شلل بمستشفيات المغرب بعد تصعيد 8 نقابات صحية    ماذا يحدث لجسم الإنسان حال الإفراط في تناول الكافيين؟    المنتخب المغربي النسوي لأقل من 17 سنة ينهزم أمام زامبيا    إدارة السجن المحلي الأوداية تنفي ما تم ترويجه بخصوص وفاة سجين بالمستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش    "الماط" ينتقد الحجز على حافلة الفريق    "القسام" تعلن مقتل أسرى إسرائيليين بغزة خلال تحرير 4 منهم    دولة إسلامية تغير موعد عيد الأضحى    حادث سير خطير بالرباط يودي بحياة نجل عامل ورزازات وشقيقه في حالة خطيرة    موسم الحج 1445: السلطات السعودية اتخذت جميع التدابير لضمان سلامة وأمن ضيوف الرحمان    حسم الصعود للقسم الوطني الأول يتأجل بين الدفاع الجديدي والكوكب المراكشي    بايرن ميونخ يحسم في مصير مزراوي مع النادي    وفاة الأمين العام ل"مراسلون بلا حدود" كريستوف ديلوار عن عمر ناهز 53 عاما    تطوير العلاقات المغربية البرازيلية يحاصر مروجي الأوهام في أمريكا الجنوبية    حزب التقدم والاشتراكية يربط "التعديل الحكومي" بضرورة إصلاح المقاربات    "التراشق بالبالونات" يشهد التصعيد على الحدود بين الكوريتين    الأمن يفكك عصابة مخدرات بالرشيدية    "موازين" يتيح اللقاء بأم كلثوم مرتين    استطلاع: الرضا عن خدمات الصحة يتضاعف بالمغرب .. والفساد يخلق الاستياء    قيمة "الأسود" تتجاوز 400 مليون يورو    وزارة الصحة تعلن حالة وفاة ب"كوفيد"    زياش والنصيري يعتذران للركراكي أمام لاعبي المنتخب المغربي    4170 مستفيدا من منحة الحج لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين    يوم إفريقيا ببوليفيا: المبادرة الأطلسية تعكس التزام المغرب الثابت بالتعاون جنوب-جنوب    "زمن قياسي".. الجزائر تسحب سفيرها في مصر بعد يوم واحد من تسليم أوراق اعتماده    "لبؤات U17" يخسرن أمام زامبيا في تصفيات المونديال    فرنسا.. مرشحة تبلغ من العمر 9 سنوات تجتاز امتحانات البكالوريا    مطالب بصرف الدعم الاجتماعي قبل عيد الأضحى    "فوكس" المتطرف يصر على تصعيد التوترات بين إسبانيا والمغرب بسبب مليلية    الحج 2024: خمسة آلاف طبيب يقدمون الرعاية الصحية للحجاج عبر 183 منشأة        ظهور جثة لاعب كرة قدم من مرتيل بعد محاولة فاشلة للسباحة إلى سبتة    أربع أندية أوروبية تتنافس على نجم البطولة المغربية    الفنان خالد بدوي يستحضر فلسطين في المهرجان الدولي للعود في تطوان    الأمن يشن الحرب على مروجي "الماحيا"    السلاح المغربي المتطور يغري الرئيس التونسي قيس سعيد    خبراء برنامج "نخرجو ليها ديريكت": المغرب مقبل على أغلى عيد أضحى في تاريخه بسبب ارتفاع الأسعار    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    بعد منعها من الغناء بتونس.. نادي الفنانين يكرم أسماء لزرق    الباحثة أمينة الطنجي تحصل على شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا بتطوان    بووانو: ما قامت به الحكومة ليس إصلاحا للمقاصة بل زيادة في الأسعار فقط    الأمم المتحدة تقرر إدراج جيش الاحتلال الإسرائيلي على "قائمة العار"    استئناف المساعدات إلى غزة عبر الرصيف الأمريكي سيتم في الأيام المقبلة    الإيسيسكو تستضيف أمسية فنية للاحتفاء بمدينة شوشا عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لسنة 2024    الدورة ال 12 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة: "متى يحل عهد أفريقيا" لدافيد بيير فيلا يتوج بالجائزة الكبرى    لاغارد: مصاعب ترتبط بكبح التضخم    أداء "روبوتات الدردشة" كأداة تعليمية يسائل الفرص والعقبات    السلطات الدنماركية توقف رجلاً اعتدى على رئيسة الوزراء في كوبنهاغن    مشروع مبتكر .. اطلاق أول مشروع مبتكر الالواح الشمسية العائمة بسد طنجة المتوسط    كيوسك السبت | المغرب سيشرع رسميا في إنتاج الغاز المسال مطلع 2025    ارتفاع مؤشر أسعار الأصول العقارية بنسبة 0,8 في المائة برسم الفصل الأول من 2024    الأشعري في قصص "الخميس".. كاتب حاذق وماهر في صنع الألاعيب السردية        الأمثال العامية بتطوان... (619)    وفاة أول مصاب بشري بفيروس "اتش 5 ان 2"    دراسة: السكتة القلبية المفاجئة قد تكون مرتبطة بمشروبات الطاقة    فيتامين لا    الدكتورة العباسي حنان اخصائية المعدة والجهاز الهضمي تفتتح بالجديدة عيادة قرب مدارة طريق مراكش    "غياب الشعور العقدي وآثاره على سلامة الإرادة الإنسانية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحر الأبيض المتوسط يمكن أن يتحول إلى مستنقع كبير للمياه المسمومة الراكدة
نشر في وجدة نيوز يوم 11 - 07 - 2010


مقدمة:
سبق لي أن ألقيتُ هذا الموضوع في الملتقى الرابع ل "منظمة المدن المتوسطية" الذي انعقد بمدينة ( باتراس ) اليونانية أيام 15-16-17 نوفبر 2001. و كُنتُ آنذاك مُمثلا لبلدية الحسيمة رفقة السيد ديرا عبد الهادي بصفته مستشارا جماعيا في ذلك الوقت.
نال الموضوع تنويها حسنا من الحاضرين، إذ أشارواَ إلى ذلك في البيان الختامي للملتقى الذي ذكر الجملة التالية: "الموضوع المتعلق بالبيئة الذي قدٌمتْه الحسيمة، قُبِل قُبولا تاما و اتُفِقَ على نشره في كُلٌ جرائد المدن المعنية". ( و فًعلا بالنسبة لمدينة الحسيمة، نشرته جريدة "الخزامى")
و مما حفٌزني على إخراج الموضوع من الأرشيف من جديد رغم مرور ما يقرب عقدا من الزمن على إلقاءه، هو كون المشكل الذي طرحتهُ آنذاك، لا زلنا نعاني منه الآن ، بل تفاقم بشكل أفضع.
الموضوع أعددْتُهُ أصلاً و قدٌمتُهُ بالانجليزية، و قُمتُ بترجمته شخصيا إلى العربية و الفرنسية و الأسبانية، أما هذه الأخيرة التي تقارعتُ معها فقد طلبتُ من صديقي محمد الأندلسي أستاذ الأسبانية أن يراجعها لتصحيح كل الأخطاء الواردة فيها، و فعلا قام بذلك جِد مشكور.
و هذا هو نص الموضوع:
البحر المُحتضر
يواجه العالم اليوم مشكلة خطيرة.إنها التلوث البيئي الذي يستطيع أن يبيد العنصر البشري , إذا ما استمر الإنسان في توظيف انجازاته الحضارية و التكنولوجية و العصرية الحديثة التوظيف الخاطئ .
إن توظيف الإنسان الخاطئ لمخترعاته و مكتشفاته, و خاصة المواد الكيماوية, التي تخدم مصالحه و أهدافه و تسهل حياته اليومية قد صار الآن مهددا للحياة.
إن التلوث البيئي يحيط بالإنسان من كل جانب. فالشواطئ التي من المفروض أن تكون مصدرا حسنا لموارده الغذائية قد أصيبت من طرف التلوث. و يقول العلماء و الباحثون بأن حوض البحر الأبيض المتوسط قد يمكن أن يتحول إلى مستنقع كبير للمياه المسمومة الراكدة. فتسعون في المائة من القمامة التي يخلفها سكان الدول التي تحيط به تصب في البحر.
فمياه البحر المتوسط تستغرق ( نظريا) 180 سنة لتتجدد و تصير إلى حالتها الطبيعية من الصفاء لما تختلط بمياه المحيط الأطلسي عبر مضيق جبل طارق. و لذالك و من وجهة نظر علمية, يعتبر هذا بحرا مسدودا، إذ أنه لا يستقبل فقط القمامة من طرف ما يقرب 500 مليون نسمة الساكنين في المدن المطلة على شواطئه فحسب, و لكن كذلك يستقبل من الأنهار التي تصب فيه، النفايات المخلفة خصوصا من المصانع الأوروبية. فهناك احتياطات قليلة و مجهودا صغيرا فقط يُبذل لتصفية أو معالجة المواد الكيماوية و المخلفات الصناعية التي تصب فيه.
فأسباب التلوث تأتي من مصادر عديدة و قد قسمت إلى نوعين:
أولا قمامة المنازل و المعامل و المزارع التي تذهب مباشرة إلى البحر عبر قنوات المياه أو التي تصب هناك بصفة غير مباشرة عبر الأنهار.
ثانيا مخلفات الإنسان من نشاطه البحري في البواخر أو العمل الذي يقتضي استغلال قاع البحر.
و لكننا إذا أردنا تناول التلوث بالتفصيل سوف نلمس ما يلي:
التلوث الحراري الصادر من نفايات تبريد المياه المنبعث من المختبرات و المعامل.
التلوث البكتيري الصادر من نفايات مياه المدن.
التلوث العضوي الصادر من المواد العضوية بأحجام كبيرة.
التلوث الكيماوي الصادر من نفايات المياه الصناعية.
التلوث الإشعاعي الصادر من نفايات المفاعلات النووية.
و مع الأسف فالبحر المتوسط مصاب من طرف كل هذه النفايات.
إن هذا البحر يعتبر الأكثر إصابة بالتلوث الزئبقي. انه يتلقى كميات من الزئبق أكثر من التي تلج المحيطات. و إن حوضه غني برواسب الزئبق. و هناك أيضا مناجم الزئبق في الجزائر و اسبانيا و ايطاليا و تركيا و يوغوسلافيا(سابقا). و المنتوج المستخرج من هذه الدول يشكل نصف إنتاج العالم
هذا بالإضافة إلى الكمية الناتجة من الظواهر الطبيعية. فالانفجاريات البركانية تقذف بكميات كبيرة من الزئبق إلى الهواء الجوي. و هناك مقدار آخر ينتج من طرف عوامل التعرية.
هناك حوالي 17 نوعا من السمك في البحر المتوسط التي تحتوي على كميات من الزئبق التي تتعدى المعدل الملاحظ في المقاييس الدولية. فسمك التن و السردين يحتويان على ثلاثة إلى أربعة مرات مقدار الزئبق الموجود في سمك المحيط الأطلسي مثلا. و خصوصا سمك التن إذ أن معدل الزئبق الموجود في عينات أجريت عليها التجارب فاقت 0.7 ملغراما في كيلوغرام واحد من لحمها, حسب منظمة الصحة العالمية.

فمن الضروري هنا أن نركز على الأخطار الآتية من الزئبق إذ بعض مكوٌناته مُضرٌة بالصحة، لأن الجسم البشري يتخلص بسرعة من الزئبق إذا كان في حالته المعدنية , أما إذا كان في شكله العضوي , فانه يستقر في الجهاز العصبي و يُدمٌره.
إن التسمم الناتج عن تناول الأغذية المحتوية عن الزئبق العضوي , خصوصا السمك , يحدث لدى الأشخاص الساكنين حول البحر المتوسط و ذلك راجع إلى تناولهم المتواصل للسمك. فأجسامهم تمتص الزئبق حيث أن كل فرد منهم يتناول في المعدل أكثر من كيلوغرامين من السمك في الأسبوع.
إن الأعراض الناتجة عن ارتفاع الزئبق العضوي في الجسم البشري هي: الجرَب و الألم في بعض أعضاء الجسم و اضطرابات في الجهازين السمعي و البصري و الاضطراب في المشي والضعف العام و التهاب في الرأس قد يؤدي إلى أمراض عقلية.
و تقول الإحصائيات بأن البحر الأبيض المتوسط يستقبل كل سنة حوالي 60.000 طن من مواد التنظيف. و الجزء الشمالي من هذا البحر يتأثر أكثر من طرف هذه المواد, و الجزء الجنوبي كذلك يتجه في نفس المنحى و ذلك باستعماله المتزايد لمواد التنظيف في دول شمال أفريقيا و دول الشرق الأوسط.
و قد أكد العلماء أن مواد التنظيف هذه تصير خطيرة خصوصا حين تمتزج بالبترول و ليس هناك ثمة بحر سليم من التلوث البترولي.
و يؤدي هذا الامتزاج إلى انخفاض معدل إنتاج السمك في البحر حيث أن اختلاط المواد العضوية و تفاعل مواد التنظيف مع البترول يؤدي إلى استقرارها على أوراق النباتات البحرية مما يؤدي إلى إتلافها بالهجوم على أغشيتها الواقية. و النتيجة هي فقدان السمك لمصدر غذائه.
يعتبر التلوث البترولي من بين التهديدات الأكثر خطورة على البيئة البحرية, و يصيب كل البحار و المحيطات تقريبا, بالرغم من أن نسبة التلوث تختلف من بحر إلى آخر، و لديه عدة مصادر. إننا نرى قطعا طافية من البترول ناتجة عن إفراغات ناتجة عن الحوادث أو متعمَدة لما تنظف خزانات حاملات البترول. و هناك كذلك غرق بعض ناقلات البترول , و أيضا نفايات المعامل التي تستعمل الزيوت الثقيلة المستعملة من قبل في محركات البواخر , تستعملها كوقود.
إن البحر المتوسط من أكثر بحار العالم تلوثا. انه يتحمل 35 في المائة من ناقلات البترول في العالم، و يوجد على شواطئه حوالي عشرين معملا للتكرير، و نصف هؤلاء فقط مجهز بالتجهيزات الضرورية لتنظيف خزانات ناقلات البترول. و هذا يُحتٌم على ربابنة الناقلات تنظيف خزاناتهم و إفراغ حمولتهم من خليط البترول و الماء في أعالي البحار بطريقة غير قانونية.
و يضاف إلى هذا البحر المريض كذلك التلوث الإشعاعي وذلك ناتج عن وجود محطات نووية على شواطئه. و يعتبر من أكثر المناطق في الأرض تعرضا لهذا النوع من التلوث, و توجد ستة أو سبعة دول مواجهة للبحر تملك مناجم اليورانيوم على أراضيها.
و هناك أيضا عدة محطات نووية على ضفاف الأنهار الكبيرة التي تصب فيها مياه التبريد الملوثة. زيادة على ذلك, هناك أكثر من عشر مختبرات نووية لتحلية مياه البحر توجد على شواطئه.
و هناك أيضا مفاعلات و صواريخ نووية في قاع البحر ( من بقايا الحرب الباردة ). و إنها تبعث إشعاعات إلى البحر نتيجة حوادث عدة.
فالخلاصة, إن البحر المتوسط لا يتلقى أية عناية لحماية مياهه من التلوث البحري مهما كان.
إن الطبيعة وحدها تتحمل دور الواقي للبيئة, بينما الإنسان يلعب فقط دور المُلوٌث.
و إذا لم تتبدل الأمور, فسيصبح البحر المتوسط بحرا ميتا, لأن قدرته الطبيعية على امتصاص الملوثات لها حد.
و لهذا, فالبحر المتوسط –كما يقول الأطباء- مريض. فهل سيعيش أم سيموت ذلك يتوقف علينا جميعا. فالنتائج المستقبلية للتدهور البيئي نادرا ما نفكر فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.