"الديمقراطية التشاركية من ضمن أهم المكاسب التي جاء بها دستور 2011، لكن نجاحها لا يأتي عبر الضمانات الدستورية فقط، بل إنه يظل بحاجة إلى توافر مجموعة من العوامل والشروط"، من منطلق هذه الأرضية انكب أساتذة وخبراء جامعيون على مناقشة تنزيل هذا المبدأ الدستوري على أرض الواقع، وذلك ضمن أشغال ندوة دراسية بطنجة. ولامس المتدخلون خلال هذا اللقاء الذي نظمته اليوم السبت، شعبة القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، مختلف الإشكالات التي تطرحها تحديات تنزيل مبدأ الديمقراطية التشاركية، وعلاقتها بالديمقراطية التمثيلية، بالإضافة إلى مدى نجاحها في تكريس اختيارات المواطنين. وحسب الأستاذ الجامعي، حميد النهري، رئيس شعبة القانون العام، فإن النقاش في هذه الندوة التي تأتي في سياق دسترة مفهوم الديمقراطية التشاركية، ركز على آليات تفعيل هذا المبدأ الذي يعتبر أكثر شساعة من آلية الديمقراطية التمثيلية، لأنه يمكن أن يتجاوز نقائص هذه الاخيرة وأن تكون تكميلة لها، معتبرا أن الأمر يحتاج تفاعل جميع مكونات المجتمع على رأسها المجتمع المدني. واعتبر الدكتور النهري، في تصريح لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، أن من بين التحديات التي يطرحها تنزيل مبدأ الديمقراطية التشاركية، هو مدى توفر المجتمع المدني على القدرة في التواصل مع المؤسسات العمومية والتأثير فيها، مبرزا في نفس السياق، الحاجة إلى نخب محلية بقدرتها التجاوب مع المواطن لتفعيل هذا المبدأ. من جهته، اعتبر الدكتور محمد الأعرج، الأستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن دستور 2011، يشكل طفرة نوعية في مجال إقرار مبدأ الديمقراطية التشاركية، التي تعتبر من أهم المكتسبات التي أتاحت مجموعة من الآليات اللازمة لإشراك المواطنين والمواطنات في تدبير الشان العام، بعد أن كان الحديث يقتصر على الديمقراطية التمثيلية. وتتعلق هذه الآليات، بحسب الباحث الجامعي، أولا بالملتمسات في مجال التشريع والمنصوص عليها في الفصل 14 من الدستور والعرائض الموجهة للسلطات العمومية المنصوص عليها في الفصل 15 إضافة غلى مقتضيات الفصل 139 التي تقرر حق الجمعيات والمواطنين والمواطنات في توجيه عرائض للجماعات الترابية الهدف منها مطالبتها بإدراج نقط تدخل في مجال اختصاصاتها ضمن جدول أعمالها. وأكد المتحدث،على ضرورة تسريع القوانين التنظيمية المتعلقة بممارسة الديمقراطية التشاركية، وضرورة الحرص على تبسيط المساطر المتعلقة بها تفاديا لإفراغ هذه الحقوق الدستورية من محتواها. منبها إلى أن تفعيل الديمقراطية التشاركية لا يمس المؤسسات المنتخبة أو الدور التمثيلي للمنتخبين. وباقي التدخلات، ومن ضمنها مداخلة الأستاذ الباحث إدريس جردان، فقد صبت في نفس المنوال، حيث انطلق من الإشارة إلى وجود تداخل بين مبدأ "المشاركة" و"الديمقراطية التشاركية"، مبرزا أن هذه الأخيرة، تشكل نوعا من المشاركة المتطورة في تسيير الشأن العام المحلي، على اعتبار أن "المشاركة"، ليست شيئا جديدا على المستوى الإداري. "الجديد هنا على مستوى برامج التنمية مثلا لم يعد الأمر يقتصر على التشخيص فقط، وإنما تعداه إلى التنفيذ والتتبع"، يتابع الخبير الأكاديمي. أما الأستاذ بكلية الحقوق بطنجة، جعفر بنموسى، فتطرق إلى الموضوع من زاوية "الجهوية السياسية كأفق لبلورة مفهوم الديمقراطية التشاركية"، مستعرضا مجموعة من المزايا التي يتيحها اعتماد هذه الجهوية، خاصة في ما يتعلق بتطويق النعرات الانفصالية وإعادة تكريس مفاهيم الهوية والامة والمواطنة.