أخنوش من الناظور: حوّلنا وعود 2021 إلى إنجازات ملموسة ونواصل العمل لبناء دولة اجتماعية قوية    من الناظور... أخنوش: الأرقام تتكلم والتحسن الاقتصادي ينعكس مباشرة على معيشة المغاربة            أمطار وثلوج مرتقبة بمناطق في المملكة    احتفاء بكأس أمم إفريقيا 2025.. مزيج بين الفن والرياضة في عرض "موج" بمحطة الرباط-أكدال    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية        الرباط تحفز الحوارات حول الشراكات الدولية للولايات المتحدة الأمريكية    مدرب إيفرتون: "علينا احترام كأس أمم أفريقيا ومشاركة اللاعبين مع منتخباتهم أمر طبيعي"    الناظور .. انطلاق فعاليات النسخة ال10 للمعرض البين-ثقافي الافريقي    مطارات المملكة جاهزة لاستقبال كأس إفريقيا للأمم 2025    نقابات الصحة تصعّد وتعلن إضرابًا وطنيًا باستثناء المستعجلات    توقيف مواطن ألباني في أصيلة مبحوث عنه دوليا    التونسي وهبي الخزري يعتزل كرة القدم    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    نادي الأهلي السعودي يحتفي بالرجاء    القنيطرة .. يوم تحسيسي تواصلي لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة    جهة الدار البيضاء : مجلس الأكاديمية الجهوية يصادق على برنامج العمل وميزانية 2026    ضحايا "زلزال الحوز" ينددون بحملة التضييقات والأحكام في حقهم    تساقط الثلوج يقطع طرقات في تنغير    الطريق بين تطوان والمضيق تنقطع بسبب الأمطار الغزيرة    الملك تشارلز يعلن تطورا لافتا في علاجه من السرطان    الممثل بيتر غرين يفارق الحياة بمدينة نيويورك    كأس أمم إفريقيا 2025.. "الكاف" ولجنة التنظيم المحلية يؤكدان التزامهما بتوفير ظروف عمل عالمية المستوى للإعلاميين المعتمدين    السغروشني تعلن تعبئة 1,3 مليار درهم لدعم المقاولات الناشئة    حبس الرئيس البوليفي السابق لويس آرسي احتياطيا بتهم فساد    خطابي: فلسطين تحتاج "محامين أذكياء"    الركراكي يرفع سقف الطموح ويؤكد قدرة المغرب على التتويج بالكان    تشيوانتشو: إرث ابن بطوطة في صلب التبادلات الثقافية الصينية-المغربية    تفاقم عجز السيولة البنكية ب 5,93 في المائة ما بين 4 و11 دجنبر    الإقصاء من "الكان" يصدم عبقار    الإمارات إلى نصف نهائي كأس العرب لمواجهة المغرب الإثنين المقبل    بنونة يطالب ب «فتح تحقيق فوري وحازم لكشف لغز تهجير الكتب والوثائق النفيسة من المكتبة العامة لتطوان»    عاصفة شتوية تصرع 16 شخصا بغزة    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية        يونيسكو.. انتخاب المغرب عضوا في الهيئة التقييمية للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    إيران تعتقل متوجة بجائزة نوبل للسلام    بريطانيا.. موجة إنفلونزا "غير مسبوقة" منذ جائحة (كوفيد-19)    مدينة الحسيمة تحتضن فعاليات الملتقى الجهوي السابع للتعاونيات الفلاحية النسائية    ميناء العرائش .. انخفاض طفيف في حجم مفرغات الصيد البحري    نورس موكادور الكاتب حسن الرموتي في ذمة الله    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    تيميتار 2025.. عشرون سنة من الاحتفاء بالموسيقى الأمازيغية وروح الانفتاح    باللهجة المصرية.. محمد الرفاعي يصدر جديده "روقان"    مراسلون بلا حدود: سنة 2025 الأكثر دموية للصحافيين وقطاع غزة يتصدر قائمة الاستهداف    حوادث النَّشْر في العلن والسِّرْ !    وثيقة سرية مسربة تفضح رغبة أمريكا استبعاد 4 دول عن الاتحاد الأوروبي    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    تخفيف عقوبة طالب مغربي في تونس تفضح سوء استخدام قوانين الإرهاب    فيضانات تجتاح الولايات المتحدة وكندا وإجلاء آلاف السكان    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أما آن لهذا الصحافي أن يترجل
نشر في هسبريس يوم 14 - 08 - 2011

رغم ما في الأمر من ألم وظلم لك أخي رشيد وحزن وأسى لنا، فإن إمعان النظام في إبقائك في السجن ظلما وعبثا في هذا الشهر الفضيل بعيدا عن أسرتك وفلذة كبدك وأحبتك وأصدقائك وقرائك، في الوقت الذي يقيم فيه دروسا دينية حول الأبعاد التعاقدية للبيعة وشواهد التغيير والقواعد الشرعية الاعتقادية، وحوله أناس لا علاقة لهم بهموم الوطن والمواطن، قد كشف عورات أربع، عورة خطاب هذا النظام نفسه حول الإصلاح الدستوري والسياسي والحقوقي، وعورة صحفيين يلعقون من إناء المخزن ويشحذون أقلامهم على جسدك، وعورة أحزاب باعت وطنها نقدا وعدا وجعلت من المطالبة بإطلاق سراحك ترنيمة حملاتهم الانتخابية المبكرة ومسكنات للرأي العام الحزبي والوطني، وعورة مؤسسات حقوقية تنتظر عفوا ملكيا لتطلق مزاميرها تهليلا بالقرار الملكي التاريخي.
لقد سُجن واغتيل أنبياء واستُهزئ برسل واتُهموا بالجنون وأخُرجوا من قراهم وديارهم لأنهم "أناس يتطهرون" ، كما تعرض سيد الخلق أجمعين وخاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم للظلم ومحاولة الاغتيال والحصار، وعُذب وقُتل ونُفي علماء ودعاة إلى الحق وأُعدم ثوار وقادة مقاومة، فلا تبتئس بما يفعل النظام بك وبمعتقلي الرأي ببلادنا اليوم.
لقد ترك رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم موقفا مبدئيا نقتدي به في مواجهة ضغوطات الظالم ومساومات المستبد، أهديها لك في محنتك لتستأنس بها، لما حاول زعماء قريش إغراءه بالنساء والمال والمُلك ليتخلى عن دعوته ورسالته التي كَلفه بها الله سبحانه، وهو في قلة من أتباعه ولا يملك القوة والمال، فقال لعمه أبي طالب: " يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر، حتى يُظهره الله أو أهلك فيه، ما تركته". وأذكرك بقول المولى عز وجل: " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون" (البقرة، 216).
على ذكر صحفيين، أفضل أن أعبر عنهم بدون "ال" المُعرًفة، فقد أخبرني واحد ممن يحمل اليوم قلما صنع من شجرة الزقوم ينفث عبره سموم النظام في جسد زملائه وهم في محنة وابتلاء ويضلل الرأي العام الوطني، أخبرني بأن المدعو فؤاد عالي الهمة، الصديق الحميم للملك، الذي جعل مشهدنا السياسي، منذ أن ألقى به النظام حية تسعى لتُفسد الحرث والنسل، اجتمع به خلال إحدى محطاته المهنية وعرض عليه شيكا على بياض يضع عليه المبلغ الذي يكلف إنشاء مؤسسة إعلامية بإمكانات تكنولوجية عالمية، شريطة ألا يتناول شؤون المَلك والأسرة الملكية، وما عدا ذلك فهو حر في كتاباته، إلا أنه رفض العرض بدعوى أن الصحافة لا تعترف الخطوط الحمراء.
ودار الزمن دورته، وها هو اليوم يساهم في اغتيال زملائه ويروج لفرية النظام حول الإصلاح ويحذر حركة شباب 20 فبراير من المساس بالمنشآت والثروات الوطنية ويحاول أن يزرع في نفسها الإحباط واليأس، ويقوم بدور العراب بين النظام وأطراف من المعارضة "الفبرايرية"، خدمة لوجهة نظر النظام بطبيعة الحال، ويهنئ رجال السلطة على الثقة المولوية وتوشيحهم بالأوسمة على تفانيهم وإتقانهم لمهامهم الأمنية داخل أقبية وغرف الموت بتمارة. لقد أصبح هذا القلم عبارة عن مكتب علاقات وخدمات عامة ووكالة دعائية لمن يدفع. للأسف لم يستفد مما تتجرعه الأقلام المأجورة في عهد الرئيس المخلوع مبارك من مصائب ومحاكمات وهوان في عهد ثورة 25 يناير.
كنا نعتقد بأن حصن الأسرة الإعلامية منيع وأن النظام لن يقوى على اختراقه، لكن الشواهد والوقائع أكدت بأن المخزن يتقن سياسة الاستيعاب والاستبعاد ويستطيع أن يجند من الصحفيين "المستقلين"، كما فعل مع الأحزاب "التقدمية" من قبل، أقلاما مأجورة تروج لسياساته الفاسدة.
أخي رشيد، إن من أسرار الله في هذا الاعتقال الظالم أن أسقط القناع عن العديد من الناس لتعرف من معك ومن عليك، داخل مؤسستك الإعلامية الوطنية وخارجها، كما أظهر لك الاعتقال الوجه الآخر للنظام وأجهزته، نظام لا يحفظ عهدا ولا يعتبر موقفا لأي كان وليس له صديق أو حليف.
لقد التقى الإمام الحسين رضي الله عليه الشاعر العراقي الفرزدق، وهو في طريقه إلى الكوفة بعد مبايعة أهلها له، فسأله كيف تركت أهل العراق، أجابه الفرزدق قائلا: يا ابن بنت رسول الله، عد لمدينة جدك، فقلوب أهل العراق معك وسيوفهم عليك". لقد اشتراهم والي الكوفة السفاح عبيد الله بن زياد وأرهب بعضهم ورغب البعض الآخر في المال والحدائق والمزارع. هكذا يفعل النظام عندنا، يشتري الذمم الرخيصة من الصحفيين والسياسيين والمثقفين وغيرهم من تجار المواقف والمواقع.
لقد سبق أن قُلتَ أخي رشيد كلمة، حينما كتبت في أحد أعمدتك الغراء بشأن إشاعة بيعك ل"المساء"، بأن الجريدة ليست للبيع لأنها مِلك للمغاربة والقراء، حينها فهم النظام بعمق وفكك شفرة هذه العبارة، فسلط عليك أجهزته وأعداء حرية التعبير وأقلامهم المأجورة. إنه يظن أن اعتقالك في هذه الظروف المفصلية من تاريخ المغرب السياسي وإبعادك عن مسرح الأحداث وعن الكتابة هو إعدام لقلمك وكسر لإرادتك، ولكن أقول لك ما قاله الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم لتطمئن: "ثلاثة من كن فيه كن عليه، المكر والبغي والنكث، "ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله" (فاطر، 43)، "إنما بغيكم على أنفسكم" (يونس،23)، "فمن نكث فإنما ينكث على نفسه" (الفتح، 10).
ثق أخي رشيد بأن مكر النظام بك وبغيه عليك ونكثه لعهوده سينقلب عليه في مقبل الأيام، قال تعالى: "يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين"، وقال سبحانه أيضا: "ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون، فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين" (النمل، 50).
إن غيابك عن الساحة اليوم فيه من الحِكَم ما ستبديها لك الأيام، ولقد فضل نبي الله يوسف بن يعقوب عليه السلام السجن لسنوات على الاستجابة لغواية امرأة عزيز مصر، كما أوى فتية إلى الكهف للحفاظ على موقفهم وإيمانهم ومبدئهم، حيث قال فيهم الباري سبحانه: "إنهم فتية آمنوا بربهم وزادهم هدى، وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا، هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة، لولا يأتون عليهم بسلطان بين، فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا، وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله، فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيء لكم من أمركم مرفقا".
أهيب بكل الشرفاء والوطنيين في كل الهيئات السياسية والنقابية والفكرية والحركية والمجتمعية والمنابر الإعلامية المستقلة والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية، وأخص بهذه الإهابة حركة شباب 20 فبراير المجيدة، حركة كل المغاربة الأحرار، إلى تنظيم وقفة احتجاج وغضب دائمة واعتصام مستمر أمام سجن عكاشة حيث يرزح الأخ والزميل رشيد نيني، رمز القلم الجريء والوطني، ووضع النظام أمام مسؤولياته السياسية والتاريخية ليعيد له حريته ولجميع معتقلي الرأي الشرفاء، بدون قيد أو شرط والآن، وأن يجعلوا من هذا المطلب إحدى ساحات النزال والنضال، كما أرغموا النظام، فيما قبل، على الإفراج عن الإخوة البررة المعتقلين على ذمة ملف "بلعيرج" المفبرك، "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب سينقلبون" (الشعراء، 227).
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.