أخنوش يتباحث مع رئيس الحكومة اللبنانية    "حماة المال العام" يستنكرون التضييق على نشاطهم الفاضح للفساد ويطالبون بمحاسبة المفسدين    أسعار الفائدة على القروض ترتفع خلال الفصل الأول من سنة 2024    هلال: دبلوماسية الجزائر تعاني متلازمة التقزم    ذكرى تأسيس الأمن الوطني.. 68 سنة من الحفاظ على النظام العام وحماية المواطنين    هذه العوامل ترفع خطر الإصابة بهشاشة العظام    ارتفاع الودائع البنكية إلى 1.177,8 مليار درهم عند متم مارس الماضي    اعتبروا الحوار "فاشلا".. موظفون بالجماعات الترابية يطالبون بإحداث وزارة خاصة    تصفيات مونديال 2026: الحكم المغربي سمير الكزاز يقود مباراة السنغال وموريتانيا    بعثة نهضة بركان تطير إلى مصر لمواجهة الزمالك    كأس العرش.. مولودية وجدة يضرب موعدًا لمواجهة الرجاء في النصف النهائي    إيقاف مسؤول بفريق نسوي لكرة القدم ثلاث سنوات بسبب ابتزازه لاعباته    إطلاق مجموعة قمصان جديدة لشركة "أديداس" العالمية تحمل اللمسة المغربية    باحثون يعددون دور الدبلوماسية الأكاديمية في إسناد مغربية الصحراء    شرطي يشهر سلاحه على سائق سيارة بطنجة والأمن يدخل على الخط ويوضح    سفارة المغرب ببانكوك توضح بخصوص وضعية المغاربة المحتجزين بميانمار    انطلاق القافلة الثقافية والرياضية لفائدة نزلاء بعض المؤسسات السجنية بجهة طنجة تطوان الحسيمة من داخل السجن المحلي بواد لاو    مصرع شخصين في انقلاب شاحنة بتيفلت    الموت يغيب عميد الطرب الغرناطي أحمد بيرو    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    قافلة GO سياحة تحط رحالها بجهة العيون – الساقية الحمراء    مانشستر سيتي يهدد مشاركة جيرونا التاريخية في دوري الأبطال    مربو الماشية يؤكدون أن الزيادة في أثمنة الأضاحي حتمية ولا مفر منها    يوفنتوس يتوّج بلقب كأس إيطاليا للمرّة 15 في تاريخه    مطالب لوزارة التربية الوطنية بالتدخل لإنقاذ حياة أستاذ مضرب عن الطعام منذ 10 أيام    المغربي محمد وسيل ينجح في تسلق أصعب جبل تقنيا في سلوفينيا    "أديداس" تطلق قمصانا جديدة بلمسة مغربية    ظاهرة "أسامة المسلم": الجذور والخلفيات...    الاستعادة الخلدونية    رسالة اليمامة لقمة المنامة    صعود أسعار النفط بفضل قوة الطلب وبيانات التضخم الأمريكية    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    طقس الخميس حار نسبيا مع تشكل سحب وكتل ضبابية    كلاب ضالة تفترس حيوانات وتهدد سلامة السكان بتطوان    من أجل خارطة طريق لهندسة الثقافة بالمغرب    أشجار عتيقة تكشف السر الذي جعل العام الماضي هو الأشد حرارة منذ 2000 عام    هنية: إصرار إسرائيل على عملية رفح يضع المفاوضات في مصير مجهول    مدريد في ورطة بسبب الإمارات والجزائر    نسخة جديدة من برنامج الذكاء الاصطناعي لحل المعادلات الرياضية والتفاعل مع مشاعر البشر    أكاديمية المملكة تُسائل معايير تصنيف الأدباء الأفارقة وتُكرم المؤرخ "هامباتي با"    منتدى عربي أوروبي لمكافحة الكراهية    محكي الطفولة يغري روائيين مغاربة    زيلنسكي يلغي زياراته الخارجية وبوتين يؤكد أن التقدم الروسي يسير كما هو مخطط له    المشروع العملاق بالصحراء المغربية يرى النور قريبا    زعيم المعارضة في إسرائيل: عودة الرهائن أهم من شن عملية في رفح    "تسريب أسرار".. تفاصيل إقالة وزير الدفاع الروسي    الأمم المتحدة تفتح التحقيق في مقتل أول موظف دولي    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و 2033    ما حاجة البشرية للقرآن في عصر التحولات؟    إلزامية تحرير الجماعات الترابية من « أشرار السياسة »    النقابة الوطنية للتعليم fdt وضوح وشجاعة لاستشراف المستقبل    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤسسة كارنيغي للسلام:مؤتمر جيمس تاون حول اليمن
نشر في الوجدية يوم 25 - 04 - 2010

"في الوقت التي تتوجه فيه الحكومة اليمنية لان تصبح أكثر شفافية واستجابة لحاجات مواطنيها، سوف تجد بذور التطرف والعنف أرضاً اقل خصوبة، فيما تترعرع حركة ديناميكية أكثر إيجابية وأكثر إنتاجا."
ملاحظات ألقيت في مؤتمر اليمن في جيمس تاون (مؤسسة كارنيغي للسلام) في 15 أبريل 2010 ،لدانيال بنجامين المنسق في مكتب منسق شؤون مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية،ولأهميتها هذا نصها كاملا:
"يسرني أن أُدعى للتحدث مجدداً حول اليمن، البلد الذي يمثل أحد التحديات الرئيسية التي نواجهها في السياسة الخارجية، وعلى الأخص في مكافحة الإرهاب.
دعوني أبدأ بالكلام حول الظروف الناشئة في اليمن التي نواجهها اليوم. ومن ثم سوف أعود للتحدث عن استراتيجية حكومة أوباما بهذا الخصوص، والتي تهدف إلى مساعدة الحكومة اليمنية على مجابهة دواعي القلق الأمني الفوري إزاء تنظيم القاعدة من جهة، ومن جهة ثانية تخفيف حدة المسائل السياسية والاقتصادية الخطيرة ، فضلا عن مسألة الحكم الرشيد التي تواجه البلاد على المدى الطويل.
فيما يتعلق بالشعور العام بوجود تحولات في نقاط التركيز الجغرافي للإرهاب المعاصر، قد يستطيع المرء أن يؤكد بأنه لا مكان آخر كاليمن حصل على مثل هذا القدر من الاهتمام خلال السنة المنصرمة. كانت عملية التفجير الفاشلة التي جرت في كانون الأول/ديسمبر بمثابة تذكير صارخ بأن الأماكن التي لا حكم فيها أو حيث الحكم فيها ضعيف تستطيع ان تُستخدم كحاضن للتطرف.
علاوة على ذلك، أظهرت تلك المؤامرة ان واحداً على الأقل من المنتسبين إلى القاعدة لم تكن لديه مجرد الرغبة بل أيضاً استطاع تطوير القدرة على شنّ ضربات ضد الولايات المتحدة بالذات. لا نستطيع بعد الآن ان نركن على مقولة أن المنتسبين إلى القاعدة يركزون اهتمامهم بصورة حصرية على العدو القريب منهم، أي حكومات بلادهم، او على المرافق الأميركية في محيطهم المباشر.
وبعد قول ذلك، نحتاج إلى رؤية الأمور في نصابها الصحيح. فبعكس بعض التقارير المضخمة المنشورة مؤخراً في وسائل الإعلام حول تنظيم القاعدة في اليمن، لم تتحول البلاد إلى ملجأ آمن للقاعدة بين ليلة وضحاها. في الواقع يمكن القول جدلاً أن اليمن كانت تمثل الجبهة الأولى. فقد كان للقاعدة وجود في اليمن قبل وقت طويل حتى من قيام الولايات المتحدة بالتعرف على هذه المجموعة او الإدراك بأنها تطرح تهديداً ذا شأن. فمحاولة القاعدة تفجير فندق في عدن في ديسمبر 1992 كان يُقيم فيه عسكريون أميركيون ربما شكلت أول هجوم حقيقي للقاعدة. كانت تلك القوات، كما قد تتذكرون، في طريقها إلى الصومال لدعم بعثة الأمم المتحدة هناك، وكان ذلك قبل حوالي ثماني سنوات من الهجوم على المدمرة الأميركية كول، عام 2000. كان للقاعدة دائماً موطئ قدم في اليمن وكان ذلك يُشكِّل دائماً هاجساً رئيسياً للولايات المتحدة.
كانت اليمن في التسعينيات من القرن العشرين قاعدة لتنظيم سلسلة من المؤامرات الرئيسية استهدفت معظمها المملكة العربية السعودية. ففي أعقاب الهجوم على المدمرة الأميركية كول عام 2000 استطاعت الحكومة اليمنية، بدعم من الولايات المتحدة، شن ضربات ذات شأن ضد وجود القاعدة في اليمن من خلال تنفيذ عمليات عسكرية وإلقاء القبض على قادة رئيسيين للقاعدة هناك.
لكن بعد تلك الفترة من التعاون، تحول اهتمام الحكومة اليمنية إلى الهواجس الأمنية المحلية الأخرى، وشهد تعاوننا الثنائي انتكاسات. ففي أعقاب هجمات القاعدة في مايو 2003 التي نفذها التنظيم في المملكة العربية السعودية، حسّنت الحكومة السعودية بدرجة مبهرة جهودها في مكافحة الإرهاب، مما أرغم العديد من المتطرفين العنيفين إلى الهرب من المملكة العربية السعودية والتوجه إلى اليمن للانضمام إلى مقاتلين آخرين كانوا قد عادوا من أفغانستان وباكستان. وكما قد تتذكرون، هربت مجموعة من القادة الرئيسيين لتنظيم القاعدة من سجن يمني في العام 2006 الأمر الذي عزز بدرجة إضافية وجود التنظيم في البلاد.
خلال السنوات الخمس الأخيرة، نفّذ الإرهابيون هجمات متعددة ضد مواطنين يمنيين، وأميركيين، ومواطني دول أخرى. وخلال السنتين المنصرمتين، نفّذ فرع القاعدة هذا سلسلة من الهجمات شملت هجوماً على السفارة الأميركية في سبتمبر 2008، واختطاف عدة مجموعات من السياح الأجانب، والقيام بمحاولات لإرهاب قوات الأمن اليمنية بالذات. ثم في يناير 2009، أعلن قائد تنظيم القاعدة في اليمن ناصر الوحيشي، ان المقاتلين اليمنيين والسعوديين بدأوا العمل تحت راية تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
وبالطبع، اليمن ليس قائماً في فراغ. فالاستقرار في ذلك البلد أمر ضروري لأمن منطقة الخليج الأوسع وللأمن العالمي. كما أن نزع الشرعية عن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يتطلب معالجة مواطن الضعف في اليمن بالذات لأجل كسر دورة التطرف الراديكالي. يتمثل جزء رئيسي من عملنا الهادف إلى "تعطيل، وتفكيك، وإلحاق الهزيمة" بالقاعدة بالإدراك ان مستقبل اليمن مرتبط بجيرانه وبآخرين في المجتمع العالمي. أظهر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية حتى الآن انه يُشكِّل تهديداً هائلاً للأمن الداخلي في اليمن، حيث يقوم بمهاجمة قوات الأمن اليمنية كما يُشكِّل تهديداً للمملكة العربية السعودية من خلال قيامه في غشت 2009 بمحاولة اغتيال فاشلة لرئيس دائرة مكافحة الإرهاب في المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن نايف. وبصورة مماثلة، يجب علينا ان نكون واعين للبعد الإقليمي الذي يمثله تهديد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ويشمل ذلك روابطه مع الصومال. تساهم حرية التنقل والعدد الكبير من اللاجئين من الصومال إلى اليمن في زيادة الروابط التاريخية بين هاتين الدولتين، حيث نعرف أن الغالبية العظمى من هذه الاتصالات لا تتعلق بالإرهاب فقط. فالتهديد المتطرف الصادر من الصومال الذي يمثله تنظيم "الشباب" هناك يختلف عن التهديد الصادر من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن، ولكننا ندرك وجود مصدر تهديد مشترك ونقلق من احتمال عمل الطرفين بصورة مشتركة.
والآن أود الكلام حول استراتيجية الحكومة الأميركية ككل بالنسبة لليمن ومقاربتها لمواجهة وتقييد حركة القاعدة في شبه الجزيرة العربية. إن ما أستطيع قوله هو بالتأكيد ان درجة الخطر الذي تطرحه القاعدة في شبه الجزيرة العربية كان واضحاً لحكومة أوباما منذ اليوم الأول لتسلمها السلطة، وان الحكومة ركزت اهتمامها على اليمن منذ البداية. دعوني اشرح ذلك بعبارات خاصة: بصورة دقيقة جداً، في أول يوم عمل لي في وزارة الخارجية، وبالفعل، في اليوم الذي حلفت فيه اليمين، قال لي نائب وزيرة الخارجية ستاينبرغ، "هاك بعض الأولويات التي تحتاج إلى النظر فيها"، وكانت اليمن في أعلى القائمة.
في ربيع العام 2009، باشرت الحكومة بإجراء مراجعة شاملة وكاملة لسياستنا تجاه اليمن. أدت المراجعة إßى اتخاذ مقاربة جديدة تقوم على عمل الحكومة بمجملها تجاه اليمن تهدف أيضاً إلى تنسيق جهودنا مع جهود لاعبين دوليين آخرين. تسعى سياستنا الجديدة إلى معالجة الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار والى تحسين أسلوب الحكم. وتحتل عملية بناء قدرة حكومة اليمن على ممارسة سلطتها وضمان الأمن وتأمين الخدمات لرعاياها موقعاً مركزياً في هذه المقاربة.
من أجل تأمين تقدم هذه الاستراتيجية، انخرطنا في العمل بثبات وبصورة مكثفة مع نظرائنا اليمنيين. قام مسؤولون عسكريون ومدنيون في الحكومة، بمن فيهم نائب مستشار الأمن القومي برينان، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جفري فلتمان، الجنرال ديفيد باتريوس وأنا، بزيارة اليمن لمناقشة كيف يمكننا ان نواجه تهديد القاعدة بصورة مشتركة. وكانت النتيجة انعطافاً هاماً لموقف الحكومة اليمنية، وهو ما نأمل ان يبقى مستمراً، إزاء القاعدة في شبه الجزيرة العربية. من المهم ان نؤكد ان تلك الأعمال بدأت قبل مؤامرة 25 كانون الأول/ديسمبر، وقد استمرت منذ ذلك الحين. والآن نفّذت اليمن عمليات متعددة صممت لتعطيل المخططات الميدانية للقاعدة في شبه الجزيرة العربية وحرمان قادتها من ملجأ آمن داخل الأراضي اليمنية.
ولكن هناك ما هو أكثر وراء هذه القصة. وكما ذكرت في بداية خطابي، فإن استراتيجية الحكومة تجاه اليمن ثنائية: تقوية قدرة الحكومة اليمنية على تعزيز الأمن وتخفيف التهديد الصادر من المتطرفين العنيفين إلى أدنى حد، وتعزيز قدرتها على تزويد خدمات أساسية لشعبها واتباع أساليب الحكم الرشيد. يستغل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية انعدام الأمن في مناطق مختلفة في اليمن، وهو أمر تتفاقم حدته بسبب النزاعات الداخلية والتنافس على الحكم بين القبائل واللاعبين الذين لا ينتمون إلى الدولة. ولهذا السبب، إذا كان علينا أن ننجح، يتوجب علينا ان نعالج مشكلة الإرهاب في اليمن من وجهة نظر شاملة طويلة الأمد. والمنطق من وراء هذه الاستراتيجية هو اننا بينما نعمل مع الحكومة اليمنية لتقييد حركة وتفكيك القاعدة في شبه الجزيرة العربية، نساعد الشعب اليمني أيضاً في بناء مؤسسات دائمة واكثر استجابة ومستقبل مفعم بالأمل يعمل بدوره الكثير من اجل تخفيض جاذبية التطرف العنيف.
الأمن الحقيقي والتنمية المستدامة مرتبطان ببعضهما البعض بصورة لا تنفصم. ويمكن تحقيق الأمرين عندما تمسك الحكومة اليمنية بزمام القيادة. سوف تزود الولايات المتحدة المساعدة والدعم ولكن اليمن دولة ذات سيادة وسوف نحترم مسؤوليتها في تحقيق تنميتها وأمنها. وهكذا فإن ما نفعله في اليمن يُشكِّل حجر الزاوية في سياستنا، أي بناء القدرات. من جهة الأمن والاقتصاد كما من جهة طريقة الحكم، نساعد في معالجة حالات ضعف الدولة الذي يزدهر الإرهاب بسببه، ونساعد الحكومة اليمنية على الاستثمار في مواجهة التهديد بصورة أكثر فعالية.
أما على جبهة الأمن، فتزود وزارة الخارجية ووزارة الدفاع التدريب والمساعدة للوحدات الرئيسية لمكافحة الإرهاب في اليمن. ندرب قوات الأمن في وزارة الداخلية، بضمنها قوات خفر السواحل، ووحدة مكافحة الإرهاب كما نساعد قوات الأمن المركزي. تشمل عمليات التدريب إدارة الرقابة على الحدود، التحقيقات في مواقع الجرائم، كشف الوثائق المزورة، الاستكشاف والكشف، إدارة الأزمات، والاستشارة والتقييم الشاملين للأمن/التفتيش في المطارات. كما نرى وجود فرص إضافية لزيادة برامج التدريب وبناء القدرات التي نقوم بها لقوات فرض تطبيق القانون اليمني. ونعمل مع وزارة الدفاع للتنسيق عن كثب في تخطيط وتطبيق برامج المساعدات.
كل هذه الأمور سوف تقوي قدرة الحكومة اليمنية على تعزيز الأمن وتخفض إلى أدنى حد التهديد الصادر من المتطرفين العنيفين. ولكن كما ذكرت سابقاً، سوف لا تنجح هذه الاستراتيجية إلاّ إذا عززنا أيضاً قدرة اليمن في تزويد الخدمات الأساسية والممارسة الجيدة للحكم. يتصارع اليمن مع درجة خطيرة من الفقر. وكما تعرفون جميعكم، انها الدولة الأفقر في العالم العربي مما يعقد شؤون الحكم عبر أنحاء الدولة التي تزيد مساحتها عن مساحة العراق. يبلغ متوسط الدخل السنوي للفرد في اليمن 930 دولارا بحيث يحتل المركز 166 بين 174 دولة في العالم. إنتاج النفط في اليمن على تناقص مستمر، والموارد المائية تستنفد بسرعة. ومع وجود أكثر من نصف السكان يعيشون في الفقر ومع نمو السكان بنسبة لا يمكن تحملها تبلغ 3.2 بالمئة سنوياً، تهدد الظروف الاقتصادية بأن تصبح أسوأ وبالتالي ترهق بدرجة إضافية قدرة الدولة التي أصبحت محدودة الآن. علاوة على ذلك، فإن الفساد المستشري يعيق بدرجة إضافية قدرة الحكومة اليمنية على تزويد الخدمات الأساسية.
لذلك، تزود الحكومة الأميركية المساعدة لتحسين الحكم والمساهمة في تلبية التحديات الاجتماعية والاقتصادية الأكثر إلحاحاً. إذا استثنينا التمويل لمكافحة الإرهاب، فقد زادت المساعدات الأميركية للتنمية والأمن إلى اليمن من 17.2 مليون دولار في السنة المالية 2008 إلى 40.3 مليون دولار في السنة المالية 2009، ونتوقع ان تصل المساعدة في السنة المالية 2010 إلى 63 مليون دولار. تشمل أولويات المساعدة الأميركية الإصلاحات السياسية والمالية، والحد من الفساد وتطبيق إصلاح الخدمة المدنية، والتنويع الاقتصادي من اجل توليد فرص العمل. علاوة على ذلك، تعمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) على بناء قدرة الوزارات في اليمن لتقديم الخدمات بصورة أكثر فعالية وكفاءة تكون مستجيبة لمطالب السكان. كما تعمل مبادرة الشراكة للشرق الأوسط (MEPI) مع المجتمع المدني اليمني لتمكين اليمنيين من بناء مستقبل أكثر أماناً وازدهاراً.
من الواضح أن التحديات في اليمن كبيرة. ولذلك وبصورة مناسبة، تُشكِّل جهودنا في البلاد جزءاً من شراكتنا العالمية لتعزيز الأمن وتحسين الحكم. يشاطرنا عدد كبير من الدول هواجسنا حول اليمن ويرغبون في المساعدة. نعمل مع كافة الشركاء الدوليين لليمن من أجل تأمين التنسيق الأفضل للمساعدات الأجنبية وللتأكد من ان يكون لها أثر على الأرض. من خلال عملية "أصدقاء اليمن"، تلتزم الولايات المتحدة مع شركاء دوليين، ولا سيما مع الدول الإقليمية، بالعمل مع الحكومة اليمنية للمساعدة في معالجة حشد كبير من المشاكل. تعي الولايات المتحدة الواقع بانه رغم كوننا الدولة المانحة الرئيسية إلى اليمن لكننا لسنا المانح الوحيد. تساهم المملكة المتحدة، وألمانيا، وهولندا وغيرها بمبالغ كبيرة من المساعدات في كل سنة، كما تلعب المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وغيرهما من دول الخليج دوراً مهماً للغاية في دعم اليمن.
نعمل أيضاً على المستوى الدولي لمنع وصول الأموال إلى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وحالما أعلن هذا التنظيم عن تشكيله بدأنا نجمع الأدلة لتأمين إجماع دولي لكي يصنف التنظيم تحت قرار مجلس الأمن الدولي 1267. بعد تسميتنا لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية على انه تنظيم إرهابي أجنبي وتسمية قادته الرئيسيين بالإرهابيين، أعلنت الأمم المتحدة إضافة القاعدة في شبه الجزيرة العربية كما الوحيشي والشهري إلى اللائحة الموحدة. يفرض ذلك على كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تجميد موجوداتهم ومنع سفرهم، وفرض حظر على بيع الأسلحة إلى هذه الهيئات.
من بين الأمور الحيوية أيضاً اللازمة لتحقيق النجاح في اليمن ان نفهم كيف يتحول المجندون في القاعدة إلى راديكاليين، وما هي دوافعهم وكيف نستطيع معالجة محركات الراديكالية كي نبدأ في عكس التيار ضد التطرف العنيف.
سوف تساعد بعض برامج مساعداتنا في معالجة الظروف الأساسية للسكان المعرضين للأخطار. فالحد من الفساد وبناء مؤسسات شرعية من خلال مساعداتنا سوف يخفض أيضاً جاذبية التطرف وسوف نواصل بناء مشاركة إيجابية بين الشعب الأميركي والشعب اليمني من خلال المبادلات التعليمية والثقافية. تترك برامج التبادل تأثيراً مضاعفاً عندما يعود المشاركون إلى اليمن وينقلون إلى أصدقائهم وأهاليهم الحقائق حول الثقافة الأميركية والمجتمع الأميركي، ويبددون الصور النمطية السلبية والمستمرة. تساهم هذه المبادرات في ضمان الصحة الطويلة الأمد لعلاقاتنا الثنائية وتساعد في تبديد الارتياب وسوء التفاهم.
بالإضافة إلى مثل هذه المبادرات العالمية، نحن ملتزمون بدعم السلام الداخلي في اليمن. فالنزاع العنيف الذي اندلع في محافظة صعدة في شمال اليمن بين القوات الحكومية المركزية والمتمردين الحوثيين، وحركة الاحتجاج في الجنوب، التي أدت إلى حالات شغب واندلاع متقطع لأعمال العنف، تغذيها المظالم القائمة منذ مدة طويلة. تشجع الولايات المتحدة الحكومة اليمنية على السعي لإحلال السلام الدائم في صعدة كما السماح بتزويد المساعدات الإنسانية والإنمائية هناك، وتطلب أيضاً من جيران اليمن من دول الخليج والشركاء الآخرين ان يحذوا حذوها.
تشجعت الولايات المتحدة بدرجة كبيرة من ان وقف إطلاق النار مؤخراً أنهى النزاع المسلح. لن يستمر الارتباط باتفاقية وقف إطلاق النار إلا إذا قام الطرفان بمعالجة المشاكل السياسية التي شكلت أساس النزاع. تظهر الجهود الأخيرة لإطلاق سراح السجناء والسماح للمساعدات الدولية بالدخول إلى صعدة وعداً للمستقبل. سوف تستمر الولايات المتحدة سوية مع شركاء دوليين بالضغط لإحلال السلام من خلال الطلب من الحكومة اليمنية تمكين وكالات المساعدات الإنسانية بالدخول إلى محافظة صعدة لتأمين المساعدات إلى المهجرين وتسهيل عودتهم إلى منازلهم. ومن اجل مساعدة الذين تهجروا أو نزحوا بسبب النزاع، تبرع مكتب الأغذية للسلام التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية بمبلغ 7.5 مليون دولار كمساعدة غذائية مستعجلة، وساهم مكتب المساعدات الأجنبية في حالات الكوارث بمبلغ 3 ملايين دولار لجهود الإغاثة.
تدرك الاستراتيجية الأميركية في اليمن بان اليمن لم يكن دائماً مالكاً للإرادة السياسية او مركزاً اهتمامه على معالجة مشاكله. نعمل بجهد كبير مع شركائنا الدوليين لمعالجة الأمن والتحديات الأخرى في اليمن. ويشجعنا كون الرئيس صالح وحكومته اظهرا تصميماً أكبر مما سبق لمواجهة القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وللانخراط مع المجتمع الدولي في حل المشاكل الداخلية غير المتعلقة بالأمن. تثني الولايات المتحدة على اليمن لعملياتها في مكافحة الإرهاب وتستمر بالالتزام بمواصلة الدعم لمبادرات الأمن ومبادرات التنمية الاقتصادية. وفي الخلاصة، أود ان أشدد على اننا لا ندّعي بأنه لدينا كافة الأجوبة. فبالنظر للتحديات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية العسيرة، كما في انعدام الحكم الرشيد في اليمن، يصبح من المهم ان ندرك بأن التقدم لن يتحقق بسهولة.
إننا منخرطون في عدد من المهمات المختلفة ولكن الصعبة، وما ذلك سوى البداية وليس النهاية.
أود أيضاً ان أكرر ضرورة ان تكون مقاربتنا لمشكلة الإرهاب في اليمن شاملة ومستدامة، مع الأخذ في الحسبان مجموعة واسعة من العوامل السياسية، والثقافية، والاجتماعية – الاقتصادية. في نهاية المطاف، يتمثل هدف الولايات المتحدة والجهود الدولية في تأمين الاستقرار والأمن والحكم الفعال في اليمن. وفي الوقت التي تتوجه فيه الحكومة اليمنية لان تصبح أكثر شفافية واستجابة لحاجات مواطنيها، سوف تجد بذور التطرف والعنف أرضاً اقل خصوبة، فيما تترعرع حركة ديناميكية أكثر إيجابية وأكثر إنتاجا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.