بعد حوالي شهر من تعيينه وكيلا عاما للملك لدى محكمة النقض، رئيسا للنيابة العامة، قرر هشام بلاوي، إحالة جميع تقارير المجلس الأعلى للحسابات على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، للبت فيها، في مسعى يروم التنزيل الفعلي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. وتتضمن العديد من هذه التقارير اختلالات في التدبير الإداري والمالي لعدد من الجماعات الترابية ومجالس العمالات والأقاليم، وقطاعات ومؤسسات عمومية ، وهو ما يعني مواجهة عدد من المنتخبين المحليين على رأسهم رؤساء جماعات بملفات قد تشكل خلفية قانونية لتحريك المتابعات، خاصة بالنسبة للإختلالات التي تكتسي طابعا جنائيا . وتعتبر مبادرة رئيس النيابة العامة، استجابة فعلية لمطالب عدد من الحقوقيين وحماة المال العام والرأي العام الوطني الذي ظل دوما ومع إصدار كل تقرير للمجلس الأعلى للحسابات، يتساءل عن مصير هذه التقارير، فبعد كل تقرير ينتظر المواطن محاسبة المسؤولين عن الاختلالات المسجلة، إعمالا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. وبعد كل تقرير يتجدد النقاش حول جدوى تقارير المجلس الأعلى للحسابات، إذا لم تكن مرتبطة بالمحاسبة والمتابعات القضائية، إلا في حالات محدودة ، رغم أن بعض الإختلالات تكتسي طابعا جنائيا تستوجب الإحالة على الفضاء. وبقدر التفاؤل الذي يصاحب نشر تقارير المجلس الأعلى للحسابات، على أساس أن هذه التقارير تسهم في تخليق الحياة العامة و وتعزز مراقبة و تدبير المال العام ، بقدر التحفظ على نجاعتها بسبب محدودية نطاق إعمال مبدأ المحاسبة. ويبدو أن هشام بلاوي يريد تبديد الشكوك حول فعالية تقارير " الحسابات"، من خلال إحالتها على القضاء. وعين بلاوي في ماي الماضي وكيلا عاما للملك لدى محكمة النقض، رئيسا للنيابة العامة. وكان يشغل منصب رئيس ديوان رئيس النيابة العامة (2017-2018) قبل أن يعين ابتداء من سنة 2018 كاتبا عاما برئاسة النيابة العامة.