أثار مقطع فيديو يُظهر أطفالا في وضعية الشارع وهم يتعاطون مادة مخدرة صباح الأحد في حديقة عمومية بمدينة طنجة، موجة من الاستنكار والقلق على منصات التواصل الاجتماعي، بعدما وثّق المشهد الصادم مجموعة من الأطفال، من بينهم طفلة لا يتجاوز عمرها أربع سنوات، وهم يتناوبون على استنشاق مادة "السلسيون" داخل كيس بلاستيكي، في فضاء مفتوح يمر منه المواطنون بشكل يومي. ووقعت الحادثة، وفق شهود عيان، في حدود الساعة العاشرة صباحاً، في حديقة بحي "الموظفين" المطلة على شارع الجيش الملكي، وتقع غير بعيد عن أحياء سكنية مكتظة ومرافق تعليمية، ما زاد من وقع الصدمة لدى سكان المنطقة. وبحسب فاعلين جمعويين يعملون في مجال حماية الطفولة، فإن هذه الواقعة تعكس اتساع رقعة الهشاشة الاجتماعية وسط فئات عمرية صغيرة، تُركت لمصيرها في الشارع، دون تدخل مؤسساتي فعّال. وترى. اصوات جمعوية ان الحدائق العمومية أصبحت ملاذا لبعض الأطفال المتخلى عنهم، حيث يتعاطون مواد خطيرة أمام أنظار المارة. https://tanja24.com/wp-content/uploads/2025/04/WhatsApp-Video-2025-04-13-at-10.19.24-PM.mp4 وفي هذا السياق، قال إسماعيل العشيري، رئيس جمعية "طفلي"، في تصريح لجريدة طنجة 24 الالكترونية، إن "ما جرى تصويره ليس سوى رأس جبل الجليد، فهناك عشرات الأطفال يعيشون يومياً في الشارع وسط الإهمال والتغاضي". وأضاف العشيري أن "الدولة لا يمكن أن تستمر في التعامل مع هذه الظواهر بمنطق التجاهل أو التدخل المناسباتي، لأن الأمر يتعلق بأرواح في طور التشكل، وبمستقبل بلد بأكمله". وأكد الفاعل الجمعوي، أن جمعيته رصدت حالات متعددة لأطفال تتراوح أعمارهم بين 6 و13 سنة يتعاطون مواد كيماوية دون أي تأطير أو تدخل علاجي. ولم يصدر إلى حدود مساء الأحد أي بلاغ رسمي من السلطات المحلية أو الوزارات المعنية بحماية الطفولة، في وقت طالب فيه عدد من المعلقين بضرورة فتح تحقيق فوري وتفعيل آليات الرصد والتدخل الوقائي. وانتقدت تدوينات عديدة على منصات التواصل الاجتماعي ما وصفته ب"العجز الجماعي" في مواجهة ظاهرة الإدمان المبكر لدى الأطفال، متسائلين عن دور المؤسسات المعنية بحماية الطفولة، وعن سبب غياب برامج استباقية تعالج جذور الأزمة. وكتب أحد المعلقين: "ما شاهدناه ليس مجرد فيديو عابر، بل وصمة عار على جبين المؤسسات الاجتماعية"، بينما ذهبت تدوينات أخرى إلى اعتبار أن "ما خفي أعظم، وأن الأطفال الذين يظهرون أمام الكاميرا ليسوا سوى جزءا بسيطا من واقع أكثر إيلاما". وتتزامن هذه الواقعة مع نشر وسائل إعلام أجنبية تقارير تسلط الضوء على أوضاع الطفولة في الشوارع المغربية، ما أثار نقاشا إضافيا حول الصورة التي تُنقل إلى الخارج، خاصة في ظل استعداد المملكة لاحتضان جزء من منافسات كأس العالم 2030. ويرى متابعون أن تكرار مثل هذه المشاهد يهدد بتقويض الجهود الرسمية المبذولة لتحسين صورة البلاد على المستوى الدولي، ويكشف في الوقت ذاته عن حاجة ملحة إلى مراجعة شاملة لسياسات الإدماج والرعاية الاجتماعية. ويؤكد فاعلون في المجتمع المدني أن معالجة هذه الظواهر لا يمكن أن تتم فقط عبر الحملات الظرفية، بل تستدعي استراتيجية وطنية مندمجة، تضع الطفولة الهشة في صلب أولوياتها، وتربط الحماية الاجتماعية بالتربية، والإدماج، والمتابعة النفسية، مع إشراك الفاعلين المحليين في تنزيل الحلول على الميدان.