استنادا إلى المعطيات الدقيقة الصادرة عن مؤسسة "بلومبرغ" الأمريكية، فإن أسعار البن الأخضر قد ارتفعت بشكل تجاوز الضعف أي أكثرمن 100 % في مختلف الأسواق العالمية منذ بداية سنة 2021 إلى يومنا هذا، وذلك بسبب العديد من العوامل نذكر منها على الخصوص: العامل الأول: يتمثل في التغيرات المناخية المتقلبة التي بات يشهدها العالم في السنوات الأخيرة والمتمثلة في الجفاف والأعاصير وارتفاع درجة الحرارة وكلها عوامل تخلق ظروفا غير مثالية لنمو البن. وفي هذا الصدد كشفت ذات التقارير أن دولة كالبرازيل وحدها تنتج 35 في المائة من احتياجات العلم من القهوة وأن كل تغير مناخي في هذا البلد الكبير يؤدي إلى نقص حاد في المخزون الإستراتيجي العالمي من هذه المادة في العالم وهذا ما يدفع بالأسعار نحو الصعود. العامل الثاني: وحسب نفس الدراسات الاستقصائية والتي مصدرها من آسيا حيث شهدت حقول إنتاج بذور القهوة بدولة الفيتنام والتي تعتبر أكبر مزود للعالم بنوع قهوة "روبستا "تعثرات كبيرة بسبب سوء الأحوال المناخية، الأمر الذي أدى إلى حدوث ارتباك كبير في تزويد الأسواق العالمية بمادة القهوة. العامل الثالث: ظهر مع سياسة الصين المتعلقة بمحاربة فيروس كورونا حيث أن توالي عمليات الإغلاق المستمر للموانئ، والمنصات اللوجستيكية، أدى إلى حدوث اضطرابات كبيرة في عملية ضمان توزيع وتصدير هذه المادة عبر سلسلة شبكات عالمية إضافة إلى ارتفاع ثمن المحروقات وبصفة خاصة وقود البواخر العملاقة المتخصصة في نقل الحاويات. وشدد التقرير المذكور أن للحرب الروسية الأوكرانية والفوضى التي نجمت عنها دور إضافي في ارتفاع ثمن القهوة عالميا نتيجة ارتفاع قيمة بوليصيات تأمين الشحن البحري إضافة إلى ارتفاع أثمنة الغاز والكهرباء وغيرها من مصادر الطاقة التي تستعمل في عمليات تحميص القهوة كل ذلك أدى إلى ارتفاع أثمان القهوة بشكل مفرط في الأسواق العالمية. هذه العوامل كلها أدت إلى ارتفاع حاد في ثمن شراء القهوة بالدولار الأمريكي بداية من منتصف سنة 2021 والتي لا زالت مستمرة حتى اليوم. تجدر الإشارة إلى ان أسعار قهوة نوع روبوسطا المتداولة بالدولار في بورصة لندن قد ارتفعت بنسبة أكثر من 60 % تقريبا بين بداية سنة 2021 وسبتمبر 2022. أما بالنسبة لنوع الأرابيكا ، فقد تجاوزت أسعارها بالدولار الأمريكي في بورصة نيويورك بنسبة أكثر من 90 % في الفترة نفسها. وبالنسبة للمغرب، فقد فاقمت هذه الزيادات في تكلفة استيراد البن الأخضر خلال الفترة نفسها بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدرهم المغربي منذ نهاية سنة 2021، والذي ارتفع من 9 دراهم للدولار الواحد في أكتوبر 2021 إلى أكثر من 11 درهم للدولارفي سبتمبر 2022، أي بنسبة زيادة حادة تقارب 22 %. وبالتالي، وأخذا في الاعتبار ارتفاع سعر صرف الدولار، فإن تكلفة شراء البن بالدرهم المغربي قد ارتفعت بأكثر من 95 % بالنسبة لنوع الروبوستا ، أما بالنسبة لنوع الأرابيكا ، فقد فاقت تكلفة شرائها نسبة ال 120 % . ختاما وللتلخيص، فقد ارتفعت تكلفة شراء البن بالدرهم بشكل حاد، وبنسب مضاعفة في سبتمبر 2022 مقارنة بسنة 2021. والمشكلة تكمن في استمرار هذا التوتر في تكاليف الشراء حتى اليوم بحيث لا يظهر أي مؤشر حقيقي للتراجع في ظل استمرار جميع العوامل المذكورة أعلاه المسببة لهذا الارتفاع (الجفاف، الحرب في أوكرانيا، ارتفاع أسعار الوقود، ارتفاع تكاليف النقل، إلخ).