قيادات "الأحرار" تلتئم بالداخلة.. تنويه بمنجزات الصحراء وحصيلة الحوار الاجتماعي    الأميرة للا أسماء تترأس بواشنطن حفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وجامعة غالوديت    جهة الداخلة-وادي الذهب.. الوزير البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    تعاف قوي لصادرات المندرين المغربي بعد سنوات الجفاف.. وروسيا في صدارة المستوردين    إسرائيل تهاجم بنيات عسكرية سورية    ولادة طفلة "بلا دماغ" بقطاع غزة ومطالب بالتحقيق في الأسلحة المحرمة التي تستعملها إسرائيل (فيديو)    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    إجهاض محاولة للتهريب الدولي للمخدرات وحجز طنين من الشيرا بمعبر الكركارات    حادثة سير بين بوعرك وأركمان ترسل سائق "تريبورتور" ومرافقه للمستعجلات    حين تصبح الحياة لغزاً والموت خلاصاً… "ياقوت" تكشف أسراراً دفينة فيلم جديد للمخرج المصطفى بنوقاص    رئيس برلمان دول الأنديز : أحب المغرب .. رسالة مؤثرة من قلب مراكش إلى العالم    الدار البيضاء تطلق قطبا تكنولوجيا جديدا بسيدي عثمان    أشغال تجهيز وتهيئة محطة تحلية مياه البحر بالداخلة تبلغ نسبة 60 بالمائة    شركة FRS DFDS تعلن عن موعد توقف استغلالها لخط "طريفة – طنجة المدينة"    بعد مقال "شمالي".. مجلس جماعة طنجة يؤجل التصويت على منح 45 مليون سنتيم لجمعية مقرّبة من نائبة العمدة وهذه أبرز النقاط المصادق عليها    جماهير الوداد الرياضي والجيش الملكي مع موعد تاريخي    هل يتجه حزب العدالة والتنمية إلى الحظر بعد أن تحول إلى جماعة إسلامية حمساوية    سوريا.. السلطات تعتبر القصف الإسرائيلي لمنطقة قريبة من القصر الرئاسي بدمشق "تصعيدا خطيرا"    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    رغم القطيعة الدبلوماسية.. وفد برلماني مغربي يحل بالجزائر    مخاريق: لا يأتي من بنكيران سوى الشر.. وسينال "العقاب" في الانتخابات    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    لبنان يحذر حماس من استخدام أراضيه للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    اللاعب المغربي إلياس أخوماش يشارك في جنازة جدته بتطوان    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    «غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها»    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    للمرة الخامسة.. مهمة سير فضائية نسائية بالكامل خارج المحطة الدولية    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشروع الاستعجالي لاصلاح منظومة التعليم العالي الإكراهات و التحديات

سبق لالفن توفلر (A.Toffler)، منذ 1970، في كتابه «صدمة المستقبل» أن أكد على أهمية التعليم قائلا: «لمساعدة الإنسان على تفادي صدمة المستقبل يجب أن نخلق نظام تعليم يناسب عصر ما فوق التصنيع وحتى نفعل، ينبغي أن نجد غاياتنا ووسائلنا في المستقبل لا أن نبحث عنها في الماضي»، وهذا يتطلب، حسب نفس الباحث، «ثورة تعليمية جديدة»، لأنه إذا لم تملك القدرة على التحكم في التطور التكنولوجي المتسارع، وهذا يظهر اليوم نادر الوقوع، فإن إنسان المستقبل عليه أن يتلاءم مع إيقاع مضطرب أكثر مما نعيشه اليوم. وفيما يخص التعليم الدرس واضح: يتعين أن يتركز حول هدف أول هو تقوية قدرات التكيف لدى الفرد حتى يمكنه أن يتكيف مع التجديد الدائم بشكل سريع وسهل، وكلما تسارع إيقاع التطور، وجب بدل الجهد لتوقع دورة الأحداث القادمة?.
هكذا، تحدت الفن توفلر في بداية السبعينيات، ولا زالت آراءه تفرض ذاتها وتبرهن عن آنيتها، خاصة في ظل التحولات الراهنة التي تتميز بأن « التعليم في خطر»- كما جاء في تقرير اليونسكو لسنة2010 تحث شعار: السبيل إلى إنصاف المحرومين وبأن « التعليم العالي للبيع» ? كما جاء في نشرة التربية اليوم الصادرة عن اليونسكو، عدد 3 أكتوبر دجنبر 2002 ، ص 4-7).
شعاران يعكسان ما تعيشه الانسانية من استشعار بخطورة حالة التعليم ، و يزداد الوقع حدة في دولة مثل المغرب، و هي حالة لا يتردد البعض حسب تقرير المؤتمر العالمي للتعليم العالي تحث شعار: التعليم العالي في القرن 21 : الرؤية و العمل( اليونسكو ، باريس 5-9 اكتوبر 1998)- في الحديث عن «أزمة»، بالمعنى الاشتقاقي للكلمة ( لفظة أزمة تعني في أصلها اليوناني ، «القرار الحاسم»)، و ذلك بمدلول مزدوج: فبحكم التغيرات الهيكلية و ما تنظوي عليه من رؤى تعيش فترة « حاسمة»، أي فترة تفضي إلى تحولات عميقة لا رجوع فيها ؛ و يعني هذا أننا نعيش بالتالي فترة تصبح فيها « القرارات» ضرورية لازمة».
هنا يطرح السؤال : هل «المشروع الاستعجالي» لإصلاح التعليم، كقرار حكومي، قادر على تقديم حلول ل»أزمة» التعليم ، عامة، و التعليم العالي، خاصة، أمام تقل الاكراهات و التحديات؟
سنحاول الاجابة عن هذه الاشكالية و فقا للخطاطة الاتية:
أولا: المشروع الاستعجالي و اكراهات التنفيد
ثانيا: إصلاح التعليم العالي : التحديات
أولا: المشروع الاستعجالي
واكراهات التنفيذ
حدد مشروع المخطط الوطني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 2000 2004، باستفاضة، مجموع الصعوبات والمشاكل التي يعاني منها قطاع التعليم العالي، ومن جهتها حددت لجنة تنشيط وتنسيق وتتبع الإصلاح جملة من الإكراهات:
إكراهات ذات طابع اقتصادي واجتماعي؛
إكراهات ذات طابع مؤسساتي؛
إكراهات ذات طابع بيداغوجي.
مجموع هذه الإكراهات والصعوبات والمشاكل كانت مبررات للإصلاح الذي بدأ بالميثاق الوطني للتربية والتكوين (أكتوبر 1999)، ثم القانون المتعلق بتنظيم التعليم العالي (ماي 2000)، ولتبدأ في 28 فبراير 2001 الانطلاقة الرسمية لتفعيل الإصلاح .
في يونيو 2008 قدمت وزارة التربية الوطنية مشروع البرنامج الاستعجالي2009-2010 تحث شعار: «من أجل نفس جديد لإصلاح منظومة التربية و التكوين». وقد تزامن هذا مع إصدار المجلس الأعلى للتعليم، في نفس السنة، للتقرير الوطني الأول حول حالة المدرسة المغربية وآفاقها،والذي يعد وثيقة مرجعية.
و قد تضمن المشروع أربعة مجالات و 23 مشروعا و 29 هدفا و 89 تدبيرا، منطلقا من المبدأ الجوهري : جعل المتعلم في قلب منظومة التربية والتكوين، وجعل الدعامات الأخرى في خدمته. و فيما يخص التعليم العالي فقد أكد على : تحسين العرض التربوي في التعليم العالي ( المشروع 13) و تشجيع البحث العلمي ( المشروع 14)...
و إذا كان الجميع يتفق مع الأهداف السامية التي يتغبى المشروع بلوغها إلا أن طريقة تصريفه والايديولوجية الناظمة لبعض المشاريع تثير عدة انتقادات عبر عنها عدة فاعلين نقابيين و مجتمع مدني، و هي في نظرنا تشكل جوانب قصورتقتضي نقاشا و طنيا يساهم فيه الجميع ، و خاصة تلك المتعلقة ب:
- المقاربة: إن وضع المشروع من قبل الحكومة اعتمد مقاربة فوقية و دون مشاركة من طرف الفاعلين في العملية التربوية مما مس بمبدأ الديمقراطية التشاركية القائم على المقاربة التشاركية التي تستدعي مساهمة الفاعلين ( أساتذة، إداريون، طلبة...) في صناعة القرار، أخذا بالاعتبار ما ذهب إليه المهاتما غاندي:» ما تقومون به من أجلي و لمصلحتي من دوني فهو ضدي».
و من بين تجليات غياب المقاربة التشاركية:
- عدم إشراك النقابات ( النقابة الوطنية للتعليم العالي أنموذجا).
- عدم تعميم النص الأصلي ( 1000 صفحة) و الاقتصار على تقرير تركيبي ( 85 صفحة).
- الولوج: ففي المجال رقم 2 يؤكد المشروع على :» خلق روح المبادرة و التميز في المؤسسة الثانوية التأهيلية و الجامعة»، من خلال تشجيع التفوق عبر إنشاء» تانويات تأهيلية مرجعية «و «ثانويات التفوق التاهيلية» و الاقسام التحضيرية للمدارس العليا ، أما على مستوى الجامعة فستتم إعادة تحديد توجهات المسالك ذات الولوج المفتوح و الاتجاه نحو المهننة حيث ستتم عملية التقليص من قبول الاعداد الطلابية في المسالك ذات الولوج المفتوح بتبني مقاربة تحفيزية و بتوجيه حملة البكالوريا بصورة عملية نحو المسالك الاخرى.
هذه التدابير من شانها تشجيع الطابع النخبوي للمنظومة التربوية ( كما ذهبت إلى ذلك الفدرالية الوطنية لجمعيات اباء و أمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب)، مما من شانه ? حسب ريكاردو بتريلا (R. PETRELLA – استعمال النظام التربوي كوسيلة لشرعنة الأشكال الجديدة للتقسيم الاجتماعي، وهذا سيجعل من المعرفة المادة الأساسية لبناء حائط جديد: «حائط المعرفة»، بين الموارد الإنسانية للنبلاء، والموارد البشرية للشعب، أو ما يسميه ب»البروليتاريا الجديدة للرأسمال البشري».
- التمويل:
يعد البحث عن الموارد المالية هاجسا بالنسبة لصانع القرار ، لذلك احتل هذا الموضوع حيزا مهما في المشروع و كذلك في مواقف الفاعلين ، و قد أكد المشروع فيما يتعلق بالتمويل على العناصر الاتية:
1. الرفع من موارد تمويل البحث العلمي، وتنويعها واستدامتها ( المشروع 14) عبر العديد من التدابير ، منها على الخصوص السعي إلى إقرار تسهيلات ضريبية لحفز المقاولات على الاستثمار في مجال البحث، والقيام باقتطاعات ضريبية حسب القطاعات النشيطة، بهدف تزويد صندوق الدعم المخصص للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، على غرار الضريبة المفروضة في قطاع الاتصالات اللاسلكية.
فضلا عن ذلك، سيتم تشجيع الجامعات على تنويع موارد تمويلها من خلال إنشاء شركات، والمساهمة في المقاولات الحرة. وستبذل جهود خاصة للنهوض بالتعاون الدولي في مجال البحث العلمي باعتباره محفزا للتمويل والمنافسة.
2- تنمية العرض التربوي للتعليم الخصوصي( المشروع 22) عبر:
* إشراك المبادرة الخصوصية في تدبير المؤسسات المدرسية القائمة بغية المساهمة في تخفيف نفقات الوزارة في مجال التسيير.
* تطوير تعليم ذي جودة وخلق تنافس مع التعليم العمومي.
ولتحقيق هذه الأهداف سيتم تفعيل خطة مجددة ترتكز على ثلاثة محاور هي:
* إقرار تدابير تحفيزية تمكن من تسهيل استثمار الخواص في قطاع التعليم (آليات لاقتناء الأراضي بشروط تفضيلية، و لتمويل كلفة الاستثمار، تحمل جزء من تكاليف البناء...).
* تفويض تدبير مؤسسات عمومية قائمة: تفويت البنايات والتجهيزات وإلحاق الأطر التربوية بالتعليم الخاص وتقديم إعانات محتملة لتسيير مؤسساته حسب التعريفة المتبناة في كل مؤسسة مثلا.
* تطوير نموذج جديد ومتكامل للعرض التربوي الخاص ينتظم حول متدخلين خواص من حجم كبير باستطاعتهم تغطية مجموع التراب الوطني ويشتغلون في مجموعات مدرسية معترف بقيمتها.
إن من نتائج هذه التدابيرهيمنة المنطق المحاسباتي، الذي يغلب التوازن المالي، و تحلل الدولة من ألتزاماتها مستقبلا علما أن أهم دور للدولة فيما يتعلق بالتعليم يرتبط بالتمويل، ويقاس نجاح التعليم بحجم الإنفاق العام عليه. ولهذا تم التأكيد على أن زيادة الإنفاق العام على التعليم تعتبر ضرورة قصوى لجميع البلدان وبخاصة البلدان النامية، لأن الأمر يتعلق باستثمار جوهري للمستقبل. ولهذا لا ينبغي أن تقل حصة التعليم من الناتج الوطني الإجمالي عن نسبة 6 في المائة في البلدان التي لم تحقق بعد هذا الهدف، وذلك عبر تحويل جزء من الاعتمادات المخصصة للأغراض العسكرية( اللجنة الدولية المعنية بالتربية للقرن 21، في تقرير قدمته إلى اليونسكو تحت عنوان: «التعلم ذلك الكنز المكنون?
ص. 144) .
كما انه يجب» النظر إلى تمويل التعليم العالي كشكل من أشكال الاستثمار العام الذي يحقق معظم إيراداته بالضرورة على المدى البعيد، تبعا للاولويات الحكومية و العامة « (توصية بشأن أوضاع هيئات التدريس في التعليم العالي ? اليونسكو 1997).
- ترشيد الموارد البشرية : خصص المشروع لهدا الموضوع المشروع رقم 17 كما تناوله في المشروع رقم 22 عبر التأكيد على أهمية ما يسميه بترشيد الموارد البشرية باعتماد عدت تدابير:
* التوظيف الأمثل للمدرسين باستكمال الغلاف الزمني الأسبوعي بمجموعة من الإجراءات : توظيف المدرس المزدوج أو المتعدد الاختصاص، جهوية التوظيف، ترشيد التوزيع الزمني للبرامج.
* الاقتطاع من أجور المدرسين المتغيبين لإعادة تحويلها إلى الأكاديميات والنيابات والمؤسسات المعنية.
* توظيف مدرسين متعاقدين.
* التشجيع على الساعات الإضافية للحد من الحاجة إلى إحداث وظائف جديدة.
تثير هذه التدابير، إضافة إلى تلك المنصوص عليها في المشروع رقم 17 ، عدة ملاحظات :
-اللجوء إلى النظام التعاقدي في الوقت التي يعتبر فيها التدريس في التعليم العالي مهنة : فهو نوع من الخدمة العامة...( توصية اليونسكو بشأن أوضاع المشتغلين بالبحث العلمي1997)
- الاقتطاع من أجور المتغيبين من شانه الحد من الحق الدستوري في الاضراب.
- الحد من إحداث و ظائف جديدة و ما قد يسفر عنه من نتائج في ظل محدودية مساهمة القطاع الخاص.
من خلا ل ماسبق نتأذى إلى أن المشروع الاستعجالي للوصول إلى غاياته السامية لابد من أن ياخذ صانع القرارمواقف جميع الفاعلين ما دامت تلتقي على نفس الاهداف و الغايات ، و يتطلب كذلك ،حتى يكون إصلاح حققيقا، أن يواجه عدة تحديات ، فما هي؟
ثانيا – إصلاح التعليم العالي:
التحديات
سبق للمؤتمر الدولي للتعليم العالي أن وقف عند عدة تحديات تواجه التعليم العالي على المستوى العالمي مجملا إياها في:
- الملاءمة: بما تعنيه من تلاقي: مع السياسات، و مع عالم العمل، و مع المستويات الاخرى للنظام التعليمي بحيث تنشأ سلسلة تربوية حقيقية، و مع الجميع بهدف إتاحة التعليم مدى الحياة، و مع الطلاب و الأساتذة بحيث ينظر إليهم على أنهم أشخاص في حالة صيرورة و موارد يتعين إدارتها و فقا لمبدأي الإنصاف و الجدارة...
- الجودة: و تتوقف الجودة على ما يلي:
- جودة مستوى العاملين ، التي تفترض مكانة اجتماعية و مالية لا ئقة توفر لهم...
- جودة مستوى البرامج ...
- جودة مستوى الطلاب الذين يشكلون المادة الأولية للتعليم العالي...
- جودة البنى الأساسية و البيئة الداخلية و الخارجية...
- جودة مستوى إدارة المؤسسة ... لأن مؤسسة التعليم العالي لا يمكن أن تكون جزيرة منغلقة على ذاتها ...
- تعتمد جودة التعليم العالي على إشاعة ثقافة التقييم...
التمويل: التاكيد خاصة على التزامات الدولة من أجل ضمان الحق في التعليم وإتاحة فرص الالتحاق بالتعليم العالي أمام أكبر عدد ممكن في كل مكان و زمان تبعا لمبدأ الجدارة...
- التعاون على المستوى الدولي ... من اجل تكوين سلسلة تربوية حقيقية...
- الاستقلال الذاتي و المسؤولية و ضرورة الخضوع للمساءلة .
و في نظرنا فإن إصلاح التعليم العالي لا يمكن حصره فقط في الهاجس المالي و سعي الدولة إلى التحلل من التزاماتها و إنما يتعين «إجراء اختيارات قد تكون صعبة، خصوصا فيما يتعلق بالإنصاف والجودة في النظم التعليمية، وهذه الخيارات خيارات مجتمعية، تؤكد «اللجنة الدائمة المكلفة بالتعليم للقرن 21»، وفي ضوء هذه الخيارات يتضح دور السلطة السياسية، أو ما تسميه اللجنة ب»العامل السياسي».
ولهذا فإن الاصلاح يتطلب التدابير التالية:
1- التأكيد على مسؤولية الدولة عن توفير التعليم للجميع و فقا للمادة 26 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ( 1948) ، و مسؤوليتها عن توفير التعليم العالي و فقا للفقرة( ج) من المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ( 1966).
2- توجيه الاهتمام من طرف الجامعات إلى تدريب الطلبة على البحث العلمي وعلى الابتكار والتجديد، والأخذ في الاعتبار في نفس الوقت أن البحث العلمي ليس مسؤولية الجامعات وحدها، وإنما هناك ضرورة قصوى لوجود ما يسميه أنطوان زحلان: «النسق العلمي والتقاني» أو «منظومة العلم والتقانة» أي شبكة المتدخلين في البحث العلمي، وتتمثل عناصر هذا النسق أو المنظومة في:
المنظمات التربوية (جميع المدارس أكاديمية ومهنية وتقنية)، الجامعات، الكليات، والتدريب وإكمال برامج التربية.
البحث والتنمية أو البحث والتطوير، باعتباره الضمان الوحيد بأن الجامعة تدرب طلابها لعالم اليوم.
الخدمات المالية، والمؤسسات المالية التي تمول وتدعم البحث العلمي.
المنظمات الاستشارية والهندسية المتخصصة وشركات المقاولات.
الخدمات الإحصائية المعلوماتية.
المؤسسات المتخصصة لوضع المعايير والاختيار والبحث في المعايير وتطبيقها.
النظام القانوني وفرض المقاييس والمعايير.
الجمعيات المهنية والاتحادات والجمعيات العلمية.
إن أهم مجالات نجاح الإصلاح، في نظرنا، هو خلق مثل هذا «النسق العلمي والتقاني»، والذي من شأنه أن يحدد مهام كل فاعل، خصوصا التأكيد على دور «الجامعة التنموية ( تعود فكرة الجامعة التنموية أي دور الجامعة في التنمية إلى مؤتمر اليونسكو حول تنمية التعليم في إفريقيا عام 1962 الذي انعقد في تاناناريف (مدغشقر) وجرى تحميل الجامعة مهمة أن تكون الأداة الرئيسية للتقدم الوطني (اليونسكو 1963)، كما جرى تأكيد هذه الفكرة في يونيو 1980 وذلك عبر لقاء عمل لمجموعة خبرة لمنظمة البلدان الأمريكية...)
و»المقاولة المبتكرة»و المقاولة المسؤولة اجتماعيا
3- المساهمة في تحسيس المجتمع بأهمية العلم ودفعه إلى «اعتناق القيم السياسية التي تعلي من قيمة الإنجاز والأداء وتبتعد كثيرا عن النسق القائم على الولاء والتبعية العائلية والمحسوبية»، على حد تعبير الخبير أنطوان زحلان، أو ما يعبر عنه أحمد زويل( جائزة نوبل في الكيمياء)ب: «وجود عقيدة وطنية تؤمن بالدور الهام للعلم وتنادي بضرورة بناء القاعدة العلمية والتكنولوجية، لأن استهلاك التكنولوجيا ليس هو اكتساب العلم».
4- بناء المجتمع العلمي والقاعدة العلمية الكفيلان بوضع المغرب على الخريطة العلمية العالمية، وهذا البناء يتطلب توفر ثلاثة عوامل يحددها أحمد زويل فيما يلي:
العامل الأول: توفر الأمانة العلمية: وهذا العامل يعني استحالة أن تقوم أية جماعة أو بلد أو أي جامعة بعمل علمي ذي قيمة يضعها على الخريطة العالمية، ويقدم إنجازا جديدا للإنسانية إذا لم تتوفر الأمانة العلمية في العمل.
العامل الثاني: توفر عمل الفريق أو روح الفريق، لأن الاكتشافات العلمية لها قواعد وهي نتيجة روح الفريق وتشترط روح الفريق.
العامل الثالث: توفر القاعدة العلمية، وهذه القاعدة ستكون نتيجة التفاعل العلمي الثري الذي يقوم بين العلماء وأجيال الشباب.
5- يتعين «معاملة الاعتمادات من الاموال العامة التي تخصص لمؤسسات التعليم العالي معاملة الاستتمار العام و إخضاعها لمحاسبة عامة فعلية... و إطلاع الرأي العام بصورة مستقلة على مبررات هذا الانفاق ( توصية اليونسكو بشأن أوضاع المشتغلين بالتعليم العالي 1997).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.