كشفت صحيفة لوفيغارو الفرنسية عن احتمال أن يشهد اجتماع مجلس الأمن المقرر نهاية أكتوبر المقبل حول قضية الصحراء منعطفًا حاسمًا، يتمثل في استبدال بعثة الأممالمتحدة في الصحراء (المينورسو) ببعثة جديدة تحمل اسم "المنساسو" (بعثة المساعدة للتفاوض حول وضعية الحكم الذاتي في الصحراء الغربية). هذه الخطوة، إذا ما اعتمدت، ستعني تغييرًا جذريًا في مهمة الأممالمتحدة، من التحضير لاستفتاء تقرير المصير إلى مرافقة مشروع الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. ووفق الصحيفة الفرنسية فإن واشنطنوباريس تقودان هذا التوجه الجديد، إذ تعتبران أن مقترح الحكم الذاتي المغربي هو الحل الوحيد الواقعي. ويُنظر إلى تبني "المنساسو" على أنه انتصار دبلوماسي تاريخي للمغرب، قد يفتح الباب أمام إزالة الصحراء من قائمة "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي"، وتكريس سيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية.
وتقول لوفيغارو في تقريرها إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يواجه خريفًا دبلوماسيًا مزدحمًا، إذ سيطرح في سبتمبر ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية، قبل أن يأتي تصويت أكتوبر الحاسم بشأن الصحراء. فرنسا، إلى جانب الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة، تتبنى الطرح المغربي، فيما تراهن الرباط على إقناع اثنتي عشرة دولة من الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن، مع التعويل على امتناع روسيا والصين عن استخدام حق النقض. تحولات داخل فرنسا وغضب جزائري من جانب آخر، أشارت الصحيفة الفرنسية إلى التحولات داخل الموقف الفرنسي من هذا الزاع، قائلة إن مواقف جديدة لحركة "فرنسا الأبية" اليسارية أثارت جدلًا واسعًا، فبعد سنوات من دعم الجزائر والبوليساريو، فاجأت الحركة الأوساط السياسية حين اعتبرت إحدى برلمانياتها الأوروبيات، ريما حسن، أن الحكم الذاتي خيار واقعي، مشيدة بإنجازات المغرب. الموقف فجّر ردود فعل غاضبة في الجزائر، حيث شنت وسائل الإعلام الرسمية حملة حادة ضد الحركة وزعيمها جان لوك ميلانشون، واعتبرت الأمر "خيانة". في المقابل، أشارت الصحفية إلى تأكيد الجزائر تمسكها بخيار الاستفتاء، حيث ذكّر الرئيس عبد المجيد تبون والأمين العام لجبهة البوليساريو إبراهيم غالي الأممالمتحدة بأن "الاستفتاء هو السبيل الشرعي الوحيد"، مع المطالبة بتوسيع صلاحيات البعثة الأممية لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. وبخصوص موقف واشنطن، أوضحت الصحفية أن الإدارة الأمريكية تمارس ضغطًا مزدوجًا: من جهة يلوّح الكونغرس بإدراج جبهة البوليساريو ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية، ومن جهة أخرى تغري الجزائر بعقود استثمارية ضخمة في قطاعي الطاقة والمناجم. أما باريس فتسعى للعب دور الوسيط الاستراتيجي، في ظل تنسيق وثيق مع الرباط منذ العام 2024. وخلص تقرير الصحيفة إلى أن الحسم في هذه الأمور سيكون في نيويورك خلال الخريف المقبل. فإذا حصل المقترح على تسع أصوات على الأقل دون اعتراض دائم، ستولد "المنساسو" وتُطوى صفحة الاستفتاء. أما إذا اكتفى المجلس بتمديد ولاية "المينورسو"، فسيستمر الجمود الذي يطبع النزاع منذ أكثر من ثلاثة عقود.