الطالبي العلمي يمثل الملك محمد السادس في حفل تنصيب بريس كلوتير أوليغي نغيما رئيسا لجمهورية الغابون (صورة)    "البيجيدي" يؤكد انخراطه إلى جانب المعارضة في ملتمس "الرقابة" ضد حكومة أخنوش    الخيط الناظم في لعبة بنكيران في البحث عن التفاوض مع الدولة: الهجوم على «تازة قبل غزة».. وإيمانويل ماكرون ودونالد ترامب!    منحة استثنائية من أيت منا للاعبيه بعد الفوز في "الكلاسيكو"    المغرب يطلق برنامجًا وطنيًا بأكثر من 100 مليون دولار للحد من ظاهرة الكلاب الضالة بطريقة إنسانية    المغرب يدعم "لم الشمل" من الجزائر    إسبانيا: تحديد أسباب انقطاع الكهرباء يتطلب "عدة أيام"    المغرب يجذب الاستثمارات الصينية: "سنتوري تاير" تتخلى عن إسبانيا وتضاعف رهانها على طنجة    الناخب الوطني يعلن عن تشكيلة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة لمواجهة نيجيريا    الشرطة البرازيلية تحبط هجوما بالمتفجرات على حفل ليدي غاغا في ريو دي جانيرو    توقعات بتدفقات مبكرة للجالية المغربية نحو شمال المملكة    مشروع قانون جديد يرفع رسوم الأراضي غير المبنية    للا حسناء تزور مهرجان السجاد الدولي    مراكش تحتفي بالموسيقى الكلاسيكية    أسعار تسويق لحم الديك الرومي بالتقسيط تبصم على انخفاض في المغرب    الحارس الأسبق للملك محمد السادس يقاضي هشام جيراندو    الوقاية المدنية تستبق الصيف بعملية تأمين شاملة لشواطئ الناظور    استشهاد 16 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء في قصف إسرائيلي جديد على غزة    العداء الجزائري للإمارات تصعيد غير محسوب في زمن التحولات الجيوسياسية    مصادر جزائرية: النيجر تتراجع عن استكمال دراسات أنبوب الغاز العابر للصحراء    المغرب والإمارات: تحالف الوفاء في زمن الجحود وعبث الجوار العسكري    معهد الموسيقى بتمارة يطلق الدورة السادسة لملتقى "أوتار"    السلطات الإسبانية تؤكد أن تحديد أسباب انقطاع الكهرباء يتطلب "عدة أيام"    بريطانيا تطلق رسمياً لقاح جديد واعد ضد السرطان    حريق بمسجد "حمزة" يستنفر سلطات بركان    "الأونروا": الحصار الإسرائيلي الشامل يدفع غزة نحو كارثة إنسانية غير مسبوقة    توقيف 17 شخصا على خلفية أعمال شغب بمحيط مباراة الوداد والجيش الملكي    علماء يطورون طلاء للأسنان يحمي من التسوس    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم الفنان محمد الشوبي    فوز كاسح للحزب الحاكم في سنغافورة    الملاكم كانيلو ألفاريز يعتلي عرش الوزن "المتوسط الفائق"    نجم الراب "50 سنت" يغني في الرباط    لقجع يهنئ لاعبات نادي الجيش الملكي    شركة بريطانية تجر المغرب للتحكيم الدولي بسبب مصادرة مشروعها    "صوت أمريكا" تستأنف البث    من المثقف البروليتاري إلى الكأسمالي !    الداخلة.. أخنوش: حزب التجمع الوطني للأحرار ملتزم بتسريع تنزيل الأوراش الملكية وترسيخ أسس الدولة الاجتماعية    وهبي: قادرون على تعويض الغيابات وأؤمن بكل اللاعبين    رغم انخفاضها الكبير عالميا.. أسعار المحروقات بالمغرب تواصل الارتفاع    الشرطة البريطانية تعتقل خمسة أشخاص بينهم أربعة إيرانيين بشبهة التحضير لهجوم إرهابي    الجمعية المغربية لطب الأسرة تعقد مؤتمرها العاشر في دكار    دراسة: الشخير الليلي المتكرر قد يكون إنذارا مبكرا لارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب    طقس الأحد ممطر في هذه المناطق    وهبي: مهمة "أشبال الأطلس" معقدة    طنجة.. العثور على جثة شخص يُرجح أنه متشرد    برشلونة يهزم بلد الوليد    وداعاً لكلمة المرور.. مايكروسوفت تغيّر القواعد    مقتضيات قانونية تحظر القتل غير المبرر للحيوانات الضالة في المغرب    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها    الملك: الراحل الشوبي ممثل مقتدر    الداخلة-وادي الذهب: البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    أصيلة تسعى إلى الانضمام لشبكة المدن المبدعة لليونسكو    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الناقد فؤاد زويرق يكتب عن فيلم « بوخنشة » للمخرج غباري الهواري

شاهدت اليوم الفيلم الروائي القصير »بوخنشة » للمخرج المغربي الهواري غباري، وهو ثالث افلامه القصيرة، ما يعجبني في هذا المخرج هو حرصه الشديد على الاستفادة من كل الآراء وكيفما كانت، ومحاولته ربط تجربته هذه بمستقبله الاخراجي، بمعنى ابتعاده عن استسهال الفيلم القصير واتخاذه كجسر أو كمطية للحصول على رخصة أو بطاقة مخرج كما يفعل البعض، الهواري غباري اعطى كل مافي جعبته -حسب الامكانيات المتوفرة له طبعا- للخروج بنتائج مشرفة، وهذا ماكان، شاهدت كل افلامه القصيرة، ويمكن الجزم ان فيلمه الاخير »بوخنشة » جمع فيه كل تجاربه السابقة وأبان فيه عن نضج رؤيته الاخراجية، بل وصل الى مرحلة العبور الى الاخراج الاحترافي وخوض تجربة الفيلم الطويل.
خلاصة فيلم »بوخنشة » حسب اعتقادي تجمع بين حادثة واقعية وقعت منذ سنوات ومازالت اثارها موجودا الى الان، واسطورة مغربية اندثرت أو في طريقها الى الاندثار، تتمثل الحادثة في جزيرة الدمى المكسيكية وهي معروفة لمن يتابع الاخبار، وهي جزيرة اكتشفت بعد وفاة رجل متشرد كان يقيم فيها منعزلا فحولها الى معرض كبير من الدمى المرعبة، اما الاسطورة فتتمثل في بوخنشة ذلك الرجل المرعب الذي كان يتجول بكيس على ظهره، يسرق الاطفال ويقتلهم، وقد كانت بطبيعة الحال مجرد وسيلة متخيلة لاخافة الاطفال.
إذاً نحن امام حادثة واقعية وأسطورة متخيلة دمجهما المخرج معا للخروج بخلاصة سيميائية ذات دلالات فلسفية، فالدمى ليست دمى، والرجل ليس بوخنشة، والقتل ليس قتلا، والغابة ليست غابة… هي كلها عناصر تصب في قالب مجازي يعبر عن اشكالية الوجود وفهم الذات داخل هذا المستنقع الغابوي المسمى العالم، ليست هناك قصة بمفهومها الكلاسيكي المعروف، لكن في المقابل هناك بناء سردي ودرامي سلس يؤدي بنا كما قلتُ الى تفكيك رمز الاحداث ونزع الأسطرة (من الاسطورة) عن بوخنشة وحصره في الروح الفلسفية لمعنى الوجود، ليس مهما ان نعرف من هو هذا الرجل ولا كيف وصل به الحال الى احتضان الدمى والاقامة في هذا الفضاء الموحش، لكن من خلال تعقبه للنساء وقتلهن وكيفية تعامله مع الدمى تكتشف الصراع العاطفي والوجودي الذي ينهش داخله.
فكرة خطف هذا الرجل للنساء وقتلهن بدل الصغار كما هو معروف في اسطورة بوخنشة، وانتهاء مصيره على يد امرأة، هي اشارة ذكية من المخرج أراد من خلالها الوصول الى رمزية تحكم المرأة في وجودية الرجل، والسيطرة على أحاسيسه والتلاعب بعوالمه العاطفية، فالاكسسوارات النسائية المحيطة به في مشهد من المشاهد كالملابس الداخلية والاحذية وصفحات ممزقة من مجلات نسائية… تعمق هذه الفكرة وترسخها، وكيفية عرضه للدمى وطريقة تعامله معها تفضح أسراره وتعكس دواخله المرتبطة بالعنصر النسوي، الجميل ان المشهد الاخير كان جد معبر ورائع وهو بمثابة قنطرة الفيلم فمن خلالها عَبَرَ الرجل بسلاسة من حالة نفسية الى اخرى، من وحش الى انسان، إذ تغيرت عواطفه فجأة وتراجع عن حيوانيته بمجرد حصوله على هدية بسيطة من يد امرأة، مما يكشف لنا عن مدى فهم المرأة للرجل، وقدرتها على التحكم في كل أزرار حياته حتى في وجوديته على هذه الأرض.
أؤكد ان هذا الفيلم أفضل من سابقيه فالتلاعب بالاكسسوارات كرموز تؤثث المشاهد أعطاه بعدا جماليا وفنيا أكثر تميزا، كما ان فكرته الفلسفية والفكرية أخرجته من العادي الى الاستثنائي في افلام الهواري، في المجمل وحتى أكون دقيقا أكثر فقد أوقفتني فكرته وكيفية تناولها اكثر من أي شيء اخر، أما تقنيا فالتصوير عاد حتى لا اقول اقل من عاد، وإذا اخذنا بعين الاعتبار الامكانيات المتاحة فسيكون مقبولا، هذا الى جانب انني كنت أحبذ ان تمر المشاهد كلها صامتة وان يكون الحوار منعدما، فمثل هذه الافلام يكون فيها الصمت اكثر وسيلة للتعبير وأفضل أداة ترافق جمالية الفكرة. الموسيقى التصويرية كان موفقة وقد تماهت بشكل كبير مع العديد من المشاهد، أما التشخيص فلن اتكلم عنه لان مثل هذه الافلام يكون فيها المخرج اكثر حضورا من الممثل.
يبقى الهواري غباري مخرجا مجتهدا وموهوبا وأنا على يقين انه لن يكون مجرد مخرج وكفى فبحثه واطلاعه المستمر وثقافته ومعارفه وكتاباته الابداعية عناصر تؤهله لاعطاء الكثير في هذا المجال.
هنيئا له فيلمه الثالث هذا واتمنى له كل التوفيق في مساره الابداعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.