مشروع قانون مجلس النواب يحدد شروط ترشيح الشباب ويقر دعماً مالياً    مؤسسة وسيط المملكة: الولوج الى منصة "مرفقي" متاح لمستخدمي تطبيق "جواز الشباب" ابتداء من اليوم    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية زامبيا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    على رأسهم بنبركة والمانوزي..مطالب متجددة للدولة بالكشف عن مصير ضحايا الاختفاء القسري    حزب "النهج الديمقراطي" يطالب بالإفراج الفوري عن معتقلي حراك "جيل زد" وفتح تحقيق نزيه في وفاة 3 شبان بالقليعة    "اتصالات المغرب" تتجاوز حاجز 81 مليون زبون    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف بشأن الإمدادات    4.43 مليار درهم أرباح "اتصالات المغرب" بنهاية الأشهر التسعة الأولى من 2025    الصين تطلق أكبر سفينة شحن كهربائية بالكامل لتعزيز النقل البحري الأخضر    الدوحة..انطلاق منافسات بطولة كأس الأمم للكارتينغ لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمشاركة المغرب    الكشف عن صور تظهر أوضاعا قاسية لأسرى فلسطينيين داخل سجن إسرائيلي    محاكمات "جيل زد".. 240 حكما بالسجن النافذ وصلت حتى 15 سنة ومئات الأحكام الحبسية بأقل من سنة    المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب يطلق مشروعا لنشر أطروحات الدكتوراه    "كاف" يعلن عن موعد إجراء قرعة دور مجموعات دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية    تحفظات المجلس الأعلى للسلطة القضائية على مشروع قانون الدفع بعدم دستورية القوانين    مطالب بالتنصيص القانوني على معاقبة المدارس الخاصة التي ترفض تسجيل أطفال في وضعية إعاقة    احتجاجات جيل Z من أين؟ وإلى أين؟    الوزير السابق مبديع يظهر في وضع صحي صعب والمحكمة تقرر التأجيل    أردوغان: على أمريكا والدول الأخرى الضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار    انطلاقة نارية للجولة السادسة من البطولة.. وديربي البيضاء يلهب منتصف الأسبوع    مزارعو الضفة الغربية يجمعون الزيتون وسط هجمات المستوطنين المعتادة بموسم الحصاد    بلدان الاتحاد الأوروبي توافق على الانتقال إلى نظام التأشيرة الإلكترونية الموحدة ل"شنغن"    رسميا.. ليونيل ميسي يمدد عقده مع إنتر ميامي حتى 2028    لجنة نداء الكرامة بتاونات تصعد من احتجاجاتها وتدعو إلى مسيرة للمطالبة بالتنمية المجالية    توقيف ثلاثة قاصرين بسوق الأربعاء الغرب بعد تعنيف شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في مقطع مصوّر    لامين يامال يشن هجوما على الريال قبل الكلاسيكو: "يسرقون ثم يشتكون"    كيوسك الجمعة | غوتيريش يشدد على اغتنام الزخم الدولي الراهن لحل قضية الصحراء    حادثة سير تودي بحياة شابين ضواحي الجديدة    طقس حار نسبيا في توقعات اليوم الجمعة بالمغرب    الصين: انتخاب المغربي ادريس الهلالي نائبا لرئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو    الذهب يرتفع قبيل صدور بيانات التضخم الأمريكية    مشروع قرار أمريكي حول الصحراء يضع الحكم الذاتي أساس التفاوض ويتحدث عن ضمان حق تقرير المصير (نص القرار)    صفقة تاريخية.. حكيم زياش يعزز صفوف الوداد الرياضي    أكاديمية المملكة تحتفي بالمسار العلمي الحافل للباحث جان فرانسوا تروان    هذه تفاصيل الدعم المباشر الذي ستشرع الحكومة في توزيعه على "الكسابة"    ترامب: سأتخذ قرارا بشأن الإفراج عن القيادي الفلسطيني مروان البرغوثي    الخطوط الملكية المغربية تعزز رحلاتها الداخلية نحو الأقاليم الجنوبية للمملكة    جامعة الكرة تقيم حفلا تكريميا على شرف المنتخب الوطني المغربي للشباب    وفاة الفنان محمد الرزين إثر معاناته مع المرض    وزارة الأوقاف تعمم على أئمة المساجد خطبة تحث على تربية الأولاد على المشاركة في الشأن العام    الفنان محمد الرزين في ذمة الله    الرباط تخصص لهم استقبالا شعبيا كبيرا .. أبطال العالم فخورون باستقبالهم في القصر الملكي ويعبرونه حافزا للفوز بألقاب أخرى    الحكومة تصادق على مرسوم يحدد شروط إنتاج الطاقة الكهربائية ذاتياً    في مديح الإنسانية التقدمية، أو الخطاب ما بعد الاستعماري وفق مقاربة فلسفية ايتيقية    وجدة: حين يصبح الحبر مغاربياً    تنوع بصري وإنساني في اليوم السادس من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة    توأم تونسي يحصد لقب الدورة التاسعة من مبادرة "تحدي القراءة العربي"    الكبار يتميزون في دوري أبطال أوروبا    المؤسسات والمقاولات العمومية: استثمارات متوقعة لعام 2026 تقارب 180 مليار درهم    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    أمير المؤمنين يطلع على نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة ويأذن بوضعها رهن إشارة العموم    الملك محمد السادس يأذن بنشر فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة    ندوة تبرز الاحتفاء القرآني بالرسول    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    العِبرة من مِحن خير أمة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حميد الكفائي "الحياة": لا عودة إلى الماضي... العالم العربي تغيّر إلى الأبد
نشر في مغارب كم يوم 08 - 04 - 2011

التغييرات الجارية حالياً في العالم العربي والتي انطلقت من تونس أواخر العام الماضي ليست وقتية أو طارئة كما يتوهم البعض، وإنما بنيوية تحولية ومن هنا فهي باقية معنا ولن تزول بل ستتطور بمرور الزمن، حتى وإن لم ترُق للبعض، والمطلوب هو التكيف معها ورعايتها كي تعم فائدتها على الجميع، لا محاربتها ومحاولة القضاء عليها. أي محاولة لتعطيلها أو إبطائها لن تجدي نفعاً بل قد تقود إلى تطورات أخرى قد تكون أكثر سلبية مما نتوقع. على القادة جميعاً، سياسيين واقتصاديين ومثقفين وإعلاميين، أن يعترفوا أن الديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان أصبحت حقوقاً مشروعة بل هي من أبسط حقوق الإنسان العربي، وهذه الحقوق التي كانت غائبة أو منسية في بعض البلدان، ومغيبة بالقوة في البعض الآخر، قد أصبحت الآن حاضرة في أذهان الناس جميعاً وهي لن تغيب بسهولة، ولا مصلحة لأحد بتغييبها لأن وجودها ضروري لتقدم مجتمعاتنا وهو دليل على حيوية اجتماعية وسياسية نحن في أمس الحاجة إليها. صحيح أن هناك من سيتضرر من هذه الحركة الاجتماعية الجارفة في العالم العربي، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، وبإمكان هؤلاء أن يتكيفوا لتقليص الأضرار المحتملة، لكن كثيرين سيستفيدون والنتيجة أن المجتمعات العربية ستتطور وتنمو وتتقدم وهذا هو بالتأكيد في مصلحة الأغلبية الساحقة.
نحن أمام تغير بنيوي في العقل العربي الذي كان إلى عهد قريب يهادن الحاكم المستبد ويخضع له ويصدِّق بمدعياته ويصفق لشعاراته ويتجاهل أخطاءه ويعذر سيئاته وإخفاقاته. كان كثيرون يحاولون، عن قصد أو من دونه، إيجاد العذر للحاكم. فهو إما مشغول بأمور وطنية أو قومية أكثر أهمية من الإصلاحات الداخلية، إما أنه يعرف مصلحة البلاد أكثر من الشعب أو أنه يريد التغيير والتطوير حقاً لكن الحاشية التي تحيط به فاسدة ومستفيدة من الوضع الراهن. المهم أن الحاكم كان منزّهاً عن الخطل والزلل في رأي كثيرين.
لم يكن خافياً على أحد، سابقاً أو لاحقاً، أن صدام حسين كان ديكتاتوراً مستبداً بدد ثروة العراق، وورطه، والمنطقة بأسرها، بحروب عبثية وعداوات مختلقة لا هدف منها سوى توسيع سلطته أو الإبقاء عليها، والتغطية على عقد النقص الكثيرة التي كان يعاني منها. لكن صدام قد حظي للأسف بتأييد عربي، سياسي وشعبي ونخبوي، وكنا نحن معارضيه، لا نستطيع أن ننتقده أمام باقي العرب أو حتى نصرخ بعبارة «آه من الألم» التي تعلمناها في الصف الأول الابتدائي. الكل كان سيقف بوجهك موبخاً ومحذراً ومتهماً ومشككاً، ولسان حالهم يقول «كيف تجرؤ على انتقاد هذا البطل القومي الذي رفع رؤوسنا جميعاً وصد عدونا الفارسي الشرس»؟ وهذه العبارة تحديداً قالها صديق كويتي قبيل احتلال الكويت بعام تقريباً. أما بعد احتلاله الكويت وإطلاقه صواريخ سكود على إسرائيل فقد عده كثيرون قائداً ومنقذاً للأمتين العربية والإسلامية! وقد قال لي صديق مغربي إن حروف اسم صدام الأربعة ترمز إلى «صلاح الدين الأيوبي المنتظر»! عندما كنا نقول يا جماعة هذا الرجل قاتل ويرتكب جرائم بشعة بحق الإنسانية والعروبة والأديان جميعاً، كانوا يقولون لنا وهل هو الديكتاتور الوحيد في العالم العربي؟ وكأن وجود ديكتاتوريين آخرين يبرر إبقاء صدام جاثماً على صدور العراقيين. نقول لهم ليس كل الديكتاتوريين متساوين في الديكتاتورية والبشاعة، فصدام يرتكب مجازر جماعية ويذيب معارضيه في أحواض التيزاب ويتهم أبناء شعبه بأنهم موالون لدول مجاورة ويشكك في عروبة العرب وتركمانية التركمان وكردية الأكراد وإسلامية المسلمين، لم يستمع إلينا أحد بل اتهمنا كثيرون بأننا «عملاء» لأعداء الأمة.
لكن الأمور قد تغيرت الآن وافتضح المستور أمام الجميع. التونسيون الذين تعايشوا مع بن علي 23 عاماً ثاروا عليه مرة واحدة واجبروه على التنحي. المصريون الذين اصطفوا خلف مبارك ثلاثين عاماً ضاقوا به ذرعاً مطلع هذا العام وهاجوا ضده حتى تنحى عن السلطة. نظام القذافي الذي عبث بليبيا 42 عاماً وغيّر كل شيء فيها حتى أسماء الشهور، يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن قرر الشعب الليبي الامساك بزمام المبادرة وإجراء التغيير المطلوب وإن تطلب تضحيات. الوضع في اليمن هو الآخر خطير والرئيس علي عبد الله صالح يواجه معارضة مصممة على التغيير وسيكون لها ما تريد إن عاجلاً أو آجلاً. نعم لا يزال هناك من لا يريد التغيير من ديناصورات العصر القديم. قبل أيام كتب أحد مناصري صدام من دون حياء مقالاً يبرر له جرائمه ويقارن بينه وبين القذافي وكيف أن رجال صدام «صمدوا» بينما تخلى رجال القذافي عنه في اللحظة المناسبة! لكن هذا الديناصور ليس مقياساً، فهو يبرر موقفه الذي يعلم علم اليقين أنه خاطئ ومشين لكنه لا يجرؤ على الاعتراف بالخطأ لأن ذلك يتطلب شجاعة لا يمتلكها.
الشعوب العربية بدأت تدرك أن الديكتاتورية لن تقودها إلى تقدم، وأن الحياة لا يمكن أن تتطور بوجودها وأن بقاء القذافي ومبارك وبن علي في السلطة لن يقود إلا إلى مزيد من التدهور. الشعوب تدرك أنها أخطأت سابقاً بسكوتها على الظلم وانعدام الحريات، وتدرك أن معركة تحرير فلسطين كان يمكن أن تنجح لو كانت مقرونة بحريات وحقوق وديموقراطية وتنمية، وبدأت تتفهم أن الشعوب الضعيفة والمتخلفة ثقافياً وعلمياً واقتصادياً لا يمكنها أن تربح أي معركة، سلماً أو حرباً، ولا يمكن أن تتطور، بل هي في حالة تراجع متواصل، فالجمود مع تقدم الآخرين تراجع.
بعد عقدين على ثورة المعلومات والاتصالات والإنترنت، وصلت الفكرة إلى الجميع وأصبح التواصل وانتقال المعلومات والأفكار أمراً طبيعياً بين أبناء الأرض من أقصاها إلى أقصاها. التغيير الذي نراه الآن ليس عابراً كما يتوهم البعض، أو يسعى لإيهام الآخرين، خصوصاً بين أبناء الطبقات المستفيدة من الوضع الحالي. إنه متجذر وباقٍ ومتسارع. المطلوب من المؤسسات العربية السياسية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية التكيف مع الوضع الجديد والتناغم معه وقيادته لأن التطور في مصلحة الجميع. إنه تيار جارف سيزيل أي عقبة من طريقه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.