السياحة في وطني تعتبر من أهم ركائز الاقتصاد، ويتجلى ذلك في خلق مناصب شغل في الفنادق وغيرها، وانعاش التجارة، وجلب العملة الصعبة...الخ. طنجة العالية اشتهرت بالسياحة، فموقعها الجغرافي على بحرين، وقربها من أوربا وأمريكا، وما حباها الله به من مناظر خلابة تجمع بين الهضبة المرتفعة والغابة والبحر، جعلها قبلة لعشاق الترحال والسياحة....كان السائح الاوربي غالبا اذا حل بطنجة ينزل في فندق، ويتجول بين أزقة مد ينتها القديمة، واذا كان الفصل صيفا نزل الى "بلايا" ليستمتع برمالها الدافئة ومياهها الصافية، وعند الرحيل يأخذ تذكارا من أحد بزارات سوق الداخل...هذا هو العرف السياحي في طنجة الذي استمر الى يومنا هذا ولم يتجدد... لماذا هذا الروتين ؟؟ ألا يستحق برنامج السائج تجديدا وتنوعا في الخدمة ؟؟؟ طنجة تمددت وتوسعت في الاربعين سنة الاخيرة، ومازال عباقرة السياحة فيها يختصرون كل المدينة في القصبة وسوق برا والكورنيش والبولفار، ويقدمونها للسائح الاجنبي بهذا الوجه.....أليس هذا افتراءً على المدينة ؟؟ طنجة الان هي السواني، وكاسابراطا، ومسنانة، وأحياء مدينة مكادة العشوائية والمنظمة....حومة الشوك، ومغوغة وبير شيفا، وبن ديبان، وارض الدولة، وبير شعيري، ومبروكة، والجيراري والادريسية... ما العيب اذا زار السائح الاوربي حومة الشوك مثلا ليعرف كيف يعيش الشعب المغربي ؟؟ أين النقص اذا تجول بين دروب بير شيفا ؟؟؟ وهل تُعتبر زيارة طنجة كاملة اذا لم يتسوق السائح في سوق كاسابارطا الشعبي واقتنى منه تذكاراً ؟؟؟ لا أظن وفي نظري السائح الذي لم يزر أكبر سوق اسبوعي في المغرب و لم يتناول "زلافة بيصر" عند "موتشو" ويشرب "الدكة" في مقهى السعيدي ويشاهد أحد أفلام الاكشن ، فهذا لم يزر طنجة.... في نظري السائح الذي لم يتجول في دروب السواني الجميلة، وأزقة حي كاسابراطا ذات التصميم الاسباني لم يزر طنجة، في نظري أن من يختصر طنجة الكبيرة في الكورنيش والمدينة القديمة، يكذب على السائح ويقدم المجتمع المغربي على غير حقيقته. سيقول قائل : ما هذا الهُراء ....ما هذا الوهم الذي تُروجه؟؟؟ هل نملك الامن والبنية التحتية التي تسمح للسائح الاوربي والعربي بزيارة تلك المناطق؟؟ طاحت وجبرناها كما نقول بطنجاويتنا انها فرصة لتنال تلك المناطق حقها في الامن، والنظافة، والتشوير الطرقي، وترقيم الدروب والمنازل.... انها فرصة لإخراج تلك المناطق وشبابها من العزلة والبطالة.... إنها فرصة ان تتحول بعض المنازل الى فنادق صغيرة أنيقة و مرخصة تستقبل السائح. إنها فرصة لشباب تلك الاحياء لكسب قوت يومهم اذا مارسوا مهنة الارشاد السياحي للزوار عوض "يتكاو على الحيط" إنها فرصة للتنمية المحلية . إنها فرصة للتعريف بالمغربي كيف يعيش حقا بعيدا عن الماكياج في الكورنيش ومقاهيه والمدينة القديمة وبازارتها.