تواصل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أعطى انطلاقتها الملك محمد السادس في 18 ماي 2005، ورشها المجتمعي التنموي، تحت مجهر الافتحاص، باعتماد نمط جديد للحكامة وهندسة تنظيمية متميزة لإنجاز مشاريع في مجالات مختلفة عادت بالنفع على مستفيدين فاق عددهم 10 ملايين شخص . وتعتبر المراقبة والشفافية من ضمن المبادئ الأساسية التي ترتكز عليها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و عاملين حاسمين في نجاح مشاريعها التي تخضع للافتحاص على مستويات عدة ، وذلك من أجل الحفاظ على المال العام، وضمان نجاعة وقع المبادرة على الساكنة المستهدفة . وتم إلى حدود اليوم تنفيذ 810 عملية افتحاص، إضافة إلى إنجاز تقارير تدقيق الحسابات والمصادقة عليها من طرف اللجان المشتركة للتفتيش، وتنشر خلاصاتها على الموقع الالكتروني للمبادرة الوطنية، كما يقوم بعمليات المراقبة والتدقيق الشركاء الماليين، خاصة التعاون الدولي، الذي يقوم بمهام منتظمة للتتبع والتقييم الميداني . ولا يقتصر تتبع مشاريع المبادرة على المتدخلين الرسميين فقط، بل يمكن لأي شخص ذاتي أو معنوي أن يقوم بعملية التدقيق في المشروع الذي يساهم فيه من طرف أجهزة خاصة ومتخصصة إن رغب في ذلك بفضل نظام معلوماتي يمكن من تتبع إنجاز المشاريع على المستوى المركزي، مرحلة بمرحلة، خاصة على المستوى المالي، ونسبة التقدم في أداء نفقات المبادرة ووسائل حسن التدبير ووقعها على الساكنة. أما التنسيقية الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية فتشرف على تتبع وتقييم المشاريع من خلال التواصل حسب مجموعات وبصفة منتظمة مع رؤساء أقسام العمل الاجتماعي الذين يعتبرون اللبنات الأساسية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وذلك من أجل التشاور وتبادل المعلومات، وكذا التقييم والإشراف على المشاريع من طرف أطر التنسيقية الوطنية المتواجدين بانتظام في الميدان. وفي إطار دعمها للأقاليم التي تفتقر للتجهيزات وعملها على تأهيل المناطق القروية المعزولة وإضفاء الطابع المهني على الأنشطة المدرة للدخل، وكذا مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة وضمان تكافؤ الفرص في مجالي التعليم والصحة، تقوم التنسيقية الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنويا بإنجاز تحقيقات وأبحات ميدانية، وذلك من خلال زيارات ميدانية لأطرها على مستوى جميع أقاليم وعمالات المملكة. وبلغة الأرقام ، فقد بلغ حجم الاستثمارات الإجمالية التي رصدت لمشاريع المبادرة الوطنية 39,5 مليار درهم، ساهمت المبادرة فيها ب 25,9 مليار درهم، ومكنت من إنجاز 44000 مشرع، من بينها 8800 مشروع يتعلق بالأنشطة المدرة للدخل. كما استفادت 14000جمعية وتعاونية من الدعم التقني والمادي. وغطت برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مجالات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والأنشطة المدرة للدخل والتي تنعكس بجلاء في إنجاز مشاريع تهم بناء وتجهيز قاعات الولادة ودار الأمومة، وكذا اقتناء المعدات الطبية، للحد من وفيات الأمهات عند الولادة، وتشجيع الولادة في ظروف صحية، فضلا عن اقتناء بناء وتجهيز مراكز لتصفية الدم، و اقتناء سيارات إسعاف على مستوى مختلف جهات المملكة. أما في مجال التعليم، ومن أجل ضمان تكافؤ الفرص، فقد أنجزت المبادرة عدة مشاريع تتمثل أساسا في بناء وتجهيز دار الطالب والطالبة، ودور للحضانة، ومؤسسات شبه مدرسية ومطاعم ، وتأهيل البنيات التعليمية، بالإضافة إلى اقتناء وتوزيع وسائل للنقل المدرسي والأدوات . و على مستوى البنيات التحتية ، أولت المبادرة الوطنية اهتماما خاصا للمشاريع المرتبطة بهذا القطاع وتحسين الخدمات الاجتماعية الأساسية من قبيل تطهير السائل والتزود بالكهرباء، والولوج للماء الشروب، وتشييد المسالك، مما ساهم في فك العزلة عن فئات واسعة من الساكنة المستهدفة خاصة بالوسط القروي. و في التنشيط السوسيو ثقافي والرياضي، أطلقت المبادرة مجموعة من المشاريع والأنشطة المتعلقة بالتنشيط الاجتماعي و الثقافي والرياضي، وذلك من خلال بناء وتجهيز مراكز متعددة الوظائف، ودور الشباب، والمكتبات، والمراكز الثقافية والفضاءات الجمعوية، وبناء وتأهيل المركبات الرياضية وملاعب القرب، فضلا عن تكوين الشباب في مجال المهن الرياضية. وبالنسبة للأنشطة المدرة للدخل ، ومن أجل مكافحة الفقر، أعطت المبادرة أهمية كبرى للإدماج الاقتصادي والاجتماعي للأشخاص في وضعية هشاشة أو بدون عمل، إذ تقدم دعما ماليا وتقنيا لحاملي المشاريع، كما تمنحهم فضاءات لبيع منتوجاتهم في معارض محلية ووطنية. وترسيخا لثقافة التضامن، عملت المبادرة على بناء وتجهيز مراكز الاستقبال والتكفل بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين والأطفال المتخلى عنهم والنساء في وضعية صعبة، بشكل يضمن لهم الكرامة والاندماج الاجتماعي والمجتمعي. ويشمل تدخل المبادرة تنظيم أنشطة تحسيسية لدى الفئات المستهدفة من أجل احترام البيئة والفضاءات العمومية، فضلا عن تمكين الهيئات الترابية، وطواقم الجماعات والأحياء من الأدوات اللازمة لتنزيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. واعترافا بجهود المبادرة الوطنية، صنف البنك الدولي المغرب كثالث أفضل بلد من أصل 136 بلدا على مستوى اعتماد أحسن البرامج الاجتماعية، معتبرا أن المبادرة تشكل مصدر إلهام لبلدان الشرق الأوسط وإفريقيا. كما حظي دور هذه المبادرة في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، ومساهمتها الملموسة في مسلسل تعزيز حقوق الإنسان بالمغرب بإشادة منظمة الأممالمتحدة . *و م ع