في ظل التوجه المتزايد للشركات الموردة في المغرب نحو تقليص التعاملات النقدية واعتماد الأداء الإلكتروني، يواجه العديد من تجار القرب بمدينة طنجة تحديات تهدد استدامة أنشطتهم اليومية. ويثير هذا التحول، الذي جاء نتيجة لإجراءات حكومية تهدف إلى تعزيز الشفافية المالية وتقليص الاقتصاد غير المهيكل، قلقًا متزايدًا بين المهنيين في الأسواق الشعبية التي تعتمد بشكل كبير على السيولة النقدية. وكان بنك المغرب قد أشار في تقريره السنوي إلى أن 80% من المعاملات التجارية في البلاد لا تزال تتم نقدًا، رغم ارتفاع عدد عمليات الأداء الإلكتروني بنسبة 30% خلال عام 2024 ليصل إلى أكثر من 300 مليون معاملة. وعلى الرغم من هذا النمو الملحوظ، تبقى تجارة القرب في طنجة بعيدة عن مواكبة هذا التحول، إذ يفتقر معظم التجار إلى الوسائل التقنية التي تتيح لهم اعتماد الأداء الإلكتروني بشكل فعال. ووفقًا للبيانات الواردة في التقرير السنوي لبنك المغرب برسم سنة 2023، بلغ عدد التجار المجهزين بمحطات الدفع الإلكتروني على مستوى جهة طنجة-تطوان-الحسيمة 6,413 تاجرًا، وهو ما يمثل 9% فقط من مجموع التجار المجهزين بمحطات الدفع الإلكتروني على المستوى الوطني، البالغ 71,252 تاجرًا. وفي أسواق مثل "كاسبراطا" و"بني مكادة"، يشير مهنيون إلى أن رفض الشركات الموردة التعامل ب"الكاش" دفع العديد من التجار إلى البحث عن حلول بديلة لمواصلة أنشطتهم التجارية. ويؤكد أحد التجار أن التعامل الإلكتروني يفرض تكاليف إضافية، سواء لاقتناء أجهزة الدفع أو الالتزام بإجراءات ضريبية معقدة، مما يزيد الضغط على المهنيين الذين يعانون أصلًا من هوامش ربح محدودة. وإلى جانب هذه التكاليف، يشير خبراء إلى أن هذا التحول ساهم في ارتفاع أسعار بعض السلع بنسبة تجاوزت 20%، لا سيما في قطاع الإلكترونيات، مما أدى إلى تراجع الطلب على السلع الأساسية وغير الأساسية، مع تسجيل ركود واضح في بعض الأسواق الشعبية بمدينة طنجة. ورغم الجهود المبذولة من قبل السلطات المالية لتخفيف الضغوط على التجار الصغار، مثل تخفيض رسوم الأداء الإلكتروني وتوفير حلول تقنية منخفضة التكلفة كبرامج الدفع عبر الهواتف الذكية، فإن هذه التدابير تبقى غير كافية من وجهة نظر الفاعلين المهنيين. ويرى هؤلاء أن نجاح التحول الرقمي يتطلب تكوينًا مستمرًا للتجار وتأهيلهم تقنيًا، إضافة إلى توفير حوافز مالية لتخفيف أعباء الامتثال الرقمي.