ما زالت تداعيات اتخاذ سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، قرار منع التظاهرات داخل الحرم الجامعي تثير مزيدا من السجال؛ فقد اعتبرت منظمة حقوقية أنّ هذا القرار فيه خرق للقانون المتعلق بتنظيم التعليم العالي. المنظمة المغربية لحقوق الإنسان انتقدت بشدّة منع التظاهرات داخل الجامعات، وقالت إنّ هذا المنع يناقض تماما مقتضى المادة الرابعة من القانون رقم 00-01، المتعلق بالتنظيم العالي، والتي تَعتبر الجامعة مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي. وكان سعيد أمزازي قد وجّه مذكرة إلى رؤساء الجامعات المغربية طلب منهم فيها عدم الترخيص لأي جهة خارجية باستغلال مرافق الجامعة أو المرافق التابعة لها، من أجل تنظيم تظاهرات "كيفما كان نوعها". كما اشترط الوزير ضرورة أخذ الترخيص من طرف رؤساء الجامعات بالنسبة إلى التظاهرات العلمية المنظمة من طرف المؤسسات الجامعية التي يشرفون على تسيير شؤونها. وجاء قرار وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي، غداة "نسْف" محاضرة الناشط أحمد ويحمان، من طرف طلبة أمازيغ في كلية بني ملال، ومنع طلبة يساريين أحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، من إلقاء محاضرة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان. وعلّل الوزير أمزازي قرار منعه التظاهرات المنظمة من طرف أطراف خارجية، داخل الجامعات، ب"تفادي تكرار الأحداث المؤسفة التي تشهدها بعض المؤسسات الجامعية خلال التظاهرات المنظمة بمقراتها، والتي تهدد سلامة جميع العاملين بهذه المؤسسات من أساتذة وأطر إدارية وطلبة". وفيما دافعت وزارة أمزازي عن قرار منع التظاهرات في الجامعات، معتبرة أن الغاية منه هي التصدي ل"مَن يسعى منذ مدة إلى استغلال الحرية الأكاديمية والثقافية داخل الحرم الجامعي، للتشويش على الفضاء الجامعي، من خلال أفكار تزيغ عن مبدأ الاختلاف وقيَم الديمقراطية"، اعتبرت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان أن قرار المنع سالف الذكر يضرب حرية الرأي والتعبير والتنظيم داخل الحرم الجامعي. وطالبت الهيئة الحقوقية ذاتها ب"سحب المراسلة الموجهة إلى رؤساء الجامعات فورا، باعتبارها مراسلة واضحة وقطعية وغير قابلة للتأويل، حفاظا على المكتسبات وصونا للانفتاح الضروري على كل مكونات المجتمع الذي تربطه شراكات مع الجامعة من مؤسسات أممية ودولية وإقليمية ووطنية، ومع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص"، مشيرة إلى أنّ المادة الخامسة من قانون المتعلق بتنظيم التعليم العالي تنص على تمتع الجامعة في إطار مزاولة المهام المسندة إليها بالاستقلال البيداغوجي والعلمي والثقافي. بوبكر لاركو، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، قال، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنّ الهدف من قرار منع التظاهرات داخل الفضاءات الجامعية هو "التضييق على حرية التعبير والرأي داخل الحرم الجامعي"، داعيا إلى "ترك المجال مفتوحا، أمام الطلبة والأساتذة وهيئات المجتمع المدني، للتعبير عن آرائهم داخل الجامعات". لاركو قال إنّ القرار الأخير الصادر عن وزارة أمزازي سبق أن صدر قرار مماثل له أواخر سنوات التسعينيات من القرن الماضي، من طرف وزارات الداخلية والعدل والتعليم العالي، مضيفا "مبرّر الأحداث التي تعرفها الجامعات ليس مقنعا، لأنّ لدينا في كل جهة تقريبا جامعة، وقلّة قليلة منها فقط هي التي تقع فيها مثل هذه الأحداث التي عللت بها الوزارة قرارها. وجوابا عن سؤال حول كيفية منع أحداث العنف التي تواكب بعض التظاهرات التي تجري داخل الجامعات، قال لاركو: "يجب على جميع مكونات الجامعة أن تتحمل مسؤوليتها لمنع هذه الأحداث. وقد ناشدنا الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بأن يقوم بدوره في هذا السياق، بإقناع الطلبة على تفادي أعمال العنف واحترام حرية جميع الأطراف"، مضيفا "يجب على الوزارة أن تسحب مراسلتها، وإلا فإنها ستخنق حرية الرأي والتعبير داخل الجامعات". في المقابل أبْدت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي تمسكها بصواب قرارها منع التظاهرات المنظمة من أطراف خارجية داخل الجامعات، وقالت في بلاغ توضيحي صادر عنها إنها "تؤكد أنّ الحرية الأكاديمية والثقافية داخل الحرم الجامعي هي أساس الإبداع الفكري الخلاق الذي تميزت به الجامعة المغربية منذ تأسيسها إلى حدود اليوم". وأضافت الوزارة، ردّا على منتقدي قرارها، بأنّ المذكرة الموجهة إلى رؤساء الجامعات، الغاية منها "هي رد الاعتبار لمبادرة الأساتذة الباحثين، حيث تسعى إلى جعل إدارات المؤسسات الجامعية والجامعات الداعم الأوّل لعم ماديا وتنظيميا".