رحيل الإعلامي سعيد الجديدي.. أول صوت إخباري بالإسبانية على الشاشة المغربية    المغرب يعزز ترسانته العسكرية ب597 مدرعة أمريكية من طراز M1117..        تحليل إخباري: قمع احتجاجات جيل "زِد" قد يحول الغضب الرقمي إلى كرة ثلج في الشارع                هيئات حقوقية وسياسية تدين اعتقالات في احتجاجات شبابية بعدة مدن مغربية رفعت مطالب اجتماعية    دوري أبطال إفريقيا: نهضة بركان يتأهل للدور الموالي بانتصاره على أسكو دي كار    المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يجري آخر حصة تدريبية قبل لقاء إسبانيا    طنجة.. سائقة تصدم سيدة خمسينية بمنطقة الروكسي وتلوذ بالفرار    انتخاب صلاح الدين عبقري رئيسا جديدا لمنظمة شباب الأصالة والمعاصرة    دوري أبطال إفريقيا: الجيش الملكي يتأهل للدور الموالي بفوزه على ريال بانغول الغامبي    قيوح يستعرض إنجازات المغرب في الطيران المدني أمام جمعية "إيكاو"    الاتحاد الوطني لنساء المغرب يتكفل بإيمان ضحية تازة بأمر من الأميرة للا مريم    انطلاق بيع تذاكر مواجهة المغرب والبحرين بالرباط    أولمبيك الدشيرة يتغلب على ضيفه الكوكب المراكشي    تصويت "البالون دور": هذه هي جنسيات الصحفيين الثلاثة الذين منحوا أصواتهم لحكيمي    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الأسبوع على وقع الانخفاض    إحباط تهريب 12 ألف قرص مهلوس بميناء طنجة المتوسط    احتيال محتمل في صفقات الألواح الشمسية من الصين يهدد المغرب بخسائر بمئات ملايين الدراهم    تفاصيل التعديلات الجديدة على "القانون 59.24" المتعلق بالتعليم العالي    بعد أن قاد تظاهرة في نيويورك لدذعم الشعب الفلسطيني.. واشنطن ستلغي تأشيرة الرئيس الكولومبي لقيامه ب"أفعال تحريضية"    حماس توافق مبدئياً على خطة ترامب لوقف الحرب في غزة مقابل تبادل أسرى وانسحاب تدريجي    تحليل إخباري: المغرب يواجه هشاشة في سوق العمل رغم فرص التحول المستقبلي    تدشين ملعب بمعايير NBA بالبيضاء    نقابة المهن الموسيقية ترفض قانون حقوق المؤلف الجديد وتتهم الحكومة بتهميش الفنانين    الأميرة للا مريم تتكفل بإيمان ضحية الاعتداء الشنيع بتازة        بوريطة: الدعم الدولي للمخطط المغربي للحكم الذاتي تعزز بشكل أكبر بمناسبة الجمعية العامة للأمم المتحدة    بعد رحيل المؤسس بن عيسى .. موسم أصيلة الثقافي يجيب عن سؤال المستقبل    رامي عياش يسترجع ذكريات إعادة "صوت الحسن" وصداها العربي الكبير    القوات المسلحة الملكية تبرز التراث المغربي في معرض الفرس بالجديدة    تصنيف "ستاندرد آند بورز" الائتماني يضع المغرب بنادي الاستثمار العالمي    "الجاز بالرباط".. العاصمة تحتفي بروح الجاز في لقاء موسيقي مغربي- أوروبي    "مايكروسوفت" تعلن عن تحديث جديد لتطبيق الصور في نظام "ويندوز 11"    مهنيو الفلاحة بالصحراء المغربية يرفضون الخضوع إلى الابتزازات الأوروبية    أخنوش يتباحث بنيويورك مع الأمينة العامة لمنظمة التعاون الرقمي    آلاف المغاربة يتظاهرون في عشرات المدن رفضاً للتطبيع واحتجاجاً على الحرب في غزة    الدورة الثمانون للأمم المتحدة: المغرب يحضر بفاعلية بمواقفه الثابتة من أجل السلم والتنمية وتعزيز مبادرة الحكم الذاتي    12 دولة تشكل تحالفا لدعم السلطة الفلسطينية ماليا    إيران تحتج على "الترويكا الأوروبية"    طقس حار في توقعات اليوم السبت بالمغرب        "يونايتد إيرلاينز" توسع رحلاتها المباشرة بين مراكش ونيويورك لفصل الشتاء    مسرح رياض السلطان يفتتح موسمه الثقافي الجديد ببرنامج حافل لشهر اكتوبر        مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يحتفي بنبيل عيوش وآيدا فولش وإياد نصار    مكافحة تلوث الهواء في باريس تمكن من توفير 61 مليار يورو        نبيل يلاقي الجمهور الألماني والعربي    الاتحاد الأوروبي يوافق بشروط على علاج جديد للزهايمر    الاتحاد الأوروبي يجيز دواء "كيسونلا" لداء الزهايمر        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وضعية المستشار الملكي في النظام السياسي المغربي
نشر في هسبريس يوم 15 - 12 - 2016

ظلت المؤسسة الملكية في كل التاريخ الدستوري المغربي المؤسسة الدستورية المحورية في النظام السياسي المغربي، سواء من حيث وجود الوثيقة الدستورية نفسها من خلال احتكارها للسلطتين التأسيسيتن الأصلية والفرعية، أو من خلال سمو مكانتها في هرم السلطة الذي يتجسد من خلال تنوع الاختصاصات التي تتوفر عليها، سواء الاختصاصات التنفيذية أو التشريعية أو القضائية، وهو السمو الذي جعل المؤسسة الملكية خلال الممارسة الدستورية المغربية مؤسسة لا تخضع لمبدأ الفصل بين السلطات، ومن ثم فإنها لا تخضع أيضا للمساءلة من أية مؤسسة دستورية أخرى.
وإذا كانت المؤسسة الملكية مؤسسة دستورية تستند في ممارستها للسلطة إلى مقتضيات الدستور الذي يمنحها إما اختصاصات واضحة في علاقتها بالمؤسسات الدستورية، وإما لاختصاصات تم استحداثها من خلال تأويل المقتضيات الدستورية المتعلقة خاصة بإمارة المؤمنين، فإن هناك فاعلين سياسيين مرتبطين بالملك يظل وضعهم الدستوري غامضا بعض الشيئ كما هو الشأن بالنسبة لمستشاري الملك.
ففي عديد من الأحيان يقع جدال بخصوص المكانة الدستورية والقانونية التي يحتلها المستشار الملكي مقارنة مع باقي الفاعلين السياسيين، وما هو الموقع الذي يحتله المستشار الملكي في هرم تدرج السلطات؟ وهل هناك تقاطع في اختصاصات المستشار الملكي مع اختصاصات سلطات أخرى؟ وهل هناك أصلا مرجع لتحدد هذه الاختصاصات؟ وهل يمكن اعتبار المستشار الملك قناة للتواصل بين الملك وباقي المؤسسات الدستورية؟ أم أن المستشار الملكي لا يعدو أن يكون دوره محدد في إطار الاختصاصات الموكولة دستوريا للملك؟ وأسئلة أخرى عديدة تطرح بقوة فيما يتعلق بوضعية مستشاري الملك.
من خلال استقرائنا لفصول مختلف الدساتير التي عرفها المغرب لا نجد أية إشارة إلى مستشاري الملك، ورغم أن حجم الاختصاصات التي يمارسها الملك يستوجب بالضرورة الاعتماد على مستشارين في مختلف المجالات، إلا أن عدة أسئلة تحوم حول المرجعية الدستورية لتعيين الملك لمستشاريه والشروط الواجب توفرها في شخص المستشار الملكي بالإضافة إلى الاختصاصات التي يعهد بها إليهم للقيام بها، عكس فرنسا مثلا حيث رئاسة الجمهورية تتوفر على مجموعة من المستشارين، غير أن كل مستشار مكلف بمجال معين كالمستشار المكلف بالعلاقات مع الاتحاد الأوربي، والمستشار المكلف بالعلاقة مع وسائل الاعلام، والمستشار الملكلف بالفلاحة وعدة مستشارين اخرين.
بالعودة إلى الظهائر الملكية المنشورة في الجريدة الرسمية والمتعلقة بتعيين مستشاري الملك من قبيل الظهير الشريف رقم 1.11.163 الصادر في 29 شوال 1432 (28 شتنبر 2011) المنشور في الجريدة الرسمية عدد 5984 بتاريخ 6 أكتوبر 2011 الذي عين من خلاله الملك مستشاره عبد اللطيف المانوني، نجد أنها لا توفر لنا معطيات كافيه حول الوضعية القانونية التي يحتلها المستشار الملكي، وهذه الظهائر تتميز بما يلي:
الظهائر الملكية التي يعين من خلالها الملك مستشاريه لا يتم تأسيسها على أية بناءات دستورية أو قانونية.
الظهائر الملكية التي يعين من خلالها الملك مستشاريه والمنشورة في الجردة الرسمية تكون مقتضبة، ولا تحدد الاختصاصات الواجب القيام بها من قبل المستشار الملكي.
الظهائر الملكية التي يعين من خلالها الملك مستشاريه لا يتم توقيعها بالعطف من قبل رئيس الحكومة.
والملاحظ أيضا أن الملك حين اختياره لمستشاريه غالبا ما يعمد على اختيار شخصيات ذات كفاءات عالية في إحدى المجالات، غير أنه لا يختار الملك مستشاريه من بين قيادات الأحزاب السياسية التي لا تزال تمارس العمل السياسي الحزبي، كما حدث مع مستشار الملك فؤاد عالي الهمة الذي استقال من حزب الأصالة والمعاصرة قبيل تعينه مستشارا للملك.
ومن خلال تتبع الأنشطة التي يقوم بها مستشارو الملك نجد أن جلها مرتبطة بالمهام التي يمارسها الملك بشكل حصري، فعمل المستشار الملكي هو امتداد للمهام التي يقوم بها الملك، بمعنى أن المستشار الملك يعمل في نطاق الاختصاصات الموكولة للملك دستوريا دون تجازها، وهي وضعية شبيه إلى حد ما بدور كتاب الدولة في النظام السياسي الأمريكي والذين يقومون فقط بتنفيذ أجندات الرئيس في مختلف مجالات اختصاصه.
في بعض المراحل نجد أدوارا مهمة لمستشاري الملك كما حدث إبان التفاوض مع المعارضة تمهيدا لتنصيب حكومة التناوب التوافقي من خلال المستشار الملكي أحمد رضا كديرة والذي فاوض في المراحل الأولى أحزاب الكتلة بشكل مباشر على تفاصيل تنصيب حكومة التناوب التوافقي التي ستتشكل من أحزاب الكتلة الديمقراطية والأحزاب الأخرى التي تريد المشاركة في الحكومة، كذلك نجد حضورا لافتا لمستشاري الملك في جلسات المجلس الوزاري التي يترأسها الملك، وجلسات العمل التي يعقدها الملك بخصوص بعض البرامج والمشاريع التي يشرف على تنفيذها بشكل مباشر كالمشاريع التي أطلقت بخصوص استغلال الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية التي تعتبر اختصاصا حصريا للملك، حيث يوكل الملك أحد مستشاريه لتمثيله لدى الدول الأجنبية أومن خلال مرافقة الملك في زياراته الخارجية كزيارته لدول الخليج سنة 2012 وجولاته التي تشمل مختلف الدول الافريقية.
كذلك، نجد حضورا قويا لمستشاري الملك أثناء مراجعة الدستور وعرضه على الاستفتاء، كما حدث في المراجعة الدستورية لسنة 2011 حينما عين الملك بالموازاة مع لجنة مراجعة الدستور التي ترأسها عبد اللطيف المنوني ما أطلق عليه بالآلية السياسية التي ترأسها المستشار الملكي محمد معتصم.
إن الخلاصات المهمة التي يمكن الخروج منها بخصوص وضعية ومكانة مستشاري الملك يمكن تلخيصها كما يلي:
أولا: أن الملك يتوفر على حرية مطلقة في اختيار مستشاريه، دون قيد سواء من الناحية الكيفية أو الكمية، وليس مجبرا بتعويض أحد من مستشاريه في حالة وفاته.
ثانيا: مستشارو الملك يمارسون مهامهم انطلاقا من الاختصاصات الموكولة للملك، فدورهم مرتبط بمساعدة الملك في تنفيذ توجهاته السياسية في مجالات اختصاصاته، خاصة الأدوار البروتوكولية.
ثالثا: علاقة مستشاري الملك بباقي المؤسسة الدستورية يحكمها نفس منطق العلاقة بين الملك وهذه المؤسسات ما دام أنهم معينون من طرف الملك ولا يخضعون لمساءلة البرلمان وينفذون فقط سياسات الملك.
*باحث في القانون الدستوري وعلم السياسة مختبر سلك الدكتوراه بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس السويسي الرباط
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.