاولة الإرهابية بارزا فيه. لم يكن أحد بعد يتصور أن القضية نفخ فيها من روح التضخيم. الغريب والمضحك في آن أن غيابي المفاجئ تلك الجمعة بالذات، وهو ما لم يحدث منذ التحاقي للعمل بالإذاعة الهولندية، فتح لزملائي باب التندر على مصراعيه: ألا يكون زميلنا من ضمن لائحة المتهمين؟
في هيئة التحرير تناقشنا بعض الوقت حول كيفية تعاطينا نحن مع الخبر. ألم يكن الأجدر بنا أن نتريث؟ ولو تريثنا وحدث فعلا شيء ما في أمستردام، بماذا سنبرر للمستمعين والقراء تأخرنا عن مواكبة التطورات؟ لاحظوا معي أنها نفس التبريرات والتعليلات التي عللت بها سلطات أمستردام طريقة تعاملها مع مكالمة بروكسيل. فمن يقدم الاعتذار للضحايا؟ سلطة الأمن أم سلطة القلم؟ .
ما تزال شرطة أمستردام تنتظر وصول الحافلة المحملة بالمتفجرات من بروكسيل. وما يزال المتهمون المغاربة ينتظرون اعتذارا رسميا من السلطات. هل الانتظار هو ضريبة الانتماء إلى ثقافة أضحت الآن ثقلا على كاهل حاملها؟
إ.ه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.