المشاركون في مؤتمر التحالف من أجل الحكم الذاتي في الصحراء يقومون بزيارة لميناء الداخلة الأطلسي    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    نجاح باهر للنسخة الثامنة من كأس الغولف للصحافيين الرياضيين الاستمرارية عنوان الثقة والمصداقية لتظاهرة تراهن على التكوين والتعريف بالمؤهلات الرياضية والسياحية لمدينة أكادير    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة.. وهبي: "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية ورياح عاتية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    الدولي المغربي طارق تيسودالي ضمن المرشحين لنيل جائزة أفضل لاعب في الدوري الاماراتي لشهر أبريل    تأخيرات الرحلات الجوية.. قيوح يعزو 88% من الحالات لعوامل مرتبطة بمطارات المصدر    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    هذه كتبي .. هذه اعترافاتي    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    المغرب ينخرط في تحالف استراتيجي لمواجهة التغيرات المناخية    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    تجديد المكتب المحلي للحزب بمدينة عين العودة    الصين تعزز مكانتها في التجارة العالمية: حجم التبادل التجاري يتجاوز 43 تريليون يوان في عام 2024    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    الحكومة تلتزم برفع متوسط أجور موظفي القطاع العام إلى 10.100 درهم بحلول سنة 2026    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    كيم جونغ يأمر بتسريع التسلح النووي    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    السجن النافذ لمسؤول جمعية رياضية تحرش بقاصر في الجديدة    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    تقرير: 17% فقط من الموظفين المغاربة منخرطون فعليا في أعمالهم.. و68% يبحثون عن وظائف جديدة    مارك كارني يتعهد الانتصار على واشنطن بعد فوزه في الانتخابات الكندية    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    إيقاف روديغر ست مباريات وفاسكيز مباراتين وإلغاء البطاقة الحمراء لبيلينغهام    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    دوري أبطال أوروبا (ذهاب نصف النهاية): باريس سان جرمان يعود بفوز ثمين من ميدان أرسنال    الأهلي يقصي الهلال ويتأهل إلى نهائي كأس دوري أبطال آسيا للنخبة    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    نجاح اشغال المؤتمر الاول للاعلام الرياضي بمراكش. .تكريم بدرالدين الإدريسي وعبد الرحمن الضريس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيابة التعليم بجرادة : التدفئة !!! وأوجه أخرى من معاناة مؤسستنا التعليمية؟؟؟
نشر في السند يوم 21 - 02 - 2010

انشغل رجال التعليم لفترة طويلة بمنتديات الإصلاح على الصعيد المركزي والجهوي والمحلي وعلى صعيد المؤسسات ، لتدوين المقترحات من اجل الجودة التربوية في مؤسساتنا التعليمية التي كثر الحديث حولها . وكان القول دائما بان الاقتراحات ستؤخذ بعين الاعتبار، فاجتهد رجال التعليم بصدق في إغناء النقاش من أساتذة ومفتشين ومديرين وباقي الفاعلين عبر مقاربة الجودة في مفهومها الشمولي المتعلق بكل عناصر منظومة التربية والتكوين...
لقد شعر الجميع بأن الجودة تحتاج إلى إرادة حقيقية للإصلاح وكلفة مالية ... ، وأنه من غير تحرير المنظومة من نمطية معينة واستمرار نظام تدبيرها بمعايير مختلة لن تذهب بها بعيدا ولن تخرج المدرسة المغربية من أزمتها . وسيستمر الإخفاق ومعه الرداءة تطبعان وجه المؤسسة التعليمية . نفس الخطاب يتدحرج من منتديات الإصلاح إلى المخطط الاستعجالي ، وهو خطاب لم يعد يقوى على التأثير في نفوس رجال التعليم ويعيد إليهم الثقة في تحويل هذه المؤسسة من الرداءة إلى الجودة ، وحال مدارسنا ومتعلمينا لم يتغير كثيرا ، يعلم الجميع أن بعض حجراتنا الدراسية تتحول إلى ثلاجات أيام البرد القارص بالمناطق التي تعرف برودة شديدة في فصل الشتاء ، يكاد يتجمد داخلها أطفال صغار، ينضاف إلى ذلك ظروفهم الاجتماعية القاهرة من ارتداء لملابس رثة لا تكاد تستر عورتهم بالأحرى تحميهم من لسعات البرد القارص ، فالأرجل الصغيرة تتجمد داخل أحدية بلاستيكية إلى حد فقدان الإحساس أحيانا ، أما الأصابع الصغيرة يتمنع بينها القلم لتخط كتابة ركيكة بفعل صعوبة إحكامه ، فيضطر الأطفال الصغار إلى الاستعانة بالنفخ على أيديهم عسى أن يحققوا تدفئة موهومة ... وتتملكهم رجفات متقطعة ترقص معها الطاولات الخشبية المتآكلة في انتظار أن يدفئوا بطونهم بما يجود به المطعم المدرسي الذي لا يشمل الجميع ، ومن لم يسعفه الحظ ينتظر بلهفة ليتسول نصيبا زهيدا من صديق أو أخ ...
تجمع جرادة بين موقع جغرافي يجعلها تعرف شتاءا باردا ومدينة لإنتاج الفحم الحجري الذي يستغل في التدفئة كما تتوفر على مركب حراري لإنتاج الطاقة الكهربائية . ولا يخفى ما للتدفئة من أهمية في تحقيق بيئة مناسبة للتعلم في هذه الفترات من كل سنة .
قبل إغلاق المنجم كانت شركة مفاحم المغرب تقوم بادوار مهمة لصالح المنظومة التعليمية محليا ، وكان لذلك نتائج ظاهرة للعيان ، فكانت المؤسسات التعليمية بالمدينة على الخصوص تستفيد من نسب مهمة من الفحم الحجري والحطب تتبرع بهما الشركة لفائدة أبناء العمال كما كانت تساعد على تجهير الحجرات بالمدفآت بتنسيق مع جمعيات الآباء ، ولا تزالت بعض المدفآت الصدئة المتبقية بالمدارس العتيقة تقف شاهدة على زمن مضى .
إلى جانب المكافآت المادية لأبناء العمال مما كان يشجع على المنافسة الحقيقية ويغذي الرغبة في الدراسة والتفوق ، كما كانت توفر النقل وتقدم الأدوات المدرسية بداية كل سنة دراسية والمساهمة في توفير الأدوات التعليمية التي تستفيد منها المدارس الخصوصية التابعة لها ، إضافة إلى مكافآت سنوية تعطى للأساتذة .
بعد إغلاق المنجم اختلت الدورة الاقتصادية بالمدينة وبدأ البؤس يطبع جميع المناحي . ولم يعد هناك مورد اقتصادي قار يضمن العيش الكريم للساكنة ويضمن حياة طبيعية للمدينة مما كان لذلك اثر سلبي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وبالتالي الصحي والتعليمي ... ، فلجا شباب المدينة إلى حفر الآبار لاستخراج الفحم وبيعه باثمنة زهيدة لما أصبح يعرف بأباطرة الفحم الذين يتوفرون على رخص البيع !!. وجراء الإغلاق توقفت كل المساعدات ومع هذا كان قطاع التعليم أول المتضررين . وعلى سبيل المثال لا الحصر كانت مدرسة بيدوز B12 التابعة لمجموعة مدارس الفلاح تتوفر على الكهرباء والماء واليوم تعيش تحت رحمة الإهمال ويكسوها وجه سوداوي من التآكل ، فقد فقدت الكهرباء الذي لا يبعد عنها إلا بعشرات الأمتار ، أما أنابيب الماء التي خربت جعلت الحصول عليه من باب الأحلام ...وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال كبير وعريض لماذا المدرسة وحدها في هذا الوسط بدون ماء ولا كهرباء ؟ معزولة عن كل ما يربطها ولو من الباب الشكلي بالوسط الذي توجد داخله ، وأي احترام يقدم للأستاذ كموظف تربوي يوضع داخل العديد من الاكراهات التي تؤثر على معنوياته ؟ فلا ماء ولا كهرباء ولا سكن و... ولا حماية للمؤسسة التي تتعرض للنهب والعبث بممتلكات الأستاذ والتلاميذ وحاجيات المطعم المدرسي فيضطر الأستاذ إلى نقله من جيبه خلال كل عطلة إلى مكان آمن حتى لا يحرم أطفال أبرياء من حقوقهم ، لأنه يعرف معاناتهم مع الفقر والجوع ، هكذا يجد الأستاذ نفسه مفصولا عن كل الحاجيات الضرورية التي أصبحت في هذا العصر من باب البديهيات ، أليس في كل هذا ما يؤكد الإهمال الذي تعرضت له المدرسة العمومية عبر كل السنين التي مرت ولا زالت ... ترسخ ثقافة احتقار هذه المؤسسة ، مما بوأها موقعا متدنيا داخل المجتمع وهي وضعية دونية فضيعة مقارنة بباقي مؤسسات الدولة الأخرى التي تحظى بالاحترام ، الشيء ساهم في عدم الثقة فيها .
و في سياق مخطط استعجالي بموارد مالية كبيرة – أسالت اللعاب - يروم معالجة المشاكل التي تؤثر على المنظومة التعليمية من خلال تحسين فضاءات التربية والتعليم ، وتأهيل المؤسسات التعليمية وتزويدها بالتجهيزات الضرورية ، والعمل على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص عبر تجاوز المعيقات السوسيو-اقتصادية المؤثرة على عملتي التعلم والتدريس ، والتخفيف من الواقع المأساوي الذي يلقي بظلاله على المدرسة العمومية المغربية وعلى الخصوص الواقع المتردي الذي يتعلم داخله المتعلم والذي يحد من نسبة التحصيل المدرسي وبالتالي ينتج التسرب والهدر المدرسيان .
ولعل غياب آليات المتابعة و المراقبة الصارمة – للأموال التي كانت ولا زالت تصرف - تفتح الباب إلى الهدر والتبذير والتلاعب في الميزانيات بشتى الطرق الملتوية ، مما يجعل الأموال الطائلة تذهب سدى دون أي مردود حقيقي على المتعلم ، الذي يعتبر جوهر العملية التعليمية والذي يجب أن يكون المستفيد الحقيقي من عملية الإصلاح . ولطالما نبهت النقابات من خلال بياناتها قبل أن يطرح المخطط الاستعجالي وأثناءه في إشارة إلى التدبير على واجهات متعددة وعلى رأسها التدبير المالي الذي كان يبعث بروائح تحتاج إلى فحص وضبط ، فقد خضعت العديد من المؤسسات إلى إصلاحات وصرفت أموال طائلة وفي الأخير تبين للأساتذة الذين يعملون تحت سقوف الحجرات أن لا شيء تغير، والوضع عاد إلى ما كان عليه بل هناك عودة إلى إصلاحها من جديد في سياق الاوراش التي فتحها المخطط الاستعجالي والتي زادت من المخاوف كون التجربة أكدت سوء التدبير. والخطير في الأمر أن تستفيق الوزارة على كارثة حقيقية إذ تجد أن التعليم لم يتقدم قيد أنملة بينما الأموال الطائلة التي تصرف تكون قد ذهبت إلى غير وجهتها وأحيانا كثيرة في أمور تافهة لا تحقق أي تأثير ايجابي على العملية التعليمية بينما الأولويات الضرورية والملحة توضع في رفوف النسيان ، وهذا ما يخافه رجال التعليم الممارسين بالقسم - الأقرب إلى معاناة المتعلمين - من خلال التدبير المالي في بعض الأمور التي عوض أن تستهدف الأساسي وتعالج الاختلال تضيف عبئا آخر وترهق كاهل المنظومة التعليمية ،بحيث نلاحظ أن الآية معكوسة في تدبيرنا ، فكثيرا ما تكون حجرة الدرس والمتعلم آخر من يتم التفكير فيهما ، وعوض البدأ بالمتعلم تعكس الآية ، فعلى سبيل المثال نجد أن النيابات تجهز مكاتبها بالمكيفات والافرشة والحواسيب ، وتوفر لمديري المؤسسات التعليمية مدفآت الغاز إضافة إلى من يرخص لنفسه استعمال المدفآت الكهربابية ويمنعها عن غيره !!! .
إن الحق في التدفئة وتوفير جميع الشروط للعمل أمر طبيعي لا اعتراض عليه ، ومن الواجب توفره للكل ، غير أننا نجد أن الحجرات الدراسية في اغلبها لا تتوفر على التدفئة وكثير منها في حالات رثة ، فزجاج النوافد مكسر تمر عبره رياح الشتاء العاتية ولا سبيل للأستاذ من صدها إلا بما توفر ، أما الحديث عن فضاء القسم من آثار الإهمال فذلك أمر آخر ، هذا للأسف لا يثير انتباه المسؤولين الإداريين والتربويين الذين يزورون هذه الحجرات ، ولا نلحظ أي فعل أو إشارة في تقاريرهم إلى هذا الوضع المتردي الذي يؤثر على العملية التعليمية ويحد من المردودية حتى يتم تجاوزه ، والحال أن المتعلم هو أول من يجب التفكير فيه ، هذا إن كانت المنظومة التربوية تفترض في نفسها أنها تجعل من المتعلم محور العملية التعليمية وملزمة بتحقيق الجودة ، وتسعى إلى تثبيت مبدأ الثقة في المدرسة العمومية ، ونعتقد أن البعض يجمل العملية التعليمية في الجوانب البيداغوجية والديداكتيكية ويهمل الجوانب الأخرى التي تضع المتعلم والأستاذ في موضع غير مريح ، والدليل حينما نقارن أنفسنا مع تونس التي تحتل مرتبة متميزة عنا نجد أننا نتلاقى في المقاربات البيداغوجية والديداكتيكية ، لكن نختلف في الجوانب الداعمة للعملية البيداغوجية ، فما تصرفه تونس على المتعلم ( ونضع سطرا تحت هذه الكلمة ) يقارب ثلاث مرات ما يصرفه المغرب بمعنى انه لابد من رؤية الجوانب المكملة للعملية البيداغوجية ، ومع هذا فالأموال التي كانت تخصصها الدولة تتعرض للهدر والإسراف والتبذير وسوء التدبير و ... في غياب آليات المراقبة الحقيقية ، فالصناديق السوداء المثقوبة المخصصة للصيانه كانت تستنزف في صيانات وهمية متكررة والكل في المغرب يعرف كيف تصنع الفواتير ، وكيف ترسم المصاريف ، ولماذا تتعاقد بعض النيابات مع مقاولات غير مؤهلة مما كان يعطينا منتوجا مترديا على مستوى العديد من الإصلاحات التي أجريت ، فما تكاد تمر الشهور والسنة حتى تكشف العيوب عن وجهها ، وما وقع بالناضور غير بعيد ولا يزال ماثلا في الأذهان ، ويؤكد الكثير من رجال التعليم انه منذ التحاقهم ببعض المؤسسات لم تحصل أية صيانة إلى حد أن السبورات الخشبية لم تعد قادرة على المقاومة ، وما وقع كذلك بمدرسة ابن بطوطة بقلب وجدة خير دليل فقد نجا المتعلمون من كارثة حقيقية حيث اكتشف أن السقوف كانت مقبلة على الانهيار ، وها هم الأطفال الصغار مشردين ومكدسين في حجرات مدارس أخرى – ولا نعلم إن كان فتح تحقيق في الأمر لمعرفة الأسباب لتفاديها مستقبلا - بل أن التعليم في المجال القروي حلقة مغيبة منسية ، فمدارس بهذا العالم لا تصلها إلا أرجل الأستاذ ، ولا نعتقد أن المسؤولين على علم بحالها ، ويكفي أن جدران حجرات من البناء المفكك ترتجف ، ولن يسمع صوتها إلا عندما تسقط على رؤوس التلاميذ والأستاذ ، وبالمناسبة فقد صرح مسؤول تربوي- على هامش دورة تكوينية - بأنه لم يطلع على جميع المراسلات التي ترد إلى مكتبه ، وقد أثار هذا استغراب أستاذة ، كانت تنتظر جوابا على مراسلتها ، كما صرح عامل إقليم جرادة أثناء لقائه بقطب اليسار خلال مناقشة المشاكل التعليمية ، بأنه لازال ينتظر جواب نائب التعليم ، هذين المثالين يدفعان إلى السؤال : هل هناك استعداد للتجاوب مع تظلمات الأساتذة ؟ وهل هناك رغبة في الإنصات ؟ وهل هناك نية في الإصلاح ؟ والحال أن عدم الانتباه أو التجاهل أو سوء التدبير لا يضر فقط العملية التعليمية بل قد يكلف أرواحا بشرية . ويبدو أن الوزارة لم تكن ترغب في تحمل مسؤوليتها حول التخريب الذي كان يقع والذي دفع رجال التعليم من خلال النقابات والجمعيات الحقوقية إلى دق ناقوس التنبيه والخطر، وربما الكثير منهم لازال يعتقد بأنه ليس هناك ما يؤكد الإجراءات والتدابير الوقائية لتعزيز الثقة في المدرسة لإنجاح مشروع المخطط الاستعجالي وجعل مدرسة النجاح والاحترام تقف على أرجلها لأن هناك علاقة جدلية بين مصلحة التلميذ والأستاذ وتحقيق هذه المصلحة هو في الأخير هدف لجميع الأطراف .
بطبيعة الحال ظل مشكل التدفئة يفرض نفسه من خلال خصوصية التدفئة بالفحم التي سارت عليها المؤسسات التعليمية بالمدينة . هذا ربما ما جعل نيابة التعليم بجرادة تحاول الحفاظ على هذه الخصوصية رغم كل سلبيات التدفئة بالفحم التي تجعل البعض لا يتجاوب معها خوفا من الأخطار التي تشكلها على المتعلمين ، والصعوبات التي يطرحها. ويظل قبول الأساتذة به وتحمل متاعبه يدخل في باب اضعف الإيمان ، من اجل أولئك الأطفال الصغار الأبرياء الذين يشتركون في توفير حطب الاشتعال ، غير أن هذه العملية على علاتها طرحت أسئلة عديدة فاهت بها السنة رجال التعليم .
وكانت أن تلقت بعض المؤسسات التعليمية مراسلة حول احتياجاتها من الفحم – الذي لم يصل بعد إلى جل المؤسسات !! - وهو الأمر الذي لم يكن معتادا ، فقد دأبت نيابة جرادة في سنوات سابقة على إبرام اتفاقية مع الخواص لشراء الفحم الحجري لتزويد المؤسسات التعليمية ، وان كانت لهذه العملية أهميتها إلا أنها فتحت الباب على التساؤلات من خلال الطريقة الاستعجاليه وكمية الفحم الموزع ، كون أن توزيع الفحم صادف – في سنة سابقة - غياب رؤساء المؤسسات التعليمية الذين كانوا في اجتماع توزيع الاعتمادات ، مما أعطى مبررا للشكوك حول العملية ؟ حيث لم تحترم المعايير ، فقد رفض بعض الأعوان تسلم أكياس الفحم في غياب المدير حيث أفرغت ببعض المؤسسات دون ضبط الكمية الحقيقية المخصصة للمؤسسة . وكان من الضروري وجود المدير لمراقبة عملية التسليم !!! وبغض النظر عن كل التساؤلات المشروعة ، فان العملية تصبح من غير فعالية كبيرة ، كون نصيب كل حجرة لا يتعدى عدة كيلوغرامات والتي قد تستنفذ في يوم أو يومين مما يجعل باقي الأيام تمر بردا وصقيعا ... . إضافة إلى أن التوزيع لم يأخذ بعين الاعتبار حاجيات كل مؤسسة والفئات التلاميذية المستهدفة والمناطق شديدة البرودة المترامية بجبال وهضاب العالم القروي المهمش والمنسي على الخصوص.
وبالنسبة للسنة الحالية فقد استفاد المتعلمون من لسعات البرد ولم يستفيدوا من التدفئة ، ويمكن أن نقول أن الشتاء على وشك الرحيل ، فيما لا يزال الفحم مركونا بإحدى المؤسسات دون توزيعه ، وحتى لو تمت العملية في الوقت الميت فإنها ستكون بدون فعالية ، وبالتالي فإننا أضعنا حقا على المتعلم - ونحن نتحدث عن مدرسة المواطنة والاحترام - من خلال سوء تدبير بعض العمليات ، بل سيظل سوء التدبير عائقا لتقدم المنظومة التربوية ، فلماذا يضيق صدر " البعض " إن احتجت الجمعيات الحقوقية ، التي ترى انه من حقها الدفاع عن الحقوق وعلى رأسها حقوق أطفال أبرياء غير قادرين عن الدفاع على حقوقهم . ويعود بنا الحديث إلى عملية مليون محفظة التي عرفت ارتباكا كبيرا ، وفوضى في التدبير ، ولا زالت إلى حد الساعة ، لم تكتمل أدوات بعض المستويات وخاصة الصغرى منها التي هي أساس " مدرسة النجاح " .
لقد تم تجميع الفحم بإحدى المؤسسات ولم توضع آلية مضبوطة لتوزيعه ، فترك الحبل على الغارب ، فبعض المؤسسات استفادت من نصيبها بتنسيق مع جمعية الآباء التي تكلفت بالنقل فيما العديد من المؤسسات لا تزال تنتظر من نيابة التعليم أن تتكلف بالنقل كما جرت العادة !!!
المخطط الاستعجالي هو مكسب حقيقي لرجال التعليم وعلى الخصوص أولئك الذين تلتم حولهم كل المعاناة إلى جانب أولئك الأطفال الأبرياء ، وربما من حقنا أن نتمنى ألا تضيع هذه الفرصة ، لهذا فلا يمكن أن ينجح الإصلاح دون توفير جميع الشروط له مما يفترض اتخاذ إجراءات شجاعة التي قد تؤمن ثقة المجتمع التي فقدها في مؤسساته ، ولا نعتقد أن هناك من هو مستعد لتقبل إخفاق آخر ينضاف إلى الإخفاقات السابقة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.