لا يشعر بالإهانة جراء مقتل اسماعيل فاي، إلا مواطن مغربي زار ذات يوم السينغال، حين تجد نفسك مرفوعا على عروش القلوب بالحب والتبجيل... ما إن يتعرفوا على هويتك، حتى يبسطون لقدميك رموش أعينهم كي تمشي عليها، يحدثونك عن المغرب ككل راهب أو متصوف يحدثك عن جنة يرغب حسن الختام فيها... اسماعيل كان خبازا في دكارا، لم يكن مهاجرا سريا، ولا حالما بفردوس القارة العجوز، بل ذاهب إلى فاس كي يغترف من معين الزاوية القادرية، حيث حجه الأول والأخير... كان سيعود إلى مخبزته وإلى حارته، وكان سيحكي عن المغرب وعن جوامعه وعن فقهاء الزاوية التي كان سيزورها... كان قطرة دم في هذا الشريان الذي يربط بلد الكرم بكرم المغرب... الآن هو وصمة عار على جبيننا نحن الذي قتلناه...
هل كان عليه أن يموت في طريقه إلى الله كما أحبه؟ كي تنتصب كل أشجار البامبو الغاضبة في وجهنا...؟ ونوصم بالعنصرية المقيتة، فقط لأننا نحمل خطأ لون بشرتنا البيضاء؟
لا يمكن نفي عنصريتنا، حتى وهم يعلموننا أنه لا فرق بين عربي وأعجمي ولا بين أبيض وأسود سوى بالتقوى، ما كانت تقوانا لتغفل هذا الاستهجان الذي نواجه به الملونين بيننا، منذ أن ركز الفقهاء على وضعية بلال كعبد، لا كإنسان تعذب كي يعود عن قرار اعتناقه للإسلام، إلى اختفاء المذيعين والمغنيين والممثلين السود من قنواتنا التلفزية، مرورا بذلك المواطن القابع في ركن الفنادق والوصلات الإشهارية لأرفع أنواع الشاي، وهو يعتمر سلهامه الأبيض وقبعته المخزنية الحمراء... نعم نحن عنصريون حتى النخاع...
ومع ذلك، بالتقصي في حقيقة ما وقع لإسماعيل، يصعب وضع العنصرية وحدها في قفص الإتهام، بل يصعب اتهامها بشكل مباشر، فالشاب تشبث بمقعده في الحافلة بجانب فتاة تسافر رفقة أخيها، هذا الأخير لم يستسغ أن يحدث رجل أخته، ليس كونه أسود البشرة، بل لأنه ذكر... إنها العقلية الذكورية التي تؤثث مفهوم الرجولة في مجتمعنا ما كان السبب وراء اغتيال اسماعيل فاي، مما يستوجب استنكار، بالاضافة للجمعيات المهتمة بمحاربة العنصرية، تلك المهتمة بقضايا المرأة وبمحاربة الأمية وبالكراهية أيضا..
نحن أمام هذا الجلل، شعب وضيع، أمي، عنصري ومتخلف... شعب لم يفتقد القيم الإنسانية، لأنه لم يكتسبها يوماً ما...