على غرار النساء المهتمات بالنسيج التقليدي بالأطلس المتوسط، رغم خفوت الأضواء المسلطة عليهن؛ اختارت فتيحة عمراني، ذات ال27 عاما، أن تهب كل وقتها للنسيج التقليدي عبر رسم لوحات فنية تحتاج التشجيع حتى تمضي قدما في هذا المجال. بدايات ولع عمراني، المتحدرة من منطقة واومنة بإقليم خنيفرة، بالنسيج تعود إلى طفولتها، إذ لما كانت في الخامسة من عمرها بالضبط اكتشفت أنها شغوفة بالرسم، وأنها تميل إلى النسيج كذلك، ولما مزجت بينهما حصلت على لوحات فنية تسترعي انتباه مشاهديها وتجذبهم إلى جماليتها. ولأن لكل خطوة تحدياتها، تقول عمراني في تصريح لهسبريس، فقد كانت الصعوبات التي واجهتها في البداية من أسرتها، "لأنها ككل أسرة مغربية تعتقد أن هذا الفن مجرد مضيعة للوقت، لأنه لن يكون هناك إقبال على لوحاتي الفنية، لأن الناس بالأطلس يميلون إلى الزربية العادية وكبيرة الحجم"، علاوة على قلة "الخيوط" التي تستعملها أثناء النسج، و"هذا يفرمل شيئا ما وتيرة الاشتغال والإنتاج لدي"، تضيف عمراني. وتشير الفنانة التشكيلية إلى أن هناك إقبالا على لوحاتها، رغم أنها تفضل العرض عوض البيع، لأنها ترمي إلى التعريف بمنتوجاتها النابعة من موهبتها في النسيج الأطلسي، وتقديم المنتجعات الطبيعية والمآثر التاريخية للمغاربة عبر زربية. وقد سبق لعمراني أن شاركت في معارض فنية بكل من خنيفرة والحاجب ومريرت وآزرو، علاوة على مشاركتها سنة 2016 في مسابقة أمهر الصناع. وأوضحت المتحدثة نفسها أنه سبق لها أن أسست جمعية للنسيج، تشتغل فيها نساء من المنطقة، غير أنها واجهت إكراهات حالت دون بلوغ الجمعية مبتغاها، المتمثل في نفض الغبار عن النسيج بالأطلس. ومن بين هذه الإكراهات أن النساء اللواتي يشتغلن في الجمعية يتماطلن في العمل ولا يرغبن في الالتحاق بمقر الجمعية، زد على ذلك مشاكل مادية بالأساس، لأن كل عمل جمعوي يتطلب سيولة محترمة لقضاء الأغراض الأساسية، تقول عمراني. ومن جملة اللوحات التي نسجتها الفنانة التشكيلية ونالت إعجاب الكثيرين على موقع "الفايسبوك" هناك، على سبيل المثال لا الحصر، زربية رسمت عليها عروسا بزيها الأمازيغي. ويُعتقد منذ الوهلة الأولى أن هذه اللوحة صورة التُقطت بعدسة كاميرا لعروس في حفل زفاف، في حين أنها منسوجة بأنامل أنثى تعشق النسيج الأطلسي الذي شغفها حبا. وفضلا عن هذه اللوحة هناك لوحة أخرى تجسد بحيرة أكلمام أزكزا بضواحي خنيفرة في فصل الشتاء، والثلوج تكسوها من كل الجوانب. وبخصوص طموحاتها، أبرزت التشكيلية عمراني أنها ترغب في ترك بصمتها الخاصة ولمستها النوعية في مجال النسيج والزربية، "حتى يتأتى لي تسويق منتجاتي وعرضها وطنيا ولِم لا دوليا، نظرا إلى المجهود الذي أبذله لتوليد لوحة تحمل رموزا ومناظر طبيعية ذات صلة بالطبيعة الجغرافية للأطلس المتوسط"، تضيف عمراني. ورغم أن هناك من يعرقل خطواتها مجانا، تقول عمراني، فإن هناك في الجهة المقابلة من يشجعها على المضي قدما في النسيج. كما أن مجموعة من الصفحات "الفايسبوكية" التي تتناقل لوحاتها تثني على إبداعها وموهبتها الفذة، وتحثها على نسج المزيد من اللوحات الحاملة للموروث الثقافي الأمازيغي قصد الحفاظ عليه.