قدّم وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، الاثنين بمجلس المستشارين، مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، مؤكدًا أن النص يهدف إلى "توفير بيئة قانونية مستقرة وشفافة للممارسة الصحفية" وتعزيز فعالية التنظيم الذاتي للقطاع. وقال الوزير إن المشروع يستند إلى توصيات اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر التي أُحدثت بموجب القانون 15.23، بعد مشاورات مع مختلف الهيئات المهنية. ويأتي القانون الجديد لتكريس ما اعتُبر مكتسبات النص السابق (90.13)، مع إدخال تعديلات "بنيوية وإجرائية" تستجيب، بحسب قوله، للإكراهات التي ظهرت خلال السنوات الماضية.
ومن أبرز المستجدات الواردة في المشروع: رفع مدة ولاية أعضاء المجلس من أربع إلى خمس سنوات مع إمكانية التجديد مرة واحدة، تقليص عدد الأعضاء من 21 إلى 19 موزعين بين ممثلي الصحافيين والناشرين والهيئات، وإدخال شرط التمتع بالحقوق المدنية والسياسية كشرط أساسي للترشح. كما وسّع النص حالات العزل لتشمل صدور أحكام قضائية أو تأديبية في قضايا تتعلق بالرشوة، الاحتيال، استغلال النفوذ، أو الجرائم الجنسية والإرهابية. كما نص المشروع على إدراج محور "أخلاقيات المهنة" في التقرير السنوي للمجلس، إلى جانب مؤشرات احترام حرية الممارسة الصحفية وأوضاع الصحافيين، فضلاً عن إحداث آلية قانونية احتياطية تتمثل في لجنة خاصة يرأسها قاضٍ، تتولى تسيير شؤون المجلس في حال تعذّر تجديد هياكله، وذلك لتفادي أي فراغ مؤسساتي. لكن هذه المقتضيات قوبلت بانتقادات من نقابات ومنظمات صحافية اعتبرت أن المشروع "لا يعالج الإشكالات الجوهرية" التي تواجه القطاع. وأشارت هذه الهيئات إلى أن تقليص أدوار المجلس في مقابل توسيع سلطات العزل والرقابة قد يشكل خطوة إلى الوراء في مسار استقلالية الصحافة بالمغرب، في وقت يتراجع فيه هامش الحرية، بحسب تقارير مهنية محلية ودولية. وترى الهيئات المنتقدة أن المشروع، رغم حديثه عن تعزيز الشفافية والأخلاقيات، لم يتضمن ضمانات كافية لحماية الصحافيين من المتابعات أو من الضغوط السياسية والاقتصادية التي تحدّ من استقلالية غرف التحرير، معتبرة أن "القانون في صيغته الحالية يكرس الإشراف الإداري أكثر مما يعزز التنظيم الذاتي للمهنة". ويأتي النقاش حول المجلس الوطني للصحافة في سياق حساس بالنسبة للمشهد الإعلامي المغربي، حيث يشتكي الصحافيون من تقلص الحريات وتراجع استقلالية المؤسسات الإعلامية، وسط مخاوف من أن تتحول التعديلات التشريعية الجديدة إلى وسيلة لمزيد من الضبط بدل أن تكون رافعة لإصلاح قطاع يعيش أزمات مالية ومهنية متراكمة.