في مشهد ساحر يغمره السكون الليلي، تنبض ساحة الثيران "بلاصا طورو" بالحياة كنجمة لامعة وسط سماء طنجة المتلألئة، بعد أن خضعت لعملية تأهيل شاملة تجاوزت تكلفة إنجازها 70 مليون درهم. يمثل هذا المشروع الرائد نقطة تحول حقيقية للمعلم التاريخي، ليصبح مركزًا ثقافيًا واقتصاديًا يجمع بين عبق الماضي وحداثة الحاضر، ليعيد لهذه الساحة سحرها القديم في قالب عصري يعكس روح المدينة المتجددة. ويشهد المارة بالقرب من الساحة ليلًا، تحولا مذهلاً؛ حيث تتجسد كل التفاصيل المعمارية بشكل فني فريد، مدمجًا بين جمال التراث الأندلسي والمغربي الأصيل مع لمسات عصرية ترفل بالأناقة. وتبعث الأسوار البيضاء والزخارف التي تزين المكان إشارات أولية عن ملامح هذا الصرح، الذي سيكون فضاء حيويا للثقافة والفن في طنجة. وكانت فعاليات ترابية، قد رصدت اعتمادات اضافية بقيمة 20 مليون درهم، ليصل الإجمالي إلى 70 مليون درهم. ووافق مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة في دورته برسم شهر يوليوز على تخصيص 15 مليون درهم أخرى، ليصل مجموع مساهمته إلى 30 مليون درهم. كما أضاف مجلس جماعة طنجة 5 ملايين درهم إضافية، ليبلغ مجموع مساهمته 40 مليون درهم. ويتضمن المشروع تحويل ساحة حلبة مصارعة الثيران إلى مركز حيوي متعدد الأنشطة، حيث يضم فضاءات تنشيط اقتصادي وثقافي وفني. وستستوعب الساحة المفتوحة الجديدة نحو 7000 متفرج، وستكون ملاذًا لاحتضان فعاليات ثقافية وفنية متنوعة. كما يشمل المشروع إنشاء قاعة عرض فنية، مطاعم، ومتاجر ثقافية، بالإضافة إلى مرافق عامة تشمل مرآب سيارات، نافورة جميلة، وساحة عامة تتسع ل120 شخصًا. وتُعد "بلاصا طورو" واحدة من أهم المعالم التراثية في طنجة. شُيدت في عام 1950 كمسرح لمصارعة الثيران، وهو تقليد إسباني كان له حضور قوي في تلك الحقبة. وشهدت الساحة عروضًا مثيرة بمشاركة أشهر المصارعين الإسبان، لكنها بدأت تشهد تراجعًا في الشعبية بعد الاستقلال، مما أدى إلى توقف العروض في 1970، ليبدأ بعدها عهد من الإهمال والتدهور. ولا تقتصر إعادة تأهيل هذه الساحة التاريخية على ترميم المباني، بل تهدف إلى إحياء المكان ليعود إلى مكانته كفضاء متعدد الاستخدامات يعكس روح المدينة الثقافية والفنية. ومع اقتراب موعد افتتاح الساحة، يعيش سكان طنجة آمالاً عريضة في أن يصبح هذا المشروع الجديد مركزًا نابضًا بالحياة يعكس التراث والتجدد، ليحجز لنفسه مكانة مرموقة في قلب المدينة.