قاربت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على إتمام سنتها التاسعة منذ إطلاق هذا الورش الذي تعتبره الدولة مهما لدعم الفئات الهشة والفقيرة وفك العزلة عن عدد من المناطق التي تعاني صعوبات إن في التواصل مع باقي المناطق بسبب غياب شبكات الطرق أو صعوبة المسالك أو في غياب شروط الحياة الكريمة في ضل غياب الأساسيات كالكهربة والماء والنقل المدرسي وغيرها، مشروع أريد له أن يبقى مفتوحا ولا يكون مرحليا أو ضرفيا عابرا، وأن يجسد بمشاريع مضبوطة ومندمجة وأساسا فعالة للحد من الفقر والهشاشة والتهميش والإقصاء الاجتماعي وإرساء ديناميكية للتنمية البشرية المستدامة. ورغبة في تطوير الأداء والاستماع إلى جميع الأطراف دأبت المديرية المركزية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية على تنظيم الخميس الإعلامي كل ثلاثة أشهر في أقاليم مختلفة، لتصل في شهر أبريل للجولة ال17 و تحط الرحال بإقليمالحسيمة مرفوقة بفريق صحفي يمثل منابر إعلامية وطنية، لعلها تكتب عنها بعد تفقدها لمشاريعها بالمنطقة ما يجعلها تفتخر بما أنجزت أو تصحح ما أخطأت فيه حسب قول سليمان أحجام المنسق الوطني المساعد للمبادرة، والذي اكد في تصريح لهسبريس أن الغاية من الخميس الإعلامي هو الانفتاح على رأي الإعلام في المشاريع المنجزة والتنبيه لمكامن الخلل إن وجدت للدفع بالمشروع إلى سكته الصحيحة وتطوير فعاليته تجاه الفئات المستهدفة. بداية الجولة 17 من ولاية الجهة دافع والي جهة تازةالحسيمةتاونات جلول صمصم في كلمته الافتتاحية بحضور صحفيين وممثلي اللجنة الإقليمية للINDH و ممثلي المصالح الخارجية على حصيلة عمل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليمالحسيمة، معتبرا الحصيلة إياها إيجابية خصوصا في العالم القروي الذي يشكل 70% من الساكنة، مفتخرا بوصول نسبة الكهربة بتلك المناطق إلى 90% ، ممنيا النفس ببلوغ الكمال سنة 2015 وكهربة جميع الدواوير. وأضاف الوالي صمصم، أن الحديث في المنابر الإعلامية عن غياب الشفافية في طرق تدبير أموال المبادرة كلام غير صحيح، مشددا على أن لجان التفتيش تراقب بشكل دوري مالية المبادرة وتراقب المشاريع المنجزة وتنجز تقاريرها التي تنشر في موقعها الرسمي بالتفاصيل الدقيقة. الرواضي : كابوس تسويق المنتوجات جولات قافلة الخميس الإعلامي بدأت من الجماعة القروية الرواضي التي تتوسطها بناية أنجزتها المبادرة مع شركاءها تحمل اسم "قرية الصناع التقليدين"، والتي تحتضن 153 من الإناث و25 من الذكور يستفيدون من المشروع المنجز سنة 2010، والذي يضم ورشات للتكوين و فصول لمحاربة الأمية و معارض ومحلات حرفية، غير أن الهاجس الأكبر للصناع التقليديين يبقى هو مشكل تسويق المنتوجات الذي وصفه أحدهم لهسبريس بالكابوس و الصخرة التي تتحطم عليها رغبتهم في الإبداع، معتبرا أن المعارض الموسمية لا تكفي لترويج تجارتهم و منحهم الفرصة لمزيد من العمل والإنتاج. بني بوفراح: أنقذتنا القنطرة من العزلة "كنا نعيش في رعب دائم مع كل قطرة غيث، ذلك أن نزول المطر يعني بقاؤنا في دواويرنا وانعزالنا عن بقية العالم إلى حين أن يجف الوادي، غير أن القنطرة التي تم إنجازها مؤخرا في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أنقدتنا وسهلت تنقلنا في مأمن" بهذه الكلمات علق عبد السلام الذي ألتقيناه في ثاني محطة للقافلة، والذي شدد على أهمية مشروع القنطرة الذي أنجز في إطار برنامج التأهيل الترابي سنة 2013 والذي كلف 15 مليون درهم، أنجزته الINDH بشراكة مع وزارة التجهيز والنقل ووزارة الداخلية ووزارة الفلاحة والصيد البحري، وأضاف" لكن هذا لا يكفي لازلنا نعاني نقائص عدة في جميع المناحي والتي تحتاج التفاتة حقيقية من الجهات المسؤولة". بني جميل مسطاسة: لاشيء تم إنجازه هي العاصمة بالنسبة لساكنة المنطقة، هناك تتواجد القيادة والجماعة وسرية الدرك المكلي، الطريق إليها معبدة نوعا ما، لكن السيل بلغ الزبى هنا، فالمشاكل لا تعد ولا تحصى، ودار الطالبة التي أنجزت في إطار مشروع محاربة الهدر المدرسي والتي يدفع المستفيدون مقابل الاستفادة من خدماتها 500 درهم شهريا، وتوفير 6 حافلات لنقل المتمدرسين، غير كافية لكي تسكت الغاضبين من شح الدقيق المدعم، وغياب الماء الذي يسيل من الصنابير كل سبت فقط، وضعف الخدمات الصحية وهلم جرّ. عند مدخل القرية اصطف المنتخبون والساكنة ينتظرون قدوم قافلة الخميس الإعلامي، بضع دركيين و قليل من عناصر القوات المساعدة يتقدمهم القائد بزيه الرسمي، يحرص على أن يصفق الجميع على القادمين من الرباط، وأن يحسن استقبالهم، لتتم الزيارة في هدوء قبل أن يدعو الجميع لتفقد مبادرته بتحويل منزل كان مخصصا في السابق لاستقبال ضيوفه إلى دار للشباب، وهي عبارة عن بناية قديمة تمت صباغتها قبل مجيء الضيوف خالية من أي تجهيزات، "لقد فتحها أمس" يقول أحد الساكنة الغاضب من تغير حال قريته بين ليلة وضحاها من أجل تمويه ضيوف العاصمة أو إرضائهم. دوار كلت: هنا الأمور بخير في قمة جبلية عالية يقع دوار كلت، والذي أنجزت المبادرة الوطنية مشروع فك العزلة عنه عبر توسيع و تكسية الطريق المؤدية إليه والبالغ طولها 10 كيلومترات والتي تربطه بالطريق الساحلية، بشراكة مع عمالة إقليمالحسيمة والمديرية الجهوية للتجهيز والنقل واللوجيستيك والجماعة القروية بني جميل المكصولين، بتكلفة إجمالية محددة في 2.250.000.00 درهم. وجدت القافلة في استقبالها شيوخ الدوار ومنتخبيه، حيث ما إن رمقوا وقوف السيارت الرباعية الدفع حتى بدأوا في ترديد "عِيشْ أَلْمَالِيكْ" عدة مرات، متسائلين عن من يكون الوالي من بين أصحاب البدل الأنيقة، قبل أن تظهر لافتة قماشية كتب فيها"سكان الجماعة يرحبون بوالي جلالة الملك والمرافقين له". ساكنة الدوار استفادت كذلك من مركز اجتماعي لاستقبال وتكوين وإدماج النساء والذي يكوّن 120 فتاة في الخياطة والفصالة والزربية ومحاربة الأمية، ويضم أيضا فصولا للتعليم الأولي، تعتبره ساكنة المنطقة خصوصا من النساء بمثابة منّة من الله أنقدتهم من الفراغ ومنحت لهم الفرصة للتعلم والإنتاج. بن جميل المكصولين: دار للمطالعة وملعب تقع جماعة بني جميل مكصولين في الجهة الغربية الجنوبية لاقليم الحسيمة على بعد 87 كيلمتر عن المدينة، وتقدر مساحتها الاجمالية ب100 كيلومتر مربع، ويغلب على تضاريسها الطابع الجبلي على شكل جبال و منحدرات قوية وتم إحداثها سنة 1992. من حيث الاستفادة من مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وصلت نسبة التغطية الكهربائية فيها الى 86% ، أما على مستوى الماء فقد برمجت في إطار الخماسية الأولى للمبادرة 7 مشاريع خاصة بحفر وإصلاح وتجهيز الآبار أو عيون بسبع دواوير غير أنها تبقى غير كافية حسب من يهمهم الأمر،و تتوفر على طريق معبدة تربطها بالطريق الساحلي، أما الباقي فهي مسالك قروية تربطها بباقي الدواوير، كما لا تزال الساكنة تعاني من ضعف البنيات الصحية والتعليمية و غياب قنوات الصرف الصحي، أما الاقتصاد المحلي فيعتمد على الفلاحة المعيشية وزراعة الكيف. غير أن مشروعين أنجزا بالمنطقة من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جعلا من بن جميل المكصولين متميزة، حيث تم إنشاء دار للمطالعة من 90 متر مربع بتكلفة مالية محددة في 490 ألف درهم، يستفيد منها أبناء القرية والدواوير القريبة، مجهزة بحواسيب و تتوفر على كتب ومراجع، وملعب كبير لكرة القدم بشراكة مع مندوبية الشبيبة والرياضة بالحسيمة، تم إنجازه رغم صعوبة التضاريس. مشاريع الINDH سنة 2014 صادقت اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالحسيمة على 36 مشروعا خلال 2014 بتكلفة بلغت 60.022.090.00 درهما، تهدف بالأساس الى دعم الولوج الى البنيات والتجهيزات التحتية الأساسية، ودعم الولوج الى التجهيزات الاجتماعية، والتنشيط الثقافي والرياضي ودعم الأنشطة المدرة للدخل والتشغيل الذاتي عبر تثمين المنتوجات الفلاحية المحلية، وإحداث محيطات سقوية صغرى، ودعم قطاع السياحة الجبلية، والخدمات وتجارة القرب لفائدة الشاب العطل بالمجال القروي. رغم كل المشاريع التي أنجزتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خلال السنوات الأخيرة، لازالت ساكنة إقليمالحسيمة في حاجة إلى مضاعفة الجهود والعمل على استهداف الأساسيات من طرق و ماء وتعليم وصحة وبنيات تحتية أساسية، ولاعمل على ملائمة المشاريع مع الاحتياجات ومراقبة جودة الأشغال المنجزة.