طنجة.. توقيف المتورط الرئيسي في سرقة قبعة "كوتشي" بحي بئر الشعيري    "كان فوتسال السيدات" يفرح السايح    عادل الفقير    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    حكومة أخنوش تُطلق أكبر مراجعة للأجور والحماية الاجتماعية    الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة للسيدات بمناسبة فوزه بكأس إفريقيا للأمم 2025    نواب بريطانيون عن الصحراء المغربية: مخطط الحكم الذاتي محفّز حقيقي للتنمية والاستقرار في المنطقة بأكملها    سيدات القاعة يفلتن من فخ تنزانيا في ليلة التتويج بلقب كأس إفريقيا    افتتاح فندق فاخر يعزز العرض السياحي بمدينة طنجة    ترامب يستقبل رئيس الوزراء الكندي    انطلاقة أشغال المركز الفيدرالي لتكوين لاعبي كرة القدم بالقصر الكبير    منتخب المغرب لأقل من 20 سنة يدخل غمار كاس افريقيا للأمم غدا بمصر    بهدف قاتل.. منتخب السيدات للفوتسال يتوج بلقب الكان في أول نسخة    زخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تتصدر تعيينات الأطباء المتخصصين لسنة 2025 ب97 منصباً جديداً    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    خبير صيني يحذر: مساعي الولايات المتحدة لإعادة الصناعات التحويلية إلى أراضيها قد تُفضي إلى نتائج عكسية    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إدريس لشكر …لا ندين بالولاء إلا للمغرب    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    دراسة.. الأوروبيون مستعدون للتخلي عن المنتجات الأميركية    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رهانات وأهداف المدرسة الجماعاتية:بالجهة الشرقية إحداث 26 مدرسة جماعية في أفق 2012
نشر في الوجدية يوم 31 - 12 - 2010

بلغ معدل الهدر المدرسي بالجهة الشرقية 59ر1 في المائة بالنسبة للمستوى الابتدائي، و92ر6 في المائة بمستوى الإعدادي، فيما بلغ هذا المعدل 69ر9 بالتعليم التأهيلي.
وحسب معطيات للأكاديمية تتمحور المشاريع الجاري إنجازها بالجهة الشرقية بغية تعزيز العرض المدرسي، حول توسيع ست مؤسسات للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، و100 مدرسة للتعليم الابتدائي، و40 إعدادية و24 ثانوية، في حين تخضع 167 مؤسسة مدرسية لأشغال التأهيل.
وتهم المشاريع المبرمجة في إطار البرنامج الاستعجالي برسم السنة الحالية كذلك إحداث 14 مدرسة ابتدائية و8 إعداديات و3 ثانويات و3 داخليات.
وحققت تجربة المدارس الجماعية نتائج جد ايجابية، وذلك بهدف تشجيع التمدرس والتدبير العقلاني للموارد البشرية والمالية على مستوى الجهة الشرقية التي ستتعزز بإحداث 26 مدرسة من هذا النوع في أفق 2012.
فحسب الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، فإن الجهة تضم حاليا 6 مدارس جماعية بأقاليم جرادة (2) وفكيك (2) وتاوريرت (1) ووجدة (1)، في حين لازالت الأشغال جارية لبناء خمس مدارس أخرى في إطار البرنامج الاستعجالي.
وأضاف المصدر ذاته أنه سيتم الشروع في العمل بهذه المشاريع الجارية في سنة 2011، ويتجلى الهدف الذي حددته الأكاديمية في إحداث حوالي 26 مدرسة جماعية في أفق 2012، مشددا في هذا الصدد على ضرورة انخراط مختلف الفاعلين.
وتساهم هذه المؤسسات في تحقيق تدبير ايجابي ومرن للموارد البشرية والمالية وتوفير مناخ ملائم وظروف عمل محفزة ومشجعة أكثر.
كما تسعى الى التقليص أكثر من تأثير العوامل السوسيو -اقتصادية أو الديمغرافية التي تعيق الولوج إلى التعليم والتي تشكل أحد الأسباب الأولى لعدم التمدرس والهدر المدرسي في العالم القروي.
فقد أضحى موضوع المدرسة الجماعاتية يتبوأ حاليا مكانة هامة ضمن مواضيع الساعة التي تدور في فلك تطوير منظومة التربية والتعليم ببلادنا؛ ولعل مبعث ذلك كامن في سياق تسريع وثيرة الإصلاح وإضفاء العديد من المستجدات التي جاءت في خضم تنزيل البرنامج الاستعجالي الهادف إلى منح الإصلاح نفسا جديدا بغية تجاوز الكثير من الاختلالات التي تعيشها المدرسة المغربية والبارزة بجلاء للعيان من خلال ارتفاع نسبة الهدر المدرسي خصوصا بالعالم القروي وضعف الأداء والمردودية الداخلية وكذا نتائج المتعلمين وارتفاع الكلفة المادية للمتعلمين وللموارد البشرية وغيرها من الصعوبات التي يعرفها القطاع بالمجالين القروي والحضري ...
الجميع يعرف أنه في بلادنا كانت المدرسة في العالم القروي هي التي تتجه نحو الساكنة وأبنائها وبناتها من خلال إحداث مدارس مركزية تتوفر على فرعيات في مداشر ودواوير متعددة. أما الآن، فقد أضحت رؤية أخرى تترسخ وتفرض ذاتها والمتجلية في جعل الساكنة وبناتها وأبنائها المتمدرسين يتجهون نحو المدرسة. بمعنى أصبحت المدرسة الجماعاتية موضوعا يفرض ذاته بإلحاح لأسباب متعددة ومتداخلة. فهل هناك حنين إلى الماضي عندما كان التلاميذ يقطعون المسافات الطويلة بالبوادي والقرى للوصول إلى المدارس المركزية؟، أم هناك ياترى عوامل أخرى ناجمة عن مايعرفه قطاع التربية والتعليم من دينامية فرضتها مجموعة من المتغيرات وكذا التحولات التي يعرفها القطاع؟. لكن قبل كل هذا وذاك، لابد من الوقوف عند مفهوم المدرسة الجماعاتية وأهدافها ورهاناتها ليتم التعريج فيما بعد حول أسس إرسائها لأن تدبير تغيير التحول من المدرسة المركزية المتوفرة على فرعيات إلى مدرسة مجتمعة بخصوصيات معينة ليس أمرا يسيرا بل يحتاج توفير مجموعة من الظروف المواتية وكذا المعطيات خصوصا وأن موضوع المدرسة الجماعاتية أصبح من المواضيع ذات التناول الإعلامي الكبير ومن الحلول والبدائل التي يراهن عليها في مجال التربية والتكوين في ظل أجواء تنزيل مشاريع البرنامج الاستعجالي الذي ينشد توسيع العرض التربوي ويحاول كذلك تجاوز التعثرات والصعوبات التي يعيشها قطاع التعليم على وجه الخصوص بالمجال القروي.
تتعدد وجهات النظر حول المدرسة الجماعاتية نتيجة تداخل مجموعة من المعطيات من بينها ما نتوفر عليه حاليا من تجارب مختلفة (مركبات تربوية ومركبات تربوية مندمجة ومدارس عتيقة ببعض المناطق) وما كنا نتوفر عليه سابقا من مجموعات مدرسية وما يوجد من تجارب في دول أجنبية متعددة. وعموما فالمدرسة الجماعاتية يقصد بها مدرسة توجد بالعالم القروي وبمنطقة تتوفر على أهم الشروط الضرورية من ماء وكهرباء ومستلزمات حيوية وتتوفر هذه المدرسة على حجرات ومرافق إدارية وتربوية وعلى مطعم وملاعب رياضية وقاعات متخصصة وسكنيات للمدرسات والمدرسين وداخلية وقاعات للأنشطة وتوفر للتلميذات والتلاميذ القاطنين بمحيطها وسائل للنقل؛ وذلك بغية توفير الظروف الملائمة للدراسة.
وتتعدد التجارب الأجنبية المتعلقة بالمدارس الجماعاتية وتختلف الأهداف المحدثة من أجلها، ففي كندا على سبيل المثال يتمحور تعريف المدرسة الجماعاتية حول محورين أساسيين أولهما أن شركاء الساكنة يدعمون المدرسة الجماعاتية في أداء مهمتها وثانيهما أن هاته المدرسة تساعد في تطور الساكنة. ومن هنا يبرز أن التجربة الكندية تركز على التفاعل بين المدرسة ومحيطها وعلى الرفع من قدرات المتعلمين. وبمعنى فالمدرسة ينظر إليها أنها أداة من أدوات التنمية.
إن تناول مسالة الرهانات والأهداف المتوخاة من المدارس الجماعاتية يدفع الكثيرين إلى التساؤل حول غياب التفكير منذ مدة طويلة في تجميع الفرعيات المنتشرة بالقرى ضمن مدرسة مركزية واحدة إذ كان هناك نهج لسياسة القرب والاستجابة للطلبات الدائمة للساكنة بإحداث حجرات دراسية لفائدة ساكنة الدواوير... فهل أبان هذا النهج في وقتنا الراهن عن قصوره وعن ثغرات متعددة؟.
إن واقع الحال يظهر أن المدرسة المغربية في المجالين الحضري والقروي تعرف مجموعة من الصعوبات المتراكبة والمختلفة مما أسفر عن العديد من المشكلات تظهر نتائجها على المتعلمين وعلى صورة المنظومة؛ تضاف إليها التحديات التي تطرح على مستوى الوزارة المشرفة على القطاع التي عليها توفير موارد بشرية كثيرة وإنجاز بنايات مدرسية تكلف الكثير؛ وقد لا تستغل في بعض الأحيان إذ نجد أنها قد تشتغل نصف يوم فقط وقد تبقى مغلقة في بعض الحالات دون استغلال لأنه يتم تجميع التلاميذ في أقسام مشتركة لقلة عددهم. كما أن العديد من الحجرات مشتتة في القرى بدون مرافق صحية وبدون مساكن للمدرسين و المدرسات مما يعمق الأزمة لدى هؤلاء ويطرح مسألة استقرارهم فنجد أن طلبات المشاركة في الحركة الانتقالية لدى مدرسات ومدرسي الابتدائي بالعالم القروي تمثل الصدارة؛ ذلك أن كل واحد منهم حينما يعين في منطقة ما فإن أول ما يفكر فيه هو الانتقال وتدبير السكن وجوانب أخرى. مما يؤثر على أدائه ومردودية عمله. كما أصبحنا نلاحظ مجموعة من الظواهر السلبية التي يعرفها واقعنا التعليمي من تغيبات وارتفاع نسبة الإدلاء بالشواهد الطبية وأحيانا مشكلات بين الساكنة والمدرسين.
وضمن السياق نفسه، نجد بالقرى فرعيات متناثرة هنا وهناك تشتغل بها أعداد هامة من الموارد البشرية وتدرس بها مستويات مشتركة؛ إذ قد نجد مثلا مدرسا بفرعية يدرس ثلاث أوأربع أوخمس مستويات بحيث يتكون كل مستوى من تلميذين أو ثلاثة وربما واحد، ونجد مدرسا آخر يدرس في فرعية أخرى تابعة لنفس المركزية أعدادا قليلة من التلاميذ ضمن مستويات مشتركة. فكيف سيلقن هذا المدرس أوهذه المدرسة المضامين؟؛ فربما سيهتم بمستوى على حساب المستويات الأخرى؟ ثم أية طرق بيداغوجية سيطبق؟. فبكل تأكيد ستحصل تأثيرات سلبية على بعض التلاميذ بالإضافة إلى غياب الدينامية بهذه الفرعيات والمتجلية من خلال غياب التجهيزات وكذا غياب الأنشطة الجماعية التي من شأنها تنمية قدرات التلاميذ خصوصا وأنهم في سن يستلزم أنشطة ترفيهية وفنية وثقافية ورياضية تعد ضرورة ملحة لنموهم وتطورهم وتعلمهم. وبالموازاة مع ذلك نجد المدرسات والمدرسين في الكثير من الفرعيات يعانون لوحدهم سواء من غياب السكن أومن غياب مرافق ومستلزمات حيوية، وحتى إن كان السكن متوفرا فنجدهم يعانون العزلة مما يسبب لهم الكثير من المعاناة؛ الأمر الذي ينعكس على آدائهم ومردوديتهم ويدفع إلى بروز ظواهر سلبية من بينها الغياب والتأثيرات النفسية السلبية والمتجلية من خلال عدم الرضا عن الاشتغال بالعالم القروي لدى شريحة عريضة من المدرسات والمدرسين. ومن هنا تتأثر بجلاء مسألة جودة التدريس بالعالم القروي في ظل الأوضاع والبنيات القائمة. بمعنى أن الواقع الذي يعيشه قطاع التعليم بالعالم القروي يبرز مسألة ضعف الجودة في كثير من الحالات والناجمة عن مجموعة من العوامل المتداخلة في ظل غياب مؤسسات تعليمية متكاملة التركيب. وهنا قد يقول قائل إن التعليم بالعالم الحضري يعاني نفسه من مشكلات متعددة. هذا الأمر صحيح في حد ذاته، ولكن ليس بالحدة نفسها التي يشهدها العالم القروي؛ فيكفي مثلا أن ننظر للقدرات القرائية والتعبيرية لدى المتمدرسات والمتمدرسين بالعالم القروي ولنقارنها بنظرائهم بالعالم الحضري فسنجد أن البون شاسع جدا. وهذا ما يعد في حد ذاته مدعاة لإعادة النظر في هيكلة مؤسساتنا التعليمية بالعالم القروي؛ والتفكير في حلول بديلة لعل من أبرزها في الوقت الراهن إرساء المدارس الجماعاتية والذي يستلزم هو الآخر توفير مجموعة من الشروط والمعطيات دون تسرع وتهور لتجاوز كل المعيقات التي يمكن أن تقف حجر عثرة في طريقه.
وعموما يهدف إرساء المدارس الجماعاتية بلوغ الأهداف التالية:
- إرساء تعليم متصف بالجودة وتطوير مردوديته الداخلية؛
- تنظيم عمليات الدعم الاجتماعي التي تقوم بها الوزارة الوصية على القطاع والتي يقوم بها أيضا متدخلون آخرون في بعض المناطق؛
- ضمان عمليات التأطير والتتبع والمراقبة التربوية؛
- عقلنة تدبير الموارد البشرية وتثمينها؛
- ضمان قرب المدرسة من السكان وانفتاحها على المحيط بشكل جيد ومساهمتها في التنمية المحلية.
وكما ذكر آنفا؛ تبحث الساكنة دائما عن تقريب المدرسة منها وهذا ما أدى إلى تناسل الفرعيات بالعالم القروي. وإن مسألة دفع أبنائها للتوجه إلى مدرسة قد تكون بعيدة شيئا ما عن مقر السكنى ليس بالأمر الهين؛لأن ذلك يعد تغييرا جذريا في النظرة حول المدرسة.ومن هنا يبرز التحدي الأول الذي يلزم أن يؤخذ في الحسبان لإرساء المدارس الجماعاتية وهو إقناع الساكنة والتفاوض معها عن طريق إبراز أهمية هاته المدرسة وقيمتها المضافة باعتبارها مشروعا يتماشى وأهداف مدرسة الجودة التي تعد فضاء جذابا مساعدا على تنمية قدرات المتعلمين وعلى تجاوز العديد من الظواهر السلبية التي أضحت تنخر جسد المدرسة وصورتها والمتجلية أساسا في ضعف مستوى التلاميذ. ومن بين الصعوبات التي قد تواجه مع الساكنة اختيار مكان إحداث مشروع المدرسة الجماعاتية إذ قد يحصل نوع من التدافع بين سكان منطقة وأخرى أو دوار وآخر، ولابد هنا من استحضار بعض العوامل المتعلقة بالنزاعات السابقة والعوامل القبلية والقوى والتوازنات والمنتخبين والأعيان؛ ذلك أن هذه الجوانب حاضرة ودون مبالغة في كثير من المناطق بالعالم القروي لأن مواجهتها من شأنها الإسهام في إنجاح المشروع. زيادة على ذلك، قد يرفض بعض السكان تنقل بعض أبنائهم المتمدرسين بالمستويين الأول والثاني ابتدائي للتمدرس بمقر المدرسة الجماعاتية الذي قد يكون بعيدا وذلك لضعف قدراتهم الجسمية ومايتطلبه التنقل من مجهود. وفي هذا السياق، لابد من استحضار أمر أساسي وهو إمكانية تخصيص بعض الفرعيات لتدريس المستويين الأوليين بالابتدائي كما يمكن استثمارها في إطار شراكات وفي محو الأمية من لدن جمعيات المجتمع المدني لفائدة الساكنة، وفي التربية غير النظامية وأيضا في تأهيل المرأة، وكذلك في تطوير التعليم الأولي بالعالم القروي لنضمن التحاق تلاميذ يمتلكون قدرات معرفية هامة مما سيسهم في تطوير أدائهم حين التحاقهم بالتعليم الابتدائي.
كما أن إرساء المدارس الجماعاتية يستلزم الأخذ بعين الاعتبار رأي الجماعات المحلية والمنتخبين والأعيان والشخصيات المؤثرة لضمان تعاونهم والتفافهم بغية إنجاح المشروع باعتبار أن الرهانات الانتخابية والسوسيولوجية تكون ضمنيا مستحضرة وحاضرة رغم أن المدرسة قد تبدو بعيدة عن مجال الانتخابات وهي مفتوحة في وجه الجميع غير أن تطور أدائها في حاجة للتعاون وجهود من قبل الفاعلين والشركاء والمجتمع المدني.
وكما ذكر آنفا، فإن إرساء المدارس الجماعاتية في حاجة إلى وجود تجهيزات وبنيات تضفي عليها تميزا خاصا مقارنة مع وضعيات المركزيات والفرعيات إذ التوفر على ملاعب رياضية وفضاءات للترفيه وعلى قاعات متعددة الوسائط ومطعم ومراقد وأندية ومساكن للمدرسين كلها عوامل ستجعل منها مؤسسات مميزة ومستقطبة تغري المتعلمين والأمهات والآباء وتخلق قوة جذب نحوها وتسهم في توفير جو بيداغوجي إذ من شأن الفضاء والتجهيزات المساعدة على تقديم مجموعة من الأنشطة التربوية والفنية وتوفير تنافسية إيجابية بين التلاميذ واجتناب الاكتظاظ والأقسام المشتركة وأيضا توفير فضاءات مناسبة لعمل المدرسات والمدرسين دون الإحساس بالعزلة خصوصا إذا تم اختيار مكان المدرسة الجماعاتية ضمن منطقة تعرف تجمعا سكانيا كبيرا ومكونة من مرافق تجارية وصحية وإدارية وغيرها، الأمر الذي سيضمن استقرار الموارد البشرية ويشكل حافزا يدفعها للعمل ببذل جهود أكبر مما سينعكس إيجابيا على مردودية التلميذات والتلاميذ بحيث سيتم اجتناب الأقسام المشتركة كما سيتم ربح موارد بشرية ومالية هامة عوض تشتيت المدرسات والمدرسين على الفرعيات. وهذا سيؤدي في واقع الأمر إلى ربح مناصب مالية هامة بالنسبة للوزارة الوصية على القطاع.
ومن أبرز أسس نجاح إرساء المدرسة الجماعاتية توفير جوانب الدعم الاجتماعي التي تعد بكل تأكيد أداة لتجاوز العديد من المعيقات السوسيواقتصادية، وتتمثل هذه الجوانب في توفير النقل المدرسي لفائدة التلاميذ القاطنين بمسافات غير بعيدة جدا عن مقر المدرسة، وفي وجبة الإطعام (وجبة غذاء متكاملة) وأيضا في داخلية تتوفر على مراقد للتلاميذ البعيدة جدا محلات سكناهم عن مقر المدرسة والذين يصعب نقلهم يوميا إلى منازلهم خصوصا بالمناطق الجبلية والوعرة،... وضمن هذا الإطار، يمكن استثمار المدارس الجماعاتية لتشكل بها مؤقتا أنوية للثانويات الإعدادية يدرس بها على الأقل مستوى السنة الأولى إعدادي... وعلى ذكر الدعم الاجتماعي، فيمكن في هذا الخضم استثمار الشراكات والعلاقات مع الجماعات المحلية ومع فاعلي المنطقة إذ يمكن على سبيل المثال أن تتكلف الجماعات المحلية بتعاون مع نيابة التعليم أوالأكاديمية بتوفير وسائل النقل أو السائق أوالمحروقات...
وإن من أبرز عناصر نجاح إرساء الجماعاتية توفير موارد بشرية إدارية كفؤة قادرة على تدبير جوانب اشتغال هاته المدارس وأيضا تدبير مشاريعها ومجلس تدبيرها وجمعيات مدرسة النجاح الخاصة بها وكذا علاقاتها مع محيطها في جو من الإيجابية يساعد على الدفع بعملها نحو الأمام وتجاوز كافة المعيقات بشكل يؤثر إيجابيا على مردودية المتعلمات والمتعلمين. بمعنى أن اختيار مديرة أو مدير المدرسة الجماعاتية يعد من بين العناصر والأسس الحاسمة في نجاحها مادام أن الهدف من إرسائها هو تجاوز العديد من المعيقات وجذب الكثير من النجاحات إذ يعد تملك أدوات القيادة وسيلة كفيلة بتجاوز مجموعة من الصعوبات وتحسين أداء المؤسسة وانفتاحها إيجابيا على محيطها فتستفيد منه ويستفيد منها.
وخلاصة القول، يعد رهان المدرسة الجماعاتية من الرهانات الهامة وفرصة سانحة لإخراج المؤسسات التعليمية بالمناطق النائية من التهميش، ولعل مبعث ذلك العديد من الصعوبات التي تعرفها المنظومة التربوية بالعالم القروي. والحال أن إرساءها يستلزم الأخذ بعين الاعتبار العديد من الجوانب والمعطيات وتوفير المستلزمات المادية والمعنوية دون تسرع وبروية حتى لانعمق من المشكلات ونحصل على نتائج عكسية إذ لكل منطقة من المناطق معطياتها وجوانبها الخاصة بها وإكراهاتها والمختلفة تماما من منطقة لأخرى . كما أن إحداث المدارس الجماعاتية بالابتدائي يدفعنا إلى أخذ الاحتياط أيضا في مسألة الإكثار راهنا من إحداث الثانويات الإعدادية بالعالم القروي؛ لأن من شأن ذلك أن يدفعنا مستقبلا إلى التفكير في إحداث “ثانويات إعدادية جماعاتية” نظرا لما يمكن أن يحدث من استنزاف وتشتت للموارد البشرية وبروز مشكلات تتعلق بقلة أعداد التلاميذ بالإعداديات وبالجودة وحركية الموارد البشرية وغيرها،...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.