بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أصدر مركز حقوق الإنسان في أمريكا الشمالية بيانا يرفع فيه صوته ضد ما وصفه بواقع لا يُطاق من الانتهاكات المتصاعدة عبر العالم، حيث تتعرض كرامة الإنسان للدهس بفعل صعود الأنظمة الاستبدادية وإفلات الأقوياء من العقاب، إضافة إلى الصمت المتواطئ من المؤسسات الدولية. وأكد المركز أن أمريكا الشمالية نفسها تشهد تراجعا خطيرا في وعود العدالة والمساواة، حيث تتواصل معاناة الشعوب الأصلية في كندا والولايات المتحدة بسبب الإرث الاستعماري ونزع الأراضي، فيما تواجه الأقليات العرقية والمهاجرون والمشردون ممارسات تُجرّم الفئات الهشة وتنتجها سياسات لا تُبالي بالمعاناة الإنسانية. وأضاف البيان أن الديمقراطية تُقاس بقدرتها على حماية من تُركوا خلف الركب، مجددًا إدانته لخروقات حقوقية جسيمة، من بينها ترحيل المهاجرين إلى دول ثالثة دون منحهم حق طلب اللجوء، واحتجاز طالبي اللجوء في معسكرات مفتوحة تشمل أطفالًا رضعًا في خرق للقانون الدولي، إضافة إلى مداهمات فجْرية تنفذها إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية باقتحام المنازل دون مذكرات تفتيش، وما يصاحب ذلك من عسكرة للمدن بذريعة تنفيذ قوانين الهجرة بعيدًا عن احترام حقوق الإنسان. كما أدان المركز تأجيج الكراهية ضد الأقليات، خصوصًا المسلمين، عبر قراري حكّام ولايتي تكساس وفلوريدا بتصنيف مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية كمنظمة إرهابية، واستنكر الهجمات التي تشنها الحكومة الأمريكية على القوارب في بحر الكاريبي والتي خلّفت 80 قتيلًا، معتبرًا إياها عمليات قتل خارج نطاق القانون وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، مطالبًا بوقفها فورًا.
وفي ما يخص الجنوب العالمي، أشار البيان إلى أن شعوبه تدفع أثمانًا باهظة بسبب الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون، وبسبب الحروب والفساد والإقصاء والتدخلات الأجنبية. وأوضح أن المجازر والإبادات المنسية والاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والترحيل باتت واقعًا يوميًا في مناطق واسعة من شمال أفريقيا والقرن الأفريقي وفلسطين المحتلة والكونغو الديمقراطية، مستعرضًا ما يعيشه المدنيون في السودان من انتهاكات جسيمة ومنع وصول المساعدات الإنسانية، وهو ما أدى إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق. وتوقف مركز حقوق الإنسان مطولًا عند القضية الفلسطينية التي وصفها ب"القضية الأولى للشعوب الحرة"، مشيرًا إلى استمرار النظام الصهيوني في ارتكاب جرائم الإبادة والتطهير والتهجير بحق الفلسطينيين. وبعد قرار وقف الحرب، عاد الاحتلال إلى خرق الاتفاق مما تسبب في سقوط المزيد من الضحايا، ودعا المركز إلى تطبيق القانون الدولي لحماية الشعب الفلسطيني وأراضيه. أما على مستوى المغرب، فقد سجل المركز تراجعًا حادًا في حرية التعبير والحقوق النقابية والمطالب الاجتماعية التي يُواجَه أصحابها بالقمع والخوف والمراقبة والتلاعب القضائي. وعبّر البيان عن دعمه لأصوات الصحفيين والمواطنين والنشطاء والنساء والشباب الذين يواصلون المقاومة رغم الضغوط، مشيدًا بجيل GENZ الذي يرفض اليأس ويطالب بالصحة والتعليم والشغل والعدالة المناخية والمساواة والحرية. وفي هذا السياق، أدان المركز بشدة اعتقال أكثر من 2000 شاب في المغرب والأحكام القاسية التي وصلت إلى 15 سنة في حق بعضهم، مطالبًا بشكل عاجل بإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي، وفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف وشباب GENZ والنقيب محمد زيان وسعيدة العلمي وغيرهم من المعارضين. واختتم المركز بيانه بالدعوة إلى تضامن عالمي فعّال، وتنسيق المبادرات والمقاومة المدنية، ومحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، مؤكّدًا أن الحياد الوحيد الممكن في مواجهة الظلم هو رفض الصمت، داعيًا الشعوب والفنانين والعمال والمثقفين إلى بناء جبهة عالمية من أجل الحياة والحقيقة والكرامة الإنسانية.