ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة إلى النهائي بعد تجاوز المنتخب السعودي في نصف النهاية    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    مجلس الشيوخ الفرنسي يحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جان بيير توكوا : محمد السادس ملك غير ديمقراطي
نشر في هسبريس يوم 16 - 05 - 2008

"" جان بيير توكوا صحافي فرنسي معروف.. فهو مراسل جريدة "لومند" في منطقة المغرب العربي، ومؤلف كُتُب عديدة هي عصارة تجربته المهنية، منها واحد عن الملك محمد السادس بعنوان "آخر ملك" صدر سنة 2001 تضمن معطيات مذهلة من خبايا الحياة الخاصة للحسن الثاني، نقلنا منه بعض الأجزاء في مقالنا المنشور بهسبريس بعنوان "داخل غرفة نوم الحسن الثاني" حيث أورد "توكوا" تفاصيل ضافية عن نمط الحياة الغريب داخل القصر، وذلك انطلاقا من منهجية بحث أوجزها في هذه الجملة "لفهم الابن علينا فهم الأب" لذا كانت تلك المعطيات المُنتسبة للقرون الوسطى، التي فرضها الحسن الثاني - على القرن العشرين.
في الحوار التالي الذي أجريناه معه، يتحدث الزميل "توكوا" عن شخصية محمد السادس، باعتباره رجل سلطة وجد نفسه، بحكم عامل الوراثة، يحكم المغرب بشكل مطلق.

س: مرت نحو سبع سنوات على صدور كتابك "آخر ملك" الذي تضمن آراء سلبية في شخصية الملك محمد السادس، وتوقعات سيئة بالنسبة لمآل حُكمه، هل ما تزال تحتفظ بمثل هذه الآراء عن شخصية وحكم محمد السادس؟
ج: لم أغير رأيي بالنسبة لشخصية محمد السادس، بالمقابل هناك جانب تغير فيه رأيي، ويتعلق برؤيته وتدبيره لشؤون الحكم، لقد عرف كيف يسترد إرث الحكم الذي تركه له والده، وإذا كان قد نجح في ذلك فلأن هناك أمرا لم أقدره حق قدره، من قبل، وعلى كل حال لستُ الوحيد الذي ارتكب سوء التقدير بهذا الصدد، لقد ترك الحسن الثاني لابنه عرشا، ترك له بالأخص، وهذا أمر تعرض لسوء التقدير من طرف الكثيرين، دولة وإدارة يعملان، إنه شيء أساسي، ومعنى هذا أن الملك الشاب كان قد وجد بين يديه مغربا يسير على العموم، حيث هناك موظفون يعملون، وإدارة تؤدي مهامها إلخ، وهذا شيء كبير.
س: تقصد الجانب الهيكلي للدولة؟
ج: نعم، إنه أمر أساسي ومهم جدا، فمثلا حينما تريد الاستثمار في المغرب، فإنك تعرف الجهة المعنية التي عليك التوجه إليها.
س: ألا ترى أن هذا يظل على المستوى الشكلي؟
ج: لا، إن الأمر يرتبط بما هو أعمق، ما دام أن المغرب يُعتبر دولة تعمل، من خلال الإدارة والتشريعات وقواعد التعامل، إن الحسن الثاني هو الذي أوقف هذه الأمور على أقدامها، وذلك على مدى قرابة الأربعين سنة التي دامها حكمه، حيث صنع دولة بكل ما تتطلبه هذه الأخيرة من تدابير وإجراءات، وهنا تجدر المقارنة مع الجزائر، حيث أن وضع هذه الأخيرة ليس مريحا من هذا المنظور. إذن لقد عرف محمد السادس كيف يسترد هذا الإرث، ويبدو أن الأمور مرت بشكل جيد بالنسبة له.
س: لقد كان هناك حديث كثير خلال بداية حكم محمد السادس، عن الجانب الديمقراطي في شخصيته، و عن ميوله للقضايا الاجتماعية، ونوايا إصلاح الوضع السياسي... إلى غيرها من المميزات التي قيلت عنه، يقول البعض الآن بعد مرور ثمان سنوات من حكمه أن الأمر كان مجرد وهم، هل تتقاسمون هذا الرأي؟
ج: يجب أن ننظر إلى هذا الأمر بمنظار نسبي، وعلى كل حال، لا أعتقد أن محمد السادس أكثر ديمقراطية من أبيه، وإلا فقد كان عليه أن يُغير الدستور، فهناك جزء من اليسار المغربي يرفع هذا المطلب، الذي كان من شأنه أن يجعل المغرب يُحاول اللحاق بالنموذج الإسباني، أو الإنجليزي، ونحن نعرف أن محمد السادس قال منذ البداية أن هذا لن يحصل، وأُذَكِّرك هنا بأول حوار أجراه بعد توليه الحكم، حيث قال بأنه لن يُغير الدستور الموجود، وهذا يؤكد أنه ليس ملكا ديمقراطيا، ونحن نعرف كيف جاءت صورة "الملك الديمقراطي" فهي تعود إلى آخر أيام وجود الحسن الثاني على قيد الحياة، وبالتحديد حين كان هذا الأخير مريضا جدا، حينها فكر بعض مستشاري الملك، في تسويق صورة إيجابية للملك المستقبلي، وهي صورة لا تعكس الحقيقة، حيث كان العكس سيدفع محمد السادس إلى تغيير الدستور الحالي الذي يضع بين يديه كل السلطات، ويجعله يفعل ما يريد.
س: كيف تُفسر بعض مظاهر الحياة لدى محمد السادس، التي تجعله يبدو مقبلا على الحياة، وفق الطريقة الغربية، وفي نفس الوقت، يصر على الاحتفاظ بذات نمط الحكم، أي بالشكل والمضمون العتيقين، اللذين ورثهما عن والده؟
ج: هنا أيضا لا أرى أن الأمر يدعو للمفاجأة، فقد قال منذ البداية، أنه لن يُغير أي شيء، كما أكد حين الحديث عن نوع التربية التي سيتلقاها ابنه الحسن، أن هذا الأخير سيتلقى نفس التربية التي تلقاها هو، صحيح إنه ملك يعيش عصره، حيث يمارس أنواع الرياضة الحديثة المنتشرة بين شباب اليوم، مثل "الجيت سكي" وفي نفس الوقت يُصر على الاحتفاظ بأشكال "إيتيكيت" الحكم كما تركها له والده، إن هذا على كل حال هو الجانب المُفارق في نمط الملكية المغربية، حيث يُمكننا أن نتساءل، عما إذا كان بلد مثل المغرب على مرمى حجر من أوروبا، يُمكنه أن يحتفظ بملكية تبدو عدة جوانب منها مُظلمة..
س:هل ذلك ممكن بالفعل؟
ج: إن المستقبل سيمنح الجواب.
س: ألا تعتقد أن الجانب الذي تراه أنت مفارقا في الملكية المغربية، بين نزوعات محمد السادس إلى نمط الحياة الحديثة، وفي نفس الوقت، الاحتفاظ بأشكال ومضامين الحكم التقليدية، يعكس في العمق انشطار المجتمع المغربي بين قيم المحافظة، ومظاهر حياة العصر الحديث؟
ج: هذا صحيح، ففيما يتعلق بالملك محمد السادس، فأنتم المغاربة، لا تتوفرون على أية صورة له، وهو يمارس بعض أشكال حياته العصرية المنطلقة..
س: ( أقاطعه ) هناك صورته وهو يُمارس رياضة الجيت سكي؟
ج: نعم لكنها تعود إلى ثمان سنوات خلت، وحسب علمي فإنه منذ ذلك الحين لم تكن هناك صور اخرى مشاع بين الناس، من نفس النوع، إن الصور التي نشاهدها له اليوم في التلفزيون، تُظهره فقط في مناسبات رسمية، كأي سلطان علوي قديم، وأنا مُتفق معك حينما تقول بأن ذلك يعكس، بطريقة ما، ازدواجية الشخصية لدى المجتمع المغربي، حيث نجد أن جزءا ضئيلا منه مُتَغَرِّب جدا ، في حين أن الأغلبية ظلت كلاسيكية وتقليدية، بشكل كبير، وهو ما نراه من خلال أهمية التيار السياسي الإسلامي في المغرب، سواء من خلال حزب العدالة والتنمية، أو جماعة العدل والإحسان، وأعتقد أن الملك يعي جيدا هذه الأمور، وإذا كان لا يُظهر بعض أوجه حياته العصرية، فذلك يعود لهذه الأسباب..
س: (أقاطعه) هل تقصد أنه يخاف من ردود فعل الاتجاهات الإسلامية؟
ج: نعم أعتقد ذلك. فبالرغم من أنه يرفل في لقب أمير المؤمنين، إلى أنه شديد الحذر من الاتجاهات الإسلامية، وشخصيا كنتُ دائما على اعتقاد جازم، أن محمد السادس لن يدع حزب العدالة والتنمية يقود العمل الحكومي، وأعتقد أيضا، أن لديه خوف أزرق، بل يمكن أن أقول خوف جسدِي من الإسلاميين، وهو - أي محمد السادس - يوجد على بُعد سنوات ضوئية من النموذج المُجتمعي الذي تحلم به الاتجاهات الإسلامية المغربية.
س: لكنه لا يتوفر على أحزاب قوية لمجابهة الإسلاميين؟
ج: أعتقد أنه لهذا السبب يُحاول أن يخلق حزبه الخاص.
س: وهل تعتقد أن هذا معقول؟
ج: لا... لا أعتقد أنه بذلك سيخلخل المشهد السياسي المغربي، فقد فعل والده نفس الشيء من قبل.
س: قصدك تجربة حزب جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية، الذي كان قد صنعه رضا أجديرة في بداية ستينيات القرن الماضي بالاتفاق مع الحسن الثاني؟
ج: نعم، تماما، وأيضا كل تلك التنظيمات السياسية، التي كانت مًصطنعة بشكل كامل، والتي كانت معروفة بلقب الأحزاب الإدارية، والتي تختفي حينما لا تعود هناك حاجة إليها، وأعتقد أن محمد السادس ومستشاريه هم بصدد الإعداد لما فعله الحسن الثاني في زمنه، وهذه أمور مُصطنعة، ولا أظن أنه بهذه الطريقة، سيكون بمستطاع محمد السادس تحديث الحياة السياسية المغربية.
س: تقصد أنه عمل عبثي؟
ج: نعم.
س: قال الحسن الثاني مرة، جوابا عن سؤال لأحد الصحافيين الفرنسيين، بصدد المقارنة بينه وبين ابنه، بأنه يحاول جعل ابنه يستوعب مضامين عبارة شهيرة ل "بوفون" هي: " الأسلوب هو الرجل" هل تعتقد أن محمد السادس لديه أسلوبه الخاص في الحكم، مقابل الأسلوب الذي كان لوالده؟
ج: نعم أعتقد أن لديه أسلوبه الخاص، فهو كثوم ومتوار بشكل أكبر من أبيه، لقد كان الحسن الثاني طاغية، لكنه كان أيضا وجها سياسيا محترما، على ساحة السياسة الدولية، في حين أن ابنه لا يهتم بهذا الجانب، ولدي إحساس أنه يتهرب من اللقاءات الدولية الكبيرة، مفضلا عليها الزيارات الخاصة، لذا فإن كل شيء يجعل الرجلين - الحسن الثاني ومحمد السادس - مُختلفين.
س: ألفت انتباهك، بصدد اللقاءات الدولية الكبيرة، أن محمد السادس قال بشأنها أن الأسبقية بالنسبة له هي للقضايا المغربية؟
ج: يُمكنه أن يقول ما يُريده، لكن كانت هناك مناسبات لقاءات دولية، لم يحضرها ولم تكن هناك ملفات مغربية مُلحة اضطرته للبقاء حيث هو، بقدر ما كان مشدودا إلى أمور حياته الخاصة.
في الحوار التالي الذي أجريناه معه، يتحدث الزميل "توكوا" عن شخصية محمد السادس، باعتباره رجل سلطة وجد نفسه، بحكم عامل الوراثة، يحكم المغرب بشكل مطلق.

س: مرت نحو سبع سنوات على صدور كتابك "آخر ملك" الذي تضمن آراء سلبية في شخصية الملك محمد السادس، وتوقعات سيئة بالنسبة لمآل حُكمه، هل ما تزال تحتفظ بمثل هذه الآراء عن شخصية وحكم محمد السادس؟
ج: لم أغير رأيي بالنسبة لشخصية محمد السادس، بالمقابل هناك جانب تغير فيه رأيي، ويتعلق برؤيته وتدبيره لشؤون الحكم، لقد عرف كيف يسترد إرث الحكم الذي تركه له والده، وإذا كان قد نجح في ذلك فلأن هناك أمرا لم أقدره حق قدره، من قبل، وعلى كل حال لستُ الوحيد الذي ارتكب سوء التقدير بهذا الصدد، لقد ترك الحسن الثاني لابنه عرشا، ترك له بالأخص، وهذا أمر تعرض لسوء التقدير من طرف الكثيرين، دولة وإدارة يعملان، إنه شيء أساسي، ومعنى هذا أن الملك الشاب كان قد وجد بين يديه مغربا يسير على العموم، حيث هناك موظفون يعملون، وإدارة تؤدي مهامها إلخ، وهذا شيء كبير.
س: تقصد الجانب الهيكلي للدولة؟
ج: نعم، إنه أمر أساسي ومهم جدا، فمثلا حينما تريد الاستثمار في المغرب، فإنك تعرف الجهة المعنية التي عليك التوجه إليها.
س: ألا ترى أن هذا يظل على المستوى الشكلي؟
ج: لا، إن الأمر يرتبط بما هو أعمق، ما دام أن المغرب يُعتبر دولة تعمل، من خلال الإدارة والتشريعات وقواعد التعامل، إن الحسن الثاني هو الذي أوقف هذه الأمور على أقدامها، وذلك على مدى قرابة الأربعين سنة التي دامها حكمه، حيث صنع دولة بكل ما تتطلبه هذه الأخيرة من تدابير وإجراءات، وهنا تجدر المقارنة مع الجزائر، حيث أن وضع هذه الأخيرة ليس مريحا من هذا المنظور. إذن لقد عرف محمد السادس كيف يسترد هذا الإرث، ويبدو أن الأمور مرت بشكل جيد بالنسبة له.
س: لقد كان هناك حديث كثير خلال بداية حكم محمد السادس، عن الجانب الديمقراطي في شخصيته، و عن ميوله للقضايا الاجتماعية، ونوايا إصلاح الوضع السياسي... إلى غيرها من المميزات التي قيلت عنه، يقول البعض الآن بعد مرور ثمان سنوات من حكمه أن الأمر كان مجرد وهم، هل تتقاسمون هذا الرأي؟
ج: يجب أن ننظر إلى هذا الأمر بمنظار نسبي، وعلى كل حال، لا أعتقد أن محمد السادس أكثر ديمقراطية من أبيه، وإلا فقد كان عليه أن يُغير الدستور، فهناك جزء من اليسار المغربي يرفع هذا المطلب، الذي كان من شأنه أن يجعل المغرب يُحاول اللحاق بالنموذج الإسباني، أو الإنجليزي، ونحن نعرف أن محمد السادس قال منذ البداية أن هذا لن يحصل، وأُذَكِّرك هنا بأول حوار أجراه بعد توليه الحكم، حيث قال بأنه لن يُغير الدستور الموجود، وهذا يؤكد أنه ليس ملكا ديمقراطيا، ونحن نعرف كيف جاءت صورة "الملك الديمقراطي" فهي تعود إلى آخر أيام وجود الحسن الثاني على قيد الحياة، وبالتحديد حين كان هذا الأخير مريضا جدا، حينها فكر بعض مستشاري الملك، في تسويق صورة إيجابية للملك المستقبلي، وهي صورة لا تعكس الحقيقة، حيث كان العكس سيدفع محمد السادس إلى تغيير الدستور الحالي الذي يضع بين يديه كل السلطات، ويجعله يفعل ما يريد.
س: كيف تُفسر بعض مظاهر الحياة لدى محمد السادس، التي تجعله يبدو مقبلا على الحياة، وفق الطريقة الغربية، وفي نفس الوقت، يصر على الاحتفاظ بذات نمط الحكم، أي بالشكل والمضمون العتيقين، اللذين ورثهما عن والده؟
ج: هنا أيضا لا أرى أن الأمر يدعو للمفاجأة، فقد قال منذ البداية، أنه لن يُغير أي شيء، كما أكد حين الحديث عن نوع التربية التي سيتلقاها ابنه الحسن، أن هذا الأخير سيتلقى نفس التربية التي تلقاها هو، صحيح إنه ملك يعيش عصره، حيث يمارس أنواع الرياضة الحديثة المنتشرة بين شباب اليوم، مثل "الجيت سكي" وفي نفس الوقت يُصر على الاحتفاظ بأشكال "إيتيكيت" الحكم كما تركها له والده، إن هذا على كل حال هو الجانب المُفارق في نمط الملكية المغربية، حيث يُمكننا أن نتساءل، عما إذا كان بلد مثل المغرب على مرمى حجر من أوروبا، يُمكنه أن يحتفظ بملكية تبدو عدة جوانب منها مُظلمة..
س:هل ذلك ممكن بالفعل؟
ج: إن المستقبل سيمنح الجواب.
س: ألا تعتقد أن الجانب الذي تراه أنت مفارقا في الملكية المغربية، بين نزوعات محمد السادس إلى نمط الحياة الحديثة، وفي نفس الوقت، الاحتفاظ بأشكال ومضامين الحكم التقليدية، يعكس في العمق انشطار المجتمع المغربي بين قيم المحافظة، ومظاهر حياة العصر الحديث؟
ج: هذا صحيح، ففيما يتعلق بالملك محمد السادس، فأنتم المغاربة، لا تتوفرون على أية صورة له، وهو يمارس بعض أشكال حياته العصرية المنطلقة..
س: ( أقاطعه ) هناك صورته وهو يُمارس رياضة الجيت سكي؟
ج: نعم لكنها تعود إلى ثمان سنوات خلت، وحسب علمي فإنه منذ ذلك الحين لم تكن هناك صور اخرى مشاع بين الناس، من نفس النوع، إن الصور التي نشاهدها له اليوم في التلفزيون، تُظهره فقط في مناسبات رسمية، كأي سلطان علوي قديم، وأنا مُتفق معك حينما تقول بأن ذلك يعكس، بطريقة ما، ازدواجية الشخصية لدى المجتمع المغربي، حيث نجد أن جزءا ضئيلا منه مُتَغَرِّب جدا ، في حين أن الأغلبية ظلت كلاسيكية وتقليدية، بشكل كبير، وهو ما نراه من خلال أهمية التيار السياسي الإسلامي في المغرب، سواء من خلال حزب العدالة والتنمية، أو جماعة العدل والإحسان، وأعتقد أن الملك يعي جيدا هذه الأمور، وإذا كان لا يُظهر بعض أوجه حياته العصرية، فذلك يعود لهذه الأسباب..
س: (أقاطعه) هل تقصد أنه يخاف من ردود فعل الاتجاهات الإسلامية؟
ج: نعم أعتقد ذلك. فبالرغم من أنه يرفل في لقب أمير المؤمنين، إلى أنه شديد الحذر من الاتجاهات الإسلامية، وشخصيا كنتُ دائما على اعتقاد جازم، أن محمد السادس لن يدع حزب العدالة والتنمية يقود العمل الحكومي، وأعتقد أيضا، أن لديه خوف أزرق، بل يمكن أن أقول خوف جسدِي من الإسلاميين، وهو - أي محمد السادس - يوجد على بُعد سنوات ضوئية من النموذج المُجتمعي الذي تحلم به الاتجاهات الإسلامية المغربية.
س: لكنه لا يتوفر على أحزاب قوية لمجابهة الإسلاميين؟
ج: أعتقد أنه لهذا السبب يُحاول أن يخلق حزبه الخاص.
س: وهل تعتقد أن هذا معقول؟
ج: لا... لا أعتقد أنه بذلك سيخلخل المشهد السياسي المغربي، فقد فعل والده نفس الشيء من قبل.
س: قصدك تجربة حزب جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية، الذي كان قد صنعه رضا أجديرة في بداية ستينيات القرن الماضي بالاتفاق مع الحسن الثاني؟
ج: نعم، تماما، وأيضا كل تلك التنظيمات السياسية، التي كانت مًصطنعة بشكل كامل، والتي كانت معروفة بلقب الأحزاب الإدارية، والتي تختفي حينما لا تعود هناك حاجة إليها، وأعتقد أن محمد السادس ومستشاريه هم بصدد الإعداد لما فعله الحسن الثاني في زمنه، وهذه أمور مُصطنعة، ولا أظن أنه بهذه الطريقة، سيكون بمستطاع محمد السادس تحديث الحياة السياسية المغربية.
س: تقصد أنه عمل عبثي؟
ج: نعم.
س: قال الحسن الثاني مرة، جوابا عن سؤال لأحد الصحافيين الفرنسيين، بصدد المقارنة بينه وبين ابنه، بأنه يحاول جعل ابنه يستوعب مضامين عبارة شهيرة ل "بوفون" هي: " الأسلوب هو الرجل" هل تعتقد أن محمد السادس لديه أسلوبه الخاص في الحكم، مقابل الأسلوب الذي كان لوالده؟
ج: نعم أعتقد أن لديه أسلوبه الخاص، فهو كثوم ومتوار بشكل أكبر من أبيه، لقد كان الحسن الثاني طاغية، لكنه كان أيضا وجها سياسيا محترما، على ساحة السياسة الدولية، في حين أن ابنه لا يهتم بهذا الجانب، ولدي إحساس أنه يتهرب من اللقاءات الدولية الكبيرة، مفضلا عليها الزيارات الخاصة، لذا فإن كل شيء يجعل الرجلين - الحسن الثاني ومحمد السادس - مُختلفين.
س: ألفت انتباهك، بصدد اللقاءات الدولية الكبيرة، أن محمد السادس قال بشأنها أن الأسبقية بالنسبة له هي للقضايا المغربية؟
ج: يُمكنه أن يقول ما يُريده، لكن كانت هناك مناسبات لقاءات دولية، لم يحضرها ولم تكن هناك ملفات مغربية مُلحة اضطرته للبقاء حيث هو، بقدر ما كان مشدودا إلى أمور حياته الخاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.