الناشط أسيدون يلازم العناية المركزة    مستجدات النيران بشفشاون وتطوان    رواج ينعش استعمال "كتابة النساء" في الصين        السكتيوي: المنتخب المغربي استخلص الدروس من تعثره أمام كينيا من أجل أداء أفضل أمام زامبيا    مصر تفقد أحد أعمدة الأدب العربي.. صنع الله إبراهيم في ذمة الله            الدكتور بوحاجب: غياب مراقبة الجودة أحيانا يفتح المجال أمام التلاعب بصحة الناس..!!    المغرب يتجاوز فرنسا في تصدير الفواكه والخضروات إلى السوق الإسبانية    أول تعليق للقوات المسلحة الملكية بخصوص واقعة فيديو "تعنيف مهاجر" قرب سبتة    ذكرى استرجاع وادي الذهب.. المشاريع الملكية تحوّل الصحراء المغربية إلى قطب اقتصادي وتنموي متكامل    أول تقرير عن حالة حقوق الإنسان في العالم صادر عن إدارة ترامب يصف مجازر إسرائيل في غزة بأنها "حوادث فردية"    نائب يميني متطرف يستفز المغرب برفع العلم الإسباني على صخرة محتلة قبالة الحسيمة    زلزال بقوة 5 درجات يضرب إقليم مالوكو في إندونيسيا    الناظور.. الجمارك تحبط تسويق أطنان من مواد غذائية فاسدة في أزغنغان    تيزنيت..."النجاحات" المعلّبة لمخطط المغرب الأخضر. 150 مليار في مهب الريح        السكتيوي يطمئن المنتقدين ويؤكد جاهزية "الأسود المحلية" لمواجهة زامبيا        وزراء خارجية 24 دولة يطالبون بتحرك عاجل لمواجهة "المجاعة" في غزة    السكتيوي يرحب بالانتقادات بعد خسارة المغرب أمام كينيا ويكشف أسباب تراجع الأداء        تفشي بكتيريا مرتبطة بالجبن في فرنسا يودي بحياة شخصين ويصيب 21 آخرين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة تجري بنجاح أول عملية زراعة كلية مع عدم توافق فصائل الدم ABO على المستوى القاري    هل ‬دخلنا ‬المرحلة ‬ما ‬قبل ‬الأخيرة ‬لتطبيق ‬مقترح ‬الحكم ‬الذاتي ‬؟ ‬    في ‬اللقاء ‬الذي ‬جمع ‬الوزير ‬برادة ‬وقيادات ‬النقابات ‬التعليمية :‬    إطلاق الصاروخ الأوروبي أريان 6 إلى الفضاء    راشفورد ينتقد يونايتد: "يفتقر إلى الخطط"    مدريد ‬تتصدى ‬لقرار ‬يميني ‬يمنع ‬الشعائر ‬الدينية ‬ويستهدف ‬الجالية ‬المغربية ‬في ‬مورسيا    أسعار الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء تسجل تفاوتاً كبيراً بين المنتجات    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء شبه مستقر    دول أوروبية تتوعد النظام الإيراني بإعادة تفعيل آلية العقوبات    فرنسا.. توقيف مراقب جوي بعد قوله "فلسطين حرة" لطاقم طائرة إسرائيلية    ملفات ساخنة في دورة استثنائية بسلا.. العدالة والتنمية بسلا ينتقد التسيير ويتهم المجلس الجماعي بالتفريط في صلاحياته    تراجع الدولار مع ترقب خفض أسعار الفائدة الأمريكية في شتنبر    اعتقال شخص بعد إطلاق نار داخل مطار سيدني    تسكت تتألق في أمسية "رابافريكا"    أربع مدن مغربية على رأس قائمة أكثر مناطق العالم حرارة        بوتين يشيد بالقوات الكورية الشمالية    منير القادري يتخلى عن مشيخة الزاوية البودشيشية لفائدة أخيه معاذ القادري    غزة: صندوق الثروة السيادية النرويجي يسحب استثماراته من 11 شركة إسرائيلية        دورة سينسيناتي لكرة المضرب: ألكاراس يتأهل لثمن النهاية    أنفوغرافيك | 25.84 مليون درهم.. لتمويل 40 مهرجان وتظاهرة سينمائية    حملة أمنية بوزان تطيح بمروجي مخدرات وتوقف مطلوبين للعدالة    اطلاق فعاليات الأبواب المفتوحة لفائدة الجالية المغربية بالخارج    مهرجان "راب أفريكا" يجمع بين المتعة والابتكار على ضفة أبي رقراق    حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الربيع المنتظر.. والخريف المحتضر
نشر في لكم يوم 06 - 10 - 2019

رغم كل حملات التضليل الممنهجة، التي شنتها وسائل الإعلام العربية الرسمية، للترويج لفكرة أن ثورات "الربيع العربي"، ما هي إلا مؤامرة خارجية، هدفها خلق الفوضى والفتنة داخل المجتمعات العربية، ورغم الحروب المفتوحة التي شنتها بعض الأنظمة العربية، ضد المعارضين والنشطاء السياسيين والحقوقيين، من أجل إخماد جذوة الأمل في التغيير، فإن الشعوب لا زالت تسكنها إرادة التحرر من الظلم والاستبداد والفساد، وهو ما يؤكد فشل المنظومة الدعائية للأنظمة السلطوية والاستبدادية، في تحويل الحلم بربيع عربي ديمقراطي، إلى كابوس خريف عاصف.
عندما قامت "الثورات المضادة" في كل من سوريا وليبيا واليمن، بشن حرب طاحنة على الشعوب الثائرة، وتمكّنت من خلط الأوراق، وضرب الاستقرار والأمن داخل هذه البلدان، كانت الغاية من ذلك، هي إضعاف إرادة الشعوب في التحرر من الأنظمة المستبدة، والانتقال نحو دولة المؤسسات، وقد نجحت إلى حدّ ما في تعزيز الاعتقاد بأن "الربيع العربي" المنتظر، تحوّل إلى "خريف عربي"، لكن سرعان ما كشفت التطورات السياسية في البلدان العربية، أن الثورات الشعبية التي تفجرت مطلع سنة 2011، وأسقطت عددا من الحكام، لا زالت حبلى بالمفاجآت، حتى وإن عرفت خلال الست سنوات الماضية، جزرا ملحوظا بفعل الحروب الضارية التي شنتها قوى "الثورات المضادة" المدعومة غربيا، والممولة خليجيا، فإنها فاجأت المتآمرين، عندما اندلعت ثورتين شعبيتين في السودان والجزائر خلال العام الجاري، مع العلم أن هذان البلدان، كانا في منأى عن الموجة الأولى "للربيع العربي" عام 2011.
وبالفعل، بعد استطاعت الثورتين السودانية والجزائرية إسقاط حكامهما المستبدين، وأعادت الروح الثورية للشعوب العربية، وأمدتها بالأمل في التحرر من الأنظمة الاستبدادية والسلطوية، وقد برزت هذه الروح بشكل واضح في خروج تظاهرات شعبية مفاجئة ضد السيسي، في 20 من شتنبر الجاري، والتي كسرت حاجز الخوف الذي صنعته أجهزة الانقلاب القمعية.
وإذا كانت بعض الشعوب العربية خرجت في مظاهرات سلمية مطلع 2011، لتطالب بإسقاط الفساد والاستبداد، فلأنها كانت تتطلع إلى الانتقال إلى نظام ديمقراطي، يلتزم بحماية الحقوق والحريات، ويسهر على حماية التعددية والتداول السلمي على السلطة، على غرار ما تتمتع به الشعوب الغربية، لكن أصبح واضحا أن الدول الغربية، لا ترغب في انتقال سلمي نحو الديمقراطية في الدول العربية، لأن ذلك يتعارض مع مصالحها الاستراتيجية، فهي تدعم بقاء الأنظمة الاستبدادية والسلطوية، مقابل حماية هذه الأنظمة لمصالحها السياسية والاقتصادية والثقافية، وضمان استمرار استغلالها للموارد الطبيعية والبشرية، والإبقاء على التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية، وهذا ما يعكسه وصف ترامب للسيسي، ب "دكتاتوره المفضل"، و"الزعيم الحقيقي"، لأنه استطاع أن يقود انقلابا عسكريا على رئيس منتخب ديمقراطيا، ويعيد الاستبداد إلى الحكم.
وفي الوقت الذي كان فيه الإحباط قد دبّ إلى المجتمعات العربية، وساد الاعتقاد بأن ربيع الشعوب العربية قد ولّى إلى غير رجعة، وحسبت أنظمة الاستبداد ورُعاتها، أن هذه الشعوب قد أُنهكت وهُزمت نفسيا، إذا بالشعبين السوداني والجزائري، يصنعان الحدث مرة أخرى، ويطلقان الموجة الثانية من "الربيع العربي"، ويسقطان مستبدين آخرين، ويشيعانهما في موكب جنائزي مهيب، إلى مثواهما الأخير في مقبرة التاريخ، ليلتحقا بالطغاة العرب الساقطين، فهم السابقون والباقي اللاحقون…
ومن المؤشرات التي تؤكد أن ربيع الشعوب العربية لا زال زاهرا، وأن خريف الحكام المستبدين لا زال يسقطهم تباعا، ما جرى في مصر يوم الجمعة 20 من شتنبر 2019، من احتجاجات شعبية غير مسبوقة منذ 6 سنوات، والتي طالبت بإسقاط الديكتاتور الدموي قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، رغم الإجراءات القمعية المشددة التي يفرضها على المصريين منذ استيلائه على السلطة بالقوة، والتي كان لها تأثير كبير على زخم الاحتجاجات الشعبية، في الجمعة الموالية (28 شتنبر)، لكن هذا لا يعني أن الحراك الشعبي سيتوقف، بل سيستمر إلى أن يسقط فرعون مصر، ولكن توقيت هذا السقوط، يتوقف على توحّد المصريين، وتعاون كل القوى والتيارات السياسية والمدنية.
ولا يمكن أن ننسى في هذا السياق، ما تشهده العراق من حراك شعبي، تفجّر الثلاثاء الأخير، وهو استمرار لحراكات سابقة، حراك كان يحمل مطالب اجتماعية، لكن سرعان ما تحولت إلى مطالب سياسية بعد سقوط ضحايا من المتظاهرين، حيث اتخذ الحراك العراقي منحى عنيفا، وأدى التدخل الأمني إلى سقوط عدد غير قليل من المتظاهرين بين قتيل وجريح.
وفي الختام، إذا كانت الشعوب العربية تحلم بالحرية والعدالة والديمقراطية، فإنها عرفت الطريق إلى تحقيق ذلك، في الموجة الأولى من "الربيع العربي"، وهي تعرف أن كلفة التغيير باهضة، وأن سلاح الخوف الذي كانت تستخدمه الأنظمة المستبدة لمنع المجتمعات العربية من المطالبة بالانتقال نحو النظام الديمقراطي، لم يعد يشكل درعا واقيا لهذه الأنظمة، وهذا ما يفسر أن الثورات الشعبية ضد أنظمة الحكم المستبدة، ستستمر ولن تتوقف، لأن إرادة الشعوب هي التي تنتصر في النهاية، وإما أن تقوم الأنظمة العربية القائمة بإصلاحات حقيقية، تعيد للشعوب سيادتها وكرامتها، وإما أنها ستلقى نفس مصير الأنظمة الساقطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.