السنغال عازمة على تعزيز شراكتها الاستراتيجية مع المغرب (وزير الخارجية السنغالي)    مستشارو الملك يجتمعون بزعماء الأحزاب لمناقشة تحيين مبادرة الحكم الذاتي    أخنوش يستعرض أمام البرلمان الطفرة المهمة في البنية التحتية الجامعية في الصحراء المغربية    الأغلبية: النموذج التنموي بالصحراء يعزّز الاقتصاد ويحسن معيشة الساكنة    مئات المغاربة يجوبون شوارع باريس احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    أخنوش: "بفضل جلالة الملك قضية الصحراء خرجت من مرحلة الجمود إلى دينامية التدبير"    كرة أمم إفريقيا 2025.. لمسة مغربية خالصة    مصرع شخص جراء حادثة سير بين طنجة وتطوان    أمن طنجة يُحقق في قضية دفن رضيع قرب مجمع سكني    نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية تترأس تنصيب عامل إقليم الجديدة    "حماية المستهلك" تطالب بضمان حقوق المرضى وشفافية سوق الأدوية    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخذ سنة 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء (تقرير)    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    اتهامات بالتزوير وخيانة الأمانة في مشروع طبي معروض لترخيص وزارة الصحة    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدنان ابراهيم في ميزان أحد تلاميذه
نشر في هسبريس يوم 01 - 08 - 2013

الامة الاسلامية والعربية انحدرت الى مستنقعات الطائفية، والفرقة والتشتت، والحقد والضغينة، وأصبح المسلم يذبح اخاه المسلم بأسم الله ومحمد ص تقربا اليهما، وبذلك تخلفت هذه الامة عن ركب الحضارة الانسانية، وأصبحت أمة ذليلة مهانة، يتجرأ عليها كل من هب ودب ويتحكم بكل مقدراتها، كما أصبحت دماء المسلمين أرخص من دماء اتفه المخلوقات على الارض، فأحتلت أقدس أراضينا من قبل أشرس الاعداء، وقسمت اوطاننا الى امارات متناحرة فيما بينها، وسيطر أشقياؤنا على كل خيراتنا ليعبثوا بها مع الاعداء حسب أهوائهم ويحرمون الشعوب منها، ليسود الفقر والجوع، وتشتت اسلامنا الى اسلامات عديدة متصارعة فيما بينها، بل ابتدعت لنا اسلامات جديدة من قبل أذكى اعدائنا، فأنتشرت في مجتمعاتنا الامية بكل انواعها، وبلغنا مرحلة من الجهل والفوضى ارجعتنا الى ايام الجاهلية الاولى! فساد بيننا فراغ فكري عظيم، يحتاج الى خطاب يسمعه كل الفرقاء من ابناء هذه الأمة كي يملأ ولو جزء منه! ونحن على هذا الحال برزت لنا خطابات عديدة وراءها كل من المرحوم الدكتور أحمد الوائلي من العراق، والدكتور سهيل زكار الله يحفظه من سوريا، والشيخ الباحث حسن فرحان المالكي من السعودية، والسيد كمال الحيدري من العراق، والشيخ عدنان ابراهيم من فلسطين، لكن خطاب الشيخ عدنان ابراهيم تميز على الكل لاعتماده على العقل، المدعوم بالعلم، وأسلوبه الحداثي، وخلفه على ما يبدو نية سليمة لله، وضمير حي، فدخل قلوب الطبقة المثقفة من أمتنا وأخذ تدريجياً يبعث الامل فينا.
في مقالي هذا سوف أقول ما لهذا العملاق وما عليه منتقداً بعض سلوكه فقط بكل صدق ومحبة واحترام وأنأى بنفسي عن انتقاد عِلم هذا العملاق الذي يحتاج الى علماء فطاحل ومتخصصين مثلما قال هو كي ينتقدوه.
منذ أكثر من سنتين، كنت أقرأ مقالاً لأحد الكتاب الذين أعتز وأثق بكتاباتهم الأستاذ حميد آل جويبر، فأرشدني الى هذا العملاق عدنان ابراهيم، وحين سمعت خطابه من على منبر جامع الشورى في النمسا عن طريق الشبكة العنكبوتية، دخل قلبي وعقلي على الفور، فنزّلت أغلب خطاباته من موقعه على اليوتيوب وسجلتها في تلفوني الجوال وعلى الايباد، وفي سيارتي، وحاسوبي، ومن يومها أصبح الشيخ عدنان ابراهيم جزءاً لا يتجزأ من حياتي، على الاقل يوميا اسمعه من ساعتين الى ثلاث، باختصار اصبح هذا الرجل كالماء والخبز والملح في حياتي! لا يمكنني الاستغناء عنه، عوضني عن كل مكتبات العالم، كما اصبح مادة دسمة للحديث بيني وبين محيطي، هذا الرجل أعتبرته أعظم هدية فكرية منحتني إياه السماء!
ما أقوله ليس تملقاً ولا مبالغة، لان هذا الرجل يتوفر على ذاكرة نادرة في البشر، جعلتني أعتقد انها كرامة له من الكريم سبحانه! إنه يحفظ القرآن الكريم من الجلاد الى الجلاد عن ظهر قلب كما يحفظ اسمه! ويعلم بتاريخ وأسباب نزول كل الايات، كما أنه متمكن من علم اللغة العربية بجدارة، ومتمكن من تفسير كلام الله بدقة عجيبة، وحافظ السنة النبوية المصححة حسب أعلم كتاب الحديث كلها في قلبه، أيضا متمكن بجدارة من هذه العلوم ودرّسها: علوم الشريعة كلها على المذهب الشافعي والحنفي، علوم العقيدة، اصول الفقه، علوم القرآن وجزأ كبير من التفسير، فضلا عن اللغة العربية بكل جوانبها، كما انه درَس العقل الفلسفي، والفيزيائي، والديني، والروحاني، ويقول ان هذا اختصاصه وغرامه! ايضا حافظ التاريخ الانساني كله، وخاصة التاريخ الاسلامي، ويعلم عن سير كل عظماء التاريخ الاسلامي وكانه عاش معهم في بيوتهم.
أيضا، هو متمكن من معرفة لغات عديدة مثل الالمانية، الانجليزية، وأظن الفرنسية، واليوغسلافية، والله اعلم ممكن لغات أخرى، وهذا مكنه من دراسة علوم الاديان السماوية النصرانية واليهودية، كما درس تاريخ هذين الديانتين بدقة من مصادرها الاصلية.
هذا وانه درس سير فلاسفة العالم، والعجيب عندما يسأل تراه يستحظر لك الجواب بسرعة البرق، لا يحتاج الى الوقت وكأنه أفضل حاسوب موجود على الارض! عزيزي القاريء ما أقوله ليس مبالغة، بل غيض من فيض، انا خبرته بنفسي وعلى مدى أكثر من سنتين متواصلة.
أما روحه، لم أره يوما في خطاباته متصنعاً أو متكلفاً، فهو يغضب، ويفرح بكل عفوية، رجل بقلب طفل، لسانه عفيف جداً، لم يسيء ابدا الى حساده، ولم يشغل وقته بهم إلا نادراً، أيضا عنده غيرة على امته بغض النظر عن اتجاهات أبنائها ، أي انه كان متعاطفا مع حزب الله في صراعه مع أعداء الامة من الصهاينة ومن ورائهم الغرب برئاسة أمريكا، في حين ترى أغلب مشايخ الخليج إصطفوا مع العدو الاسرائيلي ضد حزب الله الى درجة حرموا حتى الدعاء له!
مظهره : فهو وسيم ورشيق جدا، وزيه عصري وأنيق جدا، يجيد بدقة اختيار الالوان وينسقها وكأنه مصمم أزياء، كما أنه يجيد شدة ربطة العنق بدقة متناهية، ولحيته دائما مشذبة وليست عشوائية مثل بقية المشايخ، وهذا دليل على دقته في كل شيء! هذه هي أهم ميزات شخصيته، بأختصار شكله ملائكي ووجهُ يشع بنور الاسلام.
كل هذه الامكانيات، والصفات في هذا العملاق، والجهود العظيمة التي بذلها، جعلت الكثير من ابناء الامة يثقون به، كمصلح يلم شملها من جديد، ويستعيد مكانتها بين الامم المتحضرة، لكن، وأعوذ بالله من كلمة لكن، بعد ظهوره في برنامج رحمة للعالمين على قناة روتانا الخليجية، وظهوره في برنامج في الصميم، الذي أدار الحوار فيه الأستاذ عبد الله المديفر، صعقت للتغيير الجذري الذي حدث في منحى هذا العملاق عدنان ابراهيم، الذي شاهدته وسمعته لا يمكن أن يصدر من هذه القامة التي ناطحت الغيوم بعلمها وذكائها! هذا شكلاً الشيخ عدنان ابراهيم، لكنه عقليةً وشخصيةً انسان آخر! كلنا يعلم أن هذا الرجل لا يساوم بأي ثمن على مبادئه، وكلنا لا يعلم بظروفه، وما يتعرض له في الخفاء، هل تعرض الى تهديد خطير حقيقي من جهة متنفذة وخطرة تهدد وجوده؟ أم نفسه نزعت الى الشهرة والمال على حساب المشروع الالهي الذي يحمله؟ الله اعلم، نقدي له على ظاهر الامور التي انكشفت لنا بعد ظهوره في برنامجي قناة روتانا الخليجية:
1. روتانا الخليجية هي قناة لفئة متطرفة من المسلمين، والذين يديرها شيوخ من الكويت والسعودية معروفون بنزعاتهم الطائفية التي يرفضها عدنان ابراهيم! كيف وافق بالظهور على هكذا قناة؟.
2. كان يسمعه من منبره البسيط في جامع الشورى في النمسا عشرات الالاف من المسلمين في كل بقاع العالم، وهو يمتلك كامل حريته، أي هو سيد نفسه، ما الذي دعاه أن ينزل عند قيود روتانا الخليجية التي يمتلك أغلب أسهمها الوليد بن طلال؟ "رحم الله من جب الغيبة عن نفسه" لماذا تضع نفسك في هكذا اشكال؟.
3. المحاور الأستاذ عبد الله المديفر ليس حيادي، ولم يحسن إحترام ضيفه، وكان مستفزاً في أسألته، وواضح جداً أنه سلفي وهابي متشدد، ولا مرة عندما يذكر الرسول يصلي على آله، فقط يذكر صل الله عليه وسلم! أيضا أنه غير كفؤ علماً لعدنان ابراهيم، كيف وافق هذا العملاق عدنان ابراهيم أن يحاوره هكذا شخص؟
4. في حواره منذ البداية كان منفعلاً، وكان دائما يقسم، وكرر القسم مرات ومرات، وهذا لا يليق بعملاق مثل الشيخ عدنان ابراهيم.
5. في بداية حديثه يقول "انا لا اؤمن بالامامة، وهذا حقه، وأردف يقول "لي خطب علمية قوية، وبطريقة تأصيلية أحاول هدم أركان هذه العقيدة" أي اعتقاد الشيعة في الامامة! يا سيدي انت في مقام مصلح، وليس في مقام تصادم مع الاخرين!
الشيء بالشيء يذكر، سألت رجل هولندي أسلم حديثاً، على أي مذهب أسلمت؟ أجاب على المذهب الحنفي، فأعقبته بسؤال آخر، ما رأيك بالمذاهب الاخرى، قال كلها طرق تؤدي الى الاسلام، فيها الطويلة، وفيها القصيرة!
6. يقول الشيخ عدنان أن مشروعه هو نوع من طلب الاصلاح، وبما انه هو سني، فهو معني بالسنة فقط، وخطابه غير موجه للشيعة! أليس فسطاط الاسلام أوسع من خيمة المذهب؟ وأليس هذا التخندق يصب في تشتت المسلمين أكثر؟
7. عندما قال له المحاور أن عنده ممارسات سلوكية تأخذ عليه، مثل لبس السواد في ذكرى استشهاد سيد شباب اهل الجنة ابن الرسول ص الحسين، أجاب على استحياء لبسته مرة واحدة!! وكأنه أخطأ، ولم تتحرك غيرته على الامام الحسين في هكذا سؤال.
8. ذكر أنه لم يلبي أي دعوة الى ايران على مدى ست سنوات، كي لا يحسب على جهة، حسننا، لماذا لبيت دعوة روتانا، وهي معروفة من ورائها، ألم يمكن ان تحسب على جهتهم؟
9. الامة بحاجة الى تصحيح التاريخ المزور، والى تصحيح نسخة الاسلام التي شوهها الامويون، والعباسيون، والعثمانيون، فلماذا تعتذر عن تراثك الثر في نقدك للصحابة الذين أخطأوا عمداً او غير عمد في حق الاسلام؟
يا سيدي المصلح الرسالي لا يعبه بالنتائج مهما كانت، حتى وان كلفته حياته، هذا هو طريق المصلحين الاحرار.
اتمنى أن يصل مقالي هذا الى استاذي المصلح الكبير الشيخ عدنان ابراهيم، الذي سهرت مع خطاباته على مدى أكثر من سنتين استمع الى كلامه، أن يسمع كلامي هذا، لان غالبية الذين يستمعون اليه ليس علماء بل متلقون من أمثالي، والله من وراء القصد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.