ماهي أسباب إعفاء الكاتب العام لوزارة النقل من طرف الوزير قيوح؟        قرية طنجة الرياضية.. منشأة متكاملة تعزز البنية التحتية وتستعد لموعد كأس إفريقيا    المضيق-الفنيدق .. ساحل "تامودا باي" في حلة جديدة لاستقبال موسم الصيف    توقعات إيجابية لقطاع البناء بالمغرب في الفصل الثاني من سنة 2025    دونالد ترامب يوقع قرارا يمنع دخول رعايا 12 دولة لأمريكا    تصوير برنامج صيني شهير في أزقة طنجة    عمال بفرنسا يرفضون شحن 14 طناً من الأسلحة إلى إسرائيل    أكاديميون يناقشون أزمة السياسة والأحزاب في المغرب.. أزمة فعل أم أزمة صورة    دياز يؤكد غيابه عن مباراتي تونس والبنين ويعرب عن سعادته بتواجده مع اللاعبين رغم الإصابة    موقع "برلمان.كوم" يعتذر عن عدم بث حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة"    مهرجان كناوة 2025 بالصويرة .. تلاق عالمي بين الإيقاعات والروح    اليماني يفضح اختلالات سوق المحروقات    "النهج الديمقراطي" يستنكر تناسل فضائح الفساد السياسي والاقتصادي ويدين الهجوم على الحريات العامة    بني ملال تحتضن اللقاء الجهوي الخامس حول أولويات وتحديات الشباب المغربي    إحسان الحافظي يكتب: كيف رسم الملك التحول الأمني    نتانياهو يعلن إعادة جثتَي رهينتين    غضب بمجلس الأمن بعد فيتو أميركي    هبوط اضطراري لطائرة بعد إصابة ركاب في مطبات هوائية شديدة    بني ملال تغلق المجزرة وتمنع الذبح    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    لقجع يزور معسكر الوداد الرياضي بمركز محمد السادس استعدادا لمونديال الأندية    إنفانتينو: مونديال السيدات "المغرب 2025" موعد مهم.. والمغرب أرض كرة القدم    النفط يتراجع بفعل زيادة المخزونات الأمريكية وخفض سعر الخام السعودي    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    محكمة الاستئناف تؤيد سجن الناشط رضوان القسطيط سنتين حبسا نافذا    وزيرة السياحة: الثقافة المغربية تجذب 50% من السياح الأجانب    يوميات حاج (6): الوقوف في عرفة .. لحظة كونية تتوق إليها الأرواح    أكثر من 1.6 مليون مسلم يتوافدون على عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    قتل الكلاب والقطط الضالة بالرصاص والتسميم يخضع وزير الداخلية للمساءلة البرلمانية    الأمن الوطني يضرب بقوة ضد شبكات الغش في امتحانات الباكالوريا    سلطات الحسيمة تواصل حملات تحرير الملك العمومي بأهم شوارع المدينة    بعد استفحال "الجنوح الدراجي"... حملة أمنية موسعة لمحاربة "السيبة" بطنجة    كيوسك الخميس | المغرب يسارع الخطى للتحول نحو السيارات الكهربائية    جامعة القاضي عياض بمراكش تحتضن نهائي مسابقة "أطروحتي في 180 ثانية" بمشاركة 12 طالب دكتوراه    بعد 5 سنوات.. الرجاء الرياضي يعلن عودة بانون إلى صفوفه    أكثر من 1.6 مليون مسلم يؤدون الركن الأعظم للحجّ على جبل عرفات    الهلال السعودي يعلن تعاقده مع المدرب الإيطالي إنزاغي بعد رحيله عن إنتر ميلان    منتخب المغرب لأقل من 17 سنة للسيدات في مجموعة واحدة مع البرازيل وإيطاليا وكوستاريكا بمونديال 2025    الصين والمغرب يتصدران موانئ العالم في الكفاءة اللوجستية... وتفوق واضح على دول كبرى    المغرب يسرّع تعميم محطات شحن السيارات الكهربائية استعداداً لكأس العالم 2030    المنتخب البرتغالي يبلغ نهائي دوري الأمم الأوروبية بفوز ثنائي على ألمانيا    في يوم عرفات.. ضيوف الرحمن يتوافدون لأداء الركن الأعظم بخشوع وإيمان    بداية عهد جديد في تدبير حقوق المؤلف.. مجلس إداري بتمثيلية فنية ومهنية لأول مرة    مؤتمر علمي بالدوحة لاستنطاق الإعلام العالمي حول حرب غزة    ضوء النهار يعزز المناعة.. دراسة تكشف سر النشاط الصباحي للخلايا الدفاعية    الأستاذ الفنان الراحل الحاج أحمد عبد السلام الطود علم الموسيقى الأندلسية بالعرائش    تكريمات ومسابقات.. مهرجان الداخلة السينمائي يكشف عن برنامج الدورة ال13    بنسليمان تحتضن المحطة الثانية من مهرجان "أرواح غيوانية" يومي 5 و6 يونيو    موسم الحج.. منع تصوير ورفع الأعلام السياسية والمذهبية بالمشاعر المقدسة    العرائش… لقاء تحضيري لتنظيم النسخة الثانية من ملتقى ليكسوس للثقافة والتراث    خبراء في فاس يناقشون مصير الترجمة في عصر الذكاء الاصطناعي    دراسة: الإفراط في الأطعمة المصنعة قد يسرّع أعراض باركنسون    الحجاج يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    عندما يخرج النص عن النص! أو وقفة أمام امتحان إشهادي غير موفق    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    الناظور.. نفاد حقنة تحمي الرضع من أمراض الرئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راسبوتين الذي يتكرر دوما
نشر في هسبريس يوم 27 - 04 - 2014

تبدو شخصية راسبوتين غامضة وملتبسة لا تشبع نهم القراء الذين يسعون نحو الاستثنائي والعجائبي في التاريخ، ولعل اسم راسبوتين نفسه يحمل هذا الالتباس لأنه يدل في اللغة الروسية على مفترق الطرق، مزيج من الإيمان بالدين والانغماس الجنسي وشراهة السلطة... لقد وجد الرجل نفسه وهو الراهب الماجن في أحضان حكم القياصرة، وبامتلاكه لقوة باطنية استثنائية استطاع الرجل أن يقاوم تيار التاريخ الذي ستقذفه أمواجه إلى الأعالي قبل أن ينتهي به الأمر إلى القتل فالحرق.
كان راسبوتين يتمتع بقوة داخلية خارقة حتى تحول من مجرد فلاح بسيط وسكير وعاشق للجنس إلى قديس القياصرة في روسيا القادر على توبيخ القيصر العنيف وجعله مثل طفل وديع، فقد جاء من قريته التي نشأ فيها وحمل وشمها إلى بوطرسبورغ في أوائل القرن الماضي، وفي إحدى شوارع هذه المدينة التي حملت وشم ثورة البلاشفة سيتم إعدامه وبين البداية والنهاية ترتسم صور متناقضة لراسبوتين الراهب، القديس، والداعر المجرم وسيد الشيطان، لقد دخل حيز الأساطير ووجد نفسه أمام تمزق عائلي وكان الدين بمثابة البلسم لراسبوتين الذي سيتحول إلى راهب ستظهر له معجزات تبهر كل المتحلقين حوله، لكن الجنس كان نقطة ضعفه والذي قاده إلى العربدة.. النساء والخمر اليوم ولا أمر غدا، كان التقاء راسبوتين بالأب جون نقطة تحول ستقوده إلى قصر القياصرة، حيث سيصبح المتنبئ بوريث العرش الروسي الضامن لاستمرار نسل العائلة الحاكمة..
لم يكن راسبوتين رجلا جشعا لجمع المال لكن كان يحركه هاجس خفي للشهرة والسلطة ووشم التاريخ بميسمه الخاص وهو ما سيتحقق صحبة نيقولا الثاني حيث سيصبح راسبوتين الحاكم الفعلي لروسيا والذي على عهده سينتهي حكم القياصرة . بسبب مفترق الطرق أو "راسبوتين" الذي استغل ثقة وسذاجة القيصر لبسط نفوذه على البلاد وأجهزة الحكم، فهذا الفلاح الأمي سيحول عرش الإمبراطور إلى مجرد لعبة كراكيز بين يديه.
لكن كيف نجح هذا الفلاح في التسلل إلى بلاط آخر القياصرة؟
بدأ في خلق المعجزات للنساء اللواتي لهن نفوذ في البلاط الملكي وكتب عنه القيصر قائلا: "لقد تم التعرف اليوم على رجل قريب من الرب". كان راسبوتين يستخدم قوته الباطنية في علاج مرضى القصر وداعت أساطير كثيرة وخرافات متقنة الصنع حول القدرات العجيبة لراسبوتين لعلاج المرضى الذي سيتحول إلى قديس صانع المعجزات، لم يكن الرجل مجرد دجال بل كان له نوع من النبوغ الروحي، ثقة العائلة المالكة هي التي ستبني المجد السياسي لراسبوتين الذي استطاع أن يكون دائرة في المحيط الحاكم من الأصدقاء الذين يدافعون عنه في دائرة البلاط ضد مكر الماكرين ودسائس الحساد، وكما يقول كولن ويلسن صاحب كتاب راسبوتين: "كلما تعاظم أثر راسبوتين في البلاط زاد عدد معاونيه وشركائه"، وسيصبح القصر كله يكن كامل التبجيل للفلاح الأمي وهو ما جعله في قلب المكائد، قربه من القيصر خلق له متاعب كثيرة لكنه استطاع بدهاء أن يزيح كل معارضيه من الطريق وأصبحت له اليد الطولى في تعيين الوزراء وجنرالات الجيش لدرجة أنه أصبح الحاكم الحقيقي..
تقرب من بنات القيصر وحين اشتكت الخادمة من سلوك راسبوتين تم طردها، وحين داعب ممرضة الأميرات واشتكت به للتزارينا زوجة القيصر أرسلتها إلى مصحة عقلية بل إن زوجة القيصر ستسقط في عشق راسبوتين يقول عنه أحد الكتاب: "كان راسبوتين يحصل على أتباعه وتلاميذه بلمح البصر، سيما بين النساء اللاتي انجذبن إليه كما ينجذب الدبور للعسل"، هذا النجاح الذي يؤدي دوما إلى حتف صاحبه غير الكثير من سلوكات راسبوتين الذي أصبح يحتقر كبار رجال الدولة وأصبح مهاب الجانب وسعى الكثيرون إلى التقرب منه أو محاولة تدميره.
بدأت فضائح راسبوتين الجنسية تطفو على السطح وبدأ الناس يتساءلون: هل راسبوتين قديس أم شيطان؟ وأخذت الفضائح تنزل تباعا على رأس هذا الرجل النافذ لكنه مع ذلك ما فقد قوته السحرية، وحتى حين نشرت إحدى الصحف: "راسبوتين زاني الأرواح الإنسانية وأجسادها".. اكتفت زوجة القيصر بالتعليق: "الكل يكرهه لأننا نحبه"، فما كان من القيصر إلا أن أصدر مرسوما يمنع بموجبه أية صحيفة تتحدث عن راسبوتين عام 1905، كان ذلك هو العصر الذهبي لراسبوتين لكن مع بداية العقد الثاني من القرن الماضي سيعاني الرجل النافذ في قلب مملكة القياصرة مما يمكن أن نسميه بعمى التاريخ.. فقد تعرض القيصر إلى أكثر من محاولة اغتيال ووجد راسبوتين نفسه في المحرقة بعد انتصارات متتالية للينين وجماعته وكان موقف راسبوتين المناهض للحرب مع ألمانيا بداية العد العكسي لأمجاد هذا الرجل الساحر.. المهم أن بداية الثورة البلشفية ستكون نهاية القديس الفاسق راسبوتين حيث سينتهي مقتولا بشكل سيء وسيرمى في نهر النفكا الصغير ولم يكتف الثوار بذلك بل أخرجوا جثة راسبوتين من قبرها وأحرقوها إمعانا في الازدراء وفي نهاية مرحلة كان راسبوتين يحكم فيها روسيا على مشيئته وهواه، تلكم فقط بعض غوايات السلطة ودهاليزها التي سردناها كعبر للتاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.