الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية إثيوبيا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    أساتذة التعليم الأولي يصعدون ويحتجون أمام وزارة التربية مطالبين بالإدماج الفوري وإنهاء التهميش    تقرير: 2.03 مليون وحدة إنتاجية غير منظمة بالمغرب في 2023    أخنوش: نسعى إلى تحقيق رقم إضافي من الصادرات يقدر ب80 مليار درهم في أفق 2027    لقجع: مونديال 2030 حدث رياضي بارز وموعد تاريخي يرسخ جسور التعاون بين ضفتي المتوسط    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    جمعية نسائية تدخل على خط ملف "خديجة مولات 88 غرزة"    بداية الإنتاج الأولى لشركة "Aeolon Technology" الصينية في المغرب    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ترامب يخير كندا: الانضمام إلى أمريكا أو دفع 61 مليار دولار للاستفادة من "القبة الذهبية"    فرق الإطفاء تواصل مواجهة النيران في "غابة هوارة" ضواحي طنجة    وفاة الممثلة المغربية نعيمة بوحمالة عن عمر يناهز 76 عاما    وفاة الفنانة المغربية نعيمة بوحمالة عن 77 عاما بعد صراع مع المرض    إطلاق قافلة الرياضة في العالم القروي بإقليم ميدلت تحت شعار" العالم القروي في منظومة الرياضة للجميع"    مرقد حاخام يهودي يستفيد من الترميم في بغداد    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    زيدان يعلن جاهزيته لتدريب منتخب فرنسا بعد مونديال 2026    امحمد أبا يبرز دينامية الدعم الدولي لمغربية الصحراء ولمخطط الحكم الذاتي    عمر حجيرة يترأس الجمع العام لتجديد مكاتب فروع الحزب بمدينة وجدة    مدير الأونروا: نظام المساعدات الأمريكي في غزة "إلهاء عن الفظائع"    الأوقاف: فاتح ذي الحجة غدا الخميس وعيد الأضحى يوم السبت 7 يونيو 2025    مستحضرات التجميل الصينية.. نموذج للتحول الذكي والتوسع الدولي    خبراء يحللون أبعاد وأثر البرنامج الحكومي لدعم الكسابة    وداعاً نعيمة بوحمالة... رحيل قامة من قامات التمثيل والمسرح    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    التلسكوب الفضائي "جيمس ويب" يلتقط صورة جديدة للكون البعيد    البنك الإفريقي للتنمية يتوقع أن يبلغ نمو الاقتصاد المغربي 3.9% سنة 2025    وداعا نعيمة بوحمالة… الساحة الفنية تفقد إحدى قاماتها    الوداد ينهزم وديا أمام إشبيلية… وتحضيرات حثيثة لمونديال الأندية في أمريكا    إندونيسيا مستعدة للتطبيع مع إسرائيل    الصين تطلق ثورة حوسبة فضائية: مشروع "كوكبة الحوسبة ثلاثية الأجسام" يضع الذكاء الاصطناعي في مدار الأرض    موريتانيا تتحرك عسكريًا لحماية حدودها وتوجه رسائل حازمة لبوليساريو والجزائر    الدبلوماسية المغربية تحصد ثمار تحركاتها... صفحة جديدة في العلاقات بين الرباط ودمشق    ميناء طنجة المتوسط يُسجل أرقام نمو إيجابية في الربع الأول من 2025    فويرتيفينتورا تحتفي بالتنوع الثقافي في الدورة الخامسة من مهرجان "ما بين الثقافتين"    الواقع أقوى من الإشاعة    محمد سعد العلمي ضيف برنامج "في حضرة المعتمد" بشفشاون    "فائض مالي" يتيح لجماعة الرباط اقتناء عقارات وإصلاح واجهات بنايات    شركة ايطالية تطلق عملية "مرحبا 2025" وتكشف عن سفينتها الجديدة من طنجة    أين الخلل في تدبير شاطئ رأس الرمل؟    حادثة سير خطيرة بطنجة تُرسل شابين في حالة حرجة إلى المستشفى    بلاغ صحافي : خطة "تسديد التبليغ"    عبير عزيم في ضيافة الصالون السيميائي بمدينة مكناس    تتويج عبد الحق صابر تيكروين بجائزة "زرياب المهارات" تقديرا لمنجزه الفني في مجال التأليف الموسيقي    فرع تمارة للحزب الإشتراكي الموحد يقدم رؤية جذرية لمعالجةالمسألة العقارية بالمغرب    مباراة ودية.. فريق الوداد الرياضي ينهزم أمام إشبيلية الإسباني (1-0)    غيابات وازنة في قائمة الركراكي لوديتي تونس والبينين    كيف تحمون أنفسكم من موجات الحر؟    "الكاف" يكشف عن الملاعب المستضيفة لمباريات كأس الأمم الأفريقية للسيدات بالمغرب    الركراكي يعلن ثقته في تتويج المغرب بكأس إفريقيا: "حكيمي سيرفع الكأس"    موجة حر مرتقبة.. طبيب ينبه للمضاعافت الصحية ويدعو لاتخاذ الاحتياطات    تزامناً مع موجة الحر.. الدكتور حمضي يكشف عن إجراءات مهمّة لتجنب المخاطر الصحية    دراسة: الموز يساعد على خفض ضغط الدم بشكل طبيعي    التهراوي: تسجيل تراجع بنسبة 80 في المائة في عدد حالات الحصبة بفضل حملة التلقيح    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    بلاغ جديد من وزارة الأوقاف للحجاج المغاربة    









ليسقط الفن الملتزم
نشر في كود يوم 18 - 05 - 2011

في خضم السجال حول مهرجان موازين ، رفع مرة أخرى شعار "الفن الملتزم و الهادف" ، كذريعة و حجة للمطالبة بإلغاء المهرجان، الذي لايقدم إلا "فحشا و فسادا" للبعض من أهل اليمين أو "ثقافة جوفاء و مائعة" للبعض الأخر من أهل اليسار. وإذا كان لمعارضي إقامة موازين حق و ألف حق في التشكيك في ميزانية المهرجان، و طلب أن لايصرف درهم واحد من المال العام في غير محله، كما أنهم على صواب عندما يطالبون بأن يرفع محمد الماجدي يده عن رئاسة موازين إلا أنه من الخطأ طلب إلغاء هذا المهرجان لذرائع أخلاقية و دينية أو بمنطق الوصاية على ذوق الناس تحت يافطة "الفن الملتزم و الهادف " ، فهاته شعبوية و تسلط غير مقبولين.

يرفع من نصبوا أنفسهم قيمين على الذوق السليم لافتة "الفن الملتزم" و كأنه الترياق الشافي لسوء حال الثقافة في بلادنا. غير أن من عرف و خبر الأنشطة الثقاقية التي كانت تفرضها، و ما زالت، جماعات اليسار الماركسي و الحركات الإسلامية في الجامعات المغربية أو في الملتقيات الثقافية كبديل فني، لن يملك إلا أن يلعن سيرة هذا الفن الملتزم المبشر به، متمنيا جلد المنشدين الإسلاميين بأوتار المغنيين الملتزمين من أهل اليسار. أغاني مكرورة و معادة و كأن الموسيقى عقمت بعد الشيخ إمام، و فقر في الألات و التوزيع كما لو أن هناك قانونا إلهيا لا يبيح سوى إستعمال الدفوف. من كان راغبا في معرفة شكل الثقافة في الأنظمة الشمولية و الإستبدادية، فله في تلك الأنشطة "الملتزمة" نماذج مصغرة.

أسطورة الأدب الملتزم و الشعر الملتزم و الغناء الملتزم...الى أخره مما ترسب في الخطاب الثقافي المهيمن عند اليسار الجذري و التي ورثها الإسلاميون فيما بعد، ليست بالجديدة و لا بالغريبة. هي نتاج نفس التصور الذي يجمع بين اليسار الماركسي و الإسلاميين للفن و الأدب. كلاهما لايتخيلان الفن إلا كتابع و خادم للسياسة ، لا قيمة له ولاجدوى خارج وظيفته و دوره الإجتماعي و الأخلاقي. بالنسبة لليسار، الفن ينبغي أن يكون تحريضيا، ثائرا، يأخذ المواطن من يده كطفل قاصر ليملي عليه هويته و يحدد له من العدو و من الصديق. ما يهم اليسار في هذا الفن هو الوظيفة و الدور لا الشكل و الجمالية. نفس التصور سائد لدى الإسلاميين، الذين أضافوا بهارات أخلاقية و دينية لخلطة الفن الملتزم. بالنسبة لهم لايختلف العمل الفني و الأدبي عن الخطبة من فوق المنبر أو الدرس الديني: مواعظ و وصايا و محرمات و نواهي. للإسلاميين تصور "كلينيكي" للفن و الأدب: الجنس و اللذة و استخدام الرموز الدينية لإغناء العمل الفني و الأدبي يراها الإسلاميون كفيروسات و جراثيم تصيب جسد المجتمع و تنخره وبالتالي تجب محاربتها. فكم من الفنانين و الأدباء انتقدوا و هوجموا من قبل الإسلاميين نتيجة هذا التصور الأخلاقي الضيق للفن و الأدب من محمد شكري لمحمود درويش مرورا بمارسيل خليفة و نجيب محفوظ و غيرهم.

ما لايدركه أصحاب أسطوانة الفن الملتزم المشروخة هو أن قيمة العمل الفني هي في إبداعه و جماليته لا في وظيفته و دوره. فيروز و مارسيل خليفة و أم كلثوم و عبد الحليم ليسوا بقمم فنية لأنهم غنوا أعمالا قومية و "ملتزمة" بل لأنهم كانوا مبدعين و موهوبين فنيا أولا و أخيرا. حصرهم في خانة "الفن الملتزم" ظلم لما قدموه للثقافة العربية. ولعل مثل هاته التصنيفات هي التي جعلت محمود درويش يردد و يؤكد مرارا أنه شاعر قبل كل شيء و ليس فقط و حصريا شاعر القضية الفلسطينية. و أخيرا، و كما كان يقول أوسكار و ايلد "ليس هناك كتاب أخلاقي و كتاب غير أخلاقي بل هناك كتاب جيد و كتاب سيء"، فالإلتزام الوحيد للفن هو جمالي فقط و لا غير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.