تجديد هياكل الفرع المحلي للجامعة الوطنية للتعليم بالحسيمة    كأس إفريقيا.. مدرب البنين: سنواجه السنغال من أجل تحقيق نتيجة تؤهلنا للدور الموالي    مونية لمكيمل وسامية العنطري تقودان الموسم الجديد من "جماعتنا زينة"    سعد لمجرد يلتقي جماهيره بالدار البيضاء    تنزانيا تختبر تونس في "كان المغرب"    أمطار متفرقة وثلوج بالمرتفعات .. تفاصيل طقس الأيام المقبلة في المملكة    سقوط غامض يُنهي حياة طالب كونغولي بإقامة سكنية بطنجة    لفتيت يذكر باللوائح الانتخابية للغرف    لتفادي الخروج المبكر..أسود الأطلس في اختبار لا يقبل الخسارة أمام زامبيا    الأمطار تعزز حقينة السدود بالمغرب.. نسبة الملء 38% وتصريف 80 مليون متر مكعب في البحر    الإثارة تبلغ ذروتها في "كان المغرب".. أربع مباريات ترسم ملامح المتأهلين    أكثر من 200 طن..زيادة قياسية في مشتريات الحبوب بالصين    رياض مزور ل"غلوبال تايمز" الصينية: مبادرة "الحزام والطريق" عززت الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والصين.    هذه مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    حصيلة عمل رئاسة النيابة العامة ل 2024 في تنفيذ السياسة الجنائية    مشاريع تنموية واتفاقيات جديدة مرتقبة في دورة مجلس مقاطعة سيدي البرنوصي    هبوط الذهب من مستويات قياسية والفضة تتراجع بعد تجاوزها أكثر من 80 دولارا    مرصد حماية المستهلك يندد باستغلال المقاهي لكأس إفريقيا لرفع الأسعار        ترامب يعلن إحراز "تقدم كبير" في سبيل إنهاء الحرب بأوكرانيا    القوات الروسية تعلن السيطرة الكاملة على بلدة ديبروفا في دونيتسك واسقاط صواريخ وطائرات مسيرة    تصدير الأسلحة يسجل التراجع بألمانيا    بنعلي ينتقد النموذج الفلاحي في بركان    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي        هيئة حقوقية تطالب بالتحقيق في ادعاء تعنيف المدونة سعيدة العلمي داخل السجن    هدم نصب تذكاري صيني عند مدخل "قناة بنما"    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تعقد جمعها السنوي العادي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    "فيدرالية اليسار": سياسات التهميش حولت المحمدية ومناطق مجاورة إلى "تجمعات تفتقر للتنمية"    الصين تطلق مناورات عسكرية وتايوان ترد بالمثل    حريق يخلف قتلى في دار للمسنين بإندونيسيا    تنظيم "داعش" يعطب أمنيين في تركيا    رياض محرز يتصدر ترتيب الهدافين في كأس الأمم الأفريقية 2025    وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاما    أمريكا تتعهد بتمويل مساعدات أممية    الإحصائيات تعترف للركراكي بالتميز    اتباتو يتتبع "تمرحل الفيلم الأمازيغي"        روسيا ‬وجمهورية ‬الوهم ‬‮:‬علامة ‬تشوير جيوسياسي‮ ‬للقارة‮!‬    بوصوف: المخطوطات "رأسمال سيادي"    المهدي النائر.. ريشة تحيي الجدران وتحول الأسطح إلى لوحات تنبض بالجمال    عبد الكبير الركاكنة يتوج بجائزة النجم المغربي 2025    كرة القدم نص مفتوح على احتمالات متعددة    نشرة إنذارية.. زخات رعدية محليا قوية وتساقطات ثلجية وهبات رياح أحيانا قوية يومي الأحد والاثنين        مدفوعة ب"كان 2025″ وانتعاش السوقين المحلية والأوروبية.. أكادير تقترب من استقبال 1.5 مليون سائح مع نهاية السنة    الصين تفرض حد أقصى إلزامي لاستهلاك الطاقة للسيارات الكهربائية    الخدمة العسكرية .. الفوج ال40 يؤدي القسم بالمركز الثاني لتكوين المجندين بتادلة    علماء روس يبتكرون مادة مسامية لتسريع شفاء العظام    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان    الحق في المعلومة حق في القدسية!    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هم المجاهدون في مشارق الأرض ومغاربها؟
نشر في فبراير يوم 24 - 05 - 2014

اعتاد أئمة المساجد وخطباء الجمعة أن يختموا الصلوات والخطب والمواعظ بالدعاء "المأثور" (اللهم انصر المجاهدين في كل مكان .. في مشارق الأرض ومغاربها ، اللهم ثبت أقدامهم ، اللهم قوي عزائمهم ، اللهم من أراد للمجاهدين خيراً فوفقه في عمله .. اللهم اخذل من خذل الإسلام ..) . فهل يعلم الخطباء والأئمة من هم المجاهدين الذين يدعون لهم بالنصر والتمكين ؟ وهل يعلم الخطباء والفقهاء أن المجاهدين في سوريا والعراق واليمن والصومال وليبيا ومصر وتونس ومالي ونيجيريا هم المتطرفون الجهاديون أعضاء التنظيمات الإرهابية مثل داعش والنصرة ، وجند الشام وأنصار الشريعة وبوكو حرام وفروع تنظيم القاعدة في مشارق الأرض ومغاربها ؟ هل يعلم الخطباء والأئمة أن الدعاء للمجاهدين هو تسويق للجهاديين وتحبيب فيهم وسط جموع المصلين ؟ هل يعلم الوعاظ والخطباء أن تحبيب الجهاديين للمصلين هو تحبيب في كل جرائمهم الوحشية وتطبيع معها ؟

هل يعلم الخطباء والأئمة أن الدعاء للمجاهدين وتحبيب جرائمهم القذرة هو خلق الاستعداد في نفوس المصلين لارتكاب نفس الفظائع وإقناعهم بأنها شريعة من الله وفريضة على كل المسلمين ؟ هل يدرك الخطباء والوعاظ أنهم بالدعاء للمجاهدين/الجهاديين يحببون للنشء مشاهد القتل وجز الرقاب وأكل القلوب وسبي النساء ويحرضونهم على فعلها مادامت أرض الإسلام هي أرض الجهاد والقتال ؟ إن الخطباء ، عن وعي أو بدونه ، يبثون ثقافة القتل باسم الدين ويهيئون الأنفس للجهاد في صفوف التنظيمات الإرهابية التي يقدمونها نماذج "مشرقة" للغيرة على الدين والدفاع عن المسلمين .

فجميع الأئمة ينطلقون من تكريس "مسلمة" أن كل عرى الإسلام نُقضت ، مستندين في هذا إلى حديث نبوي يسيئون فهمه وتأويله (لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة ) . هكذا يوهمون النشء أن كل الأنظمة الحاكمة في بلاد الإسلام أنظمة "كافرة" لأنها لا تطبق أحكام الشريعة ، وأن النظام الوحيد الذي يصلح للمسلمين هو النظام الذي يجمع بين القرآن والسيف على طريقة "داعش" .

نظام لا يسمح بالاختلاف ولا يقبل بالمعارضة . نظام الحاكم فيه فرد وليس الشعب ، والعلاقة بين الحاكم والشعب علاقة طاعة وخضوع مطلق ، ودونهما السيف والسبي . فالإسلام ، كما يقدمه الخطباء والأئمة في مواعظهم وأدعيتهم ، هو إسلام الكراهية لكل البشر غير "المسلمين"، إسلام "الجهاد" والقتل والسيف ضد غير "المؤمنين" بما يؤمن به الجهاديون . وبسبب هذه العقائد الضالة المضللة ، صار المسلمون للمسلمين أعداء وأهدافا مطلوبين في دمائهم وأعراضهم وأموالهم . هكذا انقلبت العلاقة بين المسلمين من "البنيان المرصوص يشد بعضه بعضا" إلى عداء وقتل وسبي ودمار . فلم يعد الجهاد مطلوبا لتحرير المسلمين من استعمار شرد شعبا واغتصب أرضا ودنس مقدسا وهوّد تراثا ، وإنما صار الجهاد تخريب العمران وتشريد الآمنين وتمزيق الشعوب وتفتيت الأوطان في بلاد الإسلام .

لم تعد صرخات نساء فلسطين ومشاهد تدمير بيوتهم واقتلاع أشجار الزيتون المباركة وتجريف الأراضي ومصادرتها تلقى صدى لها في نفوس وضمائر "الجهاديين" الذين استجابوا لفتاوى الشيوخ والأئمة "للجهاد" في سوريا "ونصرة" السوريين على السوريين وتحرير سوريا من شعبها وإجلائهم خارج حدودها . لا عذر "للجهاديين" وكل الشيوخ والأئمة المحرضين على الجهاد في "مشارق الأرض ومغاربها" وهم يستدبرون أرض الأقصى ويمرون بمحاذاة الجولان المغتصب دون أن تساورهم "غيرة" الإسلام و"نخوة" العرب أو استغاثة الملهوف ودمعة الثكلى .

جماعة "أنصار بيت المقدس" التي تحمل اسم القدس زورا وبهتانا ، تركت أولى القبلتين سليبة وولت وجهها شطر سيناء مصر لترويع أهلها وتخريب عمرانها واستهداف أمنها . لم تعد الشهادة ، إذن ، مطلوبة على أرض فلسطين ومن أجل المقدسات ، بل "الشهادة" و"الاستشهاد" على أرض سوريا صارا أعظم أجرا ؛ وكيف لا يكونا وقد أفتى أمراء الدم وشيوخ التطرف أن "العدو القريب أولى من العدو البعيد" . لم تعد المساجد بيوت الله يُرفع فيها ذكره وتُعلم فيها شريعته السمحة ، بل تحولت إلى مراكز التهييج والتحريض على الكراهية والقتل باسم "الجهاد" في "مشارق الأرض ومغاربها" . كما لم يعد همّ كثير من الخطباء والأئمة سوى "التعبئة العامة" للجهاد والالتحاق بمناطق التوتر والصراع السياسي والمذهبي لإطالة أمده .

بعد كل المآسي التي تسببت فيها فتاوى "الجهاد" ونصرة "المجاهدين" في مشارق الأرض ومغاربها باستثناء فلسطين ، حان الوقت ووجب التدخل لمنع التحريض على القتال تحت أي مسمى كان وفي أي مكان من العالم . لقد انتهت الحروب الدينية منذ الحروب الصليبية ، وصارت مصلحة الأوطان من مسئولية شعوبها ؛ إذ لا وصاية لشعب على آخر إلا ما تقتضيه الاتفاقيات الدولية من تعاون بين الدول والحكومات . لنرحم شعوبنا وشبابنا من هذا الدمار الذي تحدثه فتاوى "الجهاد" و"الاستشهاد" . ولتتدارك الحكومة والوزارة الوصية على الحقل الديني أمر العبث بالدين وبالنفوس فتوقف العابثين بهما عن الإفتاء بالجهاد وتمنعهم عن اعتلاء منابر الخطابة ، قبل أن يتحول وطننا إلى "أرض جهاد" تأتيه الغربان من كل مكان تنشر الموت والخراب .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.